خيّمت «قافلة الصمود» المغاربية، التي تروم كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، عند مدخل مدينة سرت الليبية، بعدما طالبتها سلطات شرق البلاد بتقديم الموافقات اللازمة للعبور إلى الجانب المصري.
وبات أفراد القافلة ليلتهم قرب سرت، الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني»، برئاسة المشير خليفة حفتر، بعد أن عبروا مدينة مصراتة، وسط ترحيب واسع شعبي ورسمي، لكنها «توقفت» هناك، بحسب «تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين».
وليبيا منقسمة بين حكومتين في غرب ليبيا وشرقها؛ الأولى يقودها عبد الحميد الدبيبة، والثانية يترأسها أسامة حماد، وتتلقى إسناداً من مجلس النواب والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، بقيادة حفتر.
وإزاء الموقف الذي وصفته بـ«المفاجئ»، نقلت التنسيقية عن هيئة تسيير القافلة قرارها عدم المغادرة، والتوقف على يمين الطريق والتخييم في المكان.
وأوضحت التنسيقية، عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، أن «قوات الأمن والجيش بسلطات شرق ليبيا قامت بوقف القافلة عند مدخل مدينة سرت»، مشيرة إلى أن مسؤولي الأمن «تعللوا بضرورة انتظار الحصول على تعليمات بالموافقة من بنغازي من أجل المرور».
وأمام حالة من اللغط بعد توقف القافلة عند بوابة سرت، نفت وزارة الداخلية بحكومة حمّاد، التي تدير المنطقة الشرقية، ما تردد عن أنها أوقفت سير القافلة من دون سبب، وقالت إنها «طلبت من أفرد القافلة إبراز تأشيرات وموافقات من مصر، لكن لم يُقدَّم شيء حتى الآن».
وأوضحت الداخلية الليبية، في تصريح نقلته «صحيفة المرصد»، المقربة من القيادة العامة، أن «جوازات سفر بعض أفراد القافلة منتهية، وأخرى على وشك الانتهاء، ولا تتيح لهم عبور أي دولة»، متابعة: «بعضهم لا يملك جوازات أصلاً، ولا نعلم كيف سمحت حكومة الدبيبة بدخولهم من رأس أجدير، بالمخالفة للقوانين الليبية بشأن سريان جوازات السفر».
كانت القافلة التي تضم مئات النشطاء قد وصلت إلى ليبيا بعد قيادتها من الجزائر، وعبورها تونس في طريقها إلى غزة لتحدي الحصار الإسرائيلي، المفروض على المساعدات الإنسانية في القطاع. وتتكون من قرابة 1500 شخص على الأقل، بينهم نشطاء وداعمون من الجزائر وتونس، مع توقع انضمام مزيد من ليبيا.
وحثّ وائل نوار، المتحدث باسم القافلة، أفرادها على «التحلي بالصبر والتمسك بوحدتهم»، لحين تمكنهم من مواصلة مسيرتهم إلى معبر رفح.
ودعت هيئة تسيير القافلة سلطات شرق البلاد إلى استقبالها، وتجسيد موقفها المرحب بالمبادرة، التي وصفتها وزارة الخارجية في بنغازي بـ«الشجاعة»، معقبة بالقول: «كلنا ثقة في أن حفاوة الشعب الليبي، واحتضانه لقافلتنا لا يعرف فرقاً بين شرق وغرب».
ودعت الهيئة كل الأطراف ذات الصلة إلى التدخل من أجل تسهيل مهمة القافلة، والمساهمة شعبيّاً في «فكّ الحصار والتجويع والإبادة عن أهل غزة».
غير أن الداخلية الليبية قالت إنها «رصدت نبرة عدائية غير مبررة لمنظمي القافلة منذ اللحظة الأولى لوصولهم أطراف سرت، وبعضهم يردد عبارات؛ أعداء الله وطواغيت».
وأوضحت الداخلية أن «تعليماتها هي السماح بعبور وضيافة كل من يملك تأشيرة على جواز سفر ساري المفعول، تنفيذاً للقوانين المحلية واتفاقيات عبور الأفراد بين الدول، لكننا فوجئنا بأن القادمين لا يملكون أيّاً من هذه المتطلبات».
وشدّدت الداخلية على أنها «لا تسمح بعبور مواطنيها لمصر دون إجراءات، ومصر كذلك لا تسمح بعبور مواطنيها إلينا بالمثل، والجزائريون والتونسيون ليسوا استثناءً من القوانين المنظمة لحركة الأفراد».
كانت هيئة تسيير القافلة قد طمأنت أهالي المشاركين فيها بأن جميع أفرادها بخير، ومجتمعون بمكان واحد على بعد بضعة كيلومترات من سرت؛ موضحة أن عدم الردّ على الاتصالات يعود إلى انقطاع شبكات الهاتف في مكان توقفهم.
وسبق أن أبدت سلطات شرق ليبيا، عبر وزارة الخارجية بحكومة حمّاد، ترحيبها بـ«قافلة الصمود»، لكنها أكدت «أهمية احترام الضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة، التي حددتها وزارة الخارجية المصرية، وضرورة التنسيق الكامل مع الجهات المختصة».
وبادرت مصر مرحبة «بكل الجهود الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية»، مشترطة «الحصول على موافقات مسبقة لتنظيم زيارات للحدود المحاذية لغزة، فضلاً عن ضرورة الحصول على تأشيرات لدخول مصر أولاً».
وأكّد الفريق الإعلامي للقافلة على أن هدفها هو «الاعتصام في معبر رفح وكسر الحصار عن غزة»، مشيراً إلى أنه «قد تم إعداد المشاركين وتوعيتهم بهذه الهدف مسبقاً، لكن التوقف الإجباري الذي حصل عند بوابة سرت لم يكن ضمن المخطط له».
وأضاف الفريق، الجمعة، موضحاً: «لا يزال التواصل قائماً مع السلطات الليبية لإكمال ترتيبات استكمال مسار القافلة، بما يراعي احتياجات المشاركين فيها وإجراءاتهم، التي نحرص على تلبيتها واحترامها دون المساس بهدف القافلة، المتمثل في الوصول إلى معبر رفح».
وتقع سرت في منتصف الطريق بين طرابلس وبنغازي، وتبعد عن الحدود المصرية قرابة ألف كيلومتر.