اندلع سجال قطري - إسرائيلي عقب ما عدّته الدوحة تقارير مفبركة ضدها بشأن الأوضاع في غزة، وسط «مرحلة دقيقة» من جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في القطاع.
تلك الخلافات القطرية - الإسرائيلية التي سبق أن اندلعت بشكل لافت مع بداية حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، يراها دبلوماسي مصري سابق في الدوحة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «تحركات إسرائيلية مكشوفة بغرض إضعاف دور الوسطاء وافتعال معارك لتخفيف الضغوط الداخلية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو»، متوقعاً ألا تؤثر تلك المحاولات على علاقة الوسيطين القطري أو المصري بالولايات المتحدة أو باستمرارهما في مسار المحادثات.
وأفاد «مكتب الإعلام الدولي» القطري، في بيان الثلاثاء، بأنه «تم تداول وثائق مفبركة مجدداً على وسائل الإعلام الإسرائيلية بهدف إثارة التوتر وإحداث شرخ في العلاقات بين دولة قطر والولايات المتحدة، خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة التي تبذلها قطر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس».
و«نشر هذه الوثائق في مثل هذا التوقيت ليس أمراً عشوائياً، بل هو محاولة متعمدة لصرف الأنظار عن التغطية الإعلامية السلبية للممارسات الإسرائيلية غير المسؤولة في قطاع غزة في لحظة تقترب الجهود من تحقيق تقدم حقيقي»، وفق البيان القطري، لافتاً إلى أنه «لن تُفلح تلك المساعي الخبيثة، بما في ذلك الوثائق المفبركة، في النيل من متانة العلاقات الوثيقة بين قطر والولايات المتحدة».
والأحد، بثت القناة «12» الإسرائيلية الخاصة تقريراً عما ادعت أنها «وثائق قطرية» زعمت أنها تثبت وجود دور للدوحة في «تعزيز القدرات العسكرية لحماس».
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق محمد مرسي، الذي عمل سابقاً سفيراً في الدوحة، أن قطر تبذل مع مصر منذ فترة جهوداً متواصلة لمحاولة وقف إطلاق النار بشكل دائم في غزة وتهيئة الأجواء لتسوية حقيقية لمسببات التوتر، ويحظى هذا الموقف بدعم عربي دولي، لافتاً إلى أن إسرائيل تواصل تخريب المفاوضات بأي طريقة كلما وصلت إلى تقدم حقيقي وبلورة تسوية، حتى إن نتنياهو الذي يتمسك بمسار الحرب لم يستجب لمقترحات أميركية طرحت لوقف إطلاق النار سابقاً.
وأشار، إلى أن إسرائيل ونتنياهو تحديداً يريدان إحداث وقيعة بين الولايات المتحدة وقطر، وبين الدوحة والقاهرة، من أجل إضعاف موقف الوسطاء وتهيئة مناخ أفضل للتراجع والمناورة وإلقاء المسؤولية على الجانب الفلسطيني في إفشال جهود المفاوضات والتوصل لاتفاق.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم قطر إسرائيل باستهداف دورها، وفي مايو (أيار) الماضي، أعربت دولة قطر عن رفضها بشكل قاطع «التصريحات التحريضية الصادرة عن مكتب نتنياهو» واصفة إياها بأنها «تفتقر إلى أدنى مستويات المسؤولية السياسية والأخلاقية».
ولفتت الخارجية القطرية في بيان آنذاك، إلى أن «السياسة الخارجية لدولة قطر المبنية على المبادئ لا تتعارض مع دورها بوصفها وسيطاً نزيهاً وموثوقاً ولن تثنيها حملات التضليل والضغوط السياسية عن الوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة».
وكان نتنياهو هاجم الدوحة عبر حسابه بمنصة «إكس» قائلاً: «حان الوقت لتتوقف قطر عن اللعب على الجانبين عبر تصريحاتها المزدوجة، يجب عليها أن تقرر إذا ما كانت بجانب الحضارة أم بجانب وحشية حماس».
كذلك في أبريل (نيسان) الماضي، أعرب مكتب الإعلام الدولي القطري في بيان صحافي، عن الاستنكار الشديد للتصريحات الإعلامية من قبل بعض الإعلاميين والوسائل الإعلامية (أغلبها إسرائيلية وأميركية) التي تزعم قيام دولة قطر بدفع أموال للتقليل من جهود مصر، وأي من الوسطاء في عملية الوساطة بين حركة «حماس» وإسرائيل، لافتاً إلى أنها «ادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا تخدم سوى أجندات تهدف إلى إفساد جهود الوساطة وزيادة معاناة الأشقاء في فلسطين».
وبعد سلسلة هجمات إعلامية إسرائيلية على قطر، أعلنت الدوحة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 تعليق دورها وسيطاً بين حركة «حماس» وإسرائيل مؤقتاً. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري، في تصريحات آنذاك، إن «قطر لن تقبل أن تكون الوساطة سبباً في ابتزازها»، مضيفاً: «شهدنا منذ انهيار الهدنة الأولى وصفقة تبادل النساء والأطفال تلاعباً، خصوصاً في التراجع عن التزامات تم الاتفاق عليها من خلال الوساطة واستغلال استمرار المفاوضات في تبرير استمرار الحرب لخدمة أغراض سياسية ضيقة»، في إشارة لنتنياهو.
ويرى سفير مصر الأسبق لدى قطر، أن نتنياهو والأدوات الإعلامية الإسرائيلية يعملون منذ اندلاع الحرب على غزة لافتعال هذه الأكاذيب هروباً من الأزمات الداخلية وإضعاف دور الوساطة، مؤكداً أن كل تلك التسريبات الإعلامية الإسرائيلية أدوات لتحقيق أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأكد أنه يجب ألا نقلل من ضغوط إسرائيل على أميركا لأنه عندما تتحرك إسرائيل بشكل جاد مع الإدارة الأميركية فإننا يجب أن نأخذ الأمور بجدية وبحذر، ويجب أن نسعى لإحباطها كلما تكررت سواء مع مصر أو قطر، متوقعاً استمرار جهود البلدين في وساطة غزة حتى انتهاء الحرب.