سياسيون ليبيون يعوّلون على الضغوط الدولية لتفعيل «الخطة الأممية»

تيتيه تضع أمام الأفرقاء مخرجات عمل «اللجنة الاستشارية»

المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة الأممية)
المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة الأممية)
TT

سياسيون ليبيون يعوّلون على الضغوط الدولية لتفعيل «الخطة الأممية»

المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة الأممية)
المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة الأممية)

سلطت خطة سياسية أعدتها لجنة استشارية ليبية برعاية الأمم المتحدة، وجرى الكشف عن بعض تفاصيلها، الضوء على إمكانية ممارسة «ضغوط دولية» على الخصوم السياسيين في غرب ليبيا وشرقها للتوصل إلى حل لأزمة طال أمدها.

ويتعزز هذا السيناريو لدى متابعين للشأن الليبي على وقع أزمات، إثر مقتل آمر ميليشيا «دعم الاستقرار»، غنيوة الككلي في طرابلس، وأيضاً في بنغازي بعد أزمة مقاطع مصورة للبرلماني المخطوف إبراهيم الدرسي، ما ولد انطباعات لدى البعض باحتمال توظيف هذه التوترات بوصفها ورقة ضغط على الأطراف الحاكمة.

من جلسة سابقة لمجلس الأمن حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)

ويرى عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن مقتل الميليشياوي الككلي، تحديداً، «قد يعرقل موافقة بقية قادة المجموعات المسلحة على الوصول إلى أي حل سياسي، في حال عدم حصولهم على تطمينات دولية باستمرار دورهم ونفوذهم».

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط»، إن «رفض المقترحات الأممية، واعتبارها غير ملزمة هو السيناريو الأول»، وأرجع ذلك إلى «استمرار تقاطع رؤى ومصالح الأطراف الليبية، وترسخ افتقاد الثقة بينها بفعل احتدام خلافاتها أخيراً».

المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي اتهم القادة الليبيين بوضع «مصالحهم الشخصية فوق حاجات بلدهم» (البعثة)

وسبق أن اتهم المبعوث الأممي السابق، عبد الله باتيلي، القادة الليبيين بوضع «مصالحهم الشخصية فوق حاجات بلدهم»، ضمن خطاب استقالته في أبريل (نيسان) العام الماضي.

ورغم تعدد مبررات الرفض، فإن التكبالي لم يستبعد «احتمال دراسة البرلمان والمجلس الأعلى للدولة لتلك المقترحات، والتمهل في الرد عليها».

من جهته، تحدث مستشار المجلس الرئاسي، زياد دغيم، في تصريحات سابقة لوسائل إعلام محلية عن عدة مسارات سياسية، توصلت إليها «اللجنة الاستشارية»، يتقدمها مسار إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة؛ لكن غير مقترنة النتائج، أو إجراء انتخابات برلمانية أولاً، تتولى تأسيس هيئة لوضع الدستور، ومن ثم يتم انتخاب رئيس للدولة أو مجلس رئاسي.

وتواصل المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، إطلاع الأطراف السياسية على تفاصيل المخرجات، التي انتهت إليها «اللجنة الاستشارية».

في المقابل، يطرح رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، سيناريو «تبني القوى الليبية للمقترحات الأممية، إذا ما تيقنت بوجود دعم دولي مساند لها». وأشار زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأزمات التي واكبت قضية الدرسي، أو الحديث عن اتصالات بين واشنطن وقوى ليبية لاستقبال مهاجرين، تفجرت بشكل متزامن، وتم توظيفها بشكل ممنهج لتحريك الرأي العام بمواجهة كل السلطات الحاكمة». وتوقع في هذا السياق «تعاطي الأطراف السياسية بمرونة وإيجابية مع تلك المقترحات، إذا ما أحست بوجود رسالة من أطراف ودول إقليمية وغربية كبرى برفض استمرار وجودهم في المشهد السياسي».

ويطرح زهيو سيناريو آخر، وهو تيقن وتأكد الأطراف الليبية بأن هذه التوترات «محض مصادفة»، ويقول في هذا السياق: «سوف يكتفون في هذه الحالة باحتواء الغضب الشعبي مثلما حدث في حالات سابقة». وأعرب عن قناعته بأن «مقدار ما ستظهره البعثة من جدية في تنفيذ المقترحات سيكون أيضاً كفيلاً بتعاطي كل الأطراف معها بإيجابية»، مقللاً مما يطرحه البعض من أن التوترات، التي شهدتها العاصمة بعد مقتل الككلي، قد تلقى بظلالها على المسار السياسي للبعثة.

ولفت زهيو بهذا الخصوص إلى «تغيب واغتيال الكثير من القيادات الميليشياوية على مدار السنوات الماضية، من دون أن يشكل ذلك فارقاً بأي مسار حل تقوده الجهود الدولية والأممية».

في المقابل، يذهب فريق آخر من المحللين إلى أن الحديث عن صياغة سياسة جديدة لليبيا «مؤجل لعدة أشهر لارتباطه بصراعات دولية»، وهي رؤية يتبناها الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الإدارة الأميركية تركز الآن على احتمال التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا، ولا يمكن الحديث عن صياغة سياسة جديدة لليبيا، طالما أن واشنطن لم تحدّد موقفها النهائي تجاه روسيا».

وأضاف حرشاوي موضحاً: «إذا نجحت الولايات المتحدة في إنهاء الحرب في أوكرانيا فستمتدّ ديناميكيات ذلك إلى ليبيا، حيث تضغط تركيا وروسيا لتشكيل حكومة ليبية موحدة، وتوافق الولايات المتحدة على ذلك». لافتاً إلى أنه «حتى ذلك الحين، ليس ثمة حديث فوري عن انتخابات؛ والهدف الأول هو حكومة موحدة».


مقالات ذات صلة

المنفي يشدد على «تطهير» العاصمة الليبية من المظاهر المسلحة

شمال افريقيا المنفي خلال لقائه الحداد (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يشدد على «تطهير» العاصمة الليبية من المظاهر المسلحة

تلقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي «إحاطةً كاملة» عن الوضع الأمني والعسكري بالعاصمة، و«مدى استجابة الأطراف وعودة جميع القوات لمعسكراتها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حقل «الشرارة» النفطي في جنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

طرابلس تتمسك برفض تنقيب أثينا عن النفط بالمناطق «المتنازع عليها»

عبرت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عن «قلقها البالغ» من إطلاق اليونان «دعوة دولية لتقديم عطاءات للتنقيب عن الهيدروكربون بمناطق بحرية متنازع عليها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع سابق لمفوضية المجتمع المدني ببنغازي مع المنظمات الأجنبية العاملة بليبيا (المفوضية في بنغازي)

ليبيا: جدل بين طرابلس وبنغازي حول «مفوضية المجتمع المدني»

ألقى الانقسام السياسي بين شرق ليبيا وغربها بظلاله على «مجلس إدارة لمفوضية المجتمع المدني» بعد أن قرر أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان إعادة تشكيله.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة قبيل اجتماع أمني موسع في طرابلس الأربعاء (حكومة «الوحدة«)

هل أحكم رئيس «الوحدة» الليبية قبضته على طرابلس؟

تغاضى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عن مطالبات بعزله، وتحدث عن «الانتقال من مرحلة التحدي إلى مرحلة التمكين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا  نائب وزير الخارجية التركي مستقبلاً تيتيه في أنقرة (البعثة الأممية على «إكس»)

مباحثات أممية - تركية حول الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا

جاء اجتماع رئيسة البعثة الأممية لدى ليبيا، بالمسؤولَين التركيين، في إطار مشاوراتها مع الفاعلين الدوليين والمحليين، بقصد توفير الدعم لنتائج اللجنة الاستشارية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تؤكد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات

تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
TT

مصر تؤكد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات

تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)

دعت مصر كبرى الشركات العالمية العاملة في تشغيل المطارات الدولية لزيارة البلاد من أجل التطلع للفرص الاستثمارية المتاحة في المطارات المختلفة، في خطوة تشير إلى تأكيد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات.

وعقد وزير الطيران المصري، سامح الحفني، عدة لقاءات مع عدد من مسؤولي كبرى الشركات العالمية المتخصصة في تشغيل وإدارة المطارات، على هامش مشاركته في فعاليات الدورة الخامسة والخمسين من معرض باريس الدولي للطيران والفضاء «لوبورجيه».

ووفق إفادة لوزارة «الطيران المدني»، الجمعة، استهدفت اللقاءات بحث فرص التعاون المشترك في مجالات الرقمنة، والتشغيل الذكي، والاستدامة البيئية، وتبادل الخبرات، بما يدعم رؤية الدولة المصرية 2030، الرامية إلى تحويل المطارات المصرية إلى مراكز إقليمية متقدمة، تعتمد على أحدث النظم التشغيلية العالمية.

وأكّد الوزير أن اللقاءات تمثل خطوة مهمة نحو تطبيق نماذج فعّالة من الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة وتشغيل وتطوير المطارات، بما يعزز كفاءة الأداء ويواكب تطورات صناعة النقل الجوي عالمياً، مشيراً إلى العمل بين الحكومة ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، المستشار الاستراتيجي، على طرح المطارات المصرية أمام القطاع الخاص للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الحالي، على أن يكون مطار الغردقة الدولي أول هذه المشروعات.

تستهدف الحكومة إدارة وتشغيل المطارات عبر شراكة مع القطاع الخاص (وزارة الطيران)

ومطار الغردقة الذي تأسس عام 1977 يوجد في المدينة المطلة على البحر الأحمر، ويضم مبنيين للركاب ومدرجين، بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون راكب سنوياً، ومزود بإنارة ليلية لاستقبال الرحلات، وتنظم إليه العديد من رحلات الطيران للمنتجعات السياحية القريبة، على غرار «الجونة» و«مكادي» و«مرسى علم» التي تضم مطاراً دولياً آخر.

ومنذ العام الماضي، أعلنت الحكومة المصرية رغبتها في إسناد إدارة المطارات المصرية وتشغيلها إلى القطاع الخاص، ضمن تصور لتطوير «منظومة الطيران المدني»، مع وجود 23 مطاراً في البلاد، «تستهدف زيادة طاقاتها الاستيعابية من 66.2 مليون راكب سنوياً إلى 109.2 مليون بحلول 2030»، وفق البيانات الرسمية.

وعدّ وكيل لجنة «السياحة والطيران» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، أحمد الطيبي، «الخطوة الحكومية تتوافق مع الاتجاه العام، بعدد من كبرى المطارات العالمية، بشأن إسناد الإدارة للقطاع الخاص، وهو أمر يستغرق في الاتفاق على تفاصيله وقت، ربما يكون أطول قليلاً بسبب كثرة التفاصيل التي تجري مناقشتها، بما يخدم مصالح الطرفين».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «اتخاذ هذه الخطوة أمر لا يحدث إلا بعد دراسات جيدة لوضعية كل مطار، والمطلوب من الشركة التي ستتولى إدارة المطار تنفيذه»، مشيداً بتحسن ترتيب شركة «مصر للطيران» الناقل الوطني عالمياً، بما يسمح بقيمة مضافة للمطارات المصرية.

وزير الطيران خلال اللقاءات التي عقدها في باريس (وزارة الطيران)

وتطرق الطيبي إلى وجود بعض الأمور التفصيلية التي ترغب الشركات الدولية في تنفيذها، ويجري النصّ عليها في العقود، بما فيها بعض التجهيزات داخل المطارات والمناطق المخصصة للمطاعم وغيرها من الخدمات التي قد تحتاج لتعديلات داخل المباني المقامة، بما يسمح بتحقيق استفادة أعلى للشركة المشغلة.

رأي يدعمه عضو «اتحاد الغرف السياحية» في مصر، حسام هزاع، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود القطاع الخاص في إدارة المطارات وتشغيلها سيمثل قيمة مضافة حقيقية للخدمات المتاحة للسائح عند الوصول والمغادرة، وهو أمر معمول به في العديد من المطارات الرئيسية حول العالم».

مصر تشجع الحركة السياحية (وزارة الطيران)

وأضاف أن «القطاع الخاص بطبعه يبحث عن الربح، الأمر الذي سيجعل وجوده إضافة للمطارات المصرية، بما يساعد في تطويرها بشكل حقيقي، وهو أمر نحتاجه في الوقت الحالي لأسباب عدة. في مقدمتها أن المطار أول وآخر مكان يستقبل السائح، ويجب أن يحصل منه على انطباع إيجابي».

ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الطيران، «بلغ إجمالي عدد الركاب بالمطارات المصرية خلال العام الماضي أكثر من 22 مليون راكب، مقارنة بنحو 20.276 مليون راكب في 2023»، في حين «زاد عدد الرحلات الجوية بنسبة 3 في المائة في 2024، مقارنة بعام 2023، ليسجل 167684 رحلة بمختلف المطارات».