الجزائر تعيد بناء علاقاتها مع مدريد مقابل توتر مستمر مع فرنسا

تبون وصف إسبانيا بـ«الدولة الصديقة» رغم تواصل تجميد «معاهدة الصداقة»

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
TT

الجزائر تعيد بناء علاقاتها مع مدريد مقابل توتر مستمر مع فرنسا

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)

أوحت تصريحات وأعمال في الميدان بأن الجزائر وإسبانيا تجاوزتا مرحلة التوترات الدبلوماسية التي أثرت كثيراً على علاقاتهما بين 2022 و2024، بسبب غضب الجزائريين مما عدوه «انحياز» مدريد للمغرب في نزاع الصحراء. غير أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن رفع التجميد عن «معاهدة الصداقة» التي تجمع البلدين، والتي علقتها الجزائر في 18 مارس (آذار) 2022.

سفير الجزائر أثناء تسليم أوراق اعتماده لملك إسبانيا في نوفمبر 2024 (الحكومة الإسبانية)

آخر مؤشر على عودة التوازن إلى العلاقات بين الجارين المتوسطيين، تضمنه منشور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء الماضي، على حسابه بمنصة «إكس»، كتب فيه مهنئاً الكاتب الروائي الجزائري محمد مولسهول، بمناسبة حصوله على جائزة مرموقة، بأن إسبانيا «دولة صديقة». ونال مولسهول التتويج من جمعية للكتاب في برشلونة، ومن «برلمان كُتّاب البحر الأبيض المتوسط» بمدينة فالنسيا.

ويفهم من صفة «الصديق» التي أطلقها تبون على إسبانيا، أن بلده تخلى عن الخطاب الحاد ضد هذا البلد الشريك في مجالات التجارة والتبادل الإنساني منذ عشرات السنين بفضل القرب الجغرافي. كما يفهم، ضمناً، عودة العمل بـ«معاهدة الصداقة وحسن الجوار» التي وضعت في 2022، وحددت إطاراً للتعاون الثنائي في كل المجالات، وذلك بعد أن قررت الجزائر تعليقها رد فعل على تغير الموقف الإسباني إزاء قضية الصحراء، من الحياد إلى تأييد ودعم خطة المغرب الخاصة بالحكم الذاتي في المنطقة.

الوزير الأول الجزائري السابق مع وزيرة التحول البيئي الإسبانية بالجزائر في 27 أكتوبر 2021 (الشرق الأوسط)

وحول هذا التطور في العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، كتب أستاذ العلوم السياسية، محمد هنَاد: «اليوم يتم الحديث عن إسبانيا دولة صديقة، والتعامل معها بوصفها شريكاً اقتصادياً قوياً. شيء جميلǃ لكن هل لأن موقفها من المخطط المغربي قد تغيّر، ما دام أن هذا الموقف هو الذي كان سبب قطع الجزائر لعلاقاتها بها؟».

خسائر كبرى لحقت بالتجارة بين البلدين جراء وقف الصادرات (صورة لميناء الجزائر العاصمة)

وبلغت خسائر التجارة من الجانب الإسباني، منذ بداية الأزمة مطلع 2022 إلى نهاية 2022، نحو 800 مليون يورو، وفق ما ذكرته وزارة التجارة الإسبانية، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2022. ومست، حسب صحف إسبانية، قطاعات كثيرة، منها الصناعة الغذائية ولحوم المواشي التي تمثل نسباً مهمة من رقم أعمال الشركات الإسبانية مع السوق الجزائرية. كما تسببت القطيعة الاقتصادية في ندرة حادة طالت مواد بالسوق الجزائرية، كان يتم استيرادها من إسبانيا.

واشترطت الجزائر بعد تعليق «معاهدة الصداقة»، وسحب السفير من مدريد، عودة إسبانيا عن قرارها الداعم للمقترح المغربي، مقابل استئناف العلاقات، غير أن مدريد لم تعلن رسمياً أنها سحبت تأييدها للمغرب حتى اليوم. علماً أن السفير الجزائري عاد إلى موقعه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وكان ذلك أول مؤشر عن إزالة التوتر في العلاقات الثنائية، ثم تلته عودة تدريجية للتجارة، بعد أن طالتها «الأعراض الجانبية» لقطع العلاقة الدبلوماسية.

وسبق استئناف السفير الجزائري لمهامه بأسابيع قليلة توقيع اتفاقية بين «غرفة التجارة والصناعة الجزائرية»، و«غرفة التجارة لبرشلونة»، خصت تطوير التبادلات التجارية، وتبادل الخبرات والتدريب في مجالات التجارة والصناعة، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، ودعم المشروعات الابتكارية والتكنولوجية، وتسهيل التعاون بين الشركات الناشئة والمؤسسات البحثية في الجزائر وإسبانيا.

الوزير عطاف مع وزير خارجية إسبانيا في قمة مجموعة العشرين اليوم الجمعة (الخارجية الجزائرية)

وفي 17 فبراير (شباط) الحالي وقعت مؤسسة «ميدترانيه بوليستير» الجزائرية ومؤسسة «نيو رزين» الإسبانية اتفاق شراكة، يخص تصنيع رواسب البوليستر، التي تُستخدم في مختلف القطاعات الصناعية، مثل صناعة المواد المركبة التي تُستخدم في البناء، وصناعة السيارات.

وفي مقابل هذا التقارب، سحبت الجزائر سفيرها من فرنسا، وأوقفت التعاون معها في المجال القنصلي، منذ يوليو (تموز) الماضي للسبب ذاته الذي كان وراء الأزمة مع إسبانيا. غير أن التوترات مع باريس أخذت منحى خطيراً، بسبب التاريخ المشترك بين البلدين، ووجود 500 شركة فرنسية عاملة في الجزائر، وملايين الجزائريين الذين يعيشون في فرنسا.



المغرب والجزائر: اضطرابات في الخدمات بسبب انقطاع الكهرباء بإسبانيا والبرتغال

مسافرون عالقون لدى محطة قرطبةفي إسبانيا يفترشون الأرض بسبب عدم قدرتهم على الانتقال إلى منازلهم (أ.ف.ب)
مسافرون عالقون لدى محطة قرطبةفي إسبانيا يفترشون الأرض بسبب عدم قدرتهم على الانتقال إلى منازلهم (أ.ف.ب)
TT

المغرب والجزائر: اضطرابات في الخدمات بسبب انقطاع الكهرباء بإسبانيا والبرتغال

مسافرون عالقون لدى محطة قرطبةفي إسبانيا يفترشون الأرض بسبب عدم قدرتهم على الانتقال إلى منازلهم (أ.ف.ب)
مسافرون عالقون لدى محطة قرطبةفي إسبانيا يفترشون الأرض بسبب عدم قدرتهم على الانتقال إلى منازلهم (أ.ف.ب)

تسبّب الانقطاع الكبير للكهرباء في إسبانيا والبرتغال الإثنين في «اضطرابات» في خدمة الإنترنت وعمل المطارات في المغرب، بحسب ما أعلنت الجهات المعنية في المملكة.

وقالت شركة أورانج، إحدى شركات الاتصالات في المغرب، في إعلان لزبائنها عبر حسابها على فيسبوك «نحيطكم علماً أن اضطراب شبكة الإنترنت راجع إلى انقطاع كهربائي واسع في إسبانيا والبرتغال، ما أثر على الروابط الدولية». ولم يصدر عن الشركتين المنافستين، اتصالات المغرب وإنوي، أي إعلان في هذا الصدد.

بدوره، أعلن المكتب الوطني للمطارات في المملكة أنّ «نظام التسجيل بمطارات المملكة يعرف اضطرابات نتيجة العطل الكهربائي الواسع النطاق الذي عرفته شبه الجزيرة الإيبيرية». وأضاف المكتب في بيان أنّه «يؤكد استمرارية عمليات المطارات عبر اعتماد الطريقة اليدوية، ويدعو المسافرين إلى التحقق من حالة رحلاتهم عبر التواصل مع شركات الطيران الناقلة قبل التوجه إلى المطار».

وفي الجزائر، أعلنت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية عصر الاثنين احتمال حصول «اضطرابات في خدمة الإنترنت (...) في الساعات القادمة، نظرا لانقطاع التيار الكهربائي العام الذي مس إسبانيا و دولا أوروبية أخرى». لكنها أضافت في بيان على فيسبوك «مع ذلك، نود أن نطمئنكم الى أنه تم اتخاذ إجراءات وقائية (...) لضمان استمرارية الخدمات لفترة زمنية محددة».

وانقطع التيار الكهربائي على نطاق واسع في إسبانيا والبرتغال الاثنين، ما أدى إلى تعطل شبكات الهاتف المحمول والإنترنت وتوقف القطارات، وفق ما أعلن مسؤولون. وتبذل الحكومة الإسبانية جهودا حثيثة لتحديد مصدر الانقطاع الكبير للتيار الكهربائي.

وفي البرتغال المجاورة، قالت شركة الكهرباء في بيان إن شبه الجزيرة الإيبيرية بأكملها تأثرت بانقطاع الكهرباء، مضيفة أن الانقطاع حدث بحدود منتصف النهار. وفي الأعوام الأخيرة، شهدت دول أخرى حول العالم انقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي.

وشهدت تونس انقطاعا كبيرا للكهرباء في سبتمبر (أيلول) 2023، وسريلانكا في أغسطس (آب) 2020، والأرجنتين وأوروغواي في يونيو (حزيران) 2019. وفي أوروبا، انقطعت الكهرباء في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 عن عشرة ملايين شخص لمدة ساعة في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا. وتسبب في ذلك عطل في شبكة الكهرباء الألمانية.