تمويل أفريقي ينعش بعثة السلام في الصومال وسط تصاعد التهديدات

بعد أيام من اشتراط مصر توفير دعم لنجاح مهام مواجهة «الإرهاب»

جنود من قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (رويترز)
جنود من قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (رويترز)
TT

تمويل أفريقي ينعش بعثة السلام في الصومال وسط تصاعد التهديدات

جنود من قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (رويترز)
جنود من قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (رويترز)

إعلان جديد عن تمويل أفريقي لبعثة دعم الاستقرار في الصومال أعاد الضوء إلى فرص نجاحها في استكمال مهامها، وسط تصاعد التهديدات من «حركة الشباب» «الإرهابية» التي صعدت من عملياتها بالآونة الأخيرة.

ذلك الإعلان من الاتحاد الأفريقي يأتي بعد أيام من دعوة مصر، المجتمع الدولي لتوفير دعم مالي مستدام لنجاح مهام مواجهة «الإرهاب» بمقديشو، وهو قرار يراه خبير في الشأن الصومالي تحدث لـ«الشرق الأوسط» يمثل دعماً معنوياً وعملياً للبعثة، خاصة مع زيادة الضغط على القوات الأفريقية بسبب تصاعد هجمات «حركة الشباب»، مطالباً بمزيد من الدعم الدولي كما تطالب القاهرة حتى تكون هناك فعالية في المواجهة ونتائج إيجابية.

وخلفاً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية «أتميس»، التي انتهت ولايتها نهاية 2024، بدأت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، المعروفة باسم «أوصوم»، عملياتها رسمياً في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً بشأنها في ديسمبر (كانون الأول) 2024 لفترة أولية مدتها 12 شهراً، بهدف دعم الصومال في مكافحة «حركة الشباب» التي تتصاعد عملياتها في الصومال منذ 15 عاماً.

وأزمة التمويل لا تزال منذ أشهر محل حديث داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، وأكد رئيس مفوضية الاتحاد، محمود علي يوسف، في اجتماع للبعثة بأوغندا في أبريل (نيسان) الماضي، ضرورة «توفير التمويل اللازم لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال».

ونبه يوسف وقتها إلى أنه «لا تزال هناك موانع لتطبيق قرار مجلس الأمن بشأن بعثة دعم الصومال، وسيتطلب الأمر جهداً جماعياً لحشد موارد مالية تصل إلى 190 مليون دولار عام 2025».

ووافق المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي على تمويل طارئ إضافي بقيمة 10 ملايين دولار لدعم بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM)، وفقاً لقرار صدر خلال دورته السابعة والأربعين المنعقدة في مالابو، غينيا الاستوائية، بحسب ما نقله موقع «الصومال الجديد»، الأحد. وسيتم سحب هذه الأموال من صندوق احتياطي الطوارئ التابع للاتحاد الأفريقي، بحسب بيان للأخير، أكد أن «الدعم المالي ضروري لتمكين بعثة الاتحاد الأفريقي من تلبية متطلباتها التشغيلية».

بعض قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (رويترز)

وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت عمليات «حركة الشباب» التي تحارب الحكومة الصومالية منذ 15 عاماً، لا سيما في 9 يوليو (تموز) الجاري بالقيام بـ«تفجير انتحاري» في قاعدة عسكرية بالعاصمة مقديشو، بعيد إعلانها السيطرة الكاملة على بلدة «موقوكوري» الاستراتيجية في إقليم هيران وسط الصومال.

وفي 18 مارس (آذار) الماضي، أعلنت «الشباب» مسؤوليتها عن تفجير قنبلة كادت أن تصيب موكب الرئيس الصومالي. ومطلع أبريل الماضي، أطلقت قذائف عدة قرب مطار العاصمة.

ويرى الخبير في الشأن الصومالي، عبد الولي بري جامع، أن «هذا التمويل الإضافي (10 ملايين دولار) يمثل دعماً معنوياً وعملياً للبعثة، خاصة مع زيادة الضغط على القوات الأفريقية بسبب تصاعد هجمات (حركة الشباب)»، مضيفاً: «لكن يجب أن نلاحظ أن هذا المبلغ ليس كافياً لتغيير جذري في قدرات البعثة أو لتغطية كامل الاحتياجات العملياتية واللوجيستية، وإنما يُمكن أن يسهم في سد فجوات مؤقتة أو تمويل بعض العمليات الطارئة».

عناصر قوات الشرطة الخاصة الصومالية (رويترز)

ويأتي هذا الإعلان الأفريقي، بعد أيام من دعوة مصر المجتمع الدولي لدعم «تمويل كافٍ» لبعثة السلام بالصومال لضمان توفير تمويل كافٍ، ومستدام، وقابل للتنبؤ لتلك البعثة، بما يمكنها من تنفيذ ولايتها على نحو فعال، وذلك بحسب ما نقلته الرئاسة المصرية عقب استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي في 7 يوليو الجاري، نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بمدينة العلمين (شمال مصر)، وبحث موقف البعثة المصرية المشاركة في بعثة دعم السلام بالصومال.

وأواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات صحافية، مشاركة مصر في البعثة التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال بناءً على طلب الحكومة الصومالية، وترحيب من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.

ولا تزال بعثة دعم السلام بالصومال بحاجة ماسة إلى «دعم دولي أكبر كما طلبت مصر من شركاء مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودول عربية مؤثرة؛ لأن تكلفة عمليات حفظ السلام كبيرة جداً، وتشمل التدريب، والتسليح، والنقل الجوي، والبنية التحتية، وحتى التعويضات»، وفق بري، مشيراً إلى أن «طلب مصر بالدعم الدولي منطقي وضروري لاستمرارية وفعالية البعثة».

ولا يرجح بري أن يُغير هذا التمويل الجديد وحده موقف دول أخرى لتُرسل قوات إضافية أو تُنشئ بعثات جديدة؛ لأن القرار يرتبط باعتبارات سياسية وأمنية ودبلوماسية معقدة، لافتاً إلى أن هذا التمويل الإضافي «قد يشجع الإعلان دولاً كانت مترددة على المشاركة بشكل محدود أو زيادة مساهماتها الحالية، خاصة إذا توافر دعم دولي أوسع».


مقالات ذات صلة

سفير الصومال بالاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط»: نتشاور مع الحلفاء للدفاع عن وحدة البلاد

شمال افريقيا سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا (صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي)

سفير الصومال بالاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط»: نتشاور مع الحلفاء للدفاع عن وحدة البلاد

كشف سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا، لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، أن بلاده تفكر في خيارات مطروحة بشأن الدفاع عن وحدة الصومال.

محمد الريس (القاهرة)
تحليل إخباري جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

تحليل إخباري «أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل في المنطقة.

شمال افريقيا الرئيس الجيبوتي خلال لقاء نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية الاثنين (وزارة النقل المصرية)

مصر توسع تعاونها مع جيبوتي وسط تصاعد توترات «القرن الأفريقي»

الرئيس غيله أكد أن «الزيارة تُجسد العلاقة القوية والتاريخية بين جيبوتي ومصر، والتي تمثل حجر الأساس في خدمة الشعبين».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

مصر تُصعّد أفريقياً في مواجهة الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

مواقف مصرية متتالية لليوم الثالث، تشتبك فيها مع الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي بمقديشو، الذي تجمعه بالقاهرة اتفاق دفاع مشترك.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب) play-circle

مصر تطالب بجلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث تطورات الصومال

طالب وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي اليوم (الاثنين) بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول «الاعتراف الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال».


تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».


«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة استراتيجية في جنوب كردفان

عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من «الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، سيطرتها على منطقة «التقاطع» الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، ونشر عناصر تابعون لها مقاطع مصورة تُظهر انتشارها هناك.

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني بهذا الخصوص، مع استمرار تمدد «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في مناطق واسعة من الإقليم.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان نشر على منصة «تلغرام»، إن «قوات تأسيس» المتحالفة معها بسطت سيطرتها بالكامل على المنطقة الواقعة بين مدينتي كادوقلي والدلنج، وإن هذه الخطوة تأتي «ضمن عمليات الانفتاح العسكري وتأمين الخطوط المتقدمة»، كما أنها تمكنت من «تسلم عدد من المركبات العسكرية والأسلحة والذخائر».

وأوضح البيان أن «هذا الانتصار يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف استراتيجية في الولاية».

وتخضع مدن ولاية جنوب كردفان، خصوصاً العاصمة كادوقلي ومدينة الدلنج، لحصار خانق تفاقمت حدته عقب استيلاء «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة، وبلدة هجليج النفطية، بولاية غرب كردفان، وانسحاب قوات الجيش التي كانت في تلك البلدات إلى دولة جنوب السودان.

من جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها بالولاية.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» إلى «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى، ضمن «تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)».

بدورها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان الثلاثاء، إنها سيطرت على حامية عسكرية تابعة للجيش السوداني في منطقة تقاطع البلف، على طريق الدلنج - كادوقلي. وأضافت أن قواتها تواصل التقدم الميداني في إطار عمليات تهدف للوصول إلى العاصمة كادوقلي.

والأسبوع الماضي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على منطقتي الكرقل والدشول، الواقعتين على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدلنج؛ ثانية كبرى مدن الولاية، واتهمت الجيش السوداني والقوات المتحالفة بـ«عدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية».

ومنذ أشهر تفرض «قوات تأسيس» طوقاً محكماً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وتقطع طرق وخطوط الإمداد لقوات الجيش السوداني المحاصَرة داخل كادوقلي.