جدد حادث انهيار بناية في الإسكندرية، الخميس، الجدل حول «إهمال المحليات»، بعدما أدى إلى وفاة أم وأبنائها الثلاثة، فيما أصيب زوجها.
وقررت النيابة العامة تشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقار والتحفظ على ملفه واستدعاء مسؤولي الحي لسؤالهم حول الواقعة.
والعقار المنهار في منطقة «الجمرك» مكون من 3 طوابق تسكنه عائلة واحدة، وهو مبنى قديم صدر له قرار بالإزالة قبل عام بحسب تصريحات مسؤولين بالمحافظة لوسائل إعلام محلية، الخميس.
وتتكرر حوادث انهيار العقارات في الإسكندرية بين الحين والآخر لأسباب متباينة كان من بينها، عقار في الحي نفسه، تسبب في وفاة 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين نهاية العام الماضي، فيما قتل 3 أشقاء في حادث انهيار مماثل لمنزلهم قبل نحو 6 أشهر.
وأكد محافظ الإسكندرية الأسبق، رضا فرحات لـ«الشرق الأوسط» أن «غالبية المباني المهددة بالانهيار في الإسكندرية، تتركز في أحيائها التاريخية القديمة على غرار العقار المنهار»، مشيراً إلى أن المباني القديمة تخضع لقانون «الإيجار القديم»، ومع محدودية المبالغ التي يتم سدادها للمُلاك، وعدم دفع المستأجرين مصروفات صيانة العقار، جميعها أمور تساهم في زيادة مخاطر الانهيار.

وأضاف فرحات أن العوامل المناخية من الأمور التي تجعل هناك ضرورة لانتظام أعمال الصيانة، الأمر الذي لا يجري الالتزام به عادة، مشيراً إلى أن الأحياء ترصد المخالفات؛ لكن «تنفيذ قرار إخلاء بالقوة الجبرية لا يحدث إلا للمباني شديدة الخطورة مع توفير مساكن مؤقتة للعائلات التي لا يوجد لها مأوى».
وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) عن محافظة الإسكندرية، عبد الفتاح يحيى لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مئات المباني الصادر بحقها قرار إزالة؛ لكن السكان يرفضون مغادرتها، ويفضلون البقاء فيها على مسؤوليتهم الشخصية من دون البحث عن مساكن بديلة، لافتاً إلى أن الأمر يحتاج لتكاتف بين الحكومة والمواطنين في «ظل عدم وجود إلزام على الدولة بتوفير وحدات بديلة للمواطنين عند هدم هذه المباني».
وأضاف، أنه حتى مع قيام الأحياء بدورها في رصد المنازل المعرضة للانهيار، تبقى مسؤولية إخلائها ومغادرة السكان «أمراً ليس بالسهل»، مشيراً إلى أن الدولة يمكن أن تساعد بنقلهم لمساكن مؤقتة حال توافرها، وهو أمر ليس متاحاً في كل الظروف.

ووفق بيانات التعداد الرسمي للمنشآت الصادر عن «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» عام 2017، فإن عدد العقارات الآيلة للسقوط التي لم يتم اتخاذ إجراءات بشأنها تجاوز 97 ألف عقار، فيما تضمنت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن محافظة الإسكندرية في 2022، شكاوى الانهيارات الجزئية والكلية والسقوط بـ484 شكوى.
فرحات أشار إلى أن عوامل الرطوبة الجوية في الإسكندرية تساعد على تآكل الحديد، الأمر الذي يجعل المدينة تسجل انهيارات في الشرفات بين الحين والآخر، لافتاً إلى أن «غالبية المباني القديمة التي يزيد عمرها على 50 عاماً ولا تخضع لصيانات دورية تواجه مشاكل عدة».
وأوضح أن جزءاً من أسباب تكرار حوادث الانهيارات بالإسكندرية يرجع إلى «مخالفات البناء التي زادت بشكل كبير بعد عام 2011، وعدم الالتزام بالمواصفات البنائية؛ بل ولجوء بعض ملاك العقارات لتعلية أدوار إضافية لمبانٍ قديمة في ظل غياب الرقابة وقتها».
وبحسب يحيى، فإن «الإهمال الذي تراكم على مدار سنوات في المحليات دفع لتراكم المخالفات بشكل يصعب من التعامل معها»، مشيراً إلى أن «وجود مخالفات غير مرصودة حتى الآن بشكل دقيق، ما يجعل العمل على المشكلة أمراً شديد التعقيد».