القوى المدنية بالسودان ترحب بدعوة «الرباعية الدولية» للتوصل لحل سياسي

طالبت بالتركيز الفوري على وقف إطلاق النار وحماية المدنيين ومعالجة الأزمة الإنسانية

نازحون على عربات تجرها الدواب بعد هجمات على مخيمهم في بلدة طويلة بشمال دارفور... 15 أبريل 2025 (رويترز)
نازحون على عربات تجرها الدواب بعد هجمات على مخيمهم في بلدة طويلة بشمال دارفور... 15 أبريل 2025 (رويترز)
TT

القوى المدنية بالسودان ترحب بدعوة «الرباعية الدولية» للتوصل لحل سياسي

نازحون على عربات تجرها الدواب بعد هجمات على مخيمهم في بلدة طويلة بشمال دارفور... 15 أبريل 2025 (رويترز)
نازحون على عربات تجرها الدواب بعد هجمات على مخيمهم في بلدة طويلة بشمال دارفور... 15 أبريل 2025 (رويترز)

رحبت القوى المدنية السودانية بدعوة المجموعة الرباعية الدولية المعنية بالشأن السوداني لتكثيف الجهود لإقناع طرفي الحرب بوقف الأعمال العدائية والدخول في مفاوضات جادة والتوصل لحل سياسي دائم للنزاع الدامي المستمر منذ أكثر من عامين.

وكان نائب وزير الخارجية الأميركية كريستوفر لاندو والمستشار الأول للرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا مسعد بولس قد عقدا بمقر وزارة الخارجية، الثلاثاء، اجتماعاً حضره سفراء المجموعة الرباعية لدى الولايات المتحدة: سفيرة المملكة العربية السعودية ريما بنت بندر آل سعود، وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة يوسف العتيبة، وسفير مصر معتز زهران، لبحث مسألة الحرب الدائرة في السودان.

وقال لاندو، وفقاً لنشرة الخارجية الأميركية، إن النزاع في السودان يهدد المصالح المشتركة في المنطقة، إلى جانب تسببه في أزمة إنسانية، وإن بلاده على قناعة بعدم إمكانية «إنهاء النزاع بحل عسكري»، ودعا المجموعة الرباعية «لإقناع الطرفين المتحاربين بوقف الأعمال العدائية والتفاوض على حل».

وأكد نائب وزير الخارجية الأميركي على التزام بلاده بالعمل الوثيق مع المجموعة الرباعية لمعالجة الأزمة، وقال إن الأطراف ناقشت الخطوات التالية والمطلوبة لتحقيق هدف وقف الحرب.

نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو (موقع وزارة الخارجية)

وأتى اجتماع «الرباعية الدولية» قبل ثلاثة أيام من كشف الإدارة الأميركية تفاصيل عقوبات فرضتها على السودان، بعدما اتهمت الجيش السوداني باستخدام «أسلحة كيميائية» في الحرب.

ويُنتظر وفقاً لبيان سابق صادر عن الوزارة أن تدخل العقوبات حيز التنفيذ يوم الجمعة 6 يونيو (حزيران)، في خطوة تُعد شكلاً من أشكال الضغط لإيقاف الحرب.

«خطوة محل ترحيب»

ورحبت القوى السياسية المدنية السودانية بعقد الاجتماع وما توصل إليه، واعتبر «التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة» (صمود) تركيز الاجتماع على وقف إطلاق النار وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين «خطوة جادة ومحل ترحيب»، مشيراً إلى أنها «خطوة أولى» تحتاج جهوداً أكبر وتنسيقاً أوسع من جميع الأطراف الفاعلة، إقليمياً ودولياً.

وقال التحالف في بيان إن إنهاء الحرب لا يمكن أن يتم دون ممارسة ضغوط متصاعدة على الأطراف المتصارعة «بما يعجل الوصول لوقف إطلاق النار، وفتح الطريق أمام مسار سياسي يفضي إلى سلام دائم ومستدام، يحقق تطلعات السودانيين في الأمن والعيش الكريم، وفي نظام حكم مدني ديمقراطي».

وقال نائب رئيس حزب «المؤتمر السوداني» والقيادي بتحالف «صمود»، خالد عمر يوسف، إن تصريحات المستشار بولس «خطوة مُرَّحب بها»، تُبدي مزيداً من الاهتمام بالأزمة السودانية التي وصفها بأنها «أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم».

وأضاف: «الأولويات التي حددها المستشار بولس صحيحة تماماً؛ ولا يوجد حل عسكري، ويجب اتباع مخرج سلمي، مع التركيز الفوري على وقف إطلاق النار وحماية المدنيين ومعالجة الأزمة الإنسانية».

وأعلن رئيس المكتب التنفيذي لحزب «التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل، دعم حزبه لمخرجات اجتماع الرباعية «بعدم وجود حل عسكري للحرب، وترتيبه لأولويات وقف الحرب بالصورة الصحيحة، وتتمثل في وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين».

وطالب بربط العملية بـ«سقوف زمنية» محددة تعود خلالها الأطراف لطاولة المفاوضات في أقرب فرصة.

اتهامات ونفي

من جانبها، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان الجيش السوداني بشن هجمات وصفتها بأنها «عشوائية» على أحياء سكنية وتجارية في مدينة «نيالا» بولاية جنوب دارفور شهر فبراير (شباط) الماضي، وهو ما نفاه الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد ركن نبيل عبد الله، واعتبره ادعاءات «مجافية للواقع».

وزعمت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، أن الجيش استخدم «قنابل غير موجهة» ألقيت من الجو وتسببت في «مقتل وإصابة أعداد كبيرة من المدنيين» في نيالا، وقالت إن القنابل المستخدمة تترك آثاراً واسعة النطاق مع «دقة محدودة، لا يمكن في معظم الأحوال توجيهها إلى هدف عسكري محدد في مناطق مأهولة بالسكان».

وأفادت غرفة طوارئ بلدة الكومة بولاية شمال دارفور، وهي تجمع لنشطاء مدنيين، بأن 89 شخصاً سقطوا بين قتيل وجريح، متهمة هي الأخرى الطيران الحربي التابع للجيش السوداني بشن الهجوم، الذي وقع الأحد الماضي.

غير أن الناطق الرسمي باسم الجيش عدَّ مثل هذه التقارير «موجهة ومنحازة وتندرج ضمن مخطط دولي يستهدف السودان وشعبه»، بحسب وكالة الأنباء السودانية. واتهم بدوره «قوات الدعم السريع» بتنفيذ هجمات تقوم فيها «باستهداف مباشر وممنهج للمرافق العامة، بما فيها المنشآت الصحية، ومصادر المياه والكهرباء، وذلك أمام أنظار المجتمع الدولي دون أي تحرك يذكر».


مقالات ذات صلة

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس بوتين مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على هامش قمة «روسيا أفريقيا 2019» في سوتشي (أ.ف.ب)
play-circle 01:37

السودان يعرض على روسيا قاعدة عسكرية بحرية وذهباً مقابل التسليح

مقترح أميركي ثلاثي جديد لوقف إطلاق النار بالسودان بمسارات «عسكرية وإنسانية وسياسية» وبورتسودان تسعى إلى الحصول على تسليح روسي مقابل قواعد بحرية بالبحر الأحمر

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيات نزحن من الفاشر يتلقين مساعدات داخل مخيم في بلدة العفاض شمال السودان (أ.ف.ب) play-circle

«الدعم السريع» تعلن السيطرة على «بابنوسة» غرب كردفان والجيش ينفي

أعلنت «قوات الدعم السريع» السيطرة على الفرقة 22 مشاة بابنوسة بغرب كردفان أكبر معاقل الجيش الكبرى غربي البلاد.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أرشيفية - رويترز)

البرهان: لن نقبل بأي حل دون تفكيك «الدعم السريع»

قال رئيس «مجلس السيادة» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الاثنين، إن أي حل لا يفكك «قوات الدعم السريع» ويجردها من السلاح «لن نقبل به».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض بإقليم كردفان في وقت سابق

رغم الهدنة... معارك كردفان تتصاعد في السودان

أعلنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» و«قوات الدعم السريع» أن 45 مدنياً لقوا مصرعهم في هجوم شنّته طائرة مسيّرة تابعة للجيش على منطقة كُمو في جنوب إقليم كردفان.

أحمد يونس (كمبالا)

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
TT

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

فرضت محكمة جزائرية، مساء أمس (الخميس)، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية تبلغ مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة؛ بعد إدانته بتهمة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني». كما وقَّعت الهيئة القضائية ذاتها عقوبة عاماً حبساً موقوفة النفاذ في حق المتهم الثاني، الموجود تحت الرقابة القضائية، «عبد الرحيم. ح»، عن المشارَكة في الجُرم نفسه، بجنحة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني»، مع الحكم بمصادرة عتاد القناة وغلقها نهائياً.

وجاء منطوق الحكم بعدما التمست النيابة في الجلسة عقوبتهما، بعد استجواب دقيق خضع له المتهمان، وتمسك كل واحد منهما بإنكار ما نُسب إليه من وقائع.

وأكد المتهم بوعقبة في تصريحاته أمام القاضي أنه لم يقل سوءاً في زعيم الثورة، الراحل أحمد بن بلة، موضحاً أنه يعدّه أحد رموز «ثورة التحرير الوطني»، وأحد أصدقائه، وجمعته به علاقة صداقة لا أحد يشكِّك فيها، بحسب ما نقلته صحف محلية. وقال إنه طوال مساره المهني لم يشعر بالإحباط رغم المتابعات القضائية التي طالته سابقاً، سوى في هذه القضية التي أكد أنها آلمته. كما تقدَّم بوعقبة في الجلسة بالاعتذار لابنة الضحية بن بلة مهدية، التي ذرفت دموعاً حارقة جراء ما عدّته إهانةً طالت والدها.

وفجَّرت قضية بوعقبة جدلاً حاداً حول حرية الرأي والخوض في مسائل التاريخ الخلافية، واحتجَّ الطيف السياسي الجزائري بشدة على وضع الصحافي الكبير بوعقبة في الحبس الاحتياطي قبل محاكمته أمس، بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة»،

وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة إنها «تابعت باهتمام قضية إيداع الصحافي سعد بوعقبة الحبس المؤقت، على خلفية تصريحات أدلى بها عُدَّت مسيئةً لرموز الثورة»، مؤكدة أن «مثل هذه القضايا، لا ينبغي أن تقود إلى عقوبات سالبة للحرية، بحكم طبيعتها الصحافية، لأن الدستور يمنع سجن الصحافيين في مثل هذه الحالات»، مشددةً على «احترام كرامة الصحافي وحقوقه، واعتماد حلول حكيمة تحفظ حرية الصحافة، وتجنِّب البلاد التوتر».

من جهتها، عبّرت «حركة البناء الوطني» المؤيدة لسياسات الحكومة، عن «تضامنها مع الصحافي سعد بوعقبة في قضيته»، مشدّدة على أن «معالجة قضايا الرأي يجب ألا تتم عبر الحبس، بل عبر الحوار والتصويب، والاعتذار عند الضرورة». ورأت الحركة أن تصريحات الصحافي التي سببت له المشكلات «كانت في سياق تحليلي لا يرقى إلى اتهام شخصي»، وأن «اعتذاره لعائلة بن بلة كافٍ لإنهاء القضية».


اتحاد الشغل التونسي يدعو لإضراب عام وسط أزمة سياسية متفاقمة

جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
TT

اتحاد الشغل التونسي يدعو لإضراب عام وسط أزمة سياسية متفاقمة

جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يحظى بتأثير قوي، عن إضراب وطني في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على ما عدَّه «قيوداً على الحقوق والحريات»، والمطالبة بمفاوضات لزيادة الأجور، في تصعيد لافت للمواجهة مع الرئيس قيس سعيّد، وسط توترات اقتصادية وسياسية متفاقمة.

وقد يشل هذا الإضراب الوشيك القطاعات العامة الرئيسية، ويزيد منسوب الضغط على الحكومة ذات الموارد المالية المحدودة، مما يفاقم خطر حدوث اضطرابات اجتماعية، وسط تزايد الإحباط وضعف ملحوظ في الخدمات العامة.

وحذر الاتحاد، المدعوم بنحو مليون عضو، من أن الوضع يزداد سوءاً، مندداً بتراجع الحريات المدنية وجهود الرئيس سعيد، الرامية لإسكات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتعهد بمقاومة هذه الانتكاسة.

وفي خطاب أمام مئات من أنصاره قال الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أمس الخميس، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء: «لن ترهبنا تهديداتكم ولا سجونكم. لا نخاف السجن... سنواصل نضالنا».

ويطالب الاتحاد بفتح مفاوضات عاجلة بشأن زيادة الأجور، وتطبيق كل الاتفاقيات المعلقة، التي ترفض السلطات تطبيقها.

وأضاف الطبوبي موضحاً أن الاتحاد وجَّه 18 مراسلة إلى الحكومة دون أن يكون هناك تجاوب. مؤكداً في تصريحه للصحافيين: «نحن لا نقبل هذا الخيار. نقبل الحوار والرأي، والرأي المخالف والحوار الهادئ والشفاف، الذي يفضي إلى نتائج ملموسة».

الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي خلال مشاركته أمس في المظاهرة التي نظمها «الاتحاد» وسط العاصمة التونسية (د.ب.أ)

وأقر قانون مالية 2026 زيادة في الأجور، لكن دون الدخول في أي مفاوضات مع اتحاد الشغل، ودون حتى تحديد نسبتها، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة جديدة من الرئيس سعيد لتهميش دور الاتحاد.

وتسلط خطوة الاتحاد بشأن إضراب الشهر المقبل الضوء على تزايد الغضب في أوساط المجتمع المدني من تراجع كبير في الحريات، وحملة متسارعة للتضييق على المعارضة والصحافيين ومنظمات المجتمع المدني، وتعطل الحوار الاجتماعي، إضافة إلى أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة، التي دفعت العديد من التونسيين إلى حافة الفقر.

وتقول منظمات حقوقية إنه منذ عام 2021، مضى الرئيس سعيد في تفكيك، أو تهميش الأصوات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها اتحاد الشغل، وسجن أغلب قادة المعارضة، وشدد سيطرته على القضاء. وانتقدت اعتقال منتقدين وصحافيين ونشطاء، وتعليق عمل منظمات غير حكومية مستقلة.

فيما ينفي الرئيس سعيد هذه الاتهامات، ويقول إن إجراءاته قانونية وتهدف إلى وقف الفوضى المستشرية، مؤكداً أنه لا يتدخل في القضاء، لكن لا أحد فوق القانون.

ولعب الاتحاد دوراً محورياً في مرحلة الانتقال بعد الانتفاضة، وظل من أبرز المنتقدين لسيطرة الرئيس على معظم السلطات والتفرد بالحكم. ورغم أن الاتحاد دعم في البداية قرار سعيد حل البرلمان المنتخب في 2021، فإنه عارض إجراءاته اللاحقة، واصفاً إياها بأنها محاولة لترسيخ حكم الرجل الواحد.


تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
TT

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

أمضت مناطق عدة في مدينة الزاوية الليبية (غرب) ليلتها على وقع دوي الرصاص والقذائف، إثر اشتباكات مسلحة بين تشكيلين محسوبين على حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، خلّفت قتلى وجرحى.

ووقعت هذه الاشتباكات، التي تُعد الأحدث في المدينة التي تعاني من تغول الميليشيات، مساء الخميس، واستمرت حتى الساعات الأولى من يوم الجمعة، بين «الكتيبة 103 مشاة»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة» بإمرة عثمان اللهب، وتشكيل آخر تابع لقوة «الإسناد الأولى - الزاوية»، بقيادة محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر».

آمِر «فرقة الإسناد الأولى» محمد بحرون الملقب بـ«الفأر» خلال حضور مناسبة رسمية بغرب ليبيا (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل)

وأدى التصادم بين التشكيلين إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين عبر الطريق الساحلي - الزاوية، من الإشارة الضوئية - أولاد صقر وحتى بوابة الحرشة، بضرورة اللجوء إلى طرق بديلة، بعد إغلاقه بسبب التوتر الأمني.

ومع بداية القصف، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن إصابة مواطن مدني إثر سقوط مقذوف بالقرب منه على الطريق الساحلي، لكن مع هدوء الأوضاع نقلت مصادر طبية مقتل مواطنين في المواجهات، بالإضافة إلى إصابة آخرين؛ وذلك في حلقة جديدة من الصراع على توسيع النفوذ والسيطرة.

وتتبع قوة «الإسناد الأولى» لمديرية أمن مدينة الزاوية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، بينما تتبع «كتيبة السلعة» منطقة الساحل الغربي العسكرية.

وعكست متابعات شهود عيان أجواء الصدام المسلح بين الأذرع الأمنية والعسكرية للحكومة. وقال الناشط السياسي منصور الأحرش: «ما إن هطلت الأمطار البارحة في سماء الزاوية، حتى رافقها هطول من الضرب العشوائي بالأسلحة المتوسطة بين تشكيلين مسلحين، أحدهما يتبع وزارة الدفاع، والآخر يتبع وزارة الداخلية؛ ما أدى إلى مقتل مواطنين وإصابة آخرين».

وبنوع من الرفض لما يجري في الزاوية على يد التشكيلات المسلحة، ذكّر الأحرش ساخراً بأن الجبهتين المتقاتلتين «تتقاضيان مرتباتهما من الدولة؛ طبعاً خارج منظومة (راتبك لحظي)، وعلينا ألا ننسى العمل الإضافي أيضاً؛ لأن الاشتباكات وقعت خارج الدوام الرسمي».

وسبق أن أطلق مصرف ليبيا المركزي مطلع سبتمبر (أيلول) منظومة «راتبك لحظي»، التي تهدف إلى «تسريع وصول المرتبات لمستحقيها، بدلاً من النظام المعمول به لدى وزارة المالية، والذي كان يستغرق عدة أسابيع لصرف الرواتب للموظفين».

وتمكّن «جهاز دعم الاستقرار»، التابع للمجلس الرئاسي، الذي يقوده حسن أبو زريبة، من استعادة الهدوء في الزاوية بعد تدخله للفصل بين التشكيلين.

ويتكرر الصدام المسلح بين الميليشيات في الزاوية، حيث سبق أن شهدت المدينة اشتباكات بين مجموعات تعد من أذرع حكومة «الوحدة»، إثر محاولة اغتيال قيادي بارز في تشكيل مسلح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان قائد ميليشيا «قوة احتياط الزاوية»، محمد سليمان، الملقب بـ«تشارلي»، ومرافقه عبد الرحمن كارزو، قد أُصيبا بجروح خطيرة بعد استهداف سيارتهما بقذيفة «آر بي جي»، أطلقتها مجموعة مسلحة تابعة لـ«الفأر».

كما سبق أن طالت الاشتباكات المسلحة في الزاوية خزانات النفط في محيط مصفاة الزاوية للتكرير، أوقعت قتيلاً و15 جريحاً على الأقل، وهو ما اضطر «المؤسسة الوطنية للنفط» حينها إلى إعلان «القوة القاهرة»، قبل أن يتم إخماد النيران.

ممثلون عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وعسكريين ومدنيين خلال مشاركتهم في فعالية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

وعشية الاشتباكات التي شهدتها الزاوية، اختتمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ندوة فنية استمرت يومين، بتعاون وثيق مع وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، تناولت «تطبيق مدونة قواعد السلوك للوحدات والمؤسسات العسكرية والأمنية والشرطية»، التي أقرّتها السلطات الليبية في وقت سابق من هذا العام.

وأوضحت البعثة أن الندوة جمعت «كفاءات رفيعة المستوى» من الوزارات المعنية، ورئاسة الأركان العامة، وأعضاء لجنتي الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وبتمثيل فعال للمرأة.

وتمحورت المناقشات، بحسب البعثة، حول ترجمة مبادئ المدونة إلى ممارسات عملية بوضع خطط تدريبية مُعتمدة في جميع المؤسسات الأمنية الليبية، مع التركيز على الامتثال القانوني، والمساءلة والسلوك الأخلاقي، والمسؤولية الاجتماعية، والاحترافية، وهي عناصر أساسية لتعزيز الانضباط المؤسسي، واستعادة ثقة المواطنين، وتعزيز التماسك داخل قطاع الأمن.

واعتمدت الندوة الفنية «خريطة طريق شاملة لتوجيه المرحلة التالية في تعميم مدونة قواعد السلوك»، وتُحدّد الخريطة تدابير لتعزيز وحدة المؤسسات ونزاهتها، وترسيخ آليات المساءلة، وضمان الالتزام الكامل بالمبادئ الدستورية، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ممثلون عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية في فعالية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

وعَدَّ بدر الدين الحارثي، مدير شعبة المؤسسات الأمنية في البعثة، هذه الخطوة «مهمة نحو ترجمة مدونة قواعد السلوك إلى إجراءات عملية بقيادة وطنية»، وقال إن البعثة «لا تزال ملتزمة التزاماً كاملاً بدعم السلطات الوطنية في مساعيها لتحقيق هذه الإصلاحات، وغيرها من الإصلاحات الاستراتيجية والتشغيلية الضرورية لبناء قطاع أمني مهني، خاضع للرقابة وضوابط المساءلة».