«كفيف» بنغازي الليبية... أشهر فني تصليح أجهزة كهربائية ملهماً لفاقدي البصر

فاروق سعيد ابن بنغازي الليبية يبرع في إصلاح أجهزة الغسالات والثلاجات بفضل دأبه وحرصه على التعلم المستمر عبر التطبيقات الصوتية (رويترز)
فاروق سعيد ابن بنغازي الليبية يبرع في إصلاح أجهزة الغسالات والثلاجات بفضل دأبه وحرصه على التعلم المستمر عبر التطبيقات الصوتية (رويترز)
TT

«كفيف» بنغازي الليبية... أشهر فني تصليح أجهزة كهربائية ملهماً لفاقدي البصر

فاروق سعيد ابن بنغازي الليبية يبرع في إصلاح أجهزة الغسالات والثلاجات بفضل دأبه وحرصه على التعلم المستمر عبر التطبيقات الصوتية (رويترز)
فاروق سعيد ابن بنغازي الليبية يبرع في إصلاح أجهزة الغسالات والثلاجات بفضل دأبه وحرصه على التعلم المستمر عبر التطبيقات الصوتية (رويترز)

يشتهر فاروق سعيد، في مدينة بنغازي الليبية، بإصلاح الأجهزة الكهربائية، لكن هذا ليس وحده ما يجذب الزبائن إليه ويكسبه ثقتهم... إذ يعدّه كثير منهم نموذجاً ملهماً يستحق التشجيع والدعم بفضل مهارته الفنية ومسيرته الإنسانية التي تُجسد رحلة تحدٍّ للإعاقة البصرية.

ورغم أنه كفيف، يبرع سعيد في إصلاح أجهزة الغسالات والثلاجات بفضل دأبه وحرصه على التعلُّم المستمر عبر التطبيقات الصوتية، وإتقان استخدام الأدوات الإلكترونية الحديثة مثل الأفوميتر الصوتي.

وهو يعمل على إصلاح جهاز كهربائي في بنغازي (رويترز)

لكن هذه الرحلة لم تكن ممهدة منذ البداية؛ لأن صاحبها عانى من انتكاسات متعددة شكَّل كل منها نقطة تحول في مشواره، حتى استطاع أن ينجو بنفسه، ويمد يد المساعدة إلى غيره من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

يقول سعيد إنه لم يكن كفيفاً عندما ولد عام 1968، لكن بصره خفت تدريجياً وهو في المدرسة، حتى لم يعد قادراً على رؤية الكتابة، فطُرد من التعليم وهو بالصف الثاني الابتدائي، الأمر الذي ترك في نفسه جرحاً غائراً.

يصلح غسالة كهربائية في بنغازي في ليبيا (رويترز)

وفي ورشة كهرباء بسيطة يعمل فيها والده، وضع الفتى يده على أول الطريق وتحسَّس خطاه، فتعلم إصلاح الأجهزة بالاعتماد على حواسه التي تحوَّلت إلى أدوات عمل لا تخطئ.

فقد بصره خلال طفولته (رويترز)

ولاحقاً، اقترن سعيد بزوجة كفيفة أنجب منها 4 أبناء، بينهم 3 مكفوفين، وهو ربما ما جعله يفكر أكثر في مساعدة غيره من فاقدي البصر وتعليمهم مهارات كسب العيش.

فاروق يدرب شخصاً كفيفاً آخر على مبادئ النجارة في مقر جمعية المكفوفين في بنغازي (رويترز)

وفي حي سيدي حسين في بنغازي، وجد الفني الماهر المظلة التي يستطيع من خلالها توسيع الدائرة وتعميم الفائدة، فبرزت موهبته في التدريب، وأثبت أنه ليس مدرباً عادياً، لأن تلامذته جميعاً من المكفوفين الذين ضاقت بهم السبل، فكان لهم المعلم والصديق.

ولعبت الجمعية، التي تأسست عام 1961، دوراً ملموساً خلال العقود الماضية في تأهيل وإعداد المئات من المكفوفين لسوق العمل، رغم شح مواردها وضعف إمكاناتها.

يدرب المكفوفين على صنع قوالب الجبس في مقر جمعية المكفوفين في بنغازي (رويترز)

لكن مع اقترابه من سن الستين، يُصرُّ سعيد على ترك أثر عميق في محيطه، ويحلم بإنشاء ورشة متكاملة قوامها من المكفوفين فقط، ليُساعدهم على بناء حياتهم وفتح آفاق جديدة.

ويعدّ أن «الدولة لم تقدم شيئاً» للمكفوفين، لكنه يكاد يكون واثقاً بقدرته على إمداد غيره بالمساعدة التي لم تتوفر له في الصغر.


مقالات ذات صلة

كيف تفاعل الليبيون مع «الاستطلاع الأممي» حول الانتخابات المرتقبة؟

شمال افريقيا تيتيه في لقاء سابق مع عبد الحميد الدبيبة (البعثة الأممية)

كيف تفاعل الليبيون مع «الاستطلاع الأممي» حول الانتخابات المرتقبة؟

أخضعت البعثة الأممية لدى ليبيا مخرجات «اللجنة الاستشارية» بشأن الانتخابات العامة للاستطلاع الشعبي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا اجتماع تيتيه وخوري مع قيادات الأمازيغ (البعثة الأممية)

أمازيغ ليبيا يشتكون للبعثة الأممية تعرضهم لـ«التهميش السياسي»

اشتكت قيادات من المجتمع الأمازيغي في ليبيا مجدداً من تعرضهم لـ«التهميش في مؤسسات الدولة»، وذلك خلال مشاورات مع بعثة الأمم المتحدة في البلاد.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا العثور على لاجئين سودانيين قرب حدود ليبيا وتشاد (شعبة الإعلام الحربي)

الجيش الليبي يتصدى لمهربي أسلحة عبر الحدود مع مصر والسودان

أعلن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، «إحباط محاولة تهريب أسلحة عبر الحدود المشتركة مع مصر والسودان».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

تعهدت الأجهزة الأمنية في غرب ليبيا بالقبض على الميليشياوي أحمد الدباشي، الشهير بـ«العمو»، وكل من تورط في جرائم بمدينة صبراتة، وذلك خلال 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يتوسط أطفالاً ليبيين خلال جولته في شوارع طرابلس (مكتب المنفي)

المنفي يشكّل «قوة مشتركة» لتأمين العاصمة الليبية

أجرى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي جولة في شوارع طرابلس، وذلك عقب قراره بحظر المظاهر المسلحة في العاصمة، وتشكيله «قوة مشتركة» لتأمينها.

«الشرق الأوسط»

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
TT

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

أثار ظهور أشكال مضيئة في سماء مصر صباح السبت تساؤلات عدة بشأن مصدرها وأسبابها. ورجح مسؤولون ومتخصصون لـ«الشرق الأوسط» أنها «نتيجة القصف الصاروخي المتبادل بين إيران وإسرائيل وكذلك اعتراض الدفاعات الجوية خصوصاً في إسرائيل للصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها عليها إيران».

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تغريدات، مصحوبة بصور ومقاطع فيديو، توثق أشكال مضيئة أشبه بانفجارات الصواريخ وفي الوقت الذي عبر البعض عن تعجبه من الأمر وتساءلوا عن أسبابه، فهناك من ربطه بحالة القصف الصاروخي المتبادل حالياً بين إسرائيل وإيران، ولكن آخرين تحدثوا عن أن تلك الأشكال نتيجة لقيام القوات المسلحة المصرية بإطلاق ما وصفوه بقنابل ضوئية وتفعيل أجهزة الإنذار المبكر لرصد أي مسيّرات تخترق المجال الجوي المصري.

ولكن مصدراً مصرياً مسؤولاً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا كلام غير صحيح»، مؤكداً أن «أجهزة الرصد لدينا تعمل على مدار الساعة وعمليات الرصد والاستكشاف تعمل تكنولوجياً ولا يصدر عنها انفجارات أو أضواء أو أدخنة، لدينا منظومات دفاع جوي ومراقبة معقدة ومتطورة وآليات للقيادة والسيطرة».

خبراء رجحوا أن تكون هذه الأجسام ناتجة عن اعتراض إسرائيل صواريخ إيران (صفحة بني سويف على فيسبوك)

وشدد المصدر على أنه «لم يحدث أي اختراق للمجال الجوي المصري خلال القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران» مرجحاً أن «الأشكال التي رآها البعض في مصر غالباً ناتجة عن تفاعل غازات الصواريخ الباليستية التي تتحول إلى نيتروجين مثلما يحدث مع عادم الطائرات النفاثة، وهذه الصواريخ مقصوفة شرقاً نحو إسرائيل وبعد ذلك تحولت عوادمها غرباً مع الهواء لذلك تمكن البعض من رؤيتها بمصر لأن إسرائيل مجاورة».

تفسير ظهور هذه الأشكال شهد تبايناً (الشرق الأوسط)

فيما رجح عدد من المغردين أن تكون تلك الأشكال التي ظهرت في السماء نتيجة عمليات تقوم بها أجهزة الرصد الإشعاعي بمصر لكشف أي تسرب إشعاعي بعد الإعلان عن ضرب منشآت نووية في إيران.

لكن نائب رئيس هيئة الطاقة النووية بمصر سابقاً، الدكتور علي عبد النبي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «محطات الرصد البيئي والنووي موزعة في جميع ربوع مصر وعلى حدودها وتعمل بشكل دائم ولا تحتاج لوجود حرب أو قصف لتعمل، كما أن هناك أجهزة رصد إشعاعي في قناة السويس وفي المطارات والمواني لكشف أي شحنات مشعة»، مشيراً إلى أن «المنشآت التي تم ضربها في إيران في الغالب كان مستخدماً فيها مادة سادس فلوريد اليورانيوم UF6 وهي تستخدم لتخصيب اليورانيوم وغير مشعة على نطاق واسع، ولكنها لو تسربت تؤدي لتسمم في الجو والأرض على نطاق قصير لأنها مادة ثقيلة».

تساؤلات بشأن ظهورها فجر السبت في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

ورجح عبد النبي أن «تكون الأشكال المضيئة التي ظهرت في مصر نتيجة اختراق صواريخ أو أجسام للطبقات العليا من الغلاف الجوي مما أدى لانفجارات مضيئة وتظهر ثابتة أمام أعيننا لأنها على ارتفاعات كبيرة جداً».

وأكد كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً، الدكتور يسري أبو شادي، عدم وجود تسرب إشعاعي مؤثر يصل إلى مصر ولا حتى دول الخليج. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما ظهر في سماء مصر من أجسام مضيئة يمكن أن يكون احتياطات من الجيش لكشف أي احتمال لأخطاء في المقذوفات الطائرة بسبب الحرب الحالية».

وكانت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر قد أصدرت بياناً السبت، جاء فيه أنه «في ضوء التطورات الجارية في المنطقة تود هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أن تطمئن السادة المواطنين أنه لا يوجد مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل جمهورية مصر العربية».

جانب من الأشكال المضيئة شرق مصر (الشرق الأوسط)

وأوضحت الهيئة أنها «تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمي وفقاً لتطورات الأحداث الجارية، وذلك من خلال المتابعة المستمرة للتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتنسيق الدائم مع الجهات الوطنية المعنية، ومتابعة الخلفية الإشعاعية من خلال منظومة الرصد الإشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر بالهيئة، التي تستخدم أحدث أجهزة الرصد الإشعاعي المنتشرة في أنحاء الجمهورية كافة».

وأهابت الهيئة بالمواطنين في مصر الاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة كمصدر موثوق للمعلومات في هذا الشأن، وفق البيان.

وأكد مسؤولون بمعهد البحوث الفلكية، وهيئة الاستشعار عن بُعد، وهيئة الأرصاد الجوية بمصر، لـ«الشرق الأوسط» عدم رصد أي ظواهر في مجال تخصصاتهم سببت تلك الأشكال المضيئة في السماء.

فيما قال عالم الفضاء المصري عصام حجي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الواضح أنها آثار اعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة من منظومة دفاع جوي». موضحاً أن «الخطوط الرفيعة في تلك الأشكال هي المسار للصاروخ الاعتراضي والسحابة الكبيرة هي الانفجار للجسم المستهدف في الغالب لمسيّرات».