تونس: غضب حقوقي إثر رفض القضاء الإفراج عن 7 من صنّاع المحتوى

وسط انتقاد «تشديد رقابة السلطة على وسائل التواصل الاجتماعي»

جانب من المظاهرة التي نُظمت وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرة التي نُظمت وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (إ.ب.أ)
TT

تونس: غضب حقوقي إثر رفض القضاء الإفراج عن 7 من صنّاع المحتوى

جانب من المظاهرة التي نُظمت وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرة التي نُظمت وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (إ.ب.أ)

رفضت محكمة تونسية الإفراج عن سبعة موقوفين في السجن من صنّاع المحتوى، بتهمة الترويج للفساد الأخلاقي على منصات التواصل الاجتماعي، بحسب ما أورده تقرير لوكالة الأنباء الألمانية اليوم (الخميس)، وهو القرار الذي تسبب في غضب عدد من الحقوقيين والجمعيات النشطة في مجال حقوق الإنسان. وأوقفت السلطات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عدداً من صنّاع المحتوى في دعوى قامت بتحريكها وزارة العدل، وصدرت ضدهم أحكام ابتدائية بالسجن لفترات تتراوح بين عام وخمسة أعوام. وأجّلت محكمة الاستئناف في جلسة أمس (الأربعاء) النظر في الطعون التي تقدم بها المحامون، إلى جلسة أخرى حُددت يوم الخامس من فبراير (شباط) المقبل. وأثارت الأحكام جدلاً بشأن تشديد رقابة السلطة على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد إيقافات واعتقالات سابقة طالت مدوّنين وصحافيين ونشطاء سياسيين أيضاً. وبررت وزارة العدل تحريك الدعوى ضد صنّاع المحتوى بـ«تزايد شكاوى المواطنين من انتشار محتويات مسيئة وغير أخلاقية، تؤثر على المجتمع وسلوكيات الشباب».

في سياق ذلك، أكد المحامي بن صالحة أن النيابة العمومية تدخلت بناءً على بيان أصدرته وزارة العدل، دعا إلى الحد من الانفلات الأخلاقي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأشار إلى أن النيابة العمومية «تؤدي دورها في حماية المجتمع والدفاع عن الحق العام»، مؤكداً أن القضايا الحالية «تتعلق بمحتوى يمس بالأخلاق الحميدة، وبعض المتهمين هم صانعو محتوى اعتقدوا أن الفضاء الافتراضي مكان خالٍ من المساءلة القانونية»، موضحاً أن «الهدف الأساسي من الإجراءات القضائية هو الردع، وتقليص حجم الانفلات في المحتوى الإلكتروني».

والأسبوع الماضي تظاهر العشرات في تونس العاصمة للمطالبة بالإفراج عن العديد من الشخصيات السياسية المعارضة المسجونة، تزامناً مع الذكرى 14 لثورة 2011 وسقوط نظام زين العابدين بن علي. وخلال المظاهرة التي جاءت بدعوة من «جبهة الخلاص الوطني»؛ الائتلاف المعارض الرئيس الذي يضم حزب «النهضة» الإسلامي أبرز معارضي الرئيس قيس سعيّد، أعرب المتظاهرون عن غضبهم من «القمع» الذي اتهموا السلطات بممارسته، ورددوا: «حريات... يا قضاء التعليمات!»، و«أوفياء لدماء شهداء» ثورة 2011.

ورفع المتظاهرون صور المعارضين الموقوفين، ومن بينهم رئيس الوزراء الأسبق علي العريض، أحد قادة حركة «النهضة»، الملاحق في قضية تتعلق بإرسال متشددين إلى مناطق النزاع في سوريا، وكذلك الحقوقي جوهر بن مبارك، الملاحق قضائياً بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي. غير أن المعارضة تعتبر هذه الملاحقات «سياسية بحتة، وتصفية حسابات من القائمين على السلطة لإزاحة الأصوات المعارضة لسياسات الرئيس سعيّد» الذي يملك كل الصلاحيات منذ احتكاره السلطات في يوليو (تموز) 2021.

كما نددت منظمات غير حكومية تونسية وأجنبية والمعارضة بسياسة سعيّد، من خلال ما عدته «تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني، وكذلك اعتقال النقابيين والناشطين والمحامين». وبحسب منظمة «هيومن رايتس ووتش»، يوجد في تونس أكثر من 170 شخصاً موقوفين لأسباب سياسية، أو بسبب ممارسة حقوقهم الأساسية.



«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استهدافات إسرائيلية تعود بشكل لافت في قطاع غزة، وتحذيرات أميركية لحركة «حماس»، تتسارع مع بطء في محادثات بشأن مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، القاضي بتمديد اتفاق الهدنة، وسط اشتراط الحركة أن يكون بداية لمفاوضات المرحلة الثانية المعطلة منذ بداية مارس (آذار) الجاري.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن الاتفاق المتعثر دخل «مرحلة تبادل ضغوط»، الأولى يقودها ويتكوف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة للمفاوضات واستئناف الاستهدافات بالقطاع واستمرار منع المساعدات، والثانية تتمسك فيها «حماس» بورقة الرهائن الرابحة، والحرص على عدم فقدها دون اتفاق شامل. وتوقع الخبراء التوصل لتمديد المرحلة الأولى مع تغييرات بشكل المرحلة الثانية كحل وسط خلال 72 ساعة لو هناك إرادة أميركية.

وبعد محطات من المحادثات بين القاهرة والدوحة متواصلة منذ الأسبوع الماضي، أفاد ويتكوف، الأحد، في تصريحات لـ«سي إن إن» الأميركية، بأن الجواب الذي وصل من «حماس» على مقترح «إطلاق سراح 5 أسرى أحياء بينهم مواطن أميركي (...) غير مقبول على الإطلاق»، مشجعاً الحركة أن «تكون أكثر عقلانية مما كانت عليه، خاصة أن هناك فرصة لها؛ لكنها تتلاشى بسرعة».

وسبق أن أعلن ويتكوف في بيان، الخميس، أنه «قدم اقتراحاً لتضييق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي، الذي ينتهي في 20 أبريل (نيسان) المقبل، وإتاحة الوقت للتفاوض على إطار عمل لوقف إطلاق نار دائم»، لافتاً إلى أن «(حماس) على علم بالموعد النهائي، والولايات المتحدة سترد بمقتضى ذلك إذا انقضى الموعد المحدد»، دون أن يذكره.

دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وذكرت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تسلّمت، الخميس، مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، وردت عليه موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية مع جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية».

وتجاوزاً لورطة مغازلة «حماس» لواشنطن، أعلن مكتب نتنياهو في بيان، مساء السبت، أن الأخير «أوعز إلى فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات على أساس رد الوسطاء على اقتراح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) بالإفراج الفوري عن 11 رهينة أحياء ونصف الرهائن القتلى»، مستبعداً بذلك عرض «حماس» الإفراج عن رهينة إسرائيلي - أميركي وإعادة جثث 4 آخرين، ومخالفاً لمقترح ويتكوف.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أننا «إزاء مرحلة يتبادل فيها الضغوط باحتراف، خاصة بعد عودة نتنياهو للمفاوضات ليفوت الفرصة على (حماس) التي قبلت بالإفراج عن رهينة أميركية، وتضغط في ظل إدراكها بوجود موجة داخلية عالية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، سواء باستطلاعات للرأي العام التي تشير إلى أن 70 في المائة يطالبون بخروج الرهائن أو خلافاته مع الأجهزة الأمنية».

في المقابل، ستستمر واشنطن عبر ويتكوف في الضغط على «حماس»، بحسب تقدير أنور، مشيراً إلى أن مبعوث ترمب لا يعلي سقف التطلعات هكذا؛ إلا وهو يدرك أن هناك تقدماً بالمفاوضات، ويريد نسبته لإدارته وضغوطها.

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن نتنياهو يحاول أن يرمي الكرة في ملعب «حماس» ويتهمها بأنها من تعطل تنفيذ الاتفاق ويبرر أي عودة مستقبلية للقتال، متوقعاً أن تستمر ضغوط ويتكوف لأجل إقرار مقترحه، خاصة أن هناك موعداً نهائياً من واشنطن لم يعلن لكن يبدو أنه قريب.

منازل ومبانٍ مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وسط تبادل الشد والجذب بين أطراف المحادثات، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، الأحد، وصول 29 قتيلاً و51 مصاباً إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، «جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي»، فيما توقعت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن تعطي حكومة نتنياهو الإذن باستئناف القتال «على مراحل»، إذا لم يحدث تقدم في مفاوضات استكمال صفقة إطلاق الرهائن.

وبعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري وتعثر بدء المرحلة الثانية المعنية بانسحابات إسرائيلية كاملة، أوقفت حكومة نتنياهو دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، فيما لا تزال «حماس» تحتجز 59 إسرائيلياً، بينهم 24 على قيد الحياة و35 يُعتقد أنهم فارقوا الحياة، بعدما أتاحت أول مرحلة بالاتفاق إعادة 33 رهينة إلى إسرائيل بينهم 8 قتلى، في حين أفرجت إسرائيل عن 1800 معتقل فلسطيني من سجونها، وأفرجت الفصائل الفلسطينية عن 5 رهائن تايلانديين خارج إطار عمليات التبادل هذه.

ويتوقع أنور أن تتوقف عودة الاستهدافات والتلويح بالحرب حال وجود إرادة أميركية للضغط على إسرائيل والذهاب لحلول وسط، مرجحاً تغيير دراماتيكي خلال 72 ساعة نحو إبرام اتفاق، وتغييرات بشكل المرحلة الثانية حال توافرت الإرادة والتفاهمات الجادة.

وبتقديرات مطاوع فإن الضغوط المتصاعدة حالياً ستجبر «حماس» على قبول الاتفاق والتمديد خاصة، والحركة ليست لديها خيارات مع الوضع المتدهور في القطاع ومع الاستهدافات ومنع المساعدات.