مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

خلال اتصال بين وزيري خارجية البلدين تناول مستجدات غزة و«القرن الأفريقي»

دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)
دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)
دونالد ترمب خلال لقاء عبد الفتاح السيسي على هامش «الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة» في سبتمبر 2018 (الرئاسة المصرية)

جرت محادثات بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، الجمعة، تطرقت لملفات الأزمات بالمنطقة في قطاع غزة و«القرن الأفريقي» وأمن البحر الأحمر و«سد النهضة» الإثيوبي، وسط توافق بينهما على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بهدف خفض التصعيد في المنطقة وإحلال السلام والاستقرار».

ذلك الاتصال الهاتفي بين عبد العاطي وروبيو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ستبنى عليه خطوات لتعزيز مسارات التعاون والتوافق مما يساعد في استكمال اتفاق الهدنة بقطاع غزة والوصول لتفاهمات في قضايا، بينها أزمة «سد النهضة» التي توصلت بشأنها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى (2017 - 2020) لاتفاق لم توقع أديس أبابا عليه، بخلاف حلول لقضايا حرجة بالمنطقة كأمن البحر الأحمر وملفات سوريا وليبيا والسودان.

وأعرب الوزير المصري خلال الاتصال الهاتفي عن «التطلع للعمل بصورة وثيقة مع الوزير روبيو والإدارة الأميركية الجديدة من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.

كما تبادل الوزيران المصري والأميركي «الرؤى والتقييمات بشأن المستجدات في قطاع غزة وأهمية استكمال اتفاق (الهدنة)، وسوريا، ولبنان، والسودان، وليبيا، والقرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر وحرية الملاحة، وقضية (السد الإثيوبي) وأمن مصر المائي»، واتفقا على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بهدف خفض التصعيد في المنطقة وإحلال السلام والاستقرار».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وبخلاف دور «إدارة ترمب» مع مصر وقطر في اتفاق «هدنة غزة» الذي بدأ في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، شهدت ولاية ترمب الأولى تقارباً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ملفات، لا سيما أزمة «سد النهضة»، بعد إبرام واشنطن اتفاقاً بشأنها في فبراير (شباط) 2020، رفضت أديس أبابا التوقيع عليه، مما دعا الإدارة الأميركية بعد أشهر لتعليق جزء من المساعدات المالية لإثيوبيا.

أمين عام «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أن الاتصال الهاتفي مهم، وستبنى عليه خطوات يتوقع خلالها أن تلعب «إدارة ترمب» في ضوء تمسكها بالسلام «دوراً أكبر ومؤثراً مع مصر لدعم الاستقرار بالمنطقة، خاصة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر وملف (السد الإثيوبي)، بجانب دور أميركي - مصري منتظر في ملف التهدئة بغزة المحفوف بالمخاطر».

ويرجح أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، أن العلاقات المصرية - الأميركية في فترة ترمب ستكون مختلفة عن فترة جو بايدن، لافتاً إلى أنه «مع وجود الإدارة الجديدة من الممكن أن تنال العلاقات دفعة جديدة في ظل إدراكها قيمة الدور المحوري الذي تلعبه مصر في خفض التصعيد وسعيها للسلام بوصفه خياراً استراتيجياً رئيسياً».

ويتوقع تطابق المواقف المصرية - الأميركية في ملفات البحر الأحمر وخفض التصعيد بها خاصة أن «قناة السويس» تمثل رافداً رئيسياً لسلاسل الإمداد والتجارة بالعالم، بجانب تقارب فيما يخص أزمة «سد النهضة» لا سيما مع وجود جهود مصرية - أميركية سابقة بالولاية الأولى لترمب أسفرت عن اتفاق «تملصت» منه أديس أبابا.

عائلة فلسطينية نازحة داخلياً هربت في وقت سابق من شمال قطاع غزة تقيم مخيماً غرب خان يونس (إ.ب.أ)

ولعبت مصر دورا مهماً في التوصل لاتفاق غزة، سيعزز شراكة القاهرة وواشنطن، وفق الخبير في الشؤون الأميركية، مايكل مورغان، مرجحاً تسارع وتيرة الجهود والتفاهمات في ملفات المنطقة والأزمات الإقليمية، في ضوء تأييد سابق لمصر من قبل ترمب، سيستمر أيضاً في ولايته الثانية.

ومبكراً، كشفت القاهرة عن تواصل مع «إدارة ترمب» لإيجاد حلول مشتركة للأزمات، وقال الرئيس المصري، منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2024: «هناك تواصل مع الإدارة الجديدة، وهناك قدر من الثقة المتبادلة بيننا، ورأينا محل تقدير وقبول لديهم، وسنكمل على هذا لإيجاد حلول للقضايا العالقة مثل قضية غزة والسودان وسوريا».

بخلاف ذلك جرى اتصال هاتفي بين السيسي وترمب في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد فوز الأخير، في الانتخابات الأميركية، وتهنئة رئاسية مصرية في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، بمناسبة تنصيبه، وكلاهما تضمن تأكيد العمل المشترك على تعزيز العلاقات وحفظ الاستقرار والتنمية، وفق ما أفادت به «الرئاسة المصرية».

ويتوقع فارس أن تنظر «إدارة ترمب» للدولة المصرية بعدّها دولة مهمة ومؤثرة عربياً وإقليمياً، ومن ثمّ يمتد تعاون البلدين ليس في ملف غزة و«سد النهضة» والبحر الأحمر فقط؛ لكن أيضاً في أزمات السودان وسوريا وليبيا.

ويرجح مورغان أن تمضي العلاقات بين مصر وأميركا بعهد ترمب إلى تعزيز مسارات التعاون والتهدئة في المنطقة، مشيراً إلى أن موقف القاهرة ثابت تجاه إنهاء الصراعات والوصول للسلام، وترمب منذ ولايته الأولى يتطلع لأن يذكر بأنه «رجل السلام»، «ونراه متمسكاً بذلك مع الولاية الثانية مع مساعي وقف حرب غزة وأوكرانيا وغيرهما، ومن ثم فإن كون السلام هدفاً مشتركاً للبلدين سيعزز مسار تقوية العلاقات».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع السعودي ونظيره الأميركي يستعرضان أوجه التعاون الدفاعي

الخليج الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الأميركي يستعرضان أوجه التعاون الدفاعي

استعرض الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، ونظيره الأميركي بيت هيغسيث، العلاقات السعودية الأميركية وأوجه التعاون الإستراتيجي في المجال الدفاعي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ينظر إلى إيلون ماسك وهو يتحدث في المكتب البيضاوي (رويترز) play-circle

ترمب يسخر من الإعلام ويدافع عن علاقته بماسك

دافع دونالد ترمب عن علاقته بإيلون ماسك، السبت، ساخراً من وسائل الإعلام التي ذكرت أن أغنى أغنياء في العالم يتمتع بنفوذ مزداد داخل الإدارة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وماسك في البيت الأبيض 11 فبراير 2025 (رويترز)

خبراء يحذرون: سيطرة إيلون ماسك على وكالات الصحة الأميركية تزيد من خطر الأوبئة

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن خبراء حذروا من تداعيات سيطرة إيلون ماسك على وكالات الصحة الأميركية بسبب قيادته لوزارة كفاءة الحكومة.

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يجتمع مع نظرائه من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في ميونيخ (أ.ب) play-circle

أميركا تشدد على التنسيق لمواجهة عدم امتثال إيران للاتفاق النووي

أكد مارك روبيو وزير الخارجية الأميركي، السبت، «أهمية التنسيق الوثيق لمعالجة سلوك إيران المزعزع للاستقرار، خصوصاً عدم امتثالها المتزايد للاتفاق النووي».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال حضوره اجتماع ميونيخ مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك يوم السبت (رويترز)

روبيو يبدأ من إسرائيل جولة شرق أوسطية

يبدأ وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، من إسرائيل أول جولة له في منطقة الشرق الأوسط تشمل السعودية والإمارات.

إيلي يوسف (واشنطن)

مؤتمر وزراء الداخلية العرب يبحث بتونس إشكاليات الهجرة والإرهاب والجريمة المنظمة

وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)
TT

مؤتمر وزراء الداخلية العرب يبحث بتونس إشكاليات الهجرة والإرهاب والجريمة المنظمة

وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)

وصل إلى تونس، السبت والجمعة، عشرات من كبار قادة الشرطة والأمن العرب ووزراء الداخلية العرب وممثلي مؤسسات الأمن والاستعلامات ومكافحة الجريمة المنظمة دولياً، تحضيراً للمؤتمر السنوي لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي سيُعقد، الأحد، بتونس العاصمة.

وكشف الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد بن علي كومان، أن هذا المؤتمر الأمني الكبير ينظم بمشاركة وزراء الداخلية وعدد من كبار قادة الأمن والشرطة والحماية المدنية في كل الدول العربية، وثلة من كبار المسؤولين عن أجهزة الأمن والاستخبارات الدولية والأوروبية.

وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً وزير داخلية سلطنة عمان حمود البوسعيدي والوفود الوزارية والأمنية العربية (موقع وزارة الداخلية التونسية)

وأوضح محمد بن علي كومان، ووزير الداخلية التونسي خالد النوري، أن المؤتمر السنوي الجديد لمجلس وزراء الداخلية الجديد «سيُفتتح بكلمة يُلقيها ممثل عن الرئيس قيس سعيد، الذي يعقد المؤتمر تحت رعايته».

وكشفت الأمانة لمجلس وزراء الداخلية العرب بالمناسبة أن الدورة السنوية الجديدة لمجلس وزراء الداخلية العرب، وهي الـ42 منذ انطلاق أعمال المؤسسة، بمبادرة من الأمير السعودي الراحل نايف بن عبد العزيز، تُنظم بحضور وزراء الداخلية في كل الدول العربية، وثلة من أبرز مستشاريهم ومساعديهم.

كما تُشارك في المؤتمر وفود أمنية رفيعة، إضافة إلى ممثلين عن جامعة الدول العربية، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (اليوروبول)، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وكذا الاتحاد الرياضي العربي للشرطة.

ومن بين ضيوف هذه الدورة شخصيات سياسية أمنية أوروبية بارزة، بينها وزيرة داخلية البرتغال، التي ستُعنى خاصة بالتنسيق حول ملفات تهريب البشر والمخدرات والسلع وملفات الإرهاب.

ومن المقرر أن يكون من بين أبرز المتدخلين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وزير الداخلية التونسي، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب.

وسيعرض تقرير الأمين العام للمجلس أبرز مقررات لنحو 20 مؤتمراً أمنياً رفيع المستوى، التي عقدتها الأمانة العامة خلال عام 2024، بمشاركة كبار المسؤولين في قطاعات الشرطة والأمن والاستخبارات. ويتناول التقرير قضايا مهمة، مثل مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات، والإرهاب، والهجرة غير النظامية. كما سيتناول المؤتمر في أولوياته «تعزيز التعاون الشرطي بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية»، وإصدار توصيات تهدف إلى زيادة التنسيق الأمني بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

النوري في استقبال وزير داخلية سلطنة عمان حمود البوسعيدي (موقع وزارة الداخلية التونسية)

ووفق المصادر نفسها، فإن من أبرز الملفات التي يتضمنها جدول أعمال الدورة مشروع خطة مرحلية 11 للاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، ومشروع خطة مرحلية سابعة للاستراتيجية العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني)، ومشروع خطة مرحلية ثانية «للاستراتيجية العربية لمواجهة جرائم تقنية المعلومات».

كما تناقش الدورة أيضاً الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية التي تمر بأزمات حادة، مثل السودان ولبنان وفلسطين المحتلة، إلى جانب عدد من الموضوعات المهمة المدرجة على جدول الأعمال، منها تقرير الأمين العام للمجلس عن أعمال الأمانة العامة بين دورتي المجلس الحادية والأربعين والثانية والأربعين، وتقرير رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عن أعمال الجامعة بين دورتي المجلس الحادية والأربعين والثانية والأربعين.

وسبق انعقاد الدورة اجتماع تحضيري، الخميس الماضي، شارك فيه كبار قادة الأمن والشرطة العرب وممثلي الوزراء، لدراسة البنود الواردة على جدول الأعمال، وإعداد مشروعات القرارات اللازمة بشأنها، تمهيداً لعرضها على الدورة.