أثارت رسالة التضامن التي قررها شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بشأن أوائل الثانوية الأزهرية في مصر، تفاعلاً واسعاً عبر المنصات الإعلامية ومواقع التواصل، بعد أن فضّل «إعلاء صوت المواساة على مظاهر الاحتفال»، في ظل الأوضاع الإنسانية القاسية التي تشهدها غزة.
كانت الحسابات الرسمية لمؤسسة الأزهر قد نشرت بياناً، السبت، قالت فيه إن الطيب قرر «تعليق المكالمات الهاتفية، التي يجريها كل عام لتهنئة أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية، وإلغاء المؤتمر الصحافي المخصص لإعلان نتائج هذا العام، والاكتفاء باعتماد النتيجة وإعلانها ونشرها، تضامناً مع أهلنا في قطاع غزة، في ظل ما يعانونه من مجاعة خانقة، وعدوان متواصل لم يشهد التاريخ الحديث له مثيلاً».
وفي تقليد سنوي، تعلن مشيخة الأزهر أسماء الطلاب الأوائل على مستوى ربوع البلاد خلال مؤتمر صحافي، يتم فيه تكريم المتفوقين والاحتفاء بإنجازاتهم الدراسية، ويتصل شيخ الأزهر هاتفياً بالأوائل لتهنئتهم وإبلاغهم بنتائجهم، وهو تقليد سنوي ينتظره الطلاب، بـ«اعتباره تتويجاً لجهودهم على مدار العام الدراسي».
وأناب الدكتور الطيب، السبت، وكيل الأزهر، الدكتور محمد الضويني، لاعتماد نتيجة الشهادة الثانوية الأزهرية للعام الدراسي 2024-2025، حيث بلغت نسبة النجاح في القسم العلمي 65.01 في المائة، بينما بلغت في القسم الأدبي 45.50 في المائة، بنسبة نجاح عامة بلغت 53.99 في المائة.
وأكد بيان الأزهر، السبت، أن هذا القرار «يأتي انطلاقاً من مشاعر الحزن العميق، التي تُخيم على الأزهر والأمة الإسلامية والعربية، لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم إبادة ممنهجة»، وشدد الطيب على أن «الواجب الأخلاقي والإنساني، يقتضي إعلاء صوت التضامن والمواساة على مظاهر الفرح والاحتفال».

وجدد الأزهر دعمه الكامل للشعب الفلسطيني الصامد، مؤكداً أن قضية فلسطين «ستظل في صدارة أولوياته وجهوده»، داعياً إلى «الوقوف صفاً واحداً، والعمل بكل السبل لإنهاء هذا العدوان، وإنهاء المجاعة القاتلة والمأساة الإنسانية، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في الحرية، والحياة والكرامة واسترداد أرضه ومقدراته».
قرَّر فضيلة الإمام الأكبر أ.د #أحمد_الطيب، #شيخ_الأزهر الشريف، تعليق المكالمات الهاتفية التي يجريها كل عام لتهنئة أوائل الشهادة #الثانوية_الأزهرية، وإلغاء المؤتمر الصحافي المخصص لإعلان نتائج هذا العام، والاكتفاء باعتماد النتيجة وإعلانها ونشرها، وذلك تضامناً مع أهلنا في قطاع #غزة،... pic.twitter.com/TW1W2jPtyQ
— معتز نادي (@MoatazNadi) July 26, 2025
ورغم أن موسم إعلان نتائج الثانوية الأزهرية غالباً ما يشكل مناسبة للاحتفال، فإن قرار تعليق شيخ الأزهر مظاهر الاحتفال، أشاد به عدد كبير من المصريين بمختلف توجهاتهم، حيث ثمّنوا موقف الأزهر، مؤكدين أنه يعكس اتزاناً بين الاحتفاء بالنجاح والتعاطف مع قضايا الأمة.
حفظ الله الأزهر منارة للعلم وحصن منيع في الدفاع عن قضايا الإسلام و المسلمين وفك الله كرب اخواننا في فلسطين
— mohamed elian (@mohamed25553998) July 26, 2025
وسرعان ما تفاعل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مع قرار شيخ الأزهر، حيث تناقل العديد من روادها بيان الأزهر، معتبرين أنه تعبير عن موقف مبدئي يليق بالمؤسسة الأزهرية.
وهنَّأ وكيل الأزهر الطلاب الناجحين، داعياً لهم بمزيد من التوفيق والسداد، مؤكداً تقدير الدكتور الطيب للجهد الكبير الذي بذله الطلاب خلال هذا العام الدراسي، متمنياً لهم دوام التميّز في المرحلة الجامعية، وأن يكونوا قدوة في مجتمعاتهم، وحملةً لرسالة الأزهر علماً وأخلاقاً.
كما عدّ رواد آخرون أن إعلاء صوت المواساة على مظاهر الاحتفال يشكّل «دفعة جديدة» في دعم أهل قطاع غزة، في ظل ما يعانونه من مأساة إنسانية.
بارك الله لنا فيك يا فضيله الامام
— Ahmed Nasr⭐ (@AhmedMohmd41252) July 26, 2025
في المقابل، لم يرحب بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي بقرار الطيب، مشيرين إلى أن من «حق الطلاب أن يشعروا بالفرحة، ومن حق المجتهد أن يشعر بإنجازه»، ومؤكدين أن المكالمات الهاتفية، التي يجريها شيخ الأزهر كل عام «تمثل في حد ذاتها دافعاً للتفوق لدى كثير من الطلاب».
طيب والمتفوقين ذنبهم اي...♀️فرحه منتظرينها من مكالمة شيخنا الفاضليمكن وصلوا لنجاحهم عشان المكالمه دي
— Esraa Gamal (@2b881266fbba4f0) July 26, 2025
وبلغ عدد طلاب امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية هذا العام 173 ألفاً و808 طلاب، من بينهم 73 ألفاً و94 بالقسم العلمي، و100 ألف و714 بالقسم الأدبي.
كما جدّد قرار الطيب، السبت، حالة الجدل حول «البيان المحذوف» للأزهر بشأن المجاعة في قطاع غزة، حيث ألمح إليه بعض الرواد في معرض «نقدهم قرار تعليق تهنئة الأوائل».
وكان الأزهر قد نشر بياناً عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الثلاثاء، قبل أن يبادر إلى حذفه، ما دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي لتداول صور البيان المحذوف، وسط تساؤلات وانتقادات، اعتبرت الحذف ناتجاً عن «ضغط»، وتراجع «غير مبرر» من المؤسسة. وهو ما اضطرّ الأزهر للرد على ما أثير، الأربعاء، قائلاً إنه «بادر بسحب البيان بكل شجاعة ومسؤولية، حين أدرك أن هذا البيان قد يؤثر على المفاوضات الجارية بشأن إقرار هدنة إنسانية في غزة لإنقاذ الأبرياء، وحتى لا يُتخذ من هذا البيان ذريعة للتراجع عن التفاوض، أو المساومة فيها».




