حقوقيون يطالبون بالإفراج عن المتهمين في قضايا «التآمر على أمن تونس»

المحامون يطعنون في «الصبغة الإرهابية» للموقوفين

عائلات المتهمين في وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحهم (جبهة الخلاص الوطني)
عائلات المتهمين في وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحهم (جبهة الخلاص الوطني)
TT
20

حقوقيون يطالبون بالإفراج عن المتهمين في قضايا «التآمر على أمن تونس»

عائلات المتهمين في وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحهم (جبهة الخلاص الوطني)
عائلات المتهمين في وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحهم (جبهة الخلاص الوطني)

طالب زعيم «جبهة الخلاص الوطني» التونسية المعارضة، المحامي والوزير السابق أحمد نجيب الشابي، في مؤتمر صحافي عقدته «الجبهة»، اليوم الأربعاء، في العاصمة التونسية، بالإفراج عن عشرات الموقوفين منذ نحو عامين لاتهامهم في قضايا التآمر على أمن الدولة، و«الضلوع في الإرهاب»، و«مخالفات قانونية خطيرة»، بينهم رئيسة الحزب الدستوري المحامية عبير موسي، وزعامات سياسية من عدة تيارات.

وأعلن زعيم هذه الجبهة المعارضة، التي تضم 10 أحزاب، بينها «حركة النهضة»، أنه تقرر أن تكون الجلسة الأولى لمحاكمة 40 متهماً في قضايا تصل عقوبتها للإعدام والسجن المؤبد في 11 من أبريل (نيسان) المقبل. وتضم قائمة المحالين في هذه القضية 7 محامين، بينهم أحمد نجيب الشابي الذي يحاكم مع الوزير الأسبق للأمن، محمد الأزهر العكرمي، في حالة سراح.

الشابي وديلو والخميري في الندوة الصحافية (متداولة)
الشابي وديلو والخميري في الندوة الصحافية (متداولة)

كما يمثل في هذه القضية حقوقيون ومحامون وسياسيون بارزون في حالة إيقاف، بينهم الأمين العام السابق لحزب التيار، غازي الشواشي، والقيادي السابق في حزب نداء تونس، والوزير مدير ديوان رئاسة الجمهورية سابقاً، رضا بالحاج، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، وعدد من البرلمانيين والنقابيين السابقين.

وأعلن الشابي وقياديون من «جبهة الخلاص الوطني» في هذا المؤتمر الصحافي أن «من بين مبررات المطالبة برفع الظلم المسلط على عشرات من زعماء المعارضة، والشخصيات الوطنية الموقوفين، هو أن قرارات البحث التي أصدرتها الهيئات القضائية تفيد بأن الملفات فارغة قانونياً»، ولا تتضمن إثباتات لجرائم إرهابية، ولا لأي نوع من أنواع التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، أو الضلوع في العنف المادي، أو في تسفير الإرهابيين إلى سوريا قبل 14 عاماً.

وطالب المحامي والوزير السابق لحقوق الإنسان سمير ديلو، في المؤتمر الصحافي نفسه بالإفراج عن الموقوفين والمساجين «من ذوي الوضعيات المعقدة صحياً وإنسانياً»، ومن بينهم راشد الغنوشي رئيس البرلمان السابق وزعيم حزب النهضة، الذي ناهز عمره الـ84 عاماً، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، الذي بلغ السبعين عاماً، قضى منها نحو 20 سنة بين السجون في عهدي الرئيسين الأسبقين الحبيب بورقيبة وزبن العابدين بن علي.

وأوضح الشابي أن علي العريض كان قد قاد بنفسه، عندما كان وزيراً للداخلية ثم رئيساً للحكومة عامي 2012 و2013، عمليات محاربة التنظيمات السلفية المسلحة والمجموعات الإرهابية، وهو الذي صنف «تنظيم أنصار الشريعة» المتشدد تنظيماً إرهابياً في صيف 2013. مبرزاً أن العريض الموقوف منذ أواخر 2022 طالب مع محامين بأن تكون محاكمته «علنية وحضورياً»، ورفض على غرار جل الموقوفين صيغة «المحاكمة عن بُعد»، أي استنطاقه من قِبَل المحكمة وهو في غرفة داخل السجن عبر شبكة الإنترنت.

وقدم المحامي الحقوقي ديلو عرضاً لما وصفه بـ«هشاشة الجانب القانوني» في ملفات عشرات المتهمين المحالين في نحو 15 قضية من قضايا «التآمر على أمن الدولة»، بينهم عدد من أبرز قيادات الأحزاب السياسية، وزعماء «جبهة الخلاص الوطني»، بمن فيهم الحقوقي والوزير السابق جوهر بن مبارك، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام لحزب النهضة العجمي الوريمي، ورئيسها المؤقت الطبيب منذر الونيسي، إضافة إلى الوزراء السابقين عبد الكريم الهاروني، ومحمد بن سالم، ونور الدين البحيري.

وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح المتهمين في ملف التآمر على أمن تونس (جبهة الخلاص الوطني)
وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح المتهمين في ملف التآمر على أمن تونس (جبهة الخلاص الوطني)

من جهته، أكد البرلماني السابق عماد الخميري، القيادي في جبهة الخلاص الوطني، أن المعلومات المتوفرة عن تدهور الحالة الصحية لعدد من الموقوفين «خطيرة جداً، وخصوصاً أن بعضهم مصاب بأمراض مزمنة مثل القصور الكلوي»، مثل الأستاذ المبرز في طب الكلى منذر الونيسي، الذي نقل إلى المستشفى للعلاج، ثم أعيد إلى السجن وسط «تحذيرات الأطباء من تدهور أكبر لحالته الصحية ما قد يهدد حياته في أي وقت».

وواكبت هذا المؤتمر الصحافي شخصيات وطنية وحزبية وعائلات المتهمين.



البعثة الأممية تدشن حملة لمناهضة «خطاب الكراهية» في ليبيا

عدد من المشاركين في ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن "خطاب الكراهية" (البعثة)
عدد من المشاركين في ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن "خطاب الكراهية" (البعثة)
TT
20

البعثة الأممية تدشن حملة لمناهضة «خطاب الكراهية» في ليبيا

عدد من المشاركين في ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن "خطاب الكراهية" (البعثة)
عدد من المشاركين في ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن "خطاب الكراهية" (البعثة)

نبَّهت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأحد، إلى خطورة الآثار السلبية لتمدد «خطاب الكراهية» في بلد يعاني انقساماً سياسياً حاداً، ويحتكم إلى اتفاقية «هشة» لوقف إطلاق النار، منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020.

ودشَّنت البعثة الأممية حملةً لمناهضة «خطاب الكراهية» في ليبيا. ورعت خلال الأيام الماضية وِرش عمل، شارك فيها العشرات من مدن عدة، بينها طرابلس وبنغازي؛ لمناقشة الظاهرة وسبل مكافحتها.

وتحت عنوان «لا لخطاب الكراهية»، قالت البعثة في وقت مبكر من صباح الأحد: «عندما تجد تعليقاً مسيئاً أو عدائياً؛ مسؤوليتك أن تُبلغ عنه».

«عندما تجد تعليقاً مسيئاً أو عدائياً مسؤوليتك أن تُبلغ عنه» (البعثة الأممية)
«عندما تجد تعليقاً مسيئاً أو عدائياً مسؤوليتك أن تُبلغ عنه» (البعثة الأممية)

وتساءلت البعثة باللهجة المحلية: «شن هو هذا الخطاب»؟

وأجابت: «هذا الخطاب هو أي نوع من أنواع التواصل؛ سواء بالبث، أو النشر الشفهي والكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغةً مهينةً أو تمييزيةً بالإشارة إلى شخص أو مجموعة أشخاص على أساس الهوية».

كما رأت أنه كل ما يتضمَّن التقييم «على أساس الدين، أو الانتماء الإثني، أو الجنسية، أو العرق، أو اللون، أو الأصل، أو الجنس، أو أحد العوامل الأخرى المُحدِّدة للهوية».

وكان طرفا الحرب في ليبيا (سلطات غرب ليبيا وشرقها) قد وقَّعا في جنيف على اتفاق «وقف إطلاق النار» في 23 أكتوبر 2020، وسط ترحيب إقليمي ودولي واسع، على أمل أن يلقي ذلك بظلال إيجابية على المسار السياسي، ويحد من تصاعد «خطاب الكراهية».

وانتشر «خطاب الكراهية» في ليبيا خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، كما تمدَّدت هذه الحالة عقب الحرب التي شنَّها المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» على العاصمة طرابلس في مطلع أبريل (نيسان) 2019.

ولا يقتصر «خطاب الكراهية» في ليبيا على وسائل التواصل الاجتماعي وحديث المسؤولين، بل يتعدى ذلك إلى البرامج السياسية في الفضائيات المتعددة، بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي أُنشئت لترويج أفكار وبرامج على أساس جهوي.

أجواء محتقنة

ويرى أكرم النجار، رئيس تحرير منصة «علاش» المحلية، أن «خطاب الكراهية» يتصاعد من وقت إلى آخر «عندما تكون هناك أحاديث وسجالات عن تغيير الحكومة في طرابلس، أو في حالات الحروب».

ويضيف النجار في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنه يلمس ازدياد خطاب الكراهية «كلما تصاعد الحراك المُطالب بتغيير الحكومة في طرابلس». وتسعى أطراف سياسية مناوئة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتَّخذ من طرابلس العاصمة مقراً لها، إلى تغييرها.

البعثة الأممية تحذر من التأثيرات السلبية لـ«خطاب الكراهية» بين الليبيين (البعثة الأممية)
البعثة الأممية تحذر من التأثيرات السلبية لـ«خطاب الكراهية» بين الليبيين (البعثة الأممية)

وفي معرض حملتها التوعوية، قالت البعثة الأممية: «هناك فرق كبير بين خطاب الكراهية، وحرية التعبير»، التي تراها «حجر الزاوية لحقوق الإنسان، وركيزة للمجتمعات الحرة والديمقراطية؛ بعيداً عن التحريض على التمييز والعداوة والعنف»، مشيرة إلى أن هذا الأمر «محظور بموجب القوانين المحلية، والتشريعات الدولية، وكذلك الأعراف المجتمعية، والقيم الدينية».

ونبَّهت البعثة إلى أن التصدي لخطاب الكراهية «لا يعني تقييد أو حظر حرية التعبير، بل يعني منعه من أن يتحول إلى شيء أكثر خطورةً على الأفراد والمجتمعات».

وفي ورشة عمل رعتها البعثة الأممية مؤخراً، أعرب المشاركون عن قلقهم إزاء «ازدياد خطاب الكراهية ضد مختلف الفئات على وسائل التواصل الاجتماعي»، داعين إلى «حملة موسعة لرفع الوعي بمخاطر الخطاب التحريضي».

وقدَّم 11 شاباً ليبياً شاركوا في الورشة، التي اختتمت أعمالها الأسبوع الماضي، توصيات لمواجهة «خطاب الكراهية»، مؤكدين على «دور الإعلام والسياسيين في نشر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية؛ مما قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة وعنف ضد المجموعات والأفراد».

جانب من ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن «خطاب الكراهية» (البعثة)
جانب من ورشة عمل رعتها البعثة الأممية في ليبيا عن «خطاب الكراهية» (البعثة)

وقال أحد المشاركين: «الوضع الأمني في ليبيا هشٌّ للغاية، وفي بعض الأحيان يمكن حتى للحوادث البسيطة أن تُفاقم من خطاب الكراهية بين المدن، وتُهدد بالتصعيد بأعمال عنف»؛ بينما أشار آخر إلى أن «التحريض باسم الدين، خصوصاً على الاختلافات البسيطة بين أبناء المجتمع الواحد، من أخطر أشكال خطاب الكراهية، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة».

وتختبر ليبيا في المرحلة الراهنة، بحذر، «مبادرة جديدة» تقودها الأمم المتحدة لتحريك العملية السياسية المجمَّدة التي لم تفلح معها مسارات سابقة منذ إسقاط نظام القذافي. ويأتي التحرك الأممي الجديد سعياً للخروج من «الحلقة المفرغة» التي تدور فيها ليبيا، في ظل وجود مسارٍ موازٍ يقوده مجلسا النواب والدولة للعمل على تشكيل «حكومة جديدة موحَّدة» تقود البلاد إلى الانتخابات العامة المعطلة.

ومن بين التوصيات التي أثمرتها ورش العمل التي رعتها البعثة في طرابلس «إدراج الوعي بخطاب الكراهية والجرائم الإلكترونية (التربية الإعلامية) في المناهج التعليمية منذ الصغر»، و«دعوة وسائل الإعلام الليبية إلى تجنب لغة الاستقطاب السياسي، وتبني مدونة سلوك مهنية، وتعزيز الدعوة إلى السلام».

كما أوصت بالعمل على «إطلاق برامج تبادل ثقافي مع الدول المجاورة؛ لمكافحة كراهية الأجانب، وتعزيز قدرات المجتمع على الصمود والتعافي».

ووجَّهت البعثة الأممية دعوة للإعلاميين والطلاب الدارسين للإعلام الراغبين في الحد من انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية لتسجيل أسمائهم في صفحة أنشأتها كي تمدهم بالمعلومات حول فرص التطوير المهني التي تقدمها البعثة الأممية بشأن هذا الأمر.

ولم يقتصر «خطاب الكراهية» على المواطنين، بل امتد إلى ساسة ليبيا.

وسبق وهاجمت حكومة الدبيبة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح؛ بسبب تصريحات له، رأت أنها «لم تقتصر على الطابع الجهوي والانفصالي، بل عزَّزت خطاب الكراهية»، وهو ما نفاه صالح وردَّ بقوله: «هذه الحكومة منتهية الولاية».