«حريق المعادي» الغامض يُثير اهتمام المصريين

وسط تساؤلات بشأن تكرار حوادث مماثلة

ارتفع معدل الحرائق في مصر العام الماضي (أرشيف-مجلس الوزراء المصري)
ارتفع معدل الحرائق في مصر العام الماضي (أرشيف-مجلس الوزراء المصري)
TT

«حريق المعادي» الغامض يُثير اهتمام المصريين

ارتفع معدل الحرائق في مصر العام الماضي (أرشيف-مجلس الوزراء المصري)
ارتفع معدل الحرائق في مصر العام الماضي (أرشيف-مجلس الوزراء المصري)

أثار حريق غامض في عدد من الأشجار والنخيل بضاحية المعادي (جنوب القاهرة) اهتمام المصريين، الخميس، عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وتداول متابعون مقاطع فيديو، وصوراً للنيران المشتعلة التي استغرقت السيطرة عليها عدة ساعات من جانب قوات الإطفاء.

ونشب الحريق في ساعة متأخرة، مساء الأربعاء، واستمر حتى الساعات الأولى من صباح الخميس، مع الدفع بالعديد من سيارات الإطفاء للسيطرة عليه، في وقت نشرت وسائل إعلام محلية أخباراً تفيد بالسيطرة على الحريق بشكل كامل من دون خسائر في الأرواح، بينما لم تنشر وزارة الداخلية المصرية أو مديرية أمن القاهرة أي بيانات رسمية حول الحادث.

وتداول المتابعون عبر حساباتهم على «إكس» مقاطع فيديو للنيران المشتعلة.

فيما شبه بعضهم حريق الأشجار بالحرائق التي اجتاحت كاليفورنيا في الولايات المتحدة، مطلع العام الجاري.

وتتكرر حوادث اشتعال النيران من وقت لآخر في القاهرة الكبرى، كان آخرها تضرر سكان ضاحية زهراء المعادي من انبعاث دخان حريق قبل أيام، وهي الانبعاثات التي تبين أن شركة خاصة تقوم بالتخلص من نفاياتها بالحرق في المنطقة الصحراوية القريبة، فيما نشبت عدة حرائق بمواقع مختلفة منذ بداية العام، واقتصرت غالبيتها على خسائر مادية.

وتباشر النيابة المصرية التحقيق في واقعة «حريق المعادي» بعدما طلبت تحريات الشرطة، فيما انتقل فريق من «الأدلة الجنائية» إلى موقع الحريق لمعرفة مصدر اندلاعه.

وزارة الداخلية المصرية (فيسبوك)

وقال مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق للحماية المدنية علاء عبد الظاهر لـ«الشرق الأوسط» إن «الحريق لا يعد الأول في هذه المنطقة؛ لكن سبق تكراره على فترات لأسباب لها علاقة بسلوكيات فردية خاطئة»، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسة تكمن في صعوبة السيطرة على اشتعال الأشجار، والنخيل، مضيفاً أن «حريق النخيل يحتاج إلى وقت طويل من أجل السيطرة عليه، لكون إطفائه يتطلب حقناً مائياً من أعلى، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه على الفور، ويرتبط بكفاءة فرق الإطفاء العاملة، وقدرتها على التعامل مع النيران المشتعلة»، مرجحاً أن «يكون سبب الحريق شيئاً مشتعلاً بدرجة بسيطة تم إلقاؤه على أحد الأشجار، أو أن يكون ماساً كهربائياً».

وأكدت نائبة مجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، لـ«الشرق الأوسط» ضرورة إجراء فحوص دورية للتأكد من سلامة الأسلاك الكهربائية، وتجنب أي تلف قد يكون سبباً للحرائق، لافتة إلى «تحرك الأجهزة الأمنية بشكل سريع للتعامل مع النيران، والعمل على كشف ملابسات الحريق».

وارتفع عدد الحرائق في مصر إلى 46925 حادثة خلال عام 2024 مقارنة بـ45435 في 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 3.2 في المائة، فيما جاء الحريق العارض بالمرتبة الأولى بنسبة 20.9 في المائة، بحسب بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» الصادرة في فبراير (شباط) الماضي، وتضمنت رصد «الإهمال» باعتباره ثاني أسباب حوادث الحرائق بواقع 10.4 في المائة خلال العام الماضي.

ووفق مساعد وزير الداخلية الأسبق فإن «حريق المعادي» يندرج ضمن الحرائق العارضة؛ لكن من المهم سرعة السيطرة عليها، مشيراً إلى أن طبيعة المنطقة المليئة بالنخيل والأشجار، وانتشار النيران، إلى جانب سرعة الرياح، ساهمت كلها في اتساع نطاق الحريق.


مقالات ذات صلة

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

شمال افريقيا وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

يتجدد الجدل في مصر من وقت لآخر حول جولات ميدانية لمسؤولين مصريين، خصوصاً مع تكرار تداول مقاطع وأحاديث لمسؤولين تتضمن «تعنيفاً».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا «قافلة الصمود» عند انطلاقها من تونس (أ.ف.ب)

مصدر مصري: تعليمات لأمن الحدود بعدم السماح بدخول «قافلة الصمود»

قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إنه «صدرت تعليمات واضحة لسلطات الحدود المصرية بعدم دخول القافلة لعدم اتباع المشاركين فيها الضوابط اللازمة».

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا وزيرا البترول والكهرباء في مصر خلال تفقد وحدة التحكم القومية للغاز الطبيعي (وزارة البترول المصرية)

مصر تراجع احتياجات الكهرباء لتفادي «تخفيف الأحمال» خلال الصيف

تتعهد الحكومة المصرية بعدم «العودة إلى تخفيف أحمال الكهرباء»، التي طبقتها العامين الماضيين خلال أشهر الصيف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر تتطلع لترفيع العلاقات مع ألمانيا إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال محادثات مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول، في القاهرة، الجمعة، إن «العلاقات المصرية - الألمانية نموذجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
TT

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)

يتجدد الجدل في مصر من وقت لآخر حول جولات ميدانية لمسؤولين مصريين، خصوصاً مع تكرار تداول مقاطع وأحاديث لمسؤولين تتضمن «تعنيفاً» أو ردوداً غير متوقعة، كان أحدثها واقعة «توبيخ» وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، لمسؤول في هيئة «السكك الحديدية» خلال زيارته الأخيرة لـ«محطة مصر»، على خلفية «نقل كمية من الخردة لموقع غير معلوم»، مما اعتبره الوزير «مؤشراً على الإهمال».

وهذه ليست المرة الأولى التي يعنف فيها وزير النقل والصناعة أحد الموظفين خلال جولاته الميدانية؛ فسبق أن أعلن قبل أيام إقالة مسؤول في وزارة الصناعة على الهواء خلال برنامج متلفز.

أيضاً جرى تداول مقطع فيديو، أخيراً، لجولة قام بها محافظ الإسكندرية، أحمد خالد، برز خلاله «تعنيفه» لصاحب محل جزارة على خلفية تحديد سعر كيلو اللحم بـ700 جنيه، معتبراً أن «السعر مبالغ فيه بشكل كبير وبمثابة استغلال للمواطنين».

عضو «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سناء السعيد، انتقدت تكرار وقائع قيام مسؤولين بـ«تعنيف موظفين خلال الجولات الميدانية»، باعتباره أمراً لا يجب أن يتم «خلال الجولات»، في ظل وجود إطار قانوني ينظم عمل الموظفين، ولائحة جزاءات واضحة يمكن تطبيقها، وتتضمن عقوبات تلائم طبيعة كل مخالفة تم ارتكابها.

محافظ الإسكندرية خلال إحدى جولاته الميدانية (محافظة الإسكندرية)

في حين اعتبرت أستاذة الاجتماع السياسي، الدكتورة سامية خضر، أن «تصرفات بعض المسؤولين تؤدي إلى تشجيع موظفين بدرجات أقل على التعامل بالطريقة نفسها مع العاملين معهم، وهي رسائل خاطئة لا يجوز السماح بانتشارها». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المسؤولين يلجأون لمثل هذه المواقف لمحاولة إظهار أنهم يقومون بعملهم بشكل كامل»، لكن المردود السلبي من هذه المواقف «يكون أكبر».

كما يرى مدرس الإعلام في جامعة حلوان، محمد فتحي، أن «بعض المواطنين قد يتفاعلون مع (لقطة بعض المسؤولين خلال جولاتهم الميدانية)»، على حد قوله، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن مع مرور الوقت سوف يشعرون بالملل من هذه اللقطات».

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، تسببت طريقة مخاطبة نائب رئيس الوزراء وزير الصحة، خالد عبد الغفار، للمرضى في أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (صعيد مصر) في حالة جدل، بعدما طالبهم الوزير بشكر الدولة على بناء المستشفى الجديد بدلاً من الشكوى نتيجة نقص الخدمات، وطول فترة الانتظار، والمعاملة التي وصفوها بـ«السيئة» والتي تغيرت فقط بسبب زيارته.

وزير الصحة المصري خلال حديثه مع مواطنين في وقت سابق (وزارة الصحة)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، شهدت جولة لوزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، في محافظة القليوبية جدلاً كبيراً بعد وفاة مسؤول بالإدارة التعليمية. وسرت انباء وقتذاك عن تعنيف الوزير للمسؤول، وهو الأمر الذي نفته الوزارة رسمياً لاحقاً رغم تكرار نشره من جانب بعض المعلمين الذين شهدوا الواقعة.

وقدم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الصيف الماضي، الاعتذار على الهواء مباشرة لطبيبة في محافظة سوهاج (صعيد مصر) على خلفية تداول مقطع فيديو تعامل خلاله محافظ سوهاج، عبد الفتاح سراج، بشكل اعتُبر «غير لائق خلال جولة ميدانية على المستشفيات».

وترى سناء السعيد أن تكرار الوقائع يشير إلى «ضرورة ضبط بعض المسؤولين انفعالاتهم، وعدم المبالغة فيها خلال جولاتهم الميدانية»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض بيئات العمل تشهد تقصيراً وأخطاء من جانب بعض الموظفين، ولا يمكن أن يكون التعنيف حلاً في التعامل معها»، مطالبة بـ«ضرورة تطبيق القانون وعدم تجاوزه».

في مقابل ذلك، أوضحت عضو مجلس النواب المصري، فريدة الشوباشي، لـ«الشرق الأوسط» أن التقصير في أمور بسيطة أحياناً يؤدي لأخطاء كبيرة، وبالتالي تكون العقوبات الموقعة على الموظف الحكومي محدودة، وتستغرق وقتاً طويلاً لتعدد المسارات، معتبرة أن «جولات المسؤولين واتخاذ قرارات سريعة في التعامل مع المخالفين، وفي الوقت نفسه مكافأة الملتزمين، يعكس ذلك تطبيقاً سريعاً لمبدأ الثواب والعقاب».