موريتانيا: حراك سياسي لحوار وطني «لا يقصي أحداً»

الرئيس ولد الغزواني التقى أبرز منافسيه في الانتخابات الأخيرة

قيادات الأحزاب السياسية المعارضة خلال نقاش توحيد جهودهم في الحوار المرتقب (وسائل التواصل الاجتماعي)
قيادات الأحزاب السياسية المعارضة خلال نقاش توحيد جهودهم في الحوار المرتقب (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

موريتانيا: حراك سياسي لحوار وطني «لا يقصي أحداً»

قيادات الأحزاب السياسية المعارضة خلال نقاش توحيد جهودهم في الحوار المرتقب (وسائل التواصل الاجتماعي)
قيادات الأحزاب السياسية المعارضة خلال نقاش توحيد جهودهم في الحوار المرتقب (وسائل التواصل الاجتماعي)

استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في مكتبه بالقصر الرئاسي في نواكشوط، الخميس، الناشط الحقوقي والسياسي المعارض، بيرام الداه اعبيد، الذي احتلَّ المرتبة الثانية في رئاسيات يونيو (حزيران) 2024، التي فاز بها ولد الغزواني.

ويُعد هذا اللقاء هو الأول بين المسؤولين منذ الانتخابات، التي رفض المرشح المعارض الاعتراف بنتائجها، وأعقبتها أعمال عنف، قُتل فيها عدد من الأشخاص، وسقط كثير من الجرحى، واعتقل العشرات. وجاء اللقاء في ظل استعداد الحكومة لتنظيم حوار وطني، يُشارك فيه جميع أطراف المشهد السياسي الموريتاني، من أجل التوصل إلى توصيات لتفادي تأزيم الوضع السياسي في البلد، خصوصاً بعد أعمال العنف التي أصبحت تتجدد بعد كل موعد انتخابي.

الرئيس الموريتاني يسعى لتنظيم حوار وطني يشارك فيه جميع الطيف السياسي (الرئاسة الموريتانية)

وقال الناشط الحقوقي ولد اعبيد، في مقابلة مع قناة «صحراء 24» الإخبارية الموريتانية، إن اللقاء الذي جمعه بولد الغزواني كان «ودياً»، مضيفاً أنه «كسر الجليد على مستوى العلاقات الشخصية»، في إشارة إلى القطيعة التي وقعت بين الرجلين خلال السنوات الأخيرة.

وأعلن ولد الغزواني فور وصوله إلى السلطة عام 2019 عن تهدئة سياسية، وأصبح يستقبل بشكل دوري قادة المعارضة في القصر الرئاسي، في إطار ما سمّاه «التشاور السياسي» المفتوح مع المعارضة. وكان ولد اعبيد من أكثر شخصيات المعارضة زيارة للقصر، حتى إنه وصف ولد الغزواني بأنه «صديقه الذي كان يبحث عنه». لكن العلاقة بين الرجلين سرعان ما توترت بعد الانتخابات التشريعية منتصف عام 2023، التي اكتسحها حزب «الإنصاف» الحاكم، ووصفها ولد اعبيد بأنها «مزوّرة»، وبدأ منذاك التصعيد ضد النظام الحاكم، لتتوقف لقاءاته مع ولد الغزواني، فيما قيل إنه «توتر» في العلاقات بينهما.

المرشح للرئاسيات بيرام الداه اعبيد خلال اجتماع قيادات المعارضة (وسائل التواصل الاجتماعي)

وفي الانتخابات الرئاسية منتصف العام الماضي، كان ولد اعبيد المنافس الأبرز لولد الغزواني، لكن الأخير نجح في حسم السباق من الشوط الأول، بعد أن نال نسبة 52 في المائة من أصوات الناخبين، وهي النتيجة التي رفض ولد اعبيد الاعتراف بها، ليتبنَّى خطاباً تصعيدياً ضد حكم ولد الغزواني.

تحضير للحوار

جاء لقاء الخميس بين ولد الغزواني وولد اعبيد لينهي عامين من القطيعة، وقال ولد اعبيد إن اللقاء ركَّز بشكل كبير على ملف الحوار السياسي، الذي يجري التحضير له؛ حيث سبق أن أجرى ولد الغزواني لقاءات مشابهة مع قادة الأحزاب السياسية في السياق نفسه.

وقال ولد اعبيد إنه أبلغ الرئيس رفضه المشاركة في «حوار لا يخدم سوى أجندة النظام الحاكم»، داعياً إلى ضرورة أن «يجسد الحوار المرتقب المصلحة العامة، ويخدم الشعب»، مؤكداً أنه «غير متفائل» بخصوص الحوار المرتقب.

كما لمح ولد اعبيد إلى أنه طلب ضمانات من أجل الدخول في الحوار المرتقب، دون أن يكشف طبيعة هذه الضمانات، وإن كانت محل قبول من طرف السلطات الموريتانية، التي تسعى لتنظيم الحوار.

توحد المعارضة

وأعلن ولد الغزواني في خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد في ولايته الثانية عن نيته تنظيم حوار وطني شامل، لا يقصي أي طرف، ولا يستثني أي موضوع، ودعا كل الطيف السياسي الوطني للمشاركة فيه. وأبدت المعارضة التي تعاني من الانقسامات رغبتها في المشاركة في هذا الحوار، وبدأت تستعد له في مساعٍ لتوحيد مواقفها وجهودها من أجل تحقيق مكاسب سياسية من الحوار المرتقب.

زعيم المعارضة في لقاء سابق مع وسائل الإعلام العمومي (الوزارة الأولى)

وفي هذا السياق، عقدت قيادات المعارضة سلسلة اجتماعات موسعة، من أجل «دراسة سُبل تفعيل العمل المعارض المشترك، وتعزيز التنسيق بين قوى المعارضة في المرحلة المقبلة»، وفق ما جاء في بيان صحافي مشترك.

وناقشت قيادات ضرورة وضع برنامج عمل مشترك وموحّد يشمل دخول المعارضة في الحوار الوطني المرتقب. وبناءً على ذلك، أسفر الاجتماع عن قرار بتشكيل «لجنة مكلفة بإعداد برنامج عمل مشترك لقوى المعارضة في المرحلة المقبلة، مع الاستمرار في اللقاءات والاتصالات بهدف التنسيق في المواقف تجاه القضايا المستجدة».


مقالات ذات صلة

بوتين يعلن خططاً لعقد قمة تجمع روسيا والدول العربية

العالم العربي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه سلطان عمان هيثم بن طارق في الكرملين بموسكو اليوم (أ.ف.ب) play-circle 00:30

بوتين يعلن خططاً لعقد قمة تجمع روسيا والدول العربية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الثلاثاء)، خططاً تُعدها موسكو لعقد قمة بين روسيا والدول العربية خلال العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم العربي الأمير فيصل بن فرحان خلال استقباله الدكتور بدر عبد العاطي في مقر الخارجية السعودية بالرياض الاثنين (واس)

مشاورات سعودية - مصرية في الرياض

استضافت الرياض الاجتماع الوزاري السابع للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر، الذي ناقش التطورات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

غازي الحارثي (الرياض)
شمال افريقيا افتتاح مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة (وزارة العمل المصرية)

مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة يدعو إلى «التكامل» ومواجهة تحديات المنطقة

دعا مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة إلى «تعزيز آليات التعاون والتكامل بين الدول العربية لمواجهة تحديات المنطقة».

أحمد إمبابي (القاهرة)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال استقبال وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين (وام)

محمد بن زايد يستقبل وزير الخارجية العراقي ويبحث معه القضايا المشتركة

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري خلال لقاء وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

عبد العاطي في الجزائر وتونس... زيارة ثنائية تحمل رسائل سياسية

زار وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس والجمعة، كلاً من الجزائر وتونس، في زيارة ثنائية حملت رسائل سياسية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية أولاً تفجر جدلاً حاداً في ليبيا

تباينت ردود أفعال الليبيين حول الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً (مفوضية الانتخابات الليبية)
تباينت ردود أفعال الليبيين حول الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً (مفوضية الانتخابات الليبية)
TT

الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية أولاً تفجر جدلاً حاداً في ليبيا

تباينت ردود أفعال الليبيين حول الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً (مفوضية الانتخابات الليبية)
تباينت ردود أفعال الليبيين حول الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً (مفوضية الانتخابات الليبية)

تجدد الجدل في ليبيا مرة ثانية، بعد تبني عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية والنشطاء وضع خريطة مستقبلية، تتضمن الاكتفاء بإجراء انتخابات برلمانية فقط، بهدف إنهاء حالة الانقسام السياسي والحكومي الراهن.

وأصدرت شخصيات سياسية وازنة بياناً، مساء الاثنين، قالت فيه إنه في حال انتخاب برلمان جديد فإن ولايته لن تتجاوز عامين، وفي هذه المدة يمكن استكمال المسار الدستوري، عبر إجراء استفتاء شعبي على مشروع الدستور المنجز عام 2017، ثم يعقب ذلك تنظيم انتخابات عامة.

رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح (المفوضية)

ووقع على البيان قرابة 300 شخصية حتى الآن، من بينهم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إلى جانب عدد محدود من أعضاء مجلسي «النواب» و«الدولة»، بالإضافة إلى وزراء سابقين. ودعا الموقعون على البيان إلى تشكيل حكومة وطنية، تعمل على توحيد البلاد وتحسين الأوضاع المعيشية، وتهيئة المناخ للاستحقاقات المقبلة «بعيداً عن المحاصصة وسطوة السلاح والمال الفاسد».

ويرى رئيس «لجنة الشؤون السياسية» بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن «صعوبة التوافق حول شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، واتساع الفجوة بين أفرقاء الأزمة السياسية، لا يمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية، أو لقبول نتائجها في حال عقدها».

عبد الحميد الدبيبة أحد الموقعين على البيان السياسي (الوحدة)

ودعا معزب، وهو أحد الموقعين على البيان، إلى «ضرورة فك الارتباط بين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية»، مشيراً إلى أنه «لا توجد خلافات تعوق إجراء الأخيرة». وتحدث عن «لقاء ضم عدداً من رؤساء لجان مجلسه ونائبة رئيس البعثة الأممية، ستيفاني خوري»، وقال إن اللقاء ركز على «مخاطر إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل المناخ المتأزم الراهن».

وتنص القوانين، التي أقرّها البرلمان الليبي في أكتوبر (تشرين أول) 2023، على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل متزامن، وهو ما اعترض عليه بعض السياسيين حينذاك، إلى جانب اعتراض آخر على ترشح العسكريين، الذين يحملون جنسيات أجنبية، للانتخابات الرئاسية.

وفي رده على مقترح أن الاكتفاء بالانتخابات التشريعية في الوقت الرهن يستهدف البرلمان القائم، دون المساس ببقية السلطات، مثل حكومة «الوحدة» وحليفها المجلس الرئاسي، قال معزب: «هذا ليس حقيقياً». موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف هو «تجديد شرعية الأجسام الراهنة كافة، خصوصاً أنه وفق الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية، ستنتهي ولاية المجلس الأعلى للدولة مع ولاية البرلمان»؛ أما بالنسبة للحكومة الوطنية فـ«الأمر لم يحسم، ولا يزال مفتوحاً للنقاش».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» المؤقتة، برئاسة الدبيبة، وتتخذ من العاصمة بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية يقودها أسامة حماد، ومكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية، وعدداً من مدن الجنوب، وتحظى بدعم المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».

بالمقابل، رأى وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة «المؤقتة»، السفير حسن الصغير، أن هدف البيان هو «الضغط على اللجنة الاستشارية بغرض التسويق بأن خيار إجراء الانتخابات البرلمانية فقط مدعوم من كل الليبيين».

بدوره، انتقد عضو المجلس الأعلى للدولة، سعيد ونيس، البيان عادّاً أن هدفه هو «التشويش وإفشال أي مخرجات قد تصدر عن اللجنة الاستشارية؛ مما يزيد من ضبابية المشهد السياسي وترسيخ جموده». وقال ونيس لـ«الشرق الأوسط» إن البيان «وضع إجراء الانتخابات التشريعية أولوية، وخطوة تسبق تشكيل حكومة موحدة للبلاد؛ والحقيقة أنه لا يمكن إجراء أي استحقاق دون وجود الأخيرة».

المصرف المركزي انتقد إنفاق الحكومتين المتنازعتين على السلطة واضطراره لتخفيض قيمة العملة المحلية (رويترز)

ويعتقد ونيس أن داعمي البيان «تغافلوا عما كشف عنه المصرف المركزي مؤخراً من توسع في إنفاق الحكومتين المتنازعتين على السلطة، واضطراره لتخفيض قيمة العملة المحلية، وتداعيات ذلك من ارتفاع لعدد من السلع الرئيسية وتزايد معاناة المواطن»، لافتاً إلى المطالبة بإيجاد حكومة موحدة لوضع سياسة مالية ونقدية رشيدة.

كما انتقد ونيس ما اعتبره دعوة البيان «نسف مخرجات اللجنة المشتركة (6+6)، عبر العودة لخيار الاستفتاء على مشروع الدستور»، وقال بهذا الخصوص: «كان من الأفضل انتظار إعلان مقترحات اللجنة الاستشارية المشكَّلة، ومحاولة البحث عن مواءمة بين تلك المقترحات ومخرجات المجلسين».

أما عضو مجلس النواب، عصام الجيهاني، فاعتبر أن «طاولة البحث عن معالجة الأزمة السياسية تتسع لتشمل المقترحات كافة، سواء من نخب سياسية أو ما سوف تسفر عنه اللجنة الاستشارية من مقترحات؛ وإن ظلت بالنهاية غير ملزمة». ورأى أن «أغلب داعمي الدعوة للانتخابات البرلمانية فقط هم من الشخصيات التي تقدمت لخوض سباق المنافسة على مقاعد البرلمان في الانتخابات، التي تأجلت نهاية عام 2021».

وأوضح الجيهاني أن الدعوة لإجراء الاستفتاء على مشروع الدستور «قد يكون مفيداً لحسم الجدل حول عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، لكنه انتقد «عدم اهتمام البعثة الأممية بهذا الملف طيلة السنوات الماضية، في حين تركز فقط عن إيجاد توافق بين أفرقاء الأزمة على قاعدة دستورية تسمح بإجراء الانتخابات العامة».