تداول العملات الورقية «الصغيرة» يُثير جدلاً في مصر

رغم تأكيدات «المركزي» عدم إلغاء «الجنيه»

تطور فئات العملة المحلية بمصر (البنك المركزي المصري)
تطور فئات العملة المحلية بمصر (البنك المركزي المصري)
TT
20

تداول العملات الورقية «الصغيرة» يُثير جدلاً في مصر

تطور فئات العملة المحلية بمصر (البنك المركزي المصري)
تطور فئات العملة المحلية بمصر (البنك المركزي المصري)

حالة من الجدل أثيرت في مصر بشأن تداول العملات الورقية «الصغيرة»، على وقع شكاوى مصريين من رفض تجار وسائقي سيارات الأجرة (الميكروباص) التعامل بفئة «الجنيه، و50 قرشاً» الورقية.

تزامن ذلك مع انتشار «شائعات» عن وقف طباعة الفئات الورقية من العملات الصغيرة، واستبدال عملات معدنية وبلاستيكية تدريجياً بها، ما سبب حالة ارتباك في بعض الأسواق، ودفع البعض لتداول أنباء «إلغاء الجنيه» عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ورصدت وسائل إعلام محلية في مصر «شكاوى مواطنين خلال أيام عيد الفطر من رفض بعض التجار وسائقي سيارات الأجرة والحافلات التعامل بفئات العملات الورقية (الجنيه) بحجة أنه ملغى».

ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر مصرفية تأكيدها «استمرار التعامل بجميع العملات الورقية بلا استثناء، وأن سحب أي عملة من التداول يسبقه قرار من البنك المركزي بنحو 3 أشهر على الأقل، مع توضيح أسباب ذلك».

ونفى البنك المركزي المصري في وقت سابق «إلغاء التعامل ببعض الفئات الورقية (الجنيه والـ50 قرشاً) بالتزامن مع الاتجاه لإصدار نظيرتها البلاستيكية والمعدنية»، وشدد حينها على «استمرار التعامل بجميع العملات الورقية بلا استثناء جنباً إلى جنب مع نظيرتها البلاستيكية».

مصريون اشتكوا من رفض بعض التجار وسائقي سيارات الأجرة التعامل بالعملات الورقية «الصغيرة» (الشرق الأوسط)
مصريون اشتكوا من رفض بعض التجار وسائقي سيارات الأجرة التعامل بالعملات الورقية «الصغيرة» (الشرق الأوسط)

وبدأ «المركزي» طباعة فئات نقدية مثل «10 و20 جنيهاً» من مادة «البوليمر» عالية التحمل، في عام 2022، بديلاً للفئات الورقية، ضمن استراتيجية لتحديث العملة الوطنية، وتحسين جودتها، وخفض تكاليف طباعتها، وسبق ذلك، الاتجاه لإصدار تحويل فئات «الجنيه و50 قرشاً» إلى عملات معدنية بدلاً من الورقية منذ 2005.

وتفاعل متابعون على منصات التواصل في مصر، خلال الساعات الماضية، مع جدل وقف التعامل بالعملات الورقية «الصغيرة»، واعتبروها «نهاية لعصر الجنيه الورقي».

ورغم توجه الحكومة المصرية لإصدار فئة (10 جنيهات) بعملات بلاستيكية، فإن بعض المتابعين تحدثوا عن «عودة الحكومة لطباعة عملات ورقية منها»، وهو ما فسّرته المصادر المصرفية، بحسب وسائل الإعلام المحلية، بأن «تلك الفئات يجرى طباعتها من مادة البوليمر، وأيضاً ورقياً من ورق (البنكنوت) المتوفر لدى مخازن البنك المركزي المصري».

ووفق الخبيرة المصرفية، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق، سهر الدماطي، فإنه «لا يستطيع أحد وقف تداول العملات المحلية، ما دام لم يتم إلغاؤها من البنك المركزي»، وأشارت إلى أن «رفض البعض التداول بالعملات الورقية (الصغيرة) سلوك فردي، يعاقب عليه القانون».

وتنص المادة 377 من قانون العقوبات المصري على «غرامة لا تتجاوز 100 جنيهاً، لكل من امتنع عن قبول عملة البلاد أو مسكوكاتها بالقيمة المتعامل بها، ولم تكن مزورة ولا مغشوشة».

ويتحكم «المركزي» المصري في عمليات تغيير العملات، وطباعتها، وتداولها، بحسب الدماطي، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «البنك المركزي ينفذ استراتيجية لتطوير العملة بالتحول إلى العملات البلاستيكية، بدلاً من الورقية، نظراً لانخفاض تكلفة إنتاجها، وارتفاع عمرها الافتراضي، وصعوبة تزويرها»، مشيرة إلى أنه «لم يُلغِ التداول بالعملات الورقية (الصغيرة) رغم وقف طباعة بعضها».

ويساهم التحول إلى العملات البلاستيكية إلى زيادة العمر الافتراضي لها لنحو 3 أضعاف، حسب «المركزي»، ويشير إلى أنها «مقاومة للماء وتتميز بالمرونة والقوة، وأكثر مقاومة للتلوث»، بالإضافة إلى «صعوبة تزييفها».

وتعتقد سهر الدماطي أن «حجم التداول بالعملات الورقية سيقل في مصر بمرور الوقت، مع التوسع في استخدام الكروت البنكية والمحافظ الإلكترونية وتطبيقات التحويل اللحظي».

مقر البنك المركزي المصري في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر البنك المركزي المصري في القاهرة (الشرق الأوسط)

بينما يرى الخبير الاقتصادي المصري، عبد المنعم السيد، أن «التعاملات الرقمية في الأسواق، ما زالت منخفضة في مصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «استخدام العملات الورقية (الصغيرة) يتزايد بصورة كبيرة في المناطق الشعبية والمحافظات»، منوهاً إلى أن «الحكومة المصرية تسعى لتأمين تداول عملتها المحلية في تلك المناطق». وأضاف: «يصل العمر الافتراضي للعملات الورقية إلى أقل من سنة، بينما يصل عمر العملات البلاستيكية لخمس سنوات، ما يقلل من لجوء الحكومة لطباعة عملات جديدة سنوياً».

ويتوقف السيد مع تأثير التراجع المتكرر لقيمة الجنيه أمام الدولار خلال السنوات الأخيرة على تكلفة إنتاجه، وأشار إلى أن «تحريك سعر الدولار، وارتفاع التضخم، أثرا على قيمة إنتاج العملة، نظراً لاستيراد أوراق طباعة (البنكنوت) من الخارج»، ودعا إلى «تحويل إنتاج فئات العملة الصغيرة (من الجنيه إلى 5 جنيهات) إلى عملات معدنية لحين استقرار سعر الصرف». (الدولار الأميركي يساوي 50.6 جنيه في البنوك المصرية).

ووافق مجلس الوزراء المصري، في سبتمبر (أيلول) 2022 على إصدار عملة معدنية بفئة (2 جنيه) غير أنها لم تدخل حيز التداول حتى الآن.


مقالات ذات صلة

أشهر 10 خرافات وأسرار عن الأهرامات المصرية

يوميات الشرق شكاوى من منظومة التطوير الجديدة في منطقة الأهرامات (الشرق الأوسط) play-circle

أشهر 10 خرافات وأسرار عن الأهرامات المصرية

يقدّم موقع «إم إس إن» أشهر 10 خرافات عن الأهرامات المصرية، ويكشف عما تقوله الأدلة والبحوث الحديثة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

مصر تصادق على اتفاقية «نقل المحكومين» مع الإمارات

صدَّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، على «اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحريات»، الموقعة بين بلاده والإمارات.

أحمد إمبابي (القاهرة )
العالم العربي دار القضاء العالي المصري وسط القاهرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

مصر: ارتياح عقب حكم بالسجن المؤبد لـ«ثمانيني» أُدين بـ«هتك عرض» طفل

سادت حالة ارتياح في أوساط الرأي العام بمصر، الأربعاء، عقب الحكم بالسجن المؤبد (25 عاماً) على مسن «ثمانيني»، أُدين بـ«هتك عرض طفل بالقوة».

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال استقبال مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر لدفع جهود التسوية في السودان بنسخة ثانية من «الحوار السياسي»

تستعد مصر لاستضافة نسخة ثانية من «مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية» بهدف دفع جهود التسوية السياسية للحرب الداخلية.

أحمد إمبابي (القاهرة )
العالم العربي سفارة مصر في كازاخستان توفد بعثة قنصلية إلى قيرغيزستان للاطمئنان على الطلاب المصريين العام الماضي (الخارجية المصرية)

السلطات المصرية تتابع القبض على 4 من رعاياها في قيرغيزستان

تحقق السلطات في دولة قيرغيزستان مع 4 طلبة مصريين تم القبض عليهم واحتجازهم منذ عدة أيام، فيما أصدرت السلطات المصرية بيانا أنها تتابع القضية.

هشام المياني (القاهرة)

مفوض أممي: قلقون بشأن تحذير «الدعم السريع» من «حمام دم» قبل معارك في السودان

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية - رويترز)
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية - رويترز)
TT
20

مفوض أممي: قلقون بشأن تحذير «الدعم السريع» من «حمام دم» قبل معارك في السودان

مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية - رويترز)
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية - رويترز)

عبّر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الخميس، عن قلقه إزاء تحذير «قوات الدعم السريع» من «حمام دم» قبل معارك وشيكة مع الجيش السوداني. وأضاف المبعوث الأممي أن التقارير بشأن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء في ولاية الخرطوم «مقلقة للغاية».

وقُتل 542 مدنياً على الأقلّ بولاية شمال دارفور السودانية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، لكن «يُرجّح أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير»، وفق ما جاء، الخميس، في بيان من تورك.

وأشار تورك في تعليقه بشأن الوضع في السودان؛ حيث تتواجه «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في حرب مستمرّة منذ سنتين، إلى أن «المأساة المتفاقمة في السودان لا تعرف أي حدود».

وأصبحت ولاية شمال دارفور ساحة معركة رئيسية في الحرب التي اندلعت يوم 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب «حميدتي».

وأسفرت الحرب عن سقوط عشرات آلاف القتلى وعن أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد، البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة، في أزمة إنسانية حادة، وفق الأمم المتحدة.

وفي الأسابيع الأخيرة كثّف مقاتلو «قوات الدعم السريع» هجماتهم على الفاشر، التي تعدّ آخر مدينة كبرى في إقليم دارفور (غرب) ما زال الجيش يسيطر عليها.

وأشار تورك إلى هجوم شنته «قوات الدعم السريع» قبل 3 أيام على الفاشر و«مخيم أبو شوك» أسفر عن مقتل 40 مدنياً على الأقل.

وقال: «بهذا، يرتفع العدد المؤكد للضحايا المدنيين في شمال دارفور إلى 542 على الأقل خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة فقط، فيما يُرجّح أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير».

كذلك أشار إلى «التحذير القاتم الذي أطلقته (قوات الدعم السريع) من (سفك الدماء) قبل معارك وشيكة مع القوات المسلحة السودانية والحركات المسلحة المرتبطة بها».

وأضاف: «ينبغي بذل كل جهد لحماية المدنيين المحاصرين وسط ظروف مأساوية في الفاشر ومحيطها».

وسلط الضوء على «تقارير عن إعدامات ميدانية بولاية الخرطوم»، عادّاً أنها «مقلقة جداً».

وقال إن «مقاطع فيديو مروعة مُتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر 30 رجلاً على الأقل بملابس مدنية يُعتقلون ويُعدمون على أيدي مسلحين يرتدون زي (قوات الدعم السريع) في الصالحة جنوب أم درمان»، مضيفاً أنه في مقطع فيديو لاحق «أقر قائد ميداني من (قوات الدعم السريع) بعمليات القتل».

وأضاف تورك أن هذه التسجيلات جاءت بعد «تقارير صادمة في الأسابيع الأخيرة عن إعدام ميداني لعشرات الأشخاص المتهمين بالتعاون مع (قوات الدعم السريع) في جنوب الخرطوم، يعتقد أن (لواء البراء) هو من ارتكبها»، وهو مجموعة تابعة للقوات المسلحة السودانية.

وشدد على أن «القتل المتعمد لمدني أو أي شخص لم يعد يشارك بشكل مباشر في الأعمال الحربية يُعد جريمة حرب».

وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان إنه «نبه شخصياً قادة (قوات الدعم السريع) والقوات المسلحة السودانية إلى العواقب الكارثية لهذه الحرب على حقوق الإنسان».

وأضاف أن «هذه العواقب الوخيمة واقع يومي يعيشه ملايين السودانيين. لقد آن الأوان، بل تأخر كثيراً، لوقف هذا النزاع».