مصر وجنوب أفريقيا لتعميق التعاون في المشروعات التنموية

وسط تطلّع البلدين لشراكة استراتيجية

لقاء نائب وزير الخارجية المصري ونائبة وزير خارجية جنوب أفريقيا في جوهانسبرغ  (الخارجية المصرية)
لقاء نائب وزير الخارجية المصري ونائبة وزير خارجية جنوب أفريقيا في جوهانسبرغ (الخارجية المصرية)
TT
20

مصر وجنوب أفريقيا لتعميق التعاون في المشروعات التنموية

لقاء نائب وزير الخارجية المصري ونائبة وزير خارجية جنوب أفريقيا في جوهانسبرغ  (الخارجية المصرية)
لقاء نائب وزير الخارجية المصري ونائبة وزير خارجية جنوب أفريقيا في جوهانسبرغ (الخارجية المصرية)

تُعمق مصر وجنوب أفريقيا تعاونهما في ملفات أمن القارة والمشروعات التنموية، وسط تطلّع من البلدين لشراكة استراتيجية.

جاء ذلك خلال محادثات نائب وزير الخارجية المصري أبو بكر حفني محمود، ونائبة وزير خارجية جنوب أفريقيا أنَّا ثاندي موراكا، الجمعة، في حضور سفير مصر في بريتوريا، أحمد شريف، وذلك على هامش اجتماعات وزراء خارجية «مجموعة العشرين» في جوهانسبرغ.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، قدم حفني تعازي بلاده في وفاة جنود من قوات حفظ السلام في الأحداث الأخيرة بشرق الكونغو. وأعرب الطرفان عن تطلعهما إلى سرعة إنهاء الأزمة الحالية في المنطقة من خلال الحوار الذي يقوده كل من تجمع دول شرق أفريقيا، وتجمع دول الجنوب الأفريقي (السادك)، بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي.

وأعلن جيش جنوب أفريقيا، نهاية الشهر الماضي، مقتل أربعة من جنوده المشاركين في قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، لقوا حتفهم في الاشتباكات الأخيرة بين جيش الكونغو وحركة «23 مارس» أو «إم 23»، المدعومة من رواندا، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكدت مصر وجنوب أفريقيا مطلع الشهر الجاري «أهمية التنسيق المستمر بين البلدين في المحافل الدولية حول قضايا الأمن والاستقرار في القارة، خاصة في ضوء التحديات التي تواجه القارة الأفريقية»، وذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ووزير خارجية جنوب أفريقيا رونالد لامولا.

مبنى وزارة الخارجية المصرية على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
مبنى وزارة الخارجية المصرية على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

وبحسب «الخارجية المصرية»، الجمعة، فإن حفني وموراكا تطرقا إلى أجندة «مجموعة العشرين» خلال الرئاسة الجنوب أفريقية، وبخاصة إصلاح المنظومة الدولية متعددة الأطراف، وإصلاح منظومة مؤسسات التمويل الدولية، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة والانتقال العادل للطاقة، ضمن أمور أخرى. وأعربا عن اهتمامهما بسرعة الانتهاء من إجراءات إطلاق «مجلس الأعمال المصري - الجنوب أفريقي المشترك»، بما من شأنه أن يدعم الانخراط المؤسسي للقطاع الخاص في دفع التبادل التجاري والاستثماري والمشروعات التنموية بين البلدين، وهو الأمر الذي يحمل آفاقاً مهمة من المصالح المشتركة، لا سيما تحت مظلة اتفاقية التجارة الحرة القارية في أفريقيا.

وأكد الجانبان الإرادة السياسية المتوفرة لدى البلدين لتعزيز العلاقات وتكثيف التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، وصولاً لمرتبة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الأفريقيين الشقيقين.

يشار إلى أن «اللجنة المشتركة» للبلدين قد عقدت دورتها العاشرة في أبريل (نيسان) 2024، حيث تم الاتفاق على عقد الدورة المقبلة في 2026.

كما تناولت محادثات حفني وموراكا في جوهانسبرغ الجهود الجارية لتنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، والتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورونالد لامولا بالقاهرة في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورونالد لامولا بالقاهرة في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شددت مصر وجنوب أفريقيا على «أهمية اتخاذ خطوات تنهي التوتر في المنطقة وتمنع توسع الصراع». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رونالد لامولا في القاهرة «استمرار التشاور والتنسيق مع جنوب أفريقيا على جميع المستويات، بهدف التقدم نحو تحقيق السلم والأمن والتنمية بأفريقيا».

أيضاً استعرض الرئيس المصري ونظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على هامش قمة تجمع «بريكس» بمدينة قازان في روسيا الاتحادية، جهود دعم القضية الفلسطينية، وأكد الرئيسان، وفق بيان لـ«الرئاسة المصرية»، حينها، «مواصلة التشاور والتعاون في هذا الصدد على جميع المستويات، بهدف التوصل للتهدئة بالمنطقة، ودعم مسار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بما يحقق الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة».


مقالات ذات صلة

ترمب: أجريت مكالمة هاتفية مع السيسي وكانت جيدة للغاية

شمال افريقيا الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع ثنائي على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الولايات المتحدة 23 سبتمبر 2019 (رويترز)

ترمب: أجريت مكالمة هاتفية مع السيسي وكانت جيدة للغاية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الثلاثاء إنه تحدث هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وناقش معه الوضع في غزة، والحلول الممكنة بشأن الحرب في القطاع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أعمال إنشائية في محطة «الضبعة» النووية (هيئة المحطات النووية بمصر)

مصر «تحرز تقدماً» في مشروعها النووي

وقّعت مصر وروسيا في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاق تعاون لإنشاء محطة للطاقة الكهروذرية، بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من المفرج عنهم بعفو رئاسي مصري (الداخلية المصرية)

عفو رئاسي عن سجناء بمصر

أفرجت مصر عن أكثر من ألفي سجين، في عفو سنوي معتاد بمناسبة عيد الفطر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية رابطة الأندية المصرية المحترفة (الرابطة المصرية)

بيراميدز يرفض تكلفة الحكام الأجانب... والأهلي يتمسك بهم

أعلن الاتحاد المصري لكرة القدم الاثنين أن الأهلي طلب الاستعانة بحكام أجانب لإدارة مباراته المقبلة بالدوري الممتاز أمام بيراميدز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المصري محمد شعبان خلال حواره مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)

مصريون ناجون من سجون «الدعم السريع» في السودان يروون معاناتهم

على مدى ما يقرب من عامين، نُقل عماد معوض مرات كثيرة من مكان احتجاز إلى آخر في السودان؛ حيث اعتقلته «قوات الدعم السريع» مع عدد آخر من المصريين بتهمة «التجسس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حزمة «اتفاقات إيجابية» في إقرار مصالحة بين الجزائر وفرنسا

مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)
مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)
TT
20

حزمة «اتفاقات إيجابية» في إقرار مصالحة بين الجزائر وفرنسا

مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)
مكالمة الرئيس ماكرون مع تبون تمخض عنها قرار عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين (أ.ف.ب)

يرتقب عودة سفير الجزائر لدى فرنسا إلى منصبه واستئناف جميع أشكال التعاون التي تم تعليقها بين البلدين، إثر محادثات هاتفية بين الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، الاثنين.

وعاشت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تجربة في غاية التعقيد منذ الصيف الماضي، بعد إعلان باريس دعمها الحل المغربي لمشكلة الصحراء.

تضمن بيان مشترك أصدرته الرئاستان الجزائرية والفرنسية، بخصوص الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، اتفاقات إيجابية، أهمها إنهاء وقف التعاون في مجالات عدة دام ثمانية أشهر، يأتي على رأسها ما يعرف بـ«الاشتغال على ملف الذاكرة»، الذي بدأ في 2022 بهدف تسوية «ملف آلام الماضي الاستعماري» للتوجه نحو بناء علاقات تقوم على تبادل المنافع.

فريق المؤرخين الجزائريين المكلف بقضية الذاكرة مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)
فريق المؤرخين الجزائريين المكلف بقضية الذاكرة مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

وأطلق الرئيسان إثر زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022 «لجنتان»؛ إحداهما تضم 6 باحثين جزائريين في التاريخ، والثانية فرنسية تتكون من نفس العدد من الخبراء في الميدان نفسه، وتم تكليفهم بالتسوية التاريخية، بهدف الوصول إلى «مصالحة بين الذاكرتين» وفق تعبير الرئيس الفرنسي.

وقد أثمرت اجتماعات هؤلاء الخبراء إنجازات عديدة؛ خصوصاً ما تعلق بطلب الجزائر استرجاع أرشيف ثورة التحرير (1954 - 1962)، وإعادة رفات رموز المقاومة الشعبية ضد الغزو الفرنسي خلال القرن الـ19، التي تم الاحتفاظ بها في متاحف باريسية، فيما وقع خلاف بشأن نقل أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، قائد أكبر هذه المقاومات، من قصر بفرنسا؛ حيث قضى فترة أسره (1848 - 1852) إلى الجزائر، الذي أثار جدلاً عشية زيارة كانت ستقود تبون إلى باريس في الخريف الماضي، لكن تم إلغاؤها بعد سحب سفير الجزائر من فرنسا، سعيد موسي، في رد فعل على دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.

وتحدث البيان المشترك، الذي أقر عودة الهدوء إلى العلاقات الثنائية، عن اتفاق الرئيسين على «إطلاق حوار مبني على المساواة»، من دون توضيح ما يقصد بذلك، مؤكداً أن هذا الاتفاق «ضرورة تفرضها قوة الروابط، لا سيما الإنسانية، التي تجمع بين الجزائر وفرنسا، والمصالح الاستراتيجية والأمنية للبلدين، فضلاً عن التحديات والأزمات التي تواجهها أوروبا ومنطقة الحوض المتوسط – أفريقيا».

ويقصد بـ«الروابط الإنسانية» ملايين الجزائريين المقيمين بفرنسا، وملايين المواطنين بها، الذين يحملون جنسية مزدوجة، وآلاف الكوادر الفرنسيين المنتسبين لنحو ألفي شركة فرنسية تعمل في الجزائر. وقد لخص البيان المشترك أهمية هذا العنصر في العلاقات الثنائية، بحديثه عن «ضرورة العمل بروح الصداقة لإضفاء طموح جديد على هذه العلاقات».

كما تم الاتفاق على «استئناف التعاون فوراً في مجال الأمن بين البلدين»، الذي تمثل طيلة السنوات الماضية بتبادل المعلومات، والتنسيق في إطار محاربة الإرهاب في الساحل، خاصة حول مشكلة الفرنسيين الذين التحقوا بالجماعات الجهادية في سوريا والعراق، بعضهم يملك أصولاً جزائرية. وقد عرفت الجزائر كما فرنسا، عودة بعضهم بعد القضاء على «داعش» والتنظيمات الموالية له في المشرق العربي، ونقل الكثير منهم أنشطتهم إلى المنطقة جنوب الصحراء خصوصا مالي.

وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (أ.ب)
وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (أ.ب)

وشمل الاتفاق أيضاً «استئناف التعاون الفوري والموثوق والسلس والفعّال في مجال الهجرة، بما يسمح بمعالجة جميع جوانب حركة الأشخاص بين البلدين، وفقاً لمنهج يركز على النتائج التي تلبي اهتمامات البلدين». ويفهم من ذلك، إنهاء الجزائر رفض تعاونها القنصلي مع محافظات فرنسية، أبعدت عدداً كبيراً من المهاجرين الجزائريين غير النظاميين، وهي قضية تسببت في تصاعد التوترات بين البلدين؛ خصوصاً مع إصرار وزير الداخلية، برونو ريتايو، على إعداد «قوائم» تضم المئات منهم لترحيلهم. كما رفضت الجزائر دخول العشرات من رعاياها المهاجرين النظاميين، الذين سعى ريتايو إلى إبعادهم بحجة «التحريض على قتل معارضي النظام الجزائري»، وتم اتهامهم بـ«تقويض الأمن في فرنسا»، ومن أشهر هؤلاء «المؤثر» بوعلام نعمان، الشهير بـ«دوالمن»، الذي رحّلته فرنسا مرتين وأعادته الجزائر من مطار عاصمتها في نفس الطائرة التي أقلته.

المؤثر بوعلام نعمان (إ.ب.أ)
المؤثر بوعلام نعمان (إ.ب.أ)

كما تضمنت «حزمة الاتفاقات» تعهداً من الرئيس الفرنسي بدعم موقف الجزائر في المفاوضات، التي بدأتها مطلع العام مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، حول «اتفاق الشراكة» مع دول الاتحاد، إذ ترى الجزائر أنها تضررت كثيراً منذ تطبيقه عام 2005، وأنه جلب المنفعة أكثر إلى أوروبا التي احتجت من جهتها على وقف الجزائر استيراد الكثير من السلع والمواد منذ 2022 على أساس أن هذا القرار «يخل بالتزاماتها الواردة في الاتفاق».

وينتظر أن يتم ترسيم هذه الاتفاقات خلال زيارتين لوزير الخارجية والعدل الفرنسيين، جان نويل بارو، وجيرالد دارمانان إلى الجزائر في بداية الشهر الحالي؛ حيث من المرتقب أيضاً بحث «حالة الكاتب بوعلام صنصال»، الذي ناشد ماكرون نظيره الفرنسي لتمكينه من عفو رئاسي «نظراً لسنّه وحالته الصحية»، حسبما ورد في البيان الذي تناول محادثاتهما.

الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال الذي فاقمت قضيته حدة الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ب)
الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال الذي فاقمت قضيته حدة الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ب)

وبقي الموقف الفرنسي من الصحراء «الحلقة المغيبة» في مجموعة هذه الاتفاقات. فمنشأ التوترات، حسبما هو معلوم، كان خروج باريس عن حيادها من هذا النزاع القديم، وعدم إثارته في البيان يدعو إلى الاعتقاد بأن لا شيء سيتغير فيه، علماً بأن الجزائر سحبت سفيرها من إسبانيا عام 2022، وعلقت التجارة معها بسبب الدعم نفسه الذي قدمته مدريد لمخطط الحكم الذاتي المغربي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، عاد السفير الجزائري إلى موقعه، ورفع التجميد عن الأنشطة التجارية، من دون أن يحيد الإسبان عن موقفهم، الذي خلف استياء الشريك التجاري الكبير في شمال أفريقيا.