تجدد القتال العنيف في الفاشر غرب السودان

«قوات الدعم السريع» تهاجم المدينة والجيش يتصدى لها

عناصر من «قوات الدعم السريع» في الفاشر عاصمة شمال دارفور (تلغرام)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في الفاشر عاصمة شمال دارفور (تلغرام)
TT

تجدد القتال العنيف في الفاشر غرب السودان

عناصر من «قوات الدعم السريع» في الفاشر عاصمة شمال دارفور (تلغرام)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في الفاشر عاصمة شمال دارفور (تلغرام)

تجددت المواجهات، يوم الأحد، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب البلاد، وسط أنباء عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من الطرفين.

وأفادت مصادر محلية باندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في المناطق الشمالية والشرقية من مدينة الفاشر، مصحوباً بقصف مدفعي مكثف من قِبل «الدعم السريع»، استهدف عدداً من المواقع العسكرية والسكنية داخل المدينة.

وقالت المصادر إن «الجيش والقوات المسانِدة له تصدّت بقوةٍ لهجمات جديدة هي الأعنف التي تشنها (قوات الدعم السريع) على المدينة، وقتلت العشرات منهم، كما دمرت مركبات قتالية تابعة لقوات العدو».

وتشهد الفاشر، وهي آخِر معاقل الجيش في إقليم دارفور، اشتباكات متقطعة على مدى أشهر طويلة، حيث تصدّى الجيش لأكثر من 200 هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» لإسقاط المدينة. وكانت «الدعم السريع» قد توغلت مئات الأمتار داخل الفاشر، وصولاً إلى عدة أحياء سكنية في وسط المدينة، وهددت قيادة «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش.

الوضع الإنساني خطير

سودانيون يلجأون لمخيم «أبو شوك» على مشارف الفاشر شمال إقليم دارفور (أ.ب)

وقال سكان في الفاشر، لــ«الشرق الأوسط»، إن الوضع الإنساني وصل إلى مرحلة خطيرة بانعدام أدنى الاحتياجات المعيشية والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الضرورية، جراء توقف تدفق الإمدادات الغذائية والصحية، بسبب الحصار المفروض على المدينة من قِبل «قوات الدعم السريع». في هذا الصدد أعلن حاكم ولاية شمال دارفور، الحافظ بخيت، عن دعم إضافي لـ«تكايا» الطعام الخيرية في الأحياء السكنية للتخفيف عن المواطنين.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت، في الأيام الماضية، عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بشمال دارفور؛ بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها للارتكاز في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة الفاشر.

وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن أعداداً كبيرة من «المستنفرين المتطوعين» الذين يقاتلون في صفوف الجيش السوداني، سلَّموا أسلحتهم، وبدأوا مغادرة المدينة بسبب تردي الأوضاع المعيشية لأُسرهم المقيمة هناك.

بدورها قالت «لجان المقاومة» في الفاشر، وهي جماعة محلية إن «المدينة انتصرت مجدداً، وأثبتت مرة أخرى أنها قلعة من قلاع الصمود»، في إشارة إلى الهجوم الأخير.

من جهته، جدد رئيس «تجمع قوى تحرير السودان»، عضو مجلس السيادة السابق، الطاهر حجر، مناشدته سكان الفاشر ومخيمات النازحين حولها الهروب من المدينة إلى المناطق الآمنة، حيث يتوفر الغذاء والماء والدواء.

وقال، في منشور على صفحته بمنصة «فيسبوك»، إن قوات «تحالف السودان التأسيسي تُرابط على امتداد كل الطرق لتأمين خروج المدنيين من الفاشر، وعلى وجه الخصوص إجلاء المرضى وكبار السن، كما تُوفر النقل الآمن إلى كل الجهات الآمنة نسبياً، مقارنة بالأوضاع في المدينة».

نزوح كبير

نزوح متواصل من مدينة الفاشر المحاصَرة من «قوات الدعم السريع» (أرشيفية-الشرق الأوسط)

وأجْلَت قوات الفصائل المسلّحة المنضوية في تحالف «تأسيس»، الذي يضم «قوات الدعم السريع»، مئات الآلاف من المدنيين المحاصَرين في الفاشر، إلى مخيمات النازحين في منطقة طويلة وبلدات أخرى بشمال دارفور.

ويستمر، منذ أشهر، خروج الرجال والنساء والأطفال من المدينة المحاصَرة. وقالت «المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بإقليم دارفور»، في أحدث تقرير لها، إن آلاف المدنيين الذين نزحوا من الفاشر والمخيمات المجاورة إلى منطقة طويلة، في حاجة ماسة إلى المساعدة في الغذاء والدواء ومياه الشرب، بالإضافة إلى مستلزمات الإيواء من الخيام والأغطية.

وكانت «المنسقية» قد اتهمت الجيش والقوات المتحالفة معه برفض السماح للنازحين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية في مواجهة الهجمات التي تشنها «قوات الدعم السريع» على الفاشر.

وأعرب مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة الماضي، عن «قلقه العميق» إزاء تصاعد العنف في أنحاء متفرقة من السودان، بما فيها مدينة الفاشر والمناطق المحيطة، في ولاية شمال دارفور. وطالب «قوات الدعم السريع» بالالتزام بالقرار رقم 2736 بوقف حصار الفاشر، داعياً إلى وقف فوري للقتال وتهدئة الأوضاع في المدينة والمناطق المجاورة.

وذكرت وكالات الإغاثة العاملة في المنطقة أن أكثر من 70 في المائة من سكان الفاشر بحاجة للمساعدات. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية سجلت حالات وفيات بسبب الجوع والعطش ونقص الرعاية الصحية. واستقبلت محليات في شمال دارفور، خلال الأيام الماضية، المئات من الأُسر الفارّة من الفاشر ومعسكر زمزم بسبب الجوع والأوضاع القاسية في المدينة.

وتُحاصر «قوات الدعم السريع»، منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفاشر، وسط قتال عنيف مع الجيش والقوات المتحالفة معه.


مقالات ذات صلة

البرهان يتدخل ويبقي على أنصبة «الحركات المسلحة» في الحكومة

شمال افريقيا الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان يتدخل ويبقي على أنصبة «الحركات المسلحة» في الحكومة

أطراف «مسار دارفور» في اتفاق جوبا للسلام تتمسك بالحقائب الوزارية التي كانت تشغلها في «الحكومة المحلولة» دون تغيير.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا السودان يقول إنه دمر 50 ألف «جسم متفجر» من مخلفات الحرب  (أ.ف.ب)

السودان... السلاح في يد الجميع فمن يحمي المدنيين؟

يهدد انتشار السلاح في السودان بكثافة الأمن خارج مناطق الحرب، ورغم تقليل الخبراء من خطورته، فإن خلو البلاد منه يعد أمراً معقداً.

وجدان طلحة (بورتسودان)
رياضة عالمية الحرب مزقت منافسات كرة القدم في السودان (نادي الهلال السوداني)

عودة أندية النخبة السودانية للعب على أرضها

عادت منافسات كرة القدم إلى السودان الذي مزقته الحرب لأول مرة منذ أكثر من عامين إذ يتم تنظيم مسابقة مدتها شهر واحد من ثمانية فرق لتحديد ممثلي البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري البرهان و«حميدتي» خلال تعاونهما في إطاحة نظام البشير (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري هدوء القتال في السودان... هدنة غير معلنة أم استراحة محارب؟

تشهد محاور القتال في السودان هدوءاً نسبياً، أرجعه خبراء إلى إنهاك الطرفين المتحاربين والصراعات الداخلية في صف كل طرف والضغوط الدولية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نزوح من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

الفاشر المحاصرة تنازع القتال والجوع

على وقع الحصار المستمر لمدينة الفاشر في غرب السودان، تراجعت قدرات السكان الشرائية، وباتوا عاجزين عن شراء القليل من الطعام بسبب الغلاء.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

تونس تصدر أحكاماً مشددة بالسجن على سياسيين كبار بينهم الغنوشي

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
TT

تونس تصدر أحكاماً مشددة بالسجن على سياسيين كبار بينهم الغنوشي

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (د.ب.أ)

قالت إذاعة «موزاييك إف إم» التونسية إن محكمة أصدرت، اليوم الثلاثاء، أحكاماً بالسجن تتراوح من 12 إلى 35 عاماً على سياسيين كبار من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومسؤولين أمنيين سابقين بتهمة التآمر، في خطوة يقول منتقدون إنها تظهر «استخدام الرئيس قيس سعيد للقضاء لترسيخ حكم استبدادي».

ومن بين المحكوم عليهم بتهمة التآمر على الدولة في هذه المحاكمة نادية عكاشة، مديرة ديوان الرئيس قيس سعيد السابقة.

وحُكم على عكاشة التي فرت من البلاد بالسجن 35 عاماً.

وقالت «موزاييك» إن رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد المتهم في هذه القضية طعن على قرار دائرة الاتهام بإحالته إلى الدائرة الجنائية، وهو ما يعني أنه ليس مشمولاً في الأحكام حتى الآن في انتظار نتيجة الطعن.

وحُكم على الغنوشي (84 عاماً)، الرئيس المخضرم لحزب «النهضة الإسلامي»، بالسجن 14 عاماً.

والغنوشي، الذي كان رئيساً للبرلمان الذي حله سعيد، مسجون منذ عام 2023، وصدرت بحقه ثلاثة أحكام بالسجن لمدة تبلغ 27 عاماً في قضايا منفصلة في الأشهر القليلة الماضية.

ووُجهت اتهامات إلى 21 شخصاً في القضية، منهم عشرة في السجن بالفعل و11 فروا من البلاد.

وحكمت المحكمة على رئيس جهاز المخابرات السابق كمال القيزاني بالسجن 35 عاماً، ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالسجن 35 عاماً، ومعاذ الغنوشي، ابن راشد الغنوشي، بالسجن 35 عاماً. وفر الثلاثة من البلاد.

وحل سعيد البرلمان عام 2021 وبدأ الحكم بالمراسيم، ثم حل المجلس الأعلى للقضاء المستقل وأقال عشرات القضاة، وهي خطوة تصفها المعارضة بأنها انقلاب قوض الديمقراطية الناشئة التي فجرت شرارة انتفاضات «الربيع العربي» عام 2011.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، ويقول إن خطواته قانونية وتهدف إلى إنهاء سنوات من الفوضى والفساد المستشري في أوساط النخبة السياسية.

ويقبع معظم قادة المعارضة وبعض الصحافيين ومنتقدي سعيد في السجن منذ أن سيطر سعيد على معظم السلطات في عام 2021.

وهذا العام، أصدرت محكمة أخرى أحكاماً بالسجن تتراوح من خمسة أعوام إلى 66 عاماً على قادة للمعارضة ورجال أعمال ومحامين بتهمة التآمر أيضاً، وهي قضية تقول المعارضة إنها ملفقة في محاولة لقمع معارضي الرئيس.

وتقول جماعات حقوقية ونشطاء إن سعيد حول تونس إلى سجن مفتوح ويستخدم القضاء والشرطة لاستهداف خصومه السياسيين.

ويرفض سعيد هذه الاتهامات، ويقول إنه لن يصبح ديكتاتوراً وإنه لا أحد فوق القانون مهما كان اسمه أو منصبه.