الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يشمل «التعقيدات الإدارية واختلال الميزان التجاري»

ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)
ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)
ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل مشكلتين: الأولى تتصل بـ«تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر. أما الثانية فترتبط بـ«اختلال الميزان التجاري لصالح أوروبا»، الذي يزعج الجزائر كثيراً.

وأعلن وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، الاثنين، في العاصمة، أن جولة المفاوضات المنتظرة بين أطر من مديرية التجارية التابعة لمفوضية الاتحاد مع أطر من وزارة التجارة الجزائرية، ستعقد في بالجزائر، لكن من دون تقديم تاريخ محدد، فيما ذكرت مصادر من سفارة الاتحاد الأوروبي بالجزائر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الترتيبات جارية للاتفاق على الموعد وتاريخه ومدة الاجتماع».

وزير خارجية الجزائر (يسار) في لقاء سابق مع نظيره المجري لبحث وساطة مع «الاتحاد الأوروبي» تحل الخلاف التجاري (الخارجية الجزائرية)

وكان عطاف بصدد عرض حصيلة عن نشاط الدبلوماسية الجزائرية، خلال 2024، عندما طُرح عليه سؤال حول «مشكلة اتفاق الشراكة»، الذي يربط بلاده بالاتحاد الأوروبي منذ إبرامه عام 2002، علماً بأن تطبيقه بدأ في 2005. وقال بهذا الخصوص إن الرئيس عبد المجيد تبون «أمر بمراجعة الاتفاق بنداً بنداً؛ نظراً لأنه ألحق ضرراً بالاقتصاد الوطني»؛ مشيراً إلى أن «هناك نوعين من القضايا بين الجزائر والاتحاد الأوروبي: الأولى تتعلق بالجانب التجاري، حيث يشكو الأوروبيون مما يصفونه بـالتعقيدات الإدارية، وهذا ينطبق علينا أيضاً».

وفيما يتعلق بالجانب الثاني، أوضح عطاف أن «الاتفاق غير مفيد للجزائر، فهو غير متوازن، ويصب في مصلحة الاتحاد الأوروبي فقط»، عادّاً الاتفاق «غير مفيد البتة بالنسبة لنا، وهذا ما قلناه للأوروبيين».

وزير خارجية الجزائر خلال المؤتمر الصحافي أمس الاثنين (الخارجية الجزائرية)

وفي وقت سابق، قال عطاف في رد على سؤال برلماني، حول «المشكلة مع الاتحاد الأوروبي»، إن حجم المبادلات التجارية مع بروكسل بلغ نحو تريليون دولار في الـ18 سنة الماضية، في حين لم تتجاوز استثماراته في الجزائر 13 مليار دولار، غالبيتها في قطاع المحروقات، حسب عطاف، مقابل تحويل أرباح بقيمة 12 مليار دولار في المدة بين 2005 و2022.

وكان يفترض أن تنطلق مفاوضات بين الطرفين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لحل المشكلات التجارية التي تطرحها الوثيقة، لكن تم تأجيلها لأسباب لم تعلن. وصرح دييغو ميليادو، سفير الاتحاد الأوروبي في الجزائر، للصحافة المحلية، أن المشاورات المرتقبة «ستتبعها زيارات متبادلة لاستكمال المفاوضات»، مؤكداً أنها «ستتناول أساساً تقييم التبادلات بشكل أكثر وضوحاً، من خلال مراجعة اتفاق الشراكة بشكل كامل، ولا توجد لدينا دراسة نقطة بنقطة»، في تعارض واضح مع الطرح الجزائري، الذي يتحدث عن «إعادة النظر في الوثيقة بنداً بنداً».

السفير الأوروبي في الجزائر (يسار) مع وزير خارجية الجزائر (متداولة)

وأصدرت المفوضية الأوروبية بياناً في يونيو (حزيران) الماضي، حمل اعتراضاً على سلسلة من القرارات بدأت الجزائر تنفيذها منذ عام 2021، تتعلق بتنظيم الواردات، وتحفيز الإنتاج المحلي، وشملت نظام تراخيص الاستيراد، وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة. ورأت حكومة «الاتحاد» أن الإجراءات التي اتخذتها الجزائر «تقييدية» لصادراتها إلى الجزائر.

ويرجح أن هذا ما يعنيه الاتحاد الأوروبي بشأن تذمره من «تعقيدات إدارية»، تضعها الجزائر على صادراته، حسبما ورد في كلام عطاف، الذي لم يذكر بالمقابل ما هو نوع هذه «التعقيدات الإدارية»، التي تأخذها الجزائر على شريكها التجاري.

سفير الاتحاد الأوروبي في الجزائر (البعثة الأوروبية بالجزائر)

وخاض تبون، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال مقابلة صحافية، في التدابير التي أثارت حفيظة الاتحاد الأوروبي، قائلاً إن بلاده «لم تكن تمتلك قدرات تصدير عندما وقعت الاتفاق. لكن أوضاعنا تغيرت؛ إذ أصبحنا ننتج ونصدر حالياً مجموعة كبيرة من المواد المصنعة، والأجهزة الكهربائية وغيرها. وكنا نستورد حاجياتنا الزراعية، بعكس وضعنا حالياً»، لافتاً إلى أن بلاده «لا ترغب سوى في إعادة النظر في الاتفاق على أساس جوهره، وهو التجارة الحرة، دون أي رغبة بالدخول في صراع».


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباب قسنطينة الجزائري تصدر مجموعته بالكونفدرالية (نادي شباب قسنطينة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: قسنطينة الجزائري ينتزع صدارة مجموعته برباعية

حقق فريق شباب قسنطينة الجزائري فوزاً عريضاً على ضيفه أونزي برافوش الأنجولي بنتيجة 4 - صفر في الجولة الرابعة بالمجموعة الأولى لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (قسنطينة)
شمال افريقيا الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.