سلطات طرابلس تتعقّب «المهاجرين» وسط تصاعد مخاوف «التوطين»

منظمات حقوقية تتحدث عن «خطاب كراهية ضد السود»

توقيف «مهاجرين» تمت مداهمة مقرهم بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)
توقيف «مهاجرين» تمت مداهمة مقرهم بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)
TT

سلطات طرابلس تتعقّب «المهاجرين» وسط تصاعد مخاوف «التوطين»

توقيف «مهاجرين» تمت مداهمة مقرهم بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)
توقيف «مهاجرين» تمت مداهمة مقرهم بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)

صعّدت السلطات الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس ضد المهاجرين غير النظاميين، واعتقلت عشرات منهم في مدينة مصراتة (غرب)، وسط مخاوف من عملية «التوطين» في البلاد.

وقالت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية بغرب ليبيا إنها شنّت حملة لمعاينة مساكن العمالة الوافدة في مصراتة بهدف ضبط المخالفين، مشيرة إلى أن دوريات الفرع ضبطت عدداً من المهاجرين غير النظاميين، وسجّلت عدداً من المخالفات الصحية والبيئية والقانونية.

حي يضم عدداً من مساكن المهاجرين في مصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)

وأهابت إدارة إنفاذ القانون بالمواطنين، الذين يؤجرون المساكن للعمالة الوافدة، «بضرورة الحصول على التصاريح اللازمة من الجهات المختصة، والالتزام بجميع الضوابط القانونية والاشتراطات الصحية»، متوعدة بمواصلة «متابعة هذه المساكن بشكل دوري، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ جميع المخالفين».

وتأتي هذه الحملة الأمنية في ظل تصاعد مخاوف وتحذيرات من «توطين» هؤلاء الوافدين في ليبيا، حيث أمهل سكان مدينة تاجوراء، التي تعد إحدى النقاط المهمة لتجمع المهاجرين غير النظاميين، الأجهزة 72 ساعة لإخلاء منطقتهم من المهاجرين السريين، وقالوا إنهم «يتعرضون لمضايقات، وسوء سلوك من العمالة الأفريقية»، كما يتهمونهم بـ«الضلوع في عمليات سرقة وانتهاك للحرمات». وتوعّدوا في حال عدم إخراج هؤلاء المهاجرين من مدينتهم بأنهم سيتخذون «إجراءات حاسمة لاستئصال كل ما هو مشين في منطقتهم».

مقر عدد من المهاجرين بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)

وفيما حذّر الحقوقي الليبي، طارق لملوم، من أن «الحملة العشوائية» التي تشنّها الأجهزة الأمنية تستهدف أيضاً السودانيين الفارّين من الحرب، طالبت السفارة السودانية في ليبيا رعاياها، اليوم (الخميس)، بـ«أهمية احترام قوانين البلد المضيف والنأي عن التجمهر والتجمع خارج المنازل»، و«تقليل الحركة والتنقل إلّا للضرورة القصوى، واحترام حقّ الجار، وعدم التسبب في إحداث ضرر أو أذى له»، وقالت إنها «على تواصل مستمر مع السلطات الليبية، والمنظمات الدولية والوطنية العاملة في المجال الإنساني، بشأن توفير كافة التسهيلات والخدمات لهم خلال المحنة التي يمر بها السودان».

وطمأنت السفارة السودانية رعاياها بأن ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن حملات اعتقال للوافدين غير الشرعيين على ليبيا، وإعادتهم إلى بلدانهم، «غير معني بها الوافدون السودانيون حصراً، دون غيرهم من الوافدين غير الشرعيين، وأن قيام السلطات الليبية بمثل هذه الإجراءات حقّ شرعيّ ومن صميم واجباتها».

وفي مواجهة الحملة الأمنية ضد «المهاجرين»، أبدت 9 منظمات حقوقية رفضها القاطع لما أسمته «خطاب الكراهية والتمييز ضد السود»، سواء أكانوا مواطنين ليبيين أم مهاجرين مقيمين بالبلاد.

وحذّرت المنظمات في بيان أصدرته، مساء الأربعاء، من «العواقب الخطيرة لهذه الدعوات التحريضية، التي قد تؤدي إلى تصاعد العنف، وزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي، وتشكل تهديداً خطيراً للنسيج الوطني وللسلم المجتمعي»، مطالبةً الجهات القضائية والأمنية بـ«ملاحقة ومحاسبة كل من يروج لخطاب الكراهية، أو يحرض على العنف، خاصة المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي».

بعض من متعلقات «مهاجرين» تمت مداهمة مقرهم بمصراتة (إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية)

ودعت هذه المنظمات وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والمهنية في «منع انتشار خطاب الكراهية، والالتزام بمعايير النشر المسؤولة التي تحترم القيم الإنسانية وحقوق الأفراد».

مناشِدةً الرأي العام عدم الانسياق وراء الخطابات التحريضية، التي تبرر العنف ضد أشخاص لمجرد انتمائهم العرقي أو جنسيتهم، والتأكيد على أهمية معالجة هذا الملف وفق أسس قانونية وإنسانية. وأكدت الالتزام بالمبادئ والمواثيق الدولية، التي تجرّم التمييز العنصري، وتوفير الحماية القانونية والإنسانية لجميع الأفراد، بمن فيهم المهاجرون واللاجئون من أي انتهاكات أو أعمال عنف.

وأكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، خلال اجتماع خصص، اليوم (الخميس)، لمناقشة التحديات الأمنية والاقتصادية الناجمة عن تدفق المهاجرين غير القانونيين، وبحث إجراءات عاجلة لضبط الحدود ومكافحة التهريب والاتجار بالبشر، أن ليبيا لن تكون موطناً للهجرة غير النظامية. وشدّد على أن أمن واستقرار الشعب الليبي «خط أحمر»، نافياً الشائعات المتداولة حول «نية الحكومة توطين المهاجرين»، وأكد «رفضها القاطع لأي تسوية من هذا النوع».

من جانبه، عدّ عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أن الهجرة غير المشروعة ملف أمن قومي «يتطلب موقفاً حاسماً»، وقال إن هذه الظاهرة تعدّ «من أكبر التحديات التي تواجه ليبيا».

وأضاف الطرابلسي، في تصريح صحافي، اليوم (الخميس)، أنه «رغم كل الصعوبات، فإننا لم ندّخر جهداً في مواجهة هذه الظاهرة، وما زلنا نواصل العمل بكل جدية وحزم للتصدي لها... وندعو إلى وقفة وطنية موحدة لمجابهة هذا التحدي».

قوات الأمن تعتقل خلية لتهريب المهاجرين عبر الحدود الجنوبية (متداولة)

وأوضح الطرابلسي أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 3 ملايين مهاجر عبروا إلى ليبيا، مشيراً إلى أنهم سيبدأون قريباً تنفيذ عمليات الترحيل، «ما يتطلب تكاتفاً كاملاً بين جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك الحكومة، ومجلس النواب، والجيش، والقطاعات المعنية كافة». وأكد مجدداً أنه «لا للتوطين» في ليبيا التي هي دولة عبور للمهاجرين، ومطالباً دول الاتحاد الأوروبي بتحمل مسؤولياتها والوقوف إلى جانب الدولة الليبية لمعالجة هذا الملف بـ«جدية»، بدلاً «من التنصل من التزاماتها، ومحاولة إلقاء العبء بالكامل على ليبيا وحدها».

من جهته، أبدى مقرر مجلس النواب الليبي، النائب صالح قلمة، رفضه لما أسماه «استغلال موضوع الهجرة غير المشروعة، والتركيز على ذوي البشرة السمراء فقط، واستفزازهم في الشوارع والطرقات، سواء أكانوا أجانب أم ليبيين، على أساس اللون، لأن هذا غير مقبول».


مقالات ذات صلة

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

5 قتلى في قصف لـ«الدعم السريع» على مسجد بالخرطوم

تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

5 قتلى في قصف لـ«الدعم السريع» على مسجد بالخرطوم

تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

قُتل خمسة مدنيين وأصيب العشرات في قصف لـ«قوات الدعم السريع» لمسجد في شرق الخرطوم، وفق ما أفادت، الاثنين، منظمة «محامو الطوارئ»، في خضم سعي الجيش السوداني لفرض سيطرته الكاملة على العاصمة.

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)

وجاء في بيان للمنظمة التي توثّق انتهاكات حقوق الإنسان أن قصف «قوات الدعم السريع» طال الأحد «مسجد الرضوان في حلة كوكو - محلية شرق النيل أثناء أداء صلاة التراويح».