دعت منظمة «مراقبة حقوق الإنسان» الدولية (Human rights watch) إلى نشر «بعثة لحماية المدنيين» في السودان، وتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في انتهاكات ميليشيا «درع السودان» و«كتائب البراء الإسلامية» الحليفة للجيش، واتهمتها بارتكاب «جرائم حرب، وجرائم قد ترقى لجرائم ضد الإنسانية» في ولاية الجزيرة، ودعت القوات المسلحة الى توضيح علاقتها بتلك القوات، وتعليق عمل قائدها أبو عاقلة كيكل، والقادة الرئيسيين، وإلى التحقيق في تلك الجرائم.
وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها الصادر، الثلاثاء، إن قوات «درع السودان» الحليفة للجيش استهدفت عمداً المدنيين في عدد من الهجمات في يناير (كانون الثاني) الماضي، وارتكبت انتهاكات عنيفة ضدهم؛ ما أدى لمقتل العشرات في قرية كمبو طيبة بشرق ولاية الجزيرة، ونهبت الممتلكات بشكل منهجي، بما في ذلك المؤن الغذائية، وأحرقت المنازل في عدد من قرى المدنيين المتحدر معظمهم من غرب البلاد».
من داخل اشاره سوبا شرققوات درع السودان بقيادة اللواء أبو عاقلة كيكلنصر من الله وفتح قريب #السودان_ينتصر pic.twitter.com/nlRsSIPs9L
— AMIN (@AMINHASSANCA) February 24, 2025
وتشكلت قوات «درع السودان» عام 2022 كقوات رديفة للجيش. وتتكون من مجموعات عربية بولاية الجزيرة، وشاركت في القتال منذ اندلاع الحرب وحتى أغسطس (آب) 2023، قبل أن تنشق وتنحاز لـ«قوات الدعم السريع» التي كلفت قائدها أبو عاقلة كيكل بقيادة منطقة الجزيرة العسكرية.
لكن القائد أبو عاقلة كيكل – وهو ضابط سابق في الجيش - وقواته «درع السودان»، انشق مجدداً عن «الدعم السريع»، وظهر إلى جانب قادة الجيش وعلى كتفه رتبة اللواء، وأعلن العودة للقتال في أكتوبر (تشرين الأول) 2024.
ودفع انشقاق كيكل «قوات الدعم السريع» لشن هجمات انتقامية ضد المدنيين في شرق الجزيرة، تحت ذريعة موالاتهم لقوات «درع السودان» بقيادته، واتهمت بارتكاب جرائم كبيرة في منطقة البطانة التي يتحدر منها الرجل على وجه الخصوص، شملت القتل والنهب والاغتصاب وغيرها.
وفي ردة فعل موازية هاجمت قوات «درع السودان» الحليفة للجيش، قرى السكان المدنيين المعروفة بـ«الكنابي»، والتي يتحدر سكانها من غرب البلاد، واتهمتهم بالتعاون مع «الدعم السريع»؛ ما جعل الصراع يبدو كأنه صراع بين العرب والأفارقة، وهو ما عدته المنظمة المعنية بمراقبة حقوق الإنسان «جرائم حرب»، وبعضها مثل قتل المدنيين عمداً، يرقى ليشكّل «جرائم ضد الإنسانية».
ابو عاقلة كيكل ، من هنا تمبول والخرطوم طوالي #السودان_ينتصر #السودان pic.twitter.com/pvgQo6gdM0
— Sudan Trend (@SudanTrends) January 12, 2025
ودعت «هيومان رايتس ووتش» القوات المسلحة السودانية للتحقيق في الهجمات التي ارتكبتها الجماعات المسلحة والميليشيات الحليفة لها، ومحاسبة المسؤولين، وتعليق عمل أبو عاقلة كيكل والقادة الرئيسيين الآخرين في قوات «درع السودان» انتظاراً لنتائج التحقيق، وأن توضح علاقاتها بتلك القوات والجماعات المسلحة الأخرى الحليفة لها، وسلسلة القيادة التي تحكم هذه المجموعات.
وحضّت المنظمة، الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والمنظمات الإقليمية الأخرى، مثل «الهيئة الحكومية للتنمية» (إيغاد)، على دعم نشر بعثة لحماية المدنيين في السودان، بشكل عاجل، ودعم تشكيل بعثة «تقصي حقائق دولية مستقلة في السودان»، وأن تتعاون معها، وضمان الموارد اللازمة لتنفيذ ولايتها، وتسهيل الوصول غير المقيد للتحقيقات، وتنفيذ توصياتها.
ودعت كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وغيرها من البلدان، لدعم المبادرات القوية «لحماية الأمن الشخصي للمدنيين في السودان وفرض عقوبات موجَّهة، تشمل منع السفر، وتجميد الأصول، ضد القادة والرسميين وقادة الميليشيات المسؤولين عن جرائم خطيرة في السودان».

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان كلف لجنة للتحقيق في الانتهاكات التي تتهم بها قواته والميليشيات الحليفة لها مثل «درع السودان» و«كتائب البراء الإسلامية»، وغيرها، وحدد أسبوعاً لتقديم تقريرها، ومرت قرابة الشهرين من دون ظهور نتاج تلك التحقيقات، وقالت «هيومان رايتس ووتش»، إن الجيش رغم إدانته لتلك الانتهاكات، لكنه وصفها بأنها «تجاوزات فردية».
وأحصى تقرير المنظمة مقتل 26 شخصاً في قرية كمبو طيبة معظمهم من المزارعين، دُفنوا في 3 قبور، ونهب نحو ألفي رأس من الماشية، إضافة إلى المؤن والأموال، وإحراق كثير من منازل المواطنين، بينما تقول تقارير صادرة عن «مؤتمر الكنابي»، وهو تنظيم مدني مَعنيّ بالدفاع عنهم، إن أعداد القتلى أكبر بكثير من تلك المعلَنة، وإن الانتهاكات لم تتوقف عند «كمبو طيبة»، بل شملت كثيراً من القرى والبلدات.