شيخ الأزهر يزور تواضروس وسط جدل متكرر حول «تهنئة المسيحيين» بالأعياد

أكد أن الزيارة «تعكس الروح الأخوية التي تجمع المصريين مسيحيين ومسلمين»

في مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد جدل تهنئة المسيحيين بالأعياد (المركز الإعلامي للأزهر)
في مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد جدل تهنئة المسيحيين بالأعياد (المركز الإعلامي للأزهر)
TT

شيخ الأزهر يزور تواضروس وسط جدل متكرر حول «تهنئة المسيحيين» بالأعياد

في مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد جدل تهنئة المسيحيين بالأعياد (المركز الإعلامي للأزهر)
في مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد جدل تهنئة المسيحيين بالأعياد (المركز الإعلامي للأزهر)

زار شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، السبت، بابا الإسكندرية، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، البابا تواضروس الثاني، في مقر الكاتدرائية المرقسية الكبرى بحي العباسية (شرق القاهرة)، للتهنئة بأعياد الميلاد، وسط جدل يتكرر كل عام بشأن «تهنئة المسيحيين» في الأعياد.

وقال الطيب: «جئنا هنا لنُجدد حبل المودة والصداقة والتآلف والتعارف، ولنعبر عما في قلوبنا من مودة وأخوة... جئنا مدفوعين بما تعلمناه في القرآن الكريم، ومن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، من تكريم للتوراة والإنجيل وللمسيح عيسى ابن مريم».

وفي مثل هذا التوقيت من كل عام، يُروّج «متشددون» عبر بعض القنوات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، آراءً تتعلق بـ«عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم»، إلا أن الأزهر يصف هذه الآراء بأنها «غير صحيحة وغير منضبطة، وصادرة من أشخاص غير مختصين».

ورافق شيخ الأزهر خلال زيارته، وزير الأوقاف المصري، أسامة الأزهري، ومفتي الديار المصرية، نظير عياد، ووكيل الأزهر، محمد الضويني، ورئيس جامعة الأزهر، سلامة داوود.

شيخ الأزهر يزور البابا تواضروس الثاني في مقر الكاتدرائية بالقاهرة (المركز الإعلامي للأزهر)

وأضاف الطيب موضحاً: «ما تربينا عليه في الأزهر، وتأسس في وجداننا، من ثناء القرآن الكريم ورسول الإنسانية والسلام بإخواننا المسيحيين؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، فقالوا يا رسول الله كيف؟ قال الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد»، مشيراً إلى أن القرآن الكريم «لا توجد فيه كلمة الأديان؛ إنما هو دين واحد متعدد الرسالات، التي يبعث بها الأنبياء».

من جهته، أكد تواضروس أن الزيارة «تعكس الروح الأخوية التي تجمع المصريين؛ مسيحيين ومسلمين»، وقال بهذا الخصوص: «أشعر بمقدار الود والمحبة والمشاعر الطيبة، التي تربطني بشيخ الأزهر، ونحن نتبادل الأحاديث والنقاشات حول مختلف القضايا، وهو ما يكشف قدر الوحدة والأخوة الموجودة على أرض مصر».

كما تحدّث مفتي مصر عن الجدل، الذي يثار كل عام حول حكم تهنئة المسيحيين، قائلاً في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، إن تكرار السؤال عن حكم التهنئة «لم يعد مقبولاً»، مبرزاً أن «هذه المسألة قتلت بحثاً، وإن كان البعض لا يزال ينتظرها ليدلي بدلوه، إما سلباً وإما إيجاباً، رغبةً في خير أو فتنة».

وأشار المفتي إلى أن دار الإفتاء المصرية والأزهر «يؤكدان موقفهما سنوياً بزيارات متبادلة بين رموز المؤسستين الدينيتين»، مشدداً على أن «تهنئة المسيحيين لا حرج فيها؛ بل هي من الأمور الجائزة والمستحبة؛ لأنها تعد لوناً من ألوان البر».

تواضروس أكد أن زيارة شيخ الأزهر تعكس الروح الأخوية التي تجمع المصريين (المركز الإعلامي للأزهر)

وفي وقت سابق، ذكر شيخ الأزهر أن تهنئة المسيحيين بالأعياد «ليست من باب المجاملة أو الشكليات، بل تأتي انطلاقاً من فهمنا تعاليم ديننا الحنيف». وأشار حينها إلى أن «علاقة المسلمين والمسيحيين تُعد تجسيداً حقيقياً للوحدة والإخاء، وهذه الأخوة ستظل دائماً الرباط المتين، الذي يشتد به الوطن في مواجهة الصعاب والتحديات».

وكانت «حرب غزة» حاضرة خلال لقاء «الطيب - تواضروس»، السبت، حيث دعا شيخ الأزهر إلى تسخير هذه المناسبات للمطالبة بـ«وقف المأساة والعدوان، اللذين يتعرض لهما الأبرياء في غزة منذ أكثر من 15 شهراً». وأضاف أن منع وصول المساعدات الإنسانية في ظل المطر الشديد والظروف المناخية الصعبة، هو «سلوك معادٍ للإنسانية».

وأشار تواضروس إلى أنه «لا يمكن صناعة السلام والقلوب مملوءة بالخطايا والشر، وفي ظل غياب الإخلاص والأمانة»، مؤكداً أن «صناعة السلام هي صناعة ثقيلة، ونحن مأمورون بها من قبل التعاليم الدينية»، لافتاً إلى دور علماء الدين في «حفظ الإنسانية وفقاً للتعاليم الدينية، ومجابهة ارتفاع نبرات الإلحاد والقتل والصراعات».


مقالات ذات صلة

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

شمال افريقيا مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القاهرة قد تطلب نجل القرضاوي من أبوظبي

بينما تسير السلطات اللبنانية في إجراءات إتمام ترحيل الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، إلى الإمارات، فإن مصدراً مصرياً كشف عن نية القاهرة طلبه من أبوظبي.

هشام المياني (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من الحماية المدنية في محافظة البحيرة أثناء البحث عن أحياء (وسائل إعلام محلية)

وفاة شخص وإصابة 3 آخرين في انهيار منزل بشمال مصر

تُوفي شخص وأصيب ثلاثة آخرون، والبحث جارٍ عن مفقودين، اليوم الأربعاء؛ جراء انهيار منزل بالبحيرة في شمال مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس قرر القضاء تأجيل النظر في طعن على قرار الإعادة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

نفت وزارة الداخلية المصرية الثلاثاء صحة مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي ويزعم خلاله شخص أن «قوات الشرطة تقتل مواطنين في الصعيد» (جنوب مصر).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
TT

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

دعت قمة ثلاثية جمعت قادة مصر وقبرص واليونان، في القاهرة، الأربعاء، إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية في سوريا، تشمل جميع الأحزاب الوطنية، ودون تدخل أجنبي. كما بحثت في تطورات الأوضاع في ليبيا والسودان والبحر الأحمر، إلى جانب تعميق التعاون المشترك بين الدول الثلاث، خصوصاً في المجالات الاقتصادية.

عُقدت القمة، التي تعد العاشرة من نوعها، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.

ودشّنت الدول الثلاث آلية للتعاون الثلاثي على مستوى القمة، عُقد الاجتماع الأول لها في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وتناوبت الدول الثلاث على استضافة اجتماعاتها على مدار السنوات الماضية، حيث عُقدت الجولة التاسعة منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بالعاصمة اليونانية أثينا.

الرئيس المصري مع نظيره القبرصي (الرئاسة المصرية)

وسيطرت تطورات الأوضاع الإقليمية على فعاليات قمة القاهرة. وأعربت الدول الثلاث، في البيان الختامي، عن «قلقها بشأن الحرب في غزة، والوضع الإنساني الكارثي الناتج عنها»، ودعت إلى «تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً الوقف الفوري والكامل والشامل لإطلاق النار بالقطاع، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين والسجناء، وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن»، كما طالب البيان بـ«تنفيذ حل الدولتين لمعالجة أسباب عدم الاستقرار بالشرق الأوسط».

وفي الشأن السوري، أكد البيان ضرورة «إطلاق عملية سياسية شاملة، بملكية وطنية سورية، دون تدخل أجنبي، تشمل جميع الأحزاب السورية»، مع «ضرورة احترام وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها».

ودعا البيان إلى «حكومة وطنية موحدة وجديدة في ليبيا، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في آن واحد»، كما طالب «بوقف إطلاق النار الشامل والدائم في السودان، واستئناف العملية الانتقالية، وتجنب انتشار التهديدات الأمنية للبحر الأحمر والقرن الأفريقي، إلى جانب استئناف عملية تسوية شاملة للقضية القبرصية، بملكية وإدارة قبرصية».

وعلى صعيد التعاون الثلاثي، أكد البيان «ضرورة ضمان أمن واستقرار المجال البحري في شرق المتوسط»، إلى جانب «مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة»، و«تعزيز آلية التعاون الثلاثي، خصوصاً في مجالات التجارة والاستثمار، والتوسع في جهود أمن الطاقة من خلال استكشاف الطاقة في المتوسط».

ووقعت الدول الثلاث 4 اتفاقيات تعاون، في مجالات تطوير الموارد المائية، والرعاية الصحية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والعلاقات الاستثمارية. بينما وقعت مصر وقبرص 7 اتفاقيات تعاون ثنائي، في مجالات التعليم والبحث، والاتصالات، وتمكين المرأة، والسياحة، وحماية البيئة، والموارد المائية، والإنذار المبكر للحوادث النووية.

الرئيس المصري مع رئيس الوزراء اليوناني (الرئاسة المصرية)

وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي آلية التعاون الثلاثي «نموذجاً للتعاون الإقليمي المتكامل»، وقال في افتتاح القمة إن «التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث حالياً ضروريان لمواجهة التحديات غير المسبوقة بالمنطقة»، وأشاد بالتعاون في مجال الطاقة، معتبراً أن «تعاون بلاده مع قبرص واليونان في مجال الغاز والربط الكهربائي نقطة تحول إقليمي، ويمثل خطوة مهمة لتمديد الطاقة إلى أوروبا».

ووقعت مصر في أغسطس (آب) 2020 اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، بينما يعود اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص إلى عام 2003، إلى جانب مشروع الربط الكهربائي إلى أوروبا. ودفعت شراكة الدول الثلاث إلى تدشين «منتدى غاز شرق المتوسط» عام 2019.

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب القمة، قال السيسي إنه «لا سبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، إلا بوقف شامل لإطلاق النار في غزة، ووقف أي ممارسات تؤدي للتهجير القسري للفلسطينيين»، مؤكداً أن «بلاده لن تقبل بهذه الممارسات».

وعبّر الرئيس القبرصي عن «رفض الدول الثلاث أي تدخل خارجي في شؤون الدول الأخرى، وكذلك انتهاك سيادتها ووحدة أراضيها»، وقال إن «هدف آلية التعاون الثلاثي الوقف الفوري للأعمال العدائية، وتهدئة الأوضاع، والحل السلمي للنزاعات، على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

بينما حذر رئيس وزراء اليونان من خطورة تجدد الصراع في سوريا، وأكد «ضرورة تحقيق الاستقرار في سوريا بمشاركة الجميع، وحماية الأقليات الدينية والعرقية»، وقال إن «بلاده تدعم الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة».

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد العرابي أن «التنسيق السياسي هو أكثر المجالات تقدماً ونجاحاً، في آلية التعاون المصرية القبرصية اليونانية»، وأكد أهمية توقيت انعقاد قمة القاهرة، مشيراً إلى أنها تأتي «في مرحلة يعاد فيها تشكيل الإقليم، وفي ظل توترات كثيرة تشهدها المنطقة».

ويعتقد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القمة جاءت للاستعداد لأي متغيرات حادة بالمنطقة، خصوصاً بعد التغيير الذي شهدته سوريا، وتولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهامه رسمياً»، منوهاً بأن «قبرص واليونان تعبران عن المصالح المصرية داخل الاتحاد الأوروبي».

وفي اعتقاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي أن «قمة القاهرة قدمت رسائل عديدة لدول الإقليم على وقع التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في غزة وسوريا»، مشيراً إلى أن «مخرجات القمة أكدت وجود تحالف ثلاثي في شرق المتوسط يمكن البناء عليه، لدعم مسار التهدئة».

وتطرق فهمي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى مخرجات القمة في ملف الطاقة، وقال إن «نتائجها تعيد إحياء منتدى غاز المتوسط، في وقت تسعى بعض الدول للدخول في عضويته، مثل تركيا».

ووفق البيان الختامي للقمة، فإن «منتدى غاز شرق المتوسط يستند إلى احترام حقوق الدول الأعضاء في مواردهم الطبيعية... وهو مفتوح لعضوية جميع الدول التي تشارك في الأهداف ذاتها، وترغب في التعاون».