أكد محامون وحقوقيون في الجزائر أن محكمة مدينة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة) أدانت، الثلاثاء، عضوين في تنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل الأمازيغية بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ لأحدهما، و5 سنوات مع التنفيذ بحق الثاني. كما جرى الوقت نفسه إيداع طالب بـ«كلية الطيب» الحبس الاحتياطي (غرب البلاد)، وهو يعد أحد قيادات إضراب تشنه كليات الطب منذ 3 أشهر.

وشمل حكم السجن المغني المعروف محند شريف آيت علي بلقاسم (69 سنة)، ورفيقه في الفن رشيد ولد إبراهيم (60 سنة)، وقد اتهمت النيابة الأول بـ«الانتماء إلى الحركة من أجل الحكم الذاتي في القبائل»، المعروفة اختصاراً بـ«ماك»، و«إهانة رئيس الجمهورية»، و«الاتجار بالأسلحة»، و«ازدراء الرسول»، بينما وجهت لصديقه تهمة الانتماء للتنظيم المصنف «جماعة إرهابية» ضمن قانون العقوبات.
واعتقل محند شريف في 23 من أبريل (نيسان) 2024 في مطار الجزائر العاصمة أثناء عودته من فرنسا حيث يقيم. وفي اليوم نفسه اعتُقل صديقه الذي يتحدر من قريته بأعالي محافظة تيزي وزو، ووضعهما قاضي التحقيق يومها تحت الرقابة القضائية، وسحب منهما جوازي السفر، على أساس تهم «إرهاب».
ووفق مصادر قضائية على دراية بالملف، تتضمن لائحة التهم ضد الشخصين وقائع تخص نشاط «ماك» في إطار إطلاق حكم ذاتي في المحافظات الناطقة بالأمازيغية، وهي تيزي وزو كبرى مدن القبائل، وبجاية والبويرة وبومرداس، وكلها تقع بالشرق.

وسبق للسلطات أن اتهمت «ماك» بـ«إرسال أسلحة» إلى هذه المناطق، انطلاقاً من موانئ فرنسية، خصوصاً ميناء مرسيليا بالجنوب. وجرى الصيف الماضي اعتقال شخص ببجاية كان عائداً من مرسيليا، وقالت وسائل إعلام إنه «كان يخبئ أسلحة بسيارته». كما تم اتهام التنظيم ونشطائه بالوقوف وراء حرائق مستعرة بمنطقة القبائل صيف 2021، خلَّفت خسائر بشرية ومادة كبيرة. وسجن في هذه القضية العشرات من الأشخاص.
والمعروف أن القضاء الجزائري أدان رئيس التنظيم المطرب الأمازيغي المعروف، فرحات مهني (72 سنة)، بالسجن 20 سنة مع التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وأطلق مذكرة اعتقال بحقه وطالب فرنسا، حيث يقيم لاجئًا سياسياً، بتسليمه.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون، قد تناول قضية مطلوبين لدى القضاء يعيشون بفرنسا، في مقابلة مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية نشرتها، الأحد الماضي، مؤكداً أنه «من الغريب أن باريس تمنح الجنسية أو حق اللجوء لأشخاص (جزائريين) ارتكبوا جرائم اقتصادية، أو شاركوا في نشاطات تخريبية على الأراضي الفرنسية»، مبرزاً أن «بعضهم، وفقاً لمعلوماتنا، تم تجنيدهم من قبل جهاز الأمن الفرنسي كمخبرين». وقال أيضاً: «نود أن توافق فرنسا على طلباتنا المتعلقة بتسليم المجرمين، كما فعلت إسبانيا وإيطاليا وألمانيا».
وأهم الموجودين بفرنسا، ممن تطالب بهم الجزائر، ضابط الأمن سابقاً هشام عبود، ووزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب، و«اليوتيوبرز» أمير بو خرص.
وفي سياق إضراب يشنه طلاب الطب منذ 3 أشهر، أودع قاضي التحقيق بمحكمة تلمسان (غرب) الناشط البارز في حركة الاحتجاج، شرف الدين طهراوي، الحبس الاحتياطي في 28 من الشهر الماضي، حسبما أعلنه محاميه كمال رشيد لوح، الاثنين، لصحافيين.

وأفادت مصادر قضائية بتلمسان أن ممثل المضربين بكلية الطب المحلية، الشاب طهراوي يقع تحت طائلة تهم «نشر معلومات كاذبة» (تخص ردود الحكومة على مطالب المضربين)، و«المسّ بالنظام العام»، و«المسّ بالمصلحة الوطنية».
ومنذ أشهر توقف طلاب العلوم الطبية عن الدراسة، ما أدى إلى شلل في أهم كليات الطب في البلاد. ومن أهم مطالبهم رفع عدد المناصب في برنامج الإقامة الطبية، والمصادقة على شهاداتهم للاعتراف الدولي بها، وتحسين ظروف التدريب في المستشفيات الجامعية، بالإضافة إلى ضمانات تخص التوظيف بعد نهاية فترة التدريب.
ويعد طهراوي أحد أبرز المتحدثين باسم حركة الاحتجاج. ومنذ الإعلان عن وضعه رهن الاعتقال، أُطلقت حملة واسعة من التضامن من قبل زملائه، داعين إلى إطلاق سراحه.