هدوء حذر في طرابلس بعد اشتباكات مفاجئة

الدبيبة يعدّ مصراتة ركيزة الاستقرار

صورة وزّعتها منطقة الساحل الغربي العسكرية لانتشار قواتها في صبراتة
صورة وزّعتها منطقة الساحل الغربي العسكرية لانتشار قواتها في صبراتة
TT

هدوء حذر في طرابلس بعد اشتباكات مفاجئة

صورة وزّعتها منطقة الساحل الغربي العسكرية لانتشار قواتها في صبراتة
صورة وزّعتها منطقة الساحل الغربي العسكرية لانتشار قواتها في صبراتة

خيّم هدوء حذر على العاصمة الليبية طرابلس، الاثنين، بعد ساعات من تجدّد الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة المناوئة والتابعة لـ«حكومة الوحدة» المؤقتة، التي التزمت الصمت حيالها، في حين عدّ رئيسها عبد الحميد الدبيبة أن مدينة مصراتة مسقط رأسه في غرب البلاد «ركيزة للاستقرار وصمام أمان للدولة المدنية».

لكن الهدوء الحذر لم يوقف استمرار التحشيد العسكري في طرابلس؛ «مما يعني احتمال تجدّد القتال في أي لحظة»، وفقاً لمراقبين محليين. كما دعت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان»، إلى الحفاظ على ما وصفته بـ«الهدنة الهشة والالتزام بالترتيبات الأمنيّة التي أقرها المجلس الرئاسي»، مطالبة جميع التشكيلات المسلحة بـ«العودة إلى ثكناتها».

الدبيبة خلال لقائه وفداً من أعيان مصراتة (حكومة الوحدة)

ولم يؤدِ اجتماع عاجل عُقد بـ«قاعدة معيتيقة»، إلى حسم الأمور، لكنه توصّل إلى اتفاق إضافي لتهدئة الأوضاع، بعدما انهارت هدنة وقف إطلاق النار فجر الاثنين، على نحو مفاجئ بين «جهاز الردع» المناوئ لحكومة «الوحدة» بإمرة عبد الرؤوف كارة، وجهاز الأمن العام الموالي لها بقيادة وزير داخليتها عماد الطرابلسي.

وطبقاً لرواية قدمتها وزارة الدفاع بـ«حكومة الوحدة»، فإنها تمكّنت من «ضبط الموقف وفرض احترام الهدنة، مما أدى إلى انسحاب العناصر المخالفة وعودتها إلى مواقعها السابقة»، مشيرة إلى «تدخلها ميدانياً بعد رصد تحركات ميدانية مفاجئة شهدتها بعض مناطق العاصمة، في خرق واضح لترتيبات التهدئة والتفاهمات الأمنية المعتمدة».

وحذّرت من «تكرار مثل هذه التجاوزات»، مؤكدة استعدادها «لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان احترام السيادة الأمنية، وحماية المسار القائم على إعادة الانتشار تحت إشراف مؤسسات الدولة».

وبثت قناة «ليبيا الأحرار» لقطات مصوّرة لمشاهد تُظهر عودة حركة السير في عدد من المناطق بطرابلس، ونقلت عن آمر قوة الاحتياط في «اللواء 222» أمجد المالطي، «عودة الهدوء بعد فض الاشتباكات من قِبل قوة فض النزاع». كما أكد مسؤول في جهاز «الهلال الأحمر»، استقرار الأوضاع باستثناء بلاغات من بعض السكان، مشيراً إلى التواصل مع الجهات المعنية لإجلاء العائلات واستعداد الفرق للتدخل في حال حدوث أي طارئ.

ونفى مسؤولو مطار معيتيقة الدولي وشركات طيران محلية صدور أي تعليمات بإغلاق المجال الجوي، مؤكدين استمرار الرحلات بشكل طبيعي.

وتركزت الاشتباكات في منطقتي الفرناج وعين زارة جنوب طرابلس، وقرب مستشفى طرابلس التعليمي أحد أكبر مستشفيات المدينة، وأدى سقوط مقذوف إلى اندلاع حريق في مقبرة مجاورة.

وحذّر «حراك أبناء سوق الجمعة»، من اختراق الهدنة، ودعا إلى «عدم اختبار الصبر، وحفظ العهد»، لافتاً إلى «أن الهدنة لا تعني الضعف، بل تعني منح فرصة لمن يعقل».

إلى ذلك، اشتكى «اللواء 444 قتال»، التابع لـ«حكومة الوحدة»، من حملة إعلامية ضده على مواقع التواصل الاجتماعي، تتهمه بالضلوع في حادثة اختطاف وتعذيب شاب تم تداول مقطع فيديو له. واتهم اللواء جهات إعلامية «معروفة بولائها لطرف سياسي معيّن، بنشر خطاب كراهية وتحريض وتضليل ممنهج ضده».

كما أشاد محمود حمزة، آمر اللواء، لدى تفقده المفارز الصحراوية التابعة له، بجهود عناصره للتصدي لعمليات تهريب السموم والممنوعات، ومنع تهريب الوقود عبر الحدود.

وكانت وزارة الداخلية في «حكومة الوحدة» قد أعلنت مواصلة دورياتها في مناطق التماس داخل مدينة طرابلس، تزامناً مع دوريات مماثلة لـ«الدعم المركزي»، وتمركز وحداتها في عدة مواقع حيوية، ضمن خطتها «الرامية إلى حفظ النظام العام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة».

من جهته، عدّ الدبيبة أن مدينة مصراتة، مسقط رأسه في غرب البلاد، «كانت ولا تزال ركيزة للاستقرار وصمام أمان للدولة المدنية»، مؤكداً، مساء الأحد، خلال لقائه وفداً من أعيان المدينة ونشطائها، عزمه على «مواصلة العمل مع كل المدن الليبية، والتنسيق مع مختلف القوى الوطنية، لتحقيق تطلعات الشعب إلى الأمن والاستقرار وبناء مؤسسات الدولة»، ونقل عن الحاضرين تأكيدهم «وحدة كلمتهم خلف الحكومة، ودعمهم الكامل للمؤسسات النظامية».

صورة وزعتها تيتة لتكريم «كتيبة الحرس الأممي»

من جانبها، كرّمت رئيسة البعثة الأممية، هانا سيروا تيتة، جنود الكتيبة السادسة من وحدة «الحرس الأممي» القادمة من نيبال، تقديراً لدورهم الكبير في تأمين مقار البعثة وموظفيها. وشكرت، في بيان لها عند توديع الكتيبة بحفل توزيع ميداليات، على ما قدمته «من دعم شجاع لحماية البعثة»، معلنة ترحيبها بالكتيبة الجديدة «UNGU 7» التي ستواصل المهمة.

وأعرب القائم بأعمال سفارة الصين، ليو جيان، عن أمل بلاده في «استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا، في أقرب فرصة ممكنة والمضي قدماً في العملية السياسية بما يلبي تطلعات الشعب الليبي». كما أكد لـ«وكالة الأنباء الليبية»، حرص بلاده على «تطوير الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدَيْن، واستعدادها لتعزيز تعاونها العملي في شتى المجالات».


مقالات ذات صلة

ما إمكانية معاقبة «معرقلي» العملية السياسية في ليبيا؟

شمال افريقيا اجتماع «لجنة المتابعة الدولية» بشأن ليبيا في برلين (البعثة الأممية)

ما إمكانية معاقبة «معرقلي» العملية السياسية في ليبيا؟

أثيرت تساؤلات في ليبيا حول إمكانية فرض «عقوبات» دولية على شخصيات سياسية وميليشياوية في البلاد.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا تعزيزات أمنية في طرابلس قبل انطلاق مظاهرات الجمعة (داخلية الوحدة)

«الوحدة» الليبية تلاحق «متورطين» في هجوم مسلح على عناصرها بطرابلس

تلاحق حكومة «الوحدة» المؤقتة في ليبيا «متورطين» في هجوم مسلح على عناصرها بطرابلس.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا حماد يترأس اجتماع حكومة «الاستقرار» (الحكومة)

«الاستقرار» الليبية تدعو اليونان للحوار عقب «حديث التنقيب» جنوب كريت

أبدى رئيس حكومة الاستقرار الليبية، أسامة حماد، تعجبه من حديث اليونان بشأن تراخيص التنقيب واستغلال مادة الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوب جزيرة كريت

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي خلال لقائه الحداد (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يشدد على «تطهير» العاصمة الليبية من المظاهر المسلحة

تلقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي «إحاطةً كاملة» عن الوضع الأمني والعسكري بالعاصمة، و«مدى استجابة الأطراف وعودة جميع القوات لمعسكراتها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حقل «الشرارة» النفطي في جنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

طرابلس تتمسك برفض تنقيب أثينا عن النفط بالمناطق «المتنازع عليها»

عبرت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عن «قلقها البالغ» من إطلاق اليونان «دعوة دولية لتقديم عطاءات للتنقيب عن الهيدروكربون بمناطق بحرية متنازع عليها».

جمال جوهر (القاهرة)

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
TT

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)

لا أحد يستطيع «الجزم» بما يحدث في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان السودانية، التي تشهد معارك كسر عظم واستنزاف منذ عدة أيام، بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وفي حين يؤكد الجيش أنه سحق القوات المهاجمة عن المدينة التي تعد آخر معاقله بولاية غرب كردفان، تناقلت مواقع مؤيدة لـ«قوات الدعم السريع»، مقاطع فيديو تفيد بسيطرة «الدعم» على أجزاء كبيرة من المدينة واقترابهم من استعادة السيطرة عليها، بما في ذلك مقرات تابعة للفرقة 22، إحدى أكبر تجمعات قوات الجيش السوداني في غرب البلاد.

أهمية بابنوسة

بابنوسة، ويدللها أهلها باسم «القميرة» (تصغير قمر)، إحدى مدن ولاية غرب كردفان المهمة، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 700 كيلومتر، وتنبع أهميتها من كونها «تقاطع طرق» تربط غرب السودان بوسطه وشماله، بل وجنوبه قبل انفصاله، وعندها يتفرع خط السكة حديد إلى مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، وإلى مدينة واو بجنوب السودان، وتعد واحدة من أكبر من مراكز سكك حديد السودان.

ويعتمد اقتصاد المدينة على التجارة والزراعة والرعي، ويوجد بها أول مصنع لتجفيف الألبان في الإقليم، أنشئ بمنحة من دولة يوغسلافيا السابقة على عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود في خمسينيات القرن الماضي، وافتتحه الرئيس اليوغسلافي المارشال جوزيف بروز تيتو. وتضم الفرقة 22 التابعة للجيش، إلى جانب عناصرها، قوات قادمة من ولايات ومناطق دارفور وكردفان سيطرت عليها «قوات الدعم السريع».

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)

وظلت المدينة تشهد معارك منذ الأيام الأولى للحرب، ما أدى إلى هجرة أهلها، إلى مدينة المجلد القريبة، والقرى والبلدات المجاورة، وتحولت إلى مدينة «أشباح» يسكنها جنود من الطرفين المتقاتلين. ثم توقف القتال فيها في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، باتفاق ثلاثي بين الجيش و«الدعم السريع» والإدارة الأهلية بالمدينة، قضى بوقف التصعيد وتحليق الطيران الحربي والقصف في المدينة، لكن الأوضاع ظلت متوترة في المدينة، واعتصمت بها قوات الجيش بمقراتها غرب المدينة، بينما ظلت «قوات الدعم السريع» تسيطر على الأحياء «المهجورة».

لكن المدينة شهدت معارك ضارية منذ السبت، وقال عنها الجيش، في بيان رسمي، إن قواته في الفرقة 22، سحقت هجوماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» التي حشدت لها من كل صوب، وتوعد بتحويل المدينة إلى مقبرة لـ«قوات الدعم السريع»، «وما يجمعون».

حرب استنزاف

ولم تصدر تعليقات رسمية من «قوات الدعم السريع» حول حقيقة الوضع في المدينة، لكن منصتها على «تلغرام» ذكرت أنها سيطرت على اللواء 189 التابع للفرقة، فيما ذكرت منصات تابعة للجيش أن «قوات الدعم السريع» بسطت سيطرتها مؤقتاً على مقر اللواء، واضطرت للانسحاب بعد تدخل قوات الجيش، بيد أن مصدراً عسكرياً طلب عدم كشف اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة بابنوسة أسوة بمدينة الفاشر، تعد «مناطق استنزاف» لـ«قوات الدعم السريع»، حيث خسرت أعداداً كبيرة من الرجال والعتاد أثناء محاولتها مهاجمة مقرات الجيش، وأضاف: «في معركة بابنوسة أمس، نصب الجيش فخاً لـ(الدعم السريع)، فاندفع بمقاتليه تجاه مقر الفرقة، قبل أن يطبق عليهم، ويصدهم، ملحقاً بهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد».

الحرب شرَّدت ملايين السودانيين بين نزوح في الداخل ولجوء إلى الخارج (أ.ف.ب)

وتعد معارك بابنوسة محورية لكل من الجيش و«الدعم السريع»، ففي حال سيطرت «قوات الدعم السريع» على المدينة ستبسط سيطرتها على كامل ولاية غرب كردفان المحادة لدولة جنوب السودان من جهة الجنوب، وولايتي شمال وجنوب كردفان من جهة الشرق، وولايات جنوب وشمال دارفور، من جهة الغرب، وذلك بعد أن أكمل سيطرته على مدينتي «النهود والخوى»، وحال احتفاظ الجيش بقاعدته في بابنوسة، يكون قد احتفظ بموطئ القدم في الولاية، يمهد لخطواته باتجاه دارفور.