في وقت تحدثت فيه تقارير صحافية عن سعي حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو لتنفيذ مخطط «تهجير الفلسطينيين» من غزة بعد «نقض اتفاق الهدنة وتكثيف العمليات العسكرية»، طلت من جديد «الإشاعات» تفيد بأن مصر جهزت مدينة رفح الجديدة بجوار القطاع لاستقبال الفلسطينيين، لكن السلطات المصرية كلفت مسؤولاً بارزاً، الجمعة، بزيارة المدينة، وإظهار تسكين المصريين بها كرد عملي على تلك «الإشاعات».
وتتوجه الأنظار إلى مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، إذ نزح العديد من السكان، بعدما أصدر الجيش الإسرائيلي إنذار إخلاء، فيما كثّف عملياته العسكرية في المنطقة، وتحدثت سيناريوهات عن أن الخطوة التالية هي دفع السكان إلى الحدود المصرية ودفعهم لعبورها والانتقال لسيناء، حيث يمكن السماح لهم بسكن مدينة رفح الجديدة في مصر.
لكن محافظ شمال سيناء، اللواء خالد مجاور، قال، الجمعة، عبر منصة «إكس»: «أقول لمن يدّعي أن مدينة رفح الجديدة لم تعمل وخُصصت لـ(التهجير)، إنني أبلغت نائبي بأداء صلاة الجمعة في المدينة، والمرور على المواطنين في منازلهم وتوثيق الحدث، لنبرهن أن ما يُقال مجرد ادعاءات مغرضة ولا أساس لها من الصحة».
وأوضح أن الدولة المصرية تسعى جاهدة لتوفير بيئة آمنة ومستقرة لأهالي شمال سيناء، مؤكداً أن «مدينة رفح الجديدة هي جزء من المشروعات القومية التي تهدف إلى إعادة الإعمار، وتوفير سكن كريم للمواطنين المتضررين من الأحداث التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية».

وأشار مجاور إلى أن المحافظة تواصل العمل على تطوير مرافق المدينة، بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية والخدمات الأساسية، لضمان توفير أفضل الظروف المعيشية للمواطنين. وشدد على أن «ما يُثار حول نيات (التهجير)، أو نقص الخدمات، هو محاولات لتشويه جهود الدولة في تنمية سيناء»، مؤكداً أن «مدينة رفح الجديدة مفتوحة لأهلها وتحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة».
عقب ذلك أصدرت محافظة شمال سيناء بياناً مدعوماً بالصور، جاء فيه أنه «تنفيذاً لتوجيهات محافظ شمال سيناء، قام نائب المحافظ، اللواء عاصم سعدون، بزيارة إلى مدينة رفح الجديدة، واستهل الزيارة بأداء صلاة الجمعة مع المواطنين في المسجد الكبير، وعقد مؤتمراً جماهيرياً مع المواطنين للتعرف على الاحتياجات والمطالب في شتى القطاعات، بجانب المرور على الخدمات بالمدينة».
وأضاف البيان أنه «تم طرح مدينة رفح على المواطنين من أبناء رفح، بما يؤكد دحر الشائعات التي يرددها البعض بأن مدينة رفح تم إنشاؤها لتهجير الفلسطينيين»، وأوضح أن «موقف مصر ثابت منذ اللحظة الأولى بأنه لا تهجير للفلسطينيين».

وكانت السلطات المصرية قد أخلتْ مدينة رفح الحدودية مع غزة منذ عدة سنوات من أجل تنفيذ خطة لبناء مدينة جديدة وإعادة إعمار المنطقة والقضاء على الأنفاق التي كانت تتذرع إسرائيل بأنه يتم تمرير السلاح منها لقطاع غزة. وخلال هذه السنوات أثيرت أكثر من مرة فكرة أنه سيتم تخصيص المدينة بعد الانتهاء منها لاستقبال أهالي غزة مقابل أموال تحصل عليها مصر، وهو ما نفته القاهرة مراراً، وأكدت على موقفها الثابت برفض التهجير وعدم التفريط في أي شبر من أرضها.
وقال عضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، مصطفى بكري، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الدعاية الرخيصة ضد مصر تتجدد بين الحين الآخر، وهدفها التشكيك في الدور المصري، خصوصاً في هذه الظروف الحساسة التي تعارض فيها القاهرة بشدة المخطط الإسرائيلي - الأميركي للتهجير».
وأوضح أن «هذه الدعاية والشائعات تقف وراءها جماعة الإخوان (وتصنفها السلطات المصرية «إرهابية») وتدعمها إسرائيل، من أجل إضعاف الدور المصري في القضية الفلسطينية». وأضاف: «حسناً فعل محافظ شمال سيناء ونائبه بتلك الزيارة الميدانية التي أظهرت أن مدينة رفح الجديدة يسكنها أهلها بعد تطويرها، وليست فارغة ومحجوزة لغير المصريين كما تزعم الشائعات».

فيما أكد عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، فايز أبو حرب، أن «السلطات المصرية عملت على تسكين المرحلة الأولى من مدينة رفح الجديدة، حيث تسلم عدد من أهالي المدينة القديمة مساكنهم بالفعل ويعيشون فيها وتعمل السلطات على تسكين بقية المدينة على مراحل».
وأبو حرب، وهو أمين «القبائل العربية والسيناوية» بحزب «الجبهة الوطنية» في مصر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «خطة الدولة المصرية تنفيذ مجتمعات تنموية وحضرية في منطقة رفح وسيناء عموماً، حيث بجانب المساكن على الطراز الحديث، تم تنفيذ بيوت على الطراز البدوي مراعاة لثقافة أهل سيناء»، لافتاً إلى أن «الواقع الذي أظهرته زيارة نائب المحافظ للمدينة أبلغ رد على شائعات التهجير».