موريتانيا: سجن ناشط في الحزب الحاكم بتهمة إهانة الرئيس

خلال أول محاكمة لناشط سياسي من داعمي قائد البلاد

الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)
الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)
TT

موريتانيا: سجن ناشط في الحزب الحاكم بتهمة إهانة الرئيس

الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)
الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)

أصدر القضاء الموريتاني، في وقت متأخر من ليلة الخميس، حكماً بالسجن في حق ناشط سياسي في حزب الإنصاف الحاكم، بعد إدانته بتهمة «إهانة وسب شخص رئيس الجمهورية»، وذلك بعد نحو شهرين من توقيفه بنفس التهمة.

وجاء في الحكم الصادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة نواكشوط الغربية أن الناشط السياسي، المدعو سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي، تمت إدانته بارتكاب «جنحة سب وإهانة شخص رئيس الجمهورية، ونشره عبر نظام معلوماتي».

وهذه الجنح يجرمها القانون الموريتاني، خاصة قانون حماية الرموز الوطنية، وتجريم المساس بهيبة الدولة والمواطن، وقانون مكافحة الجريمة السيبرانية. وبموجب هذين القانونين حكم على ولد بدكي بالسجن عاماً كاملاً، مع وقف تنفيذ الحكم لستة أشهر، بالإضافة إلى دفع غرامة 100 ألف أوقية جديدة (نحو 3 آلاف دولار أميركي)، ودفع رسوم ومصاريف المحاكمة.

وكانت القضية قد أثارت جدلاً كبيراً في الشارع الموريتاني، منذ أن اعتقل الناشط السياسي في يناير (كانون الثاني) الماضي، إثر نشره رسالة تقدم بها إلى وزارة الداخلية واللامركزية يطلب فيها ترخيص وقفة احتجاجية «للمطالبة بالإفراج عن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني».

الناشط السياسي كان منتسباً لحزب الإنصاف الحاكم، وحاول الترشح للانتخابات التشريعية عام 2023 عن طريقه، ولكن اسمه لم يظهر في قوائم ترشيحات الحزب آنذاك، ليطلق في يونيو (حزيران) 2024 مبادرة سياسية تحت اسم «مبادرة الوفاء للوطن»، من أجل دعم ترشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية رئاسية ثانية.

وفي 29 يناير الماضي سلم الناشط السياسي رسالة إلى وزارة الداخلية، موقعة باسمه، وتحمل شعار مبادرة «الوفاء للوطن»، يقول فيها: «يطيب لنا أن نرفع إلى حضرتكم الكريمة طلبنا هذا، المتمثل في طلب موافقتكم على إقامة وقفة سلمية مطالبة بالإفراج عن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك يوم 10 فبراير (شباط) 2025».

وجرى تداول صورة من الرسالة على نطاق واسع عبر صفحات الناشطين الموريتانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت محل تفاعل كبير، وأثارت الكثير من النقاش والسخرية، ليتم بعد ذلك اعتقال الناشط السياسي.

في غضون ذلك، وجهت النيابة العامة إلى الناشط السياسي تهمة إنشاء محتوى يتضمن الإساءة لرئيس الجمهورية، ودعت إلى أن تتم إحالته للسجن بناءً على قانون الرموز، وهو قانون حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة والمواطن.

وقال مقربون من الناشط السياسي إنه «لم يكن ينوي الإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية»، مؤكدين أنه كان يحاول التعبير عن موقف سياسي من بطانة الرئيس، التي يعتقد أنها «غير مخلصة في عملها».

وشدد هؤلاء على أن الناشط السياسي لا يزال محتفظاً بموقفه الداعم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وأن ما يتعرض له هو «تصفية حسابات» من جهات في الحكومة، لا تريد سماع أي وجهة نظر مخالفة لما تراه»، وفق تعبير مصادر قريبة من الناشط السياسي.

وتعد هذه أول مرة تتم فيها محاكمة ناشط سياسي من داعمي الرئيس بموجب قانون حماية الرموز الوطنية، وهو قانون أثار الكثير من الجدل في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة، وتقول المعارضة إن الهدف منه تكميم أفواه الناشطين في صفوفها؛ حيث يتم تكييف الانتقادات الموجهة للرئيس والوزراء على أنها «سب وإهانة».


مقالات ذات صلة

السعودية: أمن المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة

الخليج نائب وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري (واس)

السعودية: أمن المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة

جدَّدت السعودية رفضها التام لدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ولأي محاولات لفرض حلول لا تحقق تطلعاته المشروعة في تقرير مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه سلطان عمان هيثم بن طارق في الكرملين بموسكو اليوم (أ.ف.ب) play-circle 00:30

بوتين يعلن خططاً لعقد قمة تجمع روسيا والدول العربية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الثلاثاء)، خططاً تُعدها موسكو لعقد قمة بين روسيا والدول العربية خلال العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم العربي الأمير فيصل بن فرحان خلال استقباله الدكتور بدر عبد العاطي في مقر الخارجية السعودية بالرياض الاثنين (واس)

مشاورات سعودية - مصرية في الرياض

استضافت الرياض الاجتماع الوزاري السابع للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر، الذي ناقش التطورات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

غازي الحارثي (الرياض)
شمال افريقيا افتتاح مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة (وزارة العمل المصرية)

مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة يدعو إلى «التكامل» ومواجهة تحديات المنطقة

دعا مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة إلى «تعزيز آليات التعاون والتكامل بين الدول العربية لمواجهة تحديات المنطقة».

أحمد إمبابي (القاهرة)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال استقبال وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين (وام)

محمد بن زايد يستقبل وزير الخارجية العراقي ويبحث معه القضايا المشتركة

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

هل ينتهي حلم «الإخوان» بعودة نشاطهم في مصر؟

مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)
مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)
TT

هل ينتهي حلم «الإخوان» بعودة نشاطهم في مصر؟

مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)
مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)

بعد قرار السلطات الأردنية بحل وحظر جماعة «الإخوان»، أثيرت تساؤلات حول تأثير ذلك على وضع الجماعة في مصر، فيما أكد مصدر مصري مسؤول أن «تنظيم الإخوان انتهى في البلاد، ولا سبيل لعودتهم، وكل ما يثار من أحاديث عن مصالحة معهم لا أساس له في الواقع».

وداهم الأردن جماعة «الإخوان»، الأربعاء، بقرارات حلّ وحظر ومصادرة، وأغلقت أجهزة الأمن مكاتبها في العاصمة والمحافظات بعد نحو 8 عقود من نشاطها.

المصدر المصري المسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا يبرهن للجميع على صحة الرؤية المصرية وصواب قرار القاهرة، حينما صنفت تلك الجماعة إرهابية وحظرتها»، مشدداً على أن «القرار في مصر كان قرار الشعب الذي لفظ الجماعة وإرهابها، قبل أن يكون قرار نظام، فضلاً عن وجود أحكام قضائية باتة تؤكد إرهاب المنتمين لتلك الجماعة».

وبحسب المصدر، فإنه «لا يوجد أي سند من الواقع لما يتردد بين الحين والآخر عن إمكانية تصالح النظام في مصر مع (الإخوان)، لأن هذا الأمر ليس في يد السلطات وحدها؛ بل هو قرار الشعب الذي لا يقبل بذلك، فضلاً عن عدم وجود ممثلين واضحين للجماعة أصلاً كي يتم التحدث معهم في أمور مثل هذه».

مرشد جماعة «الإخوان» محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)

الوضع الحالي للجماعة بمصر

بعد مرور أكثر من 10 سنوات على انتهاء حكم «الإخوان» بمصر في أحداث 30 يونيو (حزيران) 2013؛ باتت الجماعة في نظر البعض مهددة بالزوال الكامل وقد تصعب عودتها لما كانت عليه مرة أخرى.

بدأ الأمر بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي من الحكم، وأحرق مصريون المقر الرئيسي للجماعة، وتم القبض على مرشدها وكبار قادتها ومحاكمتهم بتهم «ارتكاب جرائم إرهابية». ومنذ ذلك الوقت تعرضت الجماعة لضربات موجعة، كما أنها عانت من انشقاقات وتحولت إلى ثلاث جماعات هي «تيار إسطنبول، وتيار لندن، وتيار ثالث من الشباب»، ويرى مراقبون أن «التيار الثالث أقلهم تأثيراً».

ومثلما تعرضت جماعة «الإخوان» لضربات وخسائر كبيرة في مصر، فقد حدث لها الأمر نفسه في تونس والمغرب وموريتانيا والسودان وبعض دول الخليج وأخيراً في الأردن.

رئيس التحرير السابق لـ«مجلة الديمقراطية»، الدكتور بشير عبد الفتاح، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(الإخوان) في أي دولة، هي امتداد للجماعة الأصلية في مصر، وكل ما يصيبها في أي مكان ينعكس على وضعها المتردي أصلاً بمصر، حيث إنها تلقت أولى ضرباتها أمنياً ثم سياسياً وشعبياً في مصر».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الإخوان كانوا يعولون على تغلغلهم في الأردن وعدم الحسم معهم من البداية لاستغلال ذلك في إحياء أملهم لعودة النشاط بمصر، ولكن الآن بعد الضربة القاتلة التي وجهها لهم النظام الأردني تبخر هذا الأمل».

لكن عبد الفتاح أشار إلى أن ذلك «لا يعني أن (الإخوان) انتهت إلى الأبد، فهي جماعة تقوم على الفكرة، ولها جانب تنظيمي وسياسي، وهي حالياً تواجه مشاكل سياسية وتنظيمية، وصعوبة في الانتشار بسبب الضربات التي وجهت لها في مصر والدول الأخرى، لكنها لا تواجه مشكلة في البقاء، لأن الأفكار صعب القضاء عليها بسهولة».

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «ارتكاب جرائم إرهابية» (أ.ف.ب)

تجدد أحاديث المصالحة

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصدرت السلطات القضائية في مصر، قراراً مفاجئاً بحذف أسماء مئات «الإخوان» في الداخل والخارج من «قوائم الإرهابيين» التي وضعوا عليها منذ نحو عشر سنوات، فيما سمي قضية «تمويل الإخوان». وأثار القرار حينها جدلاً كبيراً حول احتمال حدوث مصالحة بين النظام المصري و«الإخوان».

إلا أن المصدر المصري المسؤول تساءل: «مع أي جماعة سنتصالح؟... إذا كانت الجماعة نفسها منقسمة على نفسها وتحتاج للتصالح مع بعضها البعض أولاً، ثم إن أي قرارات قضائية يتم اتخاذها وفقاً للقانون والدستور، ولا علاقة لها بموقف النظام المصري وسياسته، فضلاً عن وجود رفض شعبي قاطع لفكرة المصالحة مع تلك الجماعة الدموية».

رئيس «وحدة الدراسات العربية والإقليمية» بمركز «الأهرام للدراسات السياسية»، محمد عز العرب، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن التعويل على وجود علاقة طردية بين حظر (الإخوان) في الأردن أو أي دولة، ومسألة عودتهم للنشاط من عدمه في مصر، وذلك لأن مصر تتعامل مع (الإخوان) خاصة بعدّه ملفاً محلياً، وتفصّل في علاقتها بالدول بوجود تلك الجماعة فيها من عدمه».

وأوضح أن «(الإخوان) كانوا نشطين في الأردن وما زالوا نشطين في دول عربية أخرى، ومع ذلك فمصر التي حظرت تلك الجماعة وصنفتها إرهابية منذ سنوات، علاقتها جيدة بتلك الدول». وأشار إلى أن «موضوع الإخوان في مصر معقد تماماً، فالجماعة حملت السلاح ضد الدولة والمجتمع، ومن ثمّ فهي مرفوضة شعبياً قبل أن تحظرها الدولة، ولا حديث عن أي مصالحة حالياً ولا في المستقبل القريب، لأن الشعب رافض لذلك».

لكن عز العرب أشار إلى أنه «لا شك أن حظر (الإخوان) في الأردن أو أي دولة أخرى، يخصم من أسهم الجماعة في المنطقة ويصعب الموقف عليها».

ويتفق خبراء على أن «الشعار الشهير للإخوان (الإسلام هو الحل) بات مشبوهاً في نظر الكثيرين، بسبب فقدان الثقة في الجماعة ومصداقيتها، وهو ما يجعل مسألة عودة الجماعة لسابق عهدها، مسألة صعبة مجتمعياً، بغض النظر عن تصالح النظام المصري مع (الإخوان) من عدمه»، لكن هؤلاء الخبراء يشيرون إلى «استحالة انتهاء فكر الجماعة».