زيارة أميركية تُنعش طموحات «أرض الصومال» بالاعتراف الدولي

وفد برئاسة سفير واشنطن وقائد «أفريكوم» في مدينة «بربرة» الاستراتيجية

وفد أميركي خلال زيارة «أرض الصومال» (رئاسة أرض الصومال على «إكس»)
وفد أميركي خلال زيارة «أرض الصومال» (رئاسة أرض الصومال على «إكس»)
TT

زيارة أميركية تُنعش طموحات «أرض الصومال» بالاعتراف الدولي

وفد أميركي خلال زيارة «أرض الصومال» (رئاسة أرض الصومال على «إكس»)
وفد أميركي خلال زيارة «أرض الصومال» (رئاسة أرض الصومال على «إكس»)

زيارة أميركية دبلوماسية وأمنية لإقليم «أرض الصومال» التي تملك ميناء استراتيجياً على البحر الأحمر، تأتي بعد شهر من طرْق هرجيسا أبوابَ الولايات المتحدة؛ بحثاً عن تعزيز العلاقات ونيل اعتراف دولي بعد الانفصال عن مقديشو قبل عقود.

الزيارة الجديدة أكّدتها سفارة واشنطن في الصومال، بينما لم تعلق عليها مقديشو التي ترفض أي اعتراف بالإقليم الانفصالي، لكنها ستكون بحسب خبير في الشأن الصومالي والأفريقي، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة دفعة جديدة لطموحات هرجيسا في الانضمام للأسرة الدولية كدولة مستقلة، غير أنها محفوفة بالمخاطر، وليس سهلاً أن تتم قريباً لظروف مرتبطة بتعقيدات التنافس الإقليمي بتلك المنطقة وأزماتها المتكررة.

والإقليم الانفصالي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، ويحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي بالبحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

وكشفت «رئاسة أرض الصومال» عبر حسابها بمنصة «إكس» أن حكومة الإقليم «استقبلت، الجمعة، وفداً رفيع المستوى من الولايات المتحدة الأميركية برئاسة السفير ريتشارد رايلي، بمشاركة قائد القيادة الأميركية في أفريقيا، مايكل لانغلي، وتمت مناقشة المصالح الأمنية والبحرية والدفاعية المشتركة، فضلاً عن زيارة مدينة بربرة الساحلية لتقييم قدرات البنية التحتية اللازمة لتعزيز التعاون الأمني والقدرات الدفاعية».

وأكّد رايلي «التزام الولايات المتحدة الطويل الأمد بدعم وتعزيز الأمن الإقليمي»، مقابل تأكيد «أرض الصومال» عميق امتنانها وشكرها الصادق للولايات المتحدة على دعمها الثابت والتزامها بالسلام الإقليمي.

وذكر حساب رئاسة الإقليم، عبر منصة «إكس»، عقب الزيارة أن رئيس إدارة «أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله «عرو»، «أعرب عن ترحيبه وسعادته بالوفد الأميركي، وأكد الالتزام المشترك لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الدفاع والأمن والتجارة، والتطلع إلى تعميق هذه الشراكة الناشئة».

وعلى مدار سنوات، كان ميناء بربرة الاستراتيجي محلّ صراع نفوذ إقليمي ودولي في إقليم القرن الأفريقي، ووقَّعت إثيوبيا مطلع 2024 مع أرض الصومال مذكرة تفاهم، تسمح لأديس أبابا غير الساحلية باستئجار 20 كيلومتراً حول الميناء تتيح لها إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر لمدة 50 سنة لأغراضها البحرية والتجارية، مقابل الاعتراف بأرض الصومال، وسط رفض صومالي، وبدء مفاوضات برعاية تركية مع مقديشو لبحث حلّ خلال 4 أشهر بناءً على اتفاق وقّعه البلدان في أواخر العام الماضي.

ونقلت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، في مارس (آذار) الماضي عن مسؤول أميركي كبير، لم تذكر اسمه، أن «إدارة ترمب بدأت مفاوضات مع قيادة أرض الصومال بشأن الاعتراف الرسمي، مقابل اهتمام واشنطن بتأمين وجود عسكري طويل الأمد في بربرة، وهو ميناء عميق المياه على خليج عدن أصبح محوراً للتنافس الجيوسياسي في القرن الأفريقي، في ظل قلق الولايات المتحدة من تزايد النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، خصوصاً بعد أن حصلت بكين على قاعدة عسكرية في جيبوتي المجاورة».

وتأتي الزيارة بعد نحو شهر من زيارة وزير خارجية أرض الصومال عبد الرحمن طاهر آدم، ووفد مرافق له، واشنطن حيث التقى مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية، ونواباً وخبراء، ومحللين للسياسة الخارجية الأميركية، في واشنطن، لبحث تعزيز التعاون، وفق بيان لوزارة الإقليم الانفصالي في أواخر مايو (أيار) الماضي.

رئيس إدارة «أرض الصومال» خلال استقبال وفد من الولايات المتحدة (رئاسة أرض الصومال على «إكس»)

وبرأي الخبير في الشأن الصومالي والأفريقي، عبد الولي جامع بري، فإن «زيارة وفد أميركي رفيع المستوى، برئاسة سفير واشنطن في الصومال وقائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، إلى أرض الصومال ومدينة بربرة الاستراتيجية، ليست مجرد زيارة دبلوماسية عادية، بل تحمل أبعاداً سياسية وعسكرية واستراتيجية عميقة، خصوصاً في سياق التنافس الدولي المتزايد على القرن الأفريقي والبحر الأحمر».

ويعتقد بري أنه «من المؤكد أن الزيارة ستُعزز من طموحات أرض الصومال بالاعتراف الدولي، وتنعشها، لكنها لا تعني بالضرورة أن هذا الاعتراف بات وشيكاً»، مؤكداً أن «هذه الزيارة تعكس اهتماماً أميركياً متزايداً بالمنطقة، ولكن واشنطن لم تُغيّر رسمياً موقفها المعلن، الذي لا يزال يعترف بوحدة أراضي الصومال».

ويرى أن «ميناء بربرة أصبح جزءاً مهماً من الحسابات الجيوسياسية، فاستراتيجياً موقعه على خليج عدن وعلى طرق الملاحة العالمية، يجعله مطمعاً للقوى الكبرى، ولا سيما الصين وأميركا، وعسكرياً يُرجح أن واشنطن تنظر إليه كبديل أو مكمل لقاعدتها في جيبوتي، لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد هناك»، معتقداً أن «ميناء بربرة قد يكون ورقة تفاوضية تُستخدم ضمن معادلة الاعتراف أو الدعم السياسي غير الرسمي، حتى لو لم يُترجم ذلك إلى اعتراف دبلوماسي مباشر في المدى القريب».

ولم تعلق مقديشو رسميّاً حتى السبت على الزيارة، لكن الموقف الصومالي الرسمي سبق أن رفض استئجار ميناء بربرة كما حدث مع إثيوبيا. وحذّر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، في فبراير (شباط) الماضي، من أن بعض المقربين من ترمب يسعون إلى دفعه للاعتراف رسمياً بـ«أرض الصومال»، مؤكداً أن «هذا قد يشكّل تهديداً لتغيير حدود القارة الأفريقية».

واستدعت وزارة الخارجية الصومالية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 السفير الدنماركي، ستين أندرسن؛ على خلفية «انتهاكه سيادة وحدة البلاد»، عقب مشاركته بانتخابات الإقليم الانفصالي.

وبحسب بري، فإن «الصومال سترى في هذا التوجه انتهاكاً لسيادتها، وقد تعبر عن احتجاج رسمي أو دبلوماسي، بينما دول الجوار ستتباين موافقها، فإثيوبيا قد ترحب ضمنياً، خاصةً بعد إعلان رغبتها في الوصول إلى البحر من خلال بربرة، وجيبوتي قد ترى في ذلك تهديداً مباشراً لمكانتها كمركز لوجستي وقاعدة عسكرية أميركية وصينية».

بينما دول كبرى مثل الصين وروسيا ستفسر هذه الزيارة ضمن إطار الصراع الجيوسياسي المتصاعد، خصوصاً في ظل محاولة واشنطن الحدّ من النفوذ الصيني في المواني والطرق البحرية، وفق بري.

ويخلص إلى أن الاعتراف الرسمي الكامل من واشنطن لا يبدو قريباً، لأن هذا قد يشجع حركات انفصالية أخرى في أفريقيا، بخلاف أن ذلك التحرك بحاجة إلى موافقة الاتحاد الأفريقي والهيئات الإقليمية، التي لا تزال تُؤكد على وحدة الصومال، موضحاً: «لكن هذا لن يمنع من حدوث اتفاقيات أمنية واقتصادية مباشرة مع أرض الصومال، بخلاف دعم مشروعات بنى تحتية، وزيارات متكررة لمسؤولين أميركيين».


مقالات ذات صلة

خلافات الحكومة الصومالية و«بونتلاند» تثير مخاوف من «صدام مباشر»

العالم العربي رئيس الإدارة المؤقتة لولاية خاتمة عبد القادر أحمد فرطي في حضور عدد من الداعمين من الحكومة الفيدرالية (وكالة الأنباء الصومالية)

خلافات الحكومة الصومالية و«بونتلاند» تثير مخاوف من «صدام مباشر»

تصعيد بين الحكومة الفيدرالية في الصومال، وولاية «بونتلاند» عقب اشتباكات مسلحة مع عشائر موالية لمقديشو بسبب تحركات الحكومة بالمنطقة لتثبيت الاعتراف بإدارة خاتمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جنود من قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (رويترز)

تمويل أفريقي ينعش بعثة السلام في الصومال وسط تصاعد التهديدات

إعلان جديد عن تمويل أفريقي لبعثة دعم الاستقرار في الصومال أعاد الضوء إلى فرص نجاحها في استكمال مهامها، وسط تصاعد التهديدات من «حركة الشباب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس الصومالي خلال استقبال زعيم ولاية خاتمة في القصر الرئاسي (وكالة الأنباء الصومالية)

هل تُفاقم توترات «سول وسناغ» الأزمة السياسية في الصومال؟

أخذت أبعاد اعتراف الحكومة الفيدرالية الصومالية بولاية خاتمة قبل نحو شهرين، منحنى جديداً مع تبادل تحذيرات بين مقديشو وولاية بونتلاند وإقليم أرض الصومال (هرجيسا).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تحليل إخباري أفراد من الجيش قرب مقاطعة شمال كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز)

تحليل إخباري محادثات الكونغو الديمقراطية و«23 مارس» في الدوحة... مساعٍ لتعزيز اتفاق السلام

خطت الكونغو الديمقراطية خطوة جديدة في مسار السلام ببدء محادثات في الدوحة مع حركة «23 مارس» المتمردة التي تصاعدت عملياتها منذ بداية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي جنود من الجيش الصومالي بمحافظة شبيلي السفلى (وكالة الأنباء الصومالية)

اتهامات للحكومة الصومالية بـ«التقصير» بعد سيطرة «الشباب» على بلدة استراتيجية

انتقادات واسعة للحكومة الفيدرالية بالصومال عقب سيطرة حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» الإرهابي على بلدة استراتيجية وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حديث الانسحاب الإسرائيلي من «موراغ»... هل يمهد لاتفاق «هدنة» في غزة؟

فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
TT

حديث الانسحاب الإسرائيلي من «موراغ»... هل يمهد لاتفاق «هدنة» في غزة؟

فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

انطلقت تحركات جديدة بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بحسب تسريبات إسرائيلية، بعد حديث عن قبول حكومة بنيامين نتنياهو الانسحاب من حاجز «موراغ» جنوب القطاع المتاخم لحدود مصر، إحدى نقاط الخلاف الرئيسة بالمحادثات.

جاء ذلك تزامناً مع تأكيدات أميركية عن «تقدم» المحادثات، فيما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق يتوقف على ضغط واشنطن على نتنياهو الذي لا يمل من تكرار مناوراته»، وأكدوا أنه «إذا صحت أحاديث الانسحاب من موراغ، فإنها قد تسهل إتمام الاتفاق».

وقال مصدر من «حماس» مطلع على مسار المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إن «هناك مقاربات واقعية تطرح حالياً بمفاوضات الهدنة، لكن الاتفاق يتوقف بشكل أساسي على موقف الولايات المتحدة التي تملك أدوات الضغط على الاحتلال الإسرائيلي».

وأكد أن «الخرائط الجديدة التي قدمها الاحتلال الإسرائيلي، التي تتضمن تراجعاً عن خرائط سابقة خاصة بمنطقة موراغ، هي خطوة إيجابية، ويمكن أن تساهم في تهيئة المناخ السياسي للوصول إلى اتفاق»، مضيفاً: «مع ذلك، أعتقد أننا ما زلنا في مرحلة تفاوض دقيقة، حيث تُطرح الكثير من التفاصيل والاشتراطات».

ولفت المصدر إلى أن «حركة (حماس) معنية بإنهاء العدوان ووقف الإبادة، وتمتلك رؤية واضحة تذهب نحو اتفاق شامل يتضمن إطلاق سراح عدد من الأسرى ضمن صفقة تبادل، قد تبدأ بعشرة منهم في هذه المرحلة، وهي تعمل بكل جهدها لإنجاح هذا الاتفاق»، مستدركاً: «لكن أي تقدم حقيقي يجب أن يُبنى على انسحاب إسرائيلي واضح من قطاع غزة، وهذا شرط أساسي لا يمكن تجاوزه».

فلسطينيون يصطفون بالقرب من حاوياتهم في انتظار شاحنة توزيع المياه بمخيم مؤقت للنازحين (أ.ف.ب)

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن القناة «12 الإخبارية» الإسرائيلية أن «تقدماً قد أحرز بعد أن أبدى نتنياهو تساهلاً في موقفه بشأن خطوط انتشار الجيش». جاء ذلك بعد ساعات من حديث قناة «i24NEWS» الإسرائيلية، الأربعاء، نقلاً عن مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات أنه «بحسب الخرائط التي قدمتها إسرائيل للوسطاء، فإن إسرائيل تخلت عملياً عن محور موراغ، والحديث الراهن ليس بشأن المحور، بل بشأن الوجود الإسرائيلي في منطقة رفح»، مشيرة إلى «تفاؤل لدى الوسطاء، خاصة أن الخرائط الجديدة تُعزز بشكل كبير إمكانية التوصل إلى إتفاق قريب».

ذلك الترويج الإسرائيلي لمرونة فريق تفاوض حكومة نتنياهو والتقدم بالمفاوضات أكدته أيضاً صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الخميس، لافتة إلى أن رئيس الوزراء «طلب من فريق التفاوض إبداء مرونة أكبر سعياً للتوصل إلى اتفاق تهدئة»، وأكدت موافقته على الانسحاب من محور موراغ، ومناطق أخرى داخل غزة، وأن احتمالات التوصل إلى إتفاق باتت تفوق إحتمالات الفشل، في ظل ضغوط متزايدة من الوسطاء الدوليين.

وذكر مسؤولان في «حماس» تحدثا إلى «رويترز»، الخميس، أن الخلافات لا تزال قائمة بشأن خرائط الانسحاب الإسرائيلي التي أظهرت أن الجيش سيبقى مسيطراً على 40 في المائة من القطاع، وآلية إيصال المساعدات التي تسيطر عليها منظمة تتبع أميركا وإسرائيل دون وجود أممي تطالب به الحركة، والضمانات بأن الاتفاق سيؤدي إلى إنهاء الحرب.

وقال أحدهما، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المحادثات، «لم نتسلم حتى الآن أي خريطة جديدة... حتى الآن لا تقدم في أي من الملفات والحوارات تراوح في مكانها (متوقفة)».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، يعتقد «أن تلك التراجعات الإسرائيلية لا سيما الخاصة بمحور موراغ الذي يفصل خان يونس عن رفح قد تحدث انفراجة، لكن ذلك لم يترجم بعد على أرض الواقع، ونأمل أن ينفذ الانسحاب بشكل جدي».

امرأة فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها خلال غارات إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال المحلل السياسي الفلسطيني المتخصص في شؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، إنه «حتى اللحظة، سلوك نتنياهو يؤشر إلى استمرار تمسكه بخطة التهجير، رغم الرفض الإقليمي والدولي الواسع لها. كل ما يقوم به لا يهدف فقط إلى خلق وقائع ميدانية، بل أيضاً إلى مراكمة أوراق ضغط على الحركة في طاولة التفاوض».

ومع «أن بعض التحركات قد تظهر كأنها تقدم، إلا أن التجربة تؤكد أن الاحتلال يستخدم التقدم الميداني ورقة مساومة، وليس بالضرورة أنه تمهيد حقيقي لانسحاب شامل»، وفق المدهون.

في المقابل، لا يزال التفاؤل الأميركي متواصلاً، وأكد مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن المفاوضات الجارية لوقف إطلاق نار في غزة تسير «على نحو جيد»، مشيراً إلى إحراز «تقدم جيد»، رغم تحفظه على الإفصاح عن تفاصيل الصيغة، أو الجدول الزمني المقترح، فيما قال مسؤول فلسطيني مقرب من المحادثات لـ«رويترز»، الخميس، إن هذه التصريحات المتفائلة «فارغة من المضمون».

فرج أكد أن ضغوط واشنطن على نتنياهو «قادرة على إنتاج اتفاق قريب، وسننتظر ما ستفعله»، بينما يرى المدهون أنه رغم كل هذا التفاؤل وهذه المطالبات، فإن «كل الاحتمالات من إسرائيل واردة»، مستدركاً: «لكن (حماس) هذه المرة تسعى للحصول على ضمانات صلبة تضمن تنفيذ الاتفاق خلال فترة 60 يوماً، تشمل انسحاباً إسرائيلياً، ووقفاً شاملاً للعدوان، وإدخال المساعدات، والمواد الضرورية لإعادة الحياة إلى القطاع».

ويشير إلى أن «هناك مخاوف من أن يسعى الاحتلال لتسلم 8 جنود أسرى في الأيام الأولى، ثم ينقلب على الاتفاق»، لذلك «حماس» تصر على أن «تكون كل البنود والضمانات واضحة ومُلزِمة، وأن يتم التوافق عليها بضمانات دولية تُجبر الاحتلال على الالتزام بها».