خطوات متواصلة تتخذها القاهرة والرباط لتفادي أزمة «التدابير التجارية» التي اندلعت قبل شهر، عبر تعزيز اللقاءات ومسارات الشراكة، والتي كان أحدثها لقاء السفير المصري، أحمد عبد اللطيف، مع وزير التجارة المغربي، رياض مزور.
اللقاء الذي انتهى بالتأكيد على التزام البلدين بتعزيز الروابط الاقتصادية، ودعم التبادل التجاري، وفق إفادة للخارجية المصرية، الأربعاء، يقود بحسب مسؤول نقابي بمصر وخبراء بالمغرب إلى تعاون أكبر قائم على مبدأ «رابح رابح» للجميع.
وشهد البلدان أزمة في فبراير (شباط) الماضي، تمثلت في فرض الرباط «تدابير تجارية»، ومنع شاحنات بضائع مصرية من الدخول للأسواق المغربية، مع خلفية شكوى مغربية من «عجز تجاري لصالح القاهرة»، قبل تدخل وزاري لبحث حلول لتفادي تكرار تلك التدابير.
وسجل المغرب عجزاً تجارياً كبيراً مع مصر بلغ عام 2023 نحو 880 مليون دولار، فيما لم تتجاوز صادرات المملكة في تلك السنة 52 مليون دولار، بينما ناهزت الواردات من مصر 930 مليون دولار، وفقاً لمعطيات سابقة لـ«مكتب الصرف»، وهو الجهاز الحكومي المعني بإحصاءات التجارة الخارجية المغربية. (الدولار الأميركي يساوي 50.5 جنيه في البنوك المصرية).
وامتداداً لمسارات الحل، التقى السفير المصري وزير الخارجية المغربي، حيث بحثا «علاقات الشراكة والتعاون بين البلدين والأولوية التي يوليها الجانب المصري لتيسير حركة التجارة بين البلدين»، وفق البيان الصحافي للخارجية المصرية الذي أوضح أن اللقاء «جاء تأكيداً على التزام البلدين بتعزيز الروابط الاقتصادية والصناعية، وتطوير فرص الاستثمار، ودعم التبادل التجاري بما يخدم مصالحهما المشتركة».
وتحدثت وزارة الصناعة والتجارة المغربية في بيان صحافي عن الأمر ذاته، مشيرة إلى أن اللقاء بحث في «علاقات التعاون والشراكة بين البلدين والتأكيد على التزام البلدين دعم التبادل التجاري بما يخدم المصالح المشتركة».
ويعتبر الأمين العام لشعبة المصدرين ورئيس «لجنة الشؤون الأفريقية» بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، أحمد زكي، اللقاء الجديد تأكيداً «لحرص البلدين على تعزيز العلاقات الاقتصادية وتسهيل حركة التبادل التجاري، عدا أنه يدعم فرص التعاون وتجاوز التباينات الأخيرة».
ويعتقد أستاذ قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، المستشار الوزاري المغربي السابق، بدر الزاهر الأزرق، أن «تحركات مصر تسير نحو تهدئة الأوضاع، وخاصة أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين مستمرة برغم توالي الأزمات وآخرها الجمركية»، لافتاً إلى أن هذا اللقاء «يعزز هذا التعاون... والمأمول تصحيح العجز التجاري الذي يأتي لصالح مصر».
وبرأي رئيس «المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة»، الخبير الاقتصادي المغربي، رشيد الساري، فإن الاجتماع لم يسفر عن نتائج فعلية يمكن البناء عليها؛ «لكنه مسار يجب أن يتواصل في إطار علاقات تقوم على مبدأ رابح رابح»، مشيراً إلى أنه «من غير المعقول أن يتواصل العجز الكبير في التبادل التجاري كما تتحدث الأرقام لصالح القاهرة».

وأشار السفير المصري خلال لقاء مزور إلى زيارة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، إلى المغرب في 27 فبراير الماضي، والجهود الحالية لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلالها، وخاصة فيما يتعلق بتشجيع الشراكات الناجحة بين شركات القطاع الخاص في كلا البلدين، وتفعيل دور مجالس ومنتديات الأعمال.
وكان لقاء الخطيب ومزور في الرباط أسفر عن توافق على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وعقد لقاءات للمستثمرين في هذا الإطار، بعد نحو أسبوعين من «تدابير تجارية»، ومنع شاحنات بضائع مصرية من الدخول للأسواق المغربية.
واتفق الوزيران المصري والمغربي حينها على «وضع خطّ اتصال مباشر بين البلدين، وبذل كل الجهود لزيادة نمو الصادرات المغربية نحو الأسواق المصرية، وتنظيم منتدى للأعمال والشراكة الاقتصادية بالقاهرة، في أبريل (نيسان) المقبل، والتحضير لانعقاد اللجنة المشتركة التجارية»، بحسب بيان مصري وقتها جاء بعد نقل إعلام مصري، في 20 فبراير الماضي، أنباء عن تعليق دخول بضائع مصرية للمغرب منذ عدة أسابيع، وتلميحات بالإعلام المغربي بضرورة تعديل اتفاقيات التبادل الحر.
وتسمح اتفاقية «أغادير»، التي تم توقيعها في فبراير 2004 بالتبادل التجاري الحُر بين دول (مصر والمغرب وتونس والأردن)، حيث تلغى الرسوم الجمركية، لكن الاتفاقية لم تُفعَّل إلا في الربع الأول من عام 2007.