دعوات إلى إطلاق نقاش بالبرلمان لحل الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا

يبحث قضايا الهجرة والتأشيرة في غياب أي تسوية للمناكفات غير المسبوقة مع باريس

من جلسة سابقة لأعضاء البرلمان الجزائري (البرلمان)
من جلسة سابقة لأعضاء البرلمان الجزائري (البرلمان)
TT

دعوات إلى إطلاق نقاش بالبرلمان لحل الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا

من جلسة سابقة لأعضاء البرلمان الجزائري (البرلمان)
من جلسة سابقة لأعضاء البرلمان الجزائري (البرلمان)

في ظل غياب أي أفق حتى الآن لعودة العلاقات الجزائرية - الفرنسية إلى طبيعتها، بعد أسبوعين من ملاسنات حادة بين مسؤولي البلدين، دعا برلماني جزائري يمثل المهاجرين في فرنسا إلى إطلاق نقاش بالبرلمان حول الأزمة الحالية، ومسألة التنقل إلى فرنسا والإقامة فيها، وقضية التأشيرات التي تسمم العلاقات الثنائية منذ سنوات طويلة.

وصرح عبد الوهاب يعقوبي، عضو البرلمان الممثل للجالية الجزائرية في فرنسا، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «ينادي لاجتماع عاجل للجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية في الخارج، بالمجلس الشعبي الوطني، بغرض تنظيم جلسة نقاش بمشاركة خاصة لنواب الهجرة، لكي يتم تناول المواضيع الحساسة مع فرنسا بشكل جاد، خصوصاً الاتفاقات الثنائية حول الهجرة، ومسألة التأشيرة، وتنقل وإقامة الجزائريين بفرنسا، وقضايا التعاون الثنائي بما يحقق المصلحة والمنفعة».

برلماني المهاجرين بفرنسا عبد الوهاب يعقوبي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

ولفت يعقوبي إلى أنه منذ اندلاع الأزمة مع فرنسا في يوليو (تموز) الماضي، عقب اعتراف باريس بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، غاب البرلمان الجزائري عن التفاعل معها، باستثناء البيانات التي أصدرتها رئاستا الغرفتين البرلمانيتين، خصوصاً بعد الانزلاق الخطير، الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية في الأسبوعين الأخيرين. ويفسر مراقبون عدم عقد جلسة خاصة بالبرلمان الجزائري لمناقشة المناكفة غير المسبوقة مع باريس، بعدم تحمس السلطات العليا في البلاد لنزول القضية إلى البرلمان، مع العلم أن الموافقة على عقد جلسة استثنائية حول أي موضوع تعود إلى مكتبه، الذي تسيطر عليه كتل موالية للحكومة.

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وبشأن مدى إمكانية فتح سبل للتواصل من أجل تسوية الأزمة مع فرنسا، في الوقت الحالي، قال يعقوبي الذي ينتمي لحزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي المعارض: «أعتقد أن الدبلوماسيين وحدهم من يمكنهم إزالة هذا التوتر. يجب معالجة القضايا الساخنة بأعصاب باردة، وإبعاد من يبحثون عن مزيد من التوتر، ومن يعتاشون على شحن الأعصاب والمتطرفين في كل الجهات. فنحن لدينا ملايين المهاجرين في الخارج خصوصاً في فرنسا، ولهذا يجب التحاور لحل خلافاتنا، وأن يتوقف النفخ في الأزمة، التي يستفيد منها اليمين الفرنسي المتطرف وحده».

ويمثل المهاجرين الجزائريين في فرنسا برلمانياً أربعةُ نواب؛ اثنان منهم يمثلان باريس وشمال فرنسا، والآخران معنيان بمدينة مرسيليا وباقي الجنوب الفرنسي. أما عن عدد أفراد الجالية فيتراوح بين 5 ملايين و6 ملايين، علماً بأن جزءاً منهم مزدوجو الجنسية.

ووفق النائب يعقوبي، فإن «التواصل مستمر في عز الأزمة الحالية بين المهاجرين والمنتخبين من أصول جزائرية في البرلمان والمجالس المحلية في فرنسا، لكن هناك حاجة لإطلاق حوار بين الحكومتين. وكما نعلم، فقد خفضت الجزائر تمثليها الدبلوماسي في فرنسا، وأصبح لديها فقط مكلف بالأعمال في السفارة. أعتقد أن الطرفين سيتوصلان إلى وسيلة للحوار، بعد أن بلغ التوتر الذروة؛ لأن علاقات استثنائية تجمع بينهما، ولا ننسى أن جسراً جوياً يصل ضفتي المتوسط بمعدل 40 رحلة جوية يومياً، ولا أظن أن هناك بلدين يملكان هذا التبادل الإنساني المكثف».

مدير المخابرات الخارجية الفرنسية زار الجزائر في ظل التوتر بين البلدين (متداولة)

يشار إلى أن مدير المخابرات الخارجية الفرنسية، نيكولا لرنر، زار الجزائر، الاثنين الماضي، بهدف ترتيب اجتماع بين السياسيين بالبلدين لتسوية الأزمة، حسب ما ذكرته صحيفة «لوفيغاور» الفرنسية. وتم إحاطة الزيارة بتكتم شديد، ولا يعرف إن كانت حققت النتائج المرجوة منها أم لا.

وشهدت العلاقة بين الجزائر وباريس تراجعاً ملحوظاً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما احتج الفرنسيون بشدة على سجن الكاتب المزدوج الجنسية، بوعلام صنصال، بسبب تصريحات عدّ فيها أن «محافظات من الغرب الجزائري تعود تاريخياً إلى المغرب». وقال الرئيس إيمانويل ماكرون، في السادس من الشهر الحالي، إن «استمرار حبس رجل مريض، مسألة تسيء إلى الجزائر». فجاء رد الجزائر حاداً، مطالباً ماكرون بـ«عدم التدخل في شأننا الداخلي».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

ومما زاد في التصعيد خروج 6 «يوتوبرز» جزائريين مقيمين في فرنسا، الذين نشروا في فيديوهاتهم تحريضاً على قتل معارضين للنظام الجزائري. وإثر ذلك، قامت فرنسا بترحيل أحدهم إلى الجزائر، لكن سلطاتها رفضت دخوله، مما أجج الخلاف، ودفع الفرنسيين إلى التهديد باتخاذ عقوبات اقتصادية ضد الجزائر.



المعارضة الموريتانية تحذر من وصول الفساد لـ«مستويات قياسية»

الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
TT

المعارضة الموريتانية تحذر من وصول الفساد لـ«مستويات قياسية»

الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

حذرت المعارضة الموريتانية من انتشار الفساد في البلاد، وقال رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» المعارض محمد ولد مولود إن الفساد وصل إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى وصول متهمين بالفساد إلى مناصب قيادية في الحكومة.

جاءت هذه التصريحات بالتزامن مع سن قوانين جديدة لمحاربة الفساد، وإعلان الحكومة أنها ماضية في القضاء على ظاهرة الفساد، وتشكيل جهاز حكومي جديد تحت اسم «السلطة الوطنية لمكافحة الفساد».

محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض (إعلام محلي)

عقد رئيس حزب اتحاد قوى التقدم (يسار تقدمي)، أمس، مؤتمراً صحافياً في نواكشوط، تحدث فيه عن سياسة الحكومة لمحاربة الفساد، وقال إن جميع الخطابات الرسمية التي تتبناها الحكومة بهذا الخصوص «مجرد أحلام يقظة»، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي ترفع الحكومة فيه شعار محاربة الفساد، يتولى مفسدون مناصب حكومية رفيعة، وتجدد فيهم الثقة وراء كل عملية فساد يتورطون فيها، وفق تعبيره.

وشدد ولد مولود على أن الفساد يؤثر بشكل واضح على حياة الموريتانيين، موضحاً أن أكبر مثال للفساد هو «مشروع آفطوط الساحلي بوصفه مشروعاً جديداً لتوزيع المياه، ومع ذلك فالمواطن لا يستفيد منه إلا بنسبة 50 في المائة، في حين يعاني كثير من المواطنين من العطش».

وأضاف ولد مولود أن «ظاهرة الفساد منتشرة بشكل واضح في موريتانيا، لكن لا يعاقب أي مسؤول تورط فيه»، لافتاً إلى أن الإفلات من العقاب «هو أكبر سبب لانتشار الفساد في البلاد».

قوانين جديدة

تعترف الحكومة الموريتانية بوجود عمليات فساد، وهو ما دفعها إلى المصادقة قبل شهر على قوانين جديدة للحد من فساد الموظفين العموميين، كان من أبرزها «مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح»، وقالت الحكومة إن الهدف منه «تعزيز الشفافية، ومنع تضارب المصالح، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وترسيخ النزاهة والأخلاق في الحياة العامة».

وينص مشروع القانون الجديد على «إلزامية التصريح بالممتلكات والمصالح، مع توسيع نطاق الإلزام ليشمل فئات جديدة من الموظفين العموميين، الذين يتمتعون بمناصب عليا، أو يملكون سلطة اتخاذ القرار، أو التأثير خلال مزاولة مهامهم»، علماً بأن القانون كان يشمل في السابق رئيس الجمهورية وبعض الوزراء، لكنه اتسع ليشمل كبار الموظفين ونواب البرلمان.

الوزير الأول الموريتاني المختار ولد أجاي (إعلام محلي)

وصدّقت الحكومة أيضاً على «مشروع قانون يتضمن مكافحة الفساد»، يحتوي على تعديلات على القانون الصادر عام 2016، الذي كان يوصف بأنه أهم خطوة قطعتها موريتانيا في محاربة الفساد منذ الاستقلال، حيث تضمن عقوبات صارمة، وحوّل الفساد إلى جريمة لا تسقط بالتقادم.

وقالت الحكومة إن مشروع القانون الجديد يسد بعض الثغرات، التي لوحظت على قانون 2016 لمحاربة الفساد، خاصة تلك التي تتماشى مع تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الرشوة، موضحة أن مشروع القانون الجديد أضيفت له أحكام جديدة «تتعلق بتعزيز التجريم والعقاب في مجال تنفيذ، واستلام ومراقبة الصفقات العمومية، وإعطاء الأوامر والتعليمات بمنح الصفقات، والامتيازات بشكل مخالف للقانون».

سلطة وطنية

علاوة على ذلك، قررت الحكومة الموريتانية تشكيل هيئة جديدة، تحملُ اسم «السلطة الوطنية لمكافحة الفساد»، وأسندت إليها مهام عديدة، من أهمها «الوقاية من الفساد، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد، وتعزيز النزاهة والشفافية، والحد من التجاوزات من خلال تبني آليات فعالة للرصد والرقابة، وإشراك الأطراف المعنية».

غير أن الحكومة لم تعلن أي تفاصيل بخصوص آلية عمل هذه السلطة الجديدة، ومستوى الصلاحيات الذي ستتمتع به، في ظل مخاوف من أن تكون مجرد هيئة شكلية لا تتمتع بأي نفوذ لمواجهة الفساد.

الرئيس محمد ولد الغزواني (أ.ب)

وعقد الوزير الأول الموريتاني المختار ولد أجاي، قبل أيام، اجتماعاً مع مسؤولين في الحكومة لبحث آليات تنفيذ الاستراتيجية الجديدة لمحاربة الفساد، وتطبيق القوانين الجديدة. وقال في حديثه مع المسؤولين، إن هذه القوانين «تعكس رؤية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من أجل مكافحة الفساد، وتعزيز حماية المال العام، والتصميم على شن حرب لا هوادة فيها على الفساد».