الجزائر تسهّل عودة إسلامي بارز من المنفى ارتبط بـ«العشرية السوداء»

أنور هدام أكد أنه حصل على «تسهيلات وتعهدات» من الحكومة والرئيس تبون

القيادي الإسلامي الجزائري البارز أنور نصر الدين هدام (متداولة)
القيادي الإسلامي الجزائري البارز أنور نصر الدين هدام (متداولة)
TT
20

الجزائر تسهّل عودة إسلامي بارز من المنفى ارتبط بـ«العشرية السوداء»

القيادي الإسلامي الجزائري البارز أنور نصر الدين هدام (متداولة)
القيادي الإسلامي الجزائري البارز أنور نصر الدين هدام (متداولة)

أرجع القيادي الإسلامي الجزائري البارز، أنور نصر الدين هدام، الذي ارتبط اسمه بـ«العشرية السوداء»، عودته إلى بلاده بعد سنوات طويلة من المنفى، إلى «تسهيلات وتعهدات» من الحكومة الجزائرية، وخاصة من الرئيس عبد المجيد تبون. وأكد أنه لا يملك طموحاً في العودة إلى السياسة، بعد أن كان يطالب بـ«حقه» في البرلمان، الذي كان حزبه على عتبة اكتساحه لو لم يتدخل الجيش لإلغاء الانتخابات التي فاز بها.

أرجع أنور نصر الدين هدام عودته إلى بلاده بعد سنوات طويلة من المنفى إلى «تسهيلات وتعهدات» من الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)
أرجع أنور نصر الدين هدام عودته إلى بلاده بعد سنوات طويلة من المنفى إلى «تسهيلات وتعهدات» من الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

وظهر هدام في فيديو، نشره على حساب التواصل الاجتماعي الخاص به، السبت، معلناً رسمياً أنه يقيم في الجزائر بعد أن غادر الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان لاجئاً منذ عام 1992، تاريخ اندلاع الأزمة الأمنية الخطيرة في الجزائر، ومن هناك أطلق «البعثة البرلمانية للجبهة الإسلامية للإنقاذ» في الخارج.

وقال هدام: «ككل جزائري مهما ابتعد عن بلده، أعود اليوم كابنٍ عائد إلى حضن أمّه الجزائر، حاملاً خبرات 33 سنة في المنفى، ومستعداً لوضعها بطرق مختلفة، وبما تسمح به الظروف لخدمة الدّين والوطن، بعيداً عن أي طموحات سياسية ضيقة». مؤكداً أنه يؤمن بأنّ مستقبل الجزائر «يُبنى بالأفكار الحية والحوار الشامل، واحترام التعدّدية، وتقوية مؤسسات الدولة، وتمكين الشباب والمرأة، وحماية الحقوق الأساسية لجميع المواطنين في تنوعهم».

تفجير مبنى الشرطة المركزية في العاصمة عام 1995 (أرشيفية متداولة)
تفجير مبنى الشرطة المركزية في العاصمة عام 1995 (أرشيفية متداولة)

وأسدى القيادي السابق في حزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظور، «شكره» إلى «السلطات الجزائرية الحالية، التي التزمت بعهدها، وسهّلت خطوات العودة، وآمنت بحقّ كل مواطن في المشاركة في صنع المستقبل، وعلى رأسها السيد الرئيس عبد المجيد تبون. والشكر موصول أيضاً إلى السلك القضائي، والأجهزة الأمنية وكوادرهما الشابة على فاعليتها واحترافيتها العالية».

ويفهم مما ذكره هدام أن إبطال المتابعة القضائية، وإلغاء مذكرة الاعتقال الدولية بحقه، كانا ثمرة اتصالات مع القيادة الأمنية والجهاز القضائي المسؤولين عن «ملفه»، منذ أن غادر البلاد هارباً من حملة الاعتقالات التي طالت العشرات من قياديي «الإنقاذ»، والمئات من مناضليه، الذين جنح بعضهم إلى العنف، بعد أن قررت القيادة العسكرية مطلع 1992 إلغاء الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، التي اكتسح الحزب دورها الأول. ومن شدة الزلزال الذي أحدثه هذا الفوز في البلاد، أرغمت قيادة الجيش الرئيس الراحل، الشاذلي بن جديد، على الاستقالة في 12 يناير (كانون الثاني) 1992.

عبد العزيز بلخادم (يمين) وزير الخارجية الأسبق (متداولة)
عبد العزيز بلخادم (يمين) وزير الخارجية الأسبق (متداولة)

وكان هدام قد كشف في تعليق على منشور بالإعلام الاجتماعي الشهر الماضي، عن أنه عائد من جديد، وهو ما أثار حفيظة خصوم الإسلاميين، الذين أعادوا نشر أخبار نشرتها صحف تخص «تبنيه» عملية التفجير التي نفذتها «الجماعة الإسلامية المسلحة» في مقر الشرطة بالعاصمة في 30 يناير 1995، والتي خلّفت 42 قتيلاً. ونفى الإسلامي أنه يكون «بارك» العملية الإرهابية الأكثر دموية في مرحلة الاقتتال الدامي مع الجماعات في سنوات التسعينات.

ووفق هدام، فإن الجزائر تعيش «بوادر مرحلةٍ جديدة تُعزّز قيم المصالحة الوطنية، والحوار الديمقراطي والعدالة الاجتماعية. وعودتي هي استجابة لنداء الواجب، وإيماناً بأنّ كل جزائري، مهما ابتعد، يظلّ لبنةً في صرح هذا الوطن العظيم». ويوحي هذا الكلام بأن هدام يعتزم أداء دور في «سياسة المصالحة»، التي أقرتها السلطات عام 2005، وتتمثل في مجموعة إجراءات لفائدة الإسلاميين المسلحين في الداخل، والسياسيين في الخارج، تمنحهم عفواً مقابل إعلان «توبتهم».

ويومها أعلن هدام عن الانخراط في «المصالحة»، وعن ترتيبات مع الجهات الأمنية بغرض عودته، لكن لاحقاً تحدث عن «عدم توفر إجماع داخل النظام» على هذا المشروع. وعلم في تلك الفترة أن وزير الخارجية عبد العزيز بلخادم، الذي يمثل «الوجه الإسلامي» للنظام، هو من حضّر لعودة هدام.

رابح كبير في المنفى بألمانيا (متداولة)
رابح كبير في المنفى بألمانيا (متداولة)

وضمن سياقات «المصالحة»، عاد مسؤول «جبهة الإنقاذ» السابق، رابح كبير، من منفاه في ألمانيا عام 2006، لكنه سرعان ما رجع إلى حيث كان، بعد أن تأكد من استحالة النشاط سياسياً من جديد، فيما رفض آخرون مشروع «المصالحة»، على أساس أنه لا يتضمن استعادة حقوقهم كمسؤولي حزب «فاز بالشرعية الشعبية»، ومن أبرزهم مراد دهينة، اللاجئ في سويسرا الذي تطالب الجزائر بتسلمه بإلحاح شديد.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا رئيس البرلمان يلقي كلمة بمناسبة تأسيس لجنة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

الانفراجة بين الجزائر وفرنسا تضع «قانون تجريم الاستعمار» على المحك

المبادرة أخذت شكل «مقترح قانون» وليس «مشروع قانون». الأول يأتي من برلمانيين، والثاني تصدره الحكومة التي تحاشت أن تبادر به هي، تفادياً لمزيد من التصعيد مع فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية النجم الجزائري أمين غويري لاعب مارسيليا (أ.ف.ب)

غويري: سنبذل أقصى الجهد لتصل الجزائر للمونديال

شدد النجم الجزائري أمين غويري على أنه وزملاءه سوف يبذلون قصارى جهدهم من أجل قيادة منتخب بلاده للصعود لنهائيات كأس العالم عام 2026.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية لاعب كرة القدم الجزائري الدولي السابق جمال مناد (وسائل إعلام جزائرية)

وفاة جمال مناد نجم الجزائر السابق عن عمر 64 عاماً

توفي المدرب ولاعب كرة القدم الجزائري الدولي السابق جمال مناد، السبت، عن عمر ناهز 64 عاماً، بعد صراع مع المرض.

مهند علي (الرياض)
رياضة عربية منتخب الجزائر هزم بوتسوانا وابتعد بصدارة مجموعته (الاتحاد الجزائري)

«تصفيات المونديال»: الجزائر تهزم بوتسوانا وتستعيد صدارة مجموعتها

حقّقت الجزائر فوزاً سهلاً 3 - 1 على مضيفتها بوتسوانا، الجمعة، لتستعيد صدارة المجموعة السابعة في تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم 2026.

«الشرق الأوسط» (غابورون )

دعوات لتحقيق أممي في «انتهاكات ممنهجة» لحقوق الإنسان بليبيا

النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)
TT
20

دعوات لتحقيق أممي في «انتهاكات ممنهجة» لحقوق الإنسان بليبيا

النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

وسط تصاعد وتيرة عمليات الخطف والاعتقال في ليبيا، دعت منظمات حقوقية وأحزاب وتكتلات سياسية إلى ضرورة التحقيق في الأمر، واتخاذ مواقف «جادة وحازمة» لإنهاء هذه الممارسات، و«الانتهاكات الممنهجة» لحقوق الإنسان.

جاء ذلك بينما حثَّت منظمة «محامون من أجل العدالة في ليبيا»، و«اللجنة الدولية للحقوقيين» الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، على إنشاء آلية متابعة لـ«بعثة تقصي الحقائق المستقلة في ليبيا».

النائب الليبي المخطوف إبراهيم الدرسي (صفحته على «فيسبوك»)
النائب الليبي المخطوف إبراهيم الدرسي (صفحته على «فيسبوك»)

كان مجلس حقوق الإنسان أنشأ هذه البعثة في يونيو (حزيران) 2020 للتحقيق في انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، التي ارتكبتها جميع الأطراف منذ بداية عام 2016.

وفي ورقة مشتركة، قالت المنظمة واللجنة الدولية، إن السلطات الليبية «تفتقر إلى الإرادة السياسية لضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة، والواسعة النطاق، الماضية والمستمرة، في البلاد». وأشارتا إلى أنه «دون إجراءات عاجلة»، سيستمر الإفلات من العقاب، مما يُرسِّخ «وضع حقوق الإنسان المتدهور أصلاً، ويحرم الضحايا من الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف الفعالة».

وقال سعيد بن عربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين، إن إنشاء آلية متابعة «أمر أساسي لسد فجوة المساءلة في البلاد».

وحدَّدت المنظمة ولجنة الحقوقيين الدولية في ورقتهما المشتركة السبل الممكنة لسد فجوة المساءلة، في ظل «استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وتجاوزاتها في البلاد، والانعدام شبه التام للتقدم في جهود المساءلة المحلية»، وشددتا على ضرورة قيام الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بوضع آلية المساءلة؛ وولاية مستقلة لرصد حقوق الإنسان وإعداد التقارير العامة.

وقبل عامين من الآن، أصدرت «بعثة تقصي الحقائق» تقريرها النهائي، ودعت مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة؛ وحثَّت مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان على إنشاء آلية متميزة ومستقلة، ذات تفويض بمراقبة والإبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وأشارت المنظمة و«اللجنة الدولية للحقوقيين» إلى أنه «لا يزال وضع حقوق الإنسان في ليبيا يتدهور»، لافتتين إلى أن «النساء والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحافيين والمهاجرين واللاجئين والمجتمع المدني يواجهون حملة قمع ممنهجة». وقالتا إن «انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان منتشرة على نطاق واسع، وتؤثر على كل طبقة من طبقات المجتمع الليبي»، مشيرتين إلى أن «المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي كانت بعيدة المنال تماماً، ولم تتحقق بعد».

وتكشف قضية ترهونة - مع استخراج ما لا يقل عن 353 جثة من «مقابر جماعية» بين عام 2020 وحتى الآن - عن أدلة على جرائم واسعة النطاق بموجب القانون الدولي وتجسد فجوة المساءلة.

وفي حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق الأفراد المشتبه في ارتكابهم هذه الجرائم، فإن السلطات الليبية «فشلت باستمرار في التعاون مع المحكمة»، ناهيك من تسليم هؤلاء الأفراد إلى المحكمة، بحسب المنظمة واللجنة.

في السياق ذاته، قالت تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية، إنها تتابع «بقلق بالغ» تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان، واستمرار تغول الممارسات الخارجة عن القانون، مستنكرة الممارسات التي وصفتها بـ«الإجرامية»، المتمثلة في جرائم الاختطاف والاحتجاز القسري، المستهدفة «تكميم الأفواه، وإقصاء الأصوات الحرة في ليبيا».

وأعربت تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية عن قلقها إزاء جرائم الخطف، التي طالت بعض المواطنين، من بينهم محمد القماطي، ومفتاح مسعود، والمحامي محمد التومي بطرابلس واقتيادهم دون مسوغ قانوني. كما يحدث الأمر ذاته بشرق ليبيا. علماً بأنه سبق أن تم خطف النائبة البرلمانية سهام سرقيوة، وأعقبه خطف زميلها إبراهيم الدرسي.

ودعت الأطراف الوطنية كافة ومنظمات حقوق الإنسان، والبعثة الأممية والمجتمع الدولي، إلى اتخاذ موقف حازم، وعدم التهاون حيال هذا المشهد المظلم؛ واتخاذ كل ما يلزم من تدابير للضغط من أجل إنهاء هذه الممارسات. وطالبت بالإفراج غير المشروط عن المخطوفين، وضمان عدم تكرار هذه الجرائم، التي قالت إنها «تُشكِّل وصمة عار على جبين ليبيا، ومحاسبة الجهات المتورطة في خطفهم وفق الأطر القانونية».

وانتهت «التنسيقية» إلى أن استمرار هذه الانتهاكات دون محاسبة جادة «يضع مستقبل ليبيا وأمنها في مهب الريح، ويكرس واقعاً مشوهاً يكون فيه القانون أداة قهر، بدلاً من أم يكون حصناً للحقوق والعدالة».

وكان المبعوث الأميركي إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، قد دخل على خط أزمة «الاعتقالات التعسفية» في البلاد، وقال إن الولايات المتحدة تشارك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «مخاوفها المتزايدة بشأن عمليات الاحتجاز غير القانونية». ودعا إلى الإفراج الفوري عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً.