غضب بين أنصار القذافي لاتهامه بالتسبب في «ضياع ليبيا»

بعد نشر فيديو منسوب إلى بالقاسم حفتر

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
TT

غضب بين أنصار القذافي لاتهامه بالتسبب في «ضياع ليبيا»

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)

سادت حالة من الغضب بين أنصار الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بعد اتهامه بـ«التسبب في ضياع ليبيا، من دون تحقيق شيء لشعبها».

ومكث القذافي في الحكم نحو 42 عاماً، وقُتل إثر اندلاع ثورة شعبية عام 2011، ورغم مرور ما يزيد على 13 عاماً على إسقاط حكمه، فإنه لا يزال مثار جدل بين مؤيدين يرون أنه «أنشأ دولة ذات مقومات»، وآخرين يحمّلونه مسؤولية «انهيار ليبيا وتراجعها».

جانب من لقاء بالقاسم حفتر في جامعة وادي الشاطئ في يوليو 2024 (الجامعة)

وكان بالقاسم حفتر، «مدير صندوق إعادة إعمار ليبيا»، يتحدث عن القذافي في إطار نقاش عام خلال زيارة سابقة إلى جامعة وادي الشاطئ (جنوباً) في يوليو (تموز) الماضي، وتطرق إلى وضع منطقة جنوب البلاد البائس، وقال إنه (القذافي) «لم يقدم شيئاً وأضاع عمر ليبيا».

جانب من لقاء بالقاسم حفتر في جامعة وادي الشاطئ في يوليو 2024 (الجامعة)

وأعاد مقطع فيديو تصريحات بالقاسم حفتر، التي مضى عليها 5 أشهر، إلى واجهة الأحداث، ما أثار حفيظة قطاع واسع من أنصار القذافي، وعدّها الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، «تطاولاً» على الرئيس الراحل.

وقال في تصريح مطوّل إن القذافي «قدم لشعبه الحرية والسيادة الحقيقية، وترجم مفاهيم العدالة المجتمعية والديمقراطية»، بالإضافة إلى «حقول النفط والغاز وأرصدة المال والذهب».

وفي معرض رده على بالقاسم، عدّد دلهوم إنجازات القذافي على مدار 4 عقود، وقال إنه «لم يدمر ليبيا»، مستعرضاً ما تركه، بداية من «25 جامعة حكومية ومعاهد ومدارس»، بالإضافة إلى «أطول شبكة للطرق البرية في أفريقيا»، و«أكبر أسطول جوي بمطاراته».

فنيون خلال عملية صيانة بمسار «النهر الصناعي» في ليبيا (إدارة النهر الصناعي)

وتطرق دلهوم إلى «مشاريع القذافي الكبرى»، وقال إنه «أنشأ أعظم نهر صناعي عظيم، واستصلح عشرات الآلاف من الهكتارات والمشاريع الزراعية الإنتاجية التي أسهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي».

ولا تزال سيرة القذافي حاضرة في الاجتماعات والمنتديات، وبين فئات شبابية من أطياف متباينة لم تعاصر حكمه أو تشهد أيامه، يستحضرونه ويهتفون له.

وزيارة بالقاسم حفتر إلى جامعة وادي الشاطئ، التي اصطحب فيها اللواء المبروك سحبان، آمر المنطقة العسكرية الجنوبية، جاءت في إطار «جهود صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، لتعزيز التنمية المستدامة والنهوض بالبنية التحتية التعليمية في ليبيا».

والغضب الذي أحدثته تصريحات بالقاسم حفتر، تصاعد في أوساط المؤيدين للنظام السابق، ودفع سعد السنوسي البرعصي، القيادي في «التيار الداعم لسيف الإسلام القذافي» إلى القول إن «الزعيم التاريخي أكبر من أن ينال منه أحد»، مخاطباً بالقاسم: «إذا أرادت أن تعيش حاضرك اليوم فعليك عدم إنكار الماضي وبكل حقيقة».

ومضى البرعصي مدافعاً عن حقبة الرئيس الراحل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عندما جاءت (ثورة الفاتح العظيم) كان الجنوب الليبي نسياً منسياً مهمشاً».

ورداً على أن القذافي «أضاع عمر ليبيا، ولم يحقق شيئاً»، قال البرعصي إن الزعيم «ترك إنجازات في الجنوب؛ والمشاريع الزراعية الممتدة على رقعة الصحراء خير شاهد على ما فعله».

فنيون داخل أنبوب النهر الصناعي أثناء عملية صيانة سابقة (إدارة النهر الصناعي)

كما تحدث عن وحدات سكنية وطرق، مذكّراً بمشروع «النهر الصناعي العظيم» الممتد من الجنوب إلى الشمال وبنغازي بالشرق، متسائلاً: «أليس هذا خير شاهد؟»، و«كيف يأتي اليوم مَن يتحدث بعكس ذلك؟!».

ويعد «النهر الصناعي» المصدر الرئيسي للمياه النقية لغالبية الليبيين، ويوصف بأنه «أضخم مشروع لنقل المياه الجوفية في العالم»، بتكلفة بلغت حينها 35 مليار دولار، في حين كانت البلاد سابقاً تعتمد على محطات تحلية المياه وعلى طبقات المياه الجوفية القريبة من الساحل.

والعلاقة بين أنصار القذافي خصوصاً المؤيدين لنجله سيف الإسلام، وقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، يسودها التوتر في أوقات كثيرة، لا سيما في مدينة سرت التي سبق واشتكى هؤلاء من «التضييق عليهم» من حفتر وقواته.

وينضوي كثير من شباب القبائل الموالية للقذافي في صفوف «الجيش الوطني» الذي يبسط سيطرته على شرق ليبيا ومناطق عدة بجنوبها.

ولا يزال ليبيون يرون أيضاً أن القذافي حكم ليبيا بـ«الديكتاتورية ورسّخ لحكم الفرد؛ وما تشهده البلاد راهناً نتيجة حتمية لما خلفه من إهدار لثرواتها، وإقصائه لمعارضيه».


مقالات ذات صلة

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
TT

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

دعت قمة ثلاثية جمعت قادة مصر وقبرص واليونان، في القاهرة، الأربعاء، إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية في سوريا، تشمل جميع الأحزاب الوطنية، ودون تدخل أجنبي. كما بحثت في تطورات الأوضاع في ليبيا والسودان والبحر الأحمر، إلى جانب تعميق التعاون المشترك بين الدول الثلاث، خصوصاً في المجالات الاقتصادية.

عُقدت القمة، التي تعد العاشرة من نوعها، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.

ودشّنت الدول الثلاث آلية للتعاون الثلاثي على مستوى القمة، عُقد الاجتماع الأول لها في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وتناوبت الدول الثلاث على استضافة اجتماعاتها على مدار السنوات الماضية، حيث عُقدت الجولة التاسعة منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بالعاصمة اليونانية أثينا.

الرئيس المصري مع نظيره القبرصي (الرئاسة المصرية)

وسيطرت تطورات الأوضاع الإقليمية على فعاليات قمة القاهرة. وأعربت الدول الثلاث، في البيان الختامي، عن «قلقها بشأن الحرب في غزة، والوضع الإنساني الكارثي الناتج عنها»، ودعت إلى «تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً الوقف الفوري والكامل والشامل لإطلاق النار بالقطاع، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين والسجناء، وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن»، كما طالب البيان بـ«تنفيذ حل الدولتين لمعالجة أسباب عدم الاستقرار بالشرق الأوسط».

وفي الشأن السوري، أكد البيان ضرورة «إطلاق عملية سياسية شاملة، بملكية وطنية سورية، دون تدخل أجنبي، تشمل جميع الأحزاب السورية»، مع «ضرورة احترام وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها».

ودعا البيان إلى «حكومة وطنية موحدة وجديدة في ليبيا، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في آن واحد»، كما طالب «بوقف إطلاق النار الشامل والدائم في السودان، واستئناف العملية الانتقالية، وتجنب انتشار التهديدات الأمنية للبحر الأحمر والقرن الأفريقي، إلى جانب استئناف عملية تسوية شاملة للقضية القبرصية، بملكية وإدارة قبرصية».

وعلى صعيد التعاون الثلاثي، أكد البيان «ضرورة ضمان أمن واستقرار المجال البحري في شرق المتوسط»، إلى جانب «مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة»، و«تعزيز آلية التعاون الثلاثي، خصوصاً في مجالات التجارة والاستثمار، والتوسع في جهود أمن الطاقة من خلال استكشاف الطاقة في المتوسط».

ووقعت الدول الثلاث 4 اتفاقيات تعاون، في مجالات تطوير الموارد المائية، والرعاية الصحية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعلاقات الاستثمارية. بينما وقعت مصر وقبرص 7 اتفاقيات تعاون ثنائي، في مجالات التعليم والبحث، والاتصالات، وتمكين المرأة، والسياحة، وحماية البيئة، والموارد المائية، والإنذار المبكر للحوادث النووية.

الرئيس المصري مع رئيس الوزراء اليوناني (الرئاسة المصرية)

وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي آلية التعاون الثلاثي «نموذجاً للتعاون الإقليمي المتكامل»، وقال في افتتاح القمة إن «التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث حالياً ضروريان لمواجهة التحديات غير المسبوقة بالمنطقة»، وأشاد بالتعاون في مجال الطاقة، معتبراً أن «تعاون بلاده مع قبرص واليونان في مجال الغاز والربط الكهربائي نقطة تحول إقليمي، ويمثل خطوة مهمة لتمديد الطاقة إلى أوروبا».

ووقعت مصر في أغسطس (آب) 2020 اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، بينما يعود اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص إلى عام 2003، إلى جانب مشروع الربط الكهربائي إلى أوروبا. ودفعت شراكة الدول الثلاث إلى تدشين «منتدى غاز شرق المتوسط» عام 2019.

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب القمة، قال السيسي إنه «لا سبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، إلا بوقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووقف أي ممارسات تؤدي للتهجير القسري للفلسطينيين»، مؤكداً أن «بلاده لن تقبل بهذه الممارسات».

وعبّر الرئيس القبرصي عن «رفض الدول الثلاث أي تدخل خارجي في شؤون الدول الأخرى، وكذلك انتهاك سيادتها ووحدة أراضيها»، وقال إن «هدف آلية التعاون الثلاثي الوقف الفوري للأعمال العدائية، وتهدئة الأوضاع، والحل السلمي للنزاعات، على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

بينما حذر رئيس وزراء اليونان من خطورة تجدد الصراع في سوريا، وأكد «ضرورة تحقيق الاستقرار في سوريا بمشاركة الجميع، وحماية الأقليات الدينية والعرقية»، وقال إن «بلاده تدعم الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة».

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد العرابي أن «التنسيق السياسي هو أكثر المجالات تقدماً ونجاحاً، في آلية التعاون المصرية القبرصية اليونانية»، وأكد أهمية توقيت انعقاد قمة القاهرة، مشيراً إلى أنها تأتي «في مرحلة يعاد فيها تشكيل الإقليم، وفي ظل توترات كثيرة تشهدها المنطقة».

ويعتقد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القمة جاءت للاستعداد لأي متغيرات حادة بالمنطقة، خصوصاً بعد التغيير الذي شهدته سوريا، وتولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهامه رسمياً»، منوهاً بأن «قبرص واليونان تعبران عن المصالح المصرية داخل الاتحاد الأوروبي».

وفي اعتقاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي أن «قمة القاهرة قدمت رسائل عديدة لدول الإقليم على وقع التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في غزة وسوريا»، مشيراً إلى أن «مخرجات القمة أكدت وجود تحالف ثلاثي في شرق المتوسط يمكن البناء عليه، لدعم مسار التهدئة».

وتطرق فهمي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى مخرجات القمة في ملف الطاقة، وقال إن «نتائجها تعيد إحياء منتدى غاز المتوسط، في وقت تسعى بعض الدول للدخول في عضويته، مثل تركيا».

ووفق البيان الختامي للقمة، فإن «منتدى غاز شرق المتوسط يستند إلى احترام حقوق الدول الأعضاء في مواردهم الطبيعية... وهو مفتوح لعضوية جميع الدول التي تشارك في الأهداف ذاتها، وترغب في التعاون».