في خطوة جديدة من الحكومة المصرية؛ لتعزيز تعاونها مع دول حوض النيل، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، ترتيبات إقامة سد كهرومائي في الكونغو الديمقراطية، بتمويل من بلاده، للمساهمة في إنتاج الطاقة.
ويزور سويلم، الخميس، الكونغو الديمقراطية؛ لبحث سبل «التعاون في مجالات الموارد المائية والري»، وحسب إفادة من «الري» المصرية، أكد سويلم «تطلع بلاده، لتعزيز التعاون والتكامل، مع كينشاسا، لا سيما في مجال التنمية المستدامة للموارد المائية».
وتعدّ زيارة الكونغو الديمقراطية، المحطة الثالثة للوزير المصري ضمن جولة لدول حوض النيل، بعد زيارته لرواندا، الاثنين، وأوغندا، الأربعاء، ناقش خلالها «مشروعات مائية تنموية تنفذها بلاده في هذه الدول».
وفي محادثات مع وزيرة البيئة والتنمية المستدامة الكونغولية، إيف بازاييبا ماسودي، ناقش سويلم «الترتيبات الخاصة بمشروع سد (مابانكانا)، لتوليد الطاقة الكهرومائية، المقرر تمويله، من خلال آلية التمويل التي أطلقتها الحكومة المصرية، لتنفيذ مشروعات تنموية وبنية أساسية بدول حوض النيل»، حسب «الري» المصرية.
وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة المصرية، عن آلية تمويلية، لتنفيذ مشروعات تنموية بدول حوض النيل، وأشارت الخارجية المصرية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى «بدء إنشاء صندوق الاستثمار في دول حوض النيل؛ بهدف تعزيز الاستثمارات في المشروعات التنموية والبنية الأساسية في تلك الدول».
وناقش سويلم، مع نظيرته الكونغولية، «سير العمل، في البروتوكول الموقَّع بين البلدين؛ لتنفيذ مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية، في الكونغو، والممتد حتى عام 2027»، وحسب «الري» المصرية، يتضمن المشروع «أنشطة تنموية متعددة، مثل إنشاء 12 محطة مياه شرب جوفية، في كينشاسا».
وتابع الوزير المصري عدداً من المشروعات المصرية، المقامة في الكونغو الديمقراطية، من بينها «موقف تشغيل مركز التنبؤ بالتغيرات المناخية والأمطار، في العاصمة الكونغولية»، إلى جانب «التنسيق، لتطبيق نظم الري الحديث بالكونغو»، إضافة إلى التوسع في البرامج التدريبية للأطقم الفنية بالجانب الكونغولي، خصوصاً في مجال المياه والتكيف مع التغيرات المناخية.
ومن بين سياسات مصر المائية، دعم إقامة مشروعات مائية وتنموية في دول حوض النيل، وفق وزير الري المصري الأسبق، نصر الدين علام، الذي أشار إلى أن «من أهداف مصر دعم مشروعات المياه في هذه الدول، بما يخدم مصالح مصر المائية»، ودلل على ذلك «بمشروعات المياه الجوفية في أوغندا وكينيا، وسد (جوليوس نيريري)، بتنزانيا».
ويرى علام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعلان القاهرة، إقامة سد كهرومائي ومشروعات مائية أخرى، يأتي من منطلق التقدير المصري للمواقف الإيجابية، للكونغو الديمقراطية، في دعم مصالحها المائية، وأهمها رفض التوقيع على اتفاقية (عنتيبي)»، مشيراً إلى أن «دول حوض النيل ليست في حاجة إلى المياه، لكن إلى التمويل ونقل التكنولوجيا لدعم برامجها التنموية».
وترفض مصر والسودان، اتفاقية «عنتيبي»، التي أُبرمت عام 2010، والتي تفرض إطاراً قانونياً لحل الخلافات والنزاعات بين دول الحوض، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية من دون التوافق مع دولتَي مصر والسودان.
وكانت الحكومة الإثيوبية، أعلنت دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ، في أكتوبر الماضي، بعد تصديق 6 دول من حوض النيل عليها.
وحول مردود الدعم المصري لمشروعات التنمية في حوض النيل، دعا علام، إلى ضرورة تركيز القاهرة على تكثيف الدعاية الشعبية للدعم المقدم لتلك الدول، بما يخدم مصالحها وحقوقها المائية.
وتعاني مصر عجزاً مائياً، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.
وتتكامل التحركات السياسية مع مسارات الدعم الفني لتعزيز حضورها وروابط علاقاتها مع دول حوض النيل، وفق خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، مشيراً إلى أنه «لا يمكن فصل جولة وزير الري المصري لدول حوض النيل، عن تحركات وزير الخارجية مؤخراً لهذه الدول»، معتبراً أن تلك التحركات «تستهدف تنويع مسارات التعاون المصري مع تلك الدول».
وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، زيارات عدة لدول حوض النيل، مؤخراً، ضمت أوغندا والكونغو الديمقراطية.
ويعتقد زهدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحركات المصرية بدول حوض النيل، تشهد تحولاً نوعياً مؤخراً، بالتركيز على تعزيز العلاقات الثنائية مع كل دولة على حدة»، مشيراً إلى أن «ما تقدمه القاهرة من مساعدات وخبرات لتلك الدول، يحقق أهدافاً سياسية لمصر، وخصوصاً في دعم موقفها تجاه التصرفات الأحادية من جانب إثيوبيا، خاصة في ملفَي (سد النهضة)، واتفاقية (عنتيبي)».
وتسعى مصر إلى تعزيز تعاونها الثنائي مع دول حوض النيل، لتأمين حصتها من نهر النيل، المورد الرئيسي لها من المياه، في ظل استمرار نزاع «سد النهضة»، الذي تقيمه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011، بداعي توليد الكهرباء، بينما تخشى دولتا المصب (مصر والسودان) من تأثر حصتيهما من مياه نهر النيل بسبب مشروع السد.