أشعل رحيل الداعية المصري أبو إسحاق الحويني، الاثنين، معركة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بين أنصاره ومنتقدي أفكاره وفتاويه، التي اتهمها البعض بـ«الرجعية والمتشددة»، فيما فاقم نعي نشره الأزهر للحويني، من حالة الجدل تلك.
ويعد أبو إسحاق، واسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف، واحداً من أشهر مشايخ السلفية في مصر، وتوفى في مستشفى بقطر إثر أزمة صحية، عن 69 عاماً.

ورغم أنه لم يدرس العلوم الشرعية في الأزهر، بل تخرج في كلية الألسن قسم إسباني، تخصص الداعية الشهير في «علم الحديث»، وذاع صيته ليتجاوز تلاميذه من شباب السلفية، إلى الكثيرين مع ظهور القنوات الفضائية الدينية.
واستعاد منتقدو الحويني، مقاطع من دروس له في المساجد أو عبر برامجه التليفزيونية، وقالوا إنها «تُكفر مخالفين»، أو «تتشدد في التحريم»، معتبرين أنها «كانت أحد أسباب ظهور الحركات المتطرفة».
اقرا موجة تعليقات كبيرة تترحم على شيخ القاعدة وداعش والفصائل التكفيرية السلفية اثر موته مؤخرا، ابو اسحاق الحويني.طيبالليس هو من قسم البشر اصنافا واسقطهم تباعا، فالشيعة روافض كفرة، والاباضية خوارج، والسنة المخالفين للسلف بالمداخلة ودعاة التقارب مرتدين؟اليس هو من شرع... pic.twitter.com/1ymXYxiqV0
— Dr. Haider Salman (@sahaider75) March 18, 2025
وفي المقابل، أعاد أنصاره وتلاميذه نشر مجهوداته في الحديث، بمشاركة مجلدات كتب ألفها، أو دروس ألقاها، فضلاً عن سيرته العلمية أو مواقف جمعتهم به، مشيدين بـ«صبره على المرض» الذي أدى إلى بتر إحدى ساقيه بسبب مرض السكري قبل سنوات.
إنا لله وإنا إليه راجعون:توفي أبو اسحاق الحوينياشتغل بالحديث وعلومهحقّق وألَّف الكثير.تطوَّرت صناعته الحديثية التي بدأها ببذل الإحسان تحقيق سنن النسائي،مع اعتدال في الأحكام،وتوسع في التخريج،والحرص على موافقة منهج المحدثينرحمه الله رحمةً واسعةً. pic.twitter.com/j6JlJ0vvqS
— عبد الحليم مدبر (@U4yNkZAW1Zbigr7) March 17, 2025
وزاد حالة الجدل، نعي مؤسسة الأزهر للحويني، ووصفه في بيان بأنه «سخَّر وقتَه وجهدَه لخدمة السنة النبوية وعلومها». وقدم الأزهر «خالص العزاء إلى أسرة الفقيد الراحل وطلابه ومحبيه».
الأزهر الشريف ينعى الشيخ أبا إسحاق الحوينيينعى الأزهر الشريف، الشيخ أبا إسحاق الحويني، الذي وافته المنية اليوم، بعد عمر ناهز 69 عامًا، سخَّر فيه وقتَه وجهدَه لخدمة السنة النبوية وعلومها.ويتقدَّم الأزهر بخالص العزاء إلى أسرة الفقيد الراحل وطلابه ومحبيه، سائلًا الله تعالى أن...
— الأزهر الشريف (@AlAzhar) March 17, 2025
وانتقد البعض نعي الأزهر للداعية السلفي، خصوصاً أنه لم يتلق العلم فيه، لكن آخرين دافعوا عن النعي بعدّه درساً في التعامل مع المخالفين في الرأي.
لكن أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور سعد الدين هلالي، رفض الخوض في نعي الأزهر للحويني، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «العزاء عمل إنساني... خصوصاً أن الأزهر مؤسسة لها علاقات مع الآخرين، وتقييم علاقاتها والتدخل فيها، لا يصح».
#الأزهر_الشريف ينعى الشيخ الراحل .. أبو إسحاق الحويني ♥️ pic.twitter.com/DoD9UwCl0w
— محمد الجزار (@mohamedelgazar4) March 17, 2025
في المقابل، رأى الباحث في الإسلام السياسي عمرو فاروق، أن الأفضل كان في اختيار الأزهر «الصمت» رغم اعتقاده أن النعي جاء «لتعليم السلفيين درساً في الاختلاف في الرأي». وأوضح أن مؤيدي الحويني «يستغلون النعي لإضفاء هالة خاصة حول الراحل».
وعدد فاروق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مخاطر التيار المتشدد الذي يتبعه الراحل في أنه «تسبب في فتنة وشرخ في المجتمع المصري، ومهد لظهور تيارات متشددة، بالتحدث في الدين من دون علم، ما أدى إلى انحرافات فكرية كثيرة».
ومنذ إعلان وفاته استرسل أنصار الحويني في الإشادة بالداعية الراحل، حتى بـ«خطه»، واعتبروا أن «حُسن رسمه، علامة من علامات كبار المشايخ والمحدثين».
لقد كان الشيخ أبو إسحاق الحويني محدثا على صفة المحدثين القدامى.. حتى الخط الجميل الذي هو علامة على المحدثين كان صفة للحويني أيضا!ومن المشهور أن جمال الخط هو الباعث الذي حثّ مؤرخ الإسلام الذهبي على الدخول في ركب المحدثين لما قال له البرزالي الكبير: خطًّك يشبه خطّ المحدثين (يعني... pic.twitter.com/GosNHYd85F
— محمد إلهامي (@melhamy) March 17, 2025
وذكّر بعض منتقدي الداعية، أنصاره بأنه اعتذر قبل عدة أعوام عن بعض ما ورد في كتبه الأوائل، فضلاً عن أخطاء وقع فيها لعدم علمه بدرجات الأحكام الشرعية، بعدّ ذلك دليلاً على افتقاد هؤلاء العلم الذي يؤهلهم للظهور للعامة وإفتاء الناس.
ولم تقف المعركة عند التباري في الأفكار، إذ استغلت إيزيس القمني، ابنة المفكر الراحل سيد القمني، موت أبو إسحاق الحويني، لتقتص من ابنه الذي سبق وشمت في رحيل أبيها.
لو تعرفوا العلما*نيين بيكرهوا شيخنا ازايهتعرفوا يعني ايه الجبل ابي اسحاق الحوينياسد السنة وحارس حدودهارحمه الله وجعل دفاعه عن الدين في ميزان حسناتهوهتعرفوا ليه احنا في حزن في كل بيت كإن والدنا مات النهاردة اللهم اجرنا في مصيبتنا#ابو_اسحاق_الحويني pic.twitter.com/HptHtljtMh
— د. منى القط (@Mona_Elkot) March 17, 2025
وكتبت إيزيس: «أخيراً كنت مستنياها... الحويني هلك». وكان حاتم الحويني كتب قبل 3 أعوام بعد وفاة القمني - وهو مفكر مصري علماني- «مات سيد القمني، فالحمد لله أن قطع أنفاسه».
ويرى الباحث فاروق أن رحيل الحويني، قد يكون مناسبة لفتح نقاش فكري حقيقي حول السلفية وتأثيراتها على المجتمع المصري، بعيداً عن المعارك في مواقع التواصل، وإن كانت «مهمة للرد على هذه الأفكار، وتحذير الشباب منها».