البرد والجوع يقتلان الأطفال وكبار السن والحوامل في دارفور

متحدث باسم النازحين: الناس يأكلون أوراق الأشجار وأعلاف الحيوانات

لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)
لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)
TT
20

البرد والجوع يقتلان الأطفال وكبار السن والحوامل في دارفور

لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)
لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)

التصق جلد الطفلة فاطمة، البالغة من العمر 3 سنوات، بعظامها النحيلة من شدة الجوع، في حين كانت أمها حواء، وهي جائعة أيضاً، تنتظر بقلق حصة قليلة من المواد الغذائية توزعها جمعيات محلية تعرف باسم «التكايا»، وتقول: «كانت ابنتي مرحة وضاحكة، تلعب بنشاط مع أندادها، لكنها الآن لا تستطيع الحركة من الجوع»، وتتابع: «ليس لدينا أكل، فإذا توفرت لنا وجبة واحدة نكون سعداء جداً، فقدنا كل شيء بسبب الحرب».

الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)
الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

إلى جانب الجوع، يعيش سكان باقون في مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، وسط الموت الذي يأتيهم من الأرض والسماء، في حين غادرت أعداد كبيرة إلى معسكرات النزوح، لكن الموت بالقذائف والجوع ظل يلاحقهم هناك أيضاً، وهذا ما أورده الناطق باسم «منسقية النازحين واللاجئين في دارفور»، آدم رُجال، الذي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن الناس في معسكرات النزوح في دارفور، يعيشون أوضاعاً سيئة للغاية، فمن لم يمت منهم بالرصاص والقذائف المتطايرة، «مات بالجوع وسوء التغذية والبرد والأمراض».

رُجال الذي ظل يدافع عن قضايا النازحين منذ حرب دارفور الأولى 2003، حضّ الجيش و«قوات الدعم السريع»، على إيقاف الحرب التي راح ضحيتها أكثر من 7 آلاف داخل مخيمات النازحين في دارفور، الذين تضاعفت أعدادهم... فبعد أن كانوا قبل اندلاع الحرب، نحو 3 ملايين نازح، صاروا الآن، أكثر من 6 ملايين، يقيمون في 171 مخيماً، 70 بالمائة من النساء والأطفال.

وفي تجسيده للمأساة، وصف رُجال معاناة الحرب التي تفاقمت بدخول فصل الشتاء والبرد القارس، بقوله: «هذه الأيام يموت الأطفال من البرد»، ويتابع: «أجبر القصف المدفعي من (قوات الدعم السريع)، ومقاتلات الجيش في الفاشر، سكان المدينة على مغادرتها. ووصلوا، بعد أيام، إلى مناطق في جبل مرة، وهي مناطق آمنة، لكن تنعدم فيها سبل الحياة».

وأضاف: «إن المئات من الذين فرّوا بأجسادهم وأرواحهم إلى هناك يعيشون في العراء وتحت الأشجار، بانتظار مواد إغاثية وخيام تقيهم برد دارفور القارس... منظر الأطفال وهم يبحثون عن الدفء يمزق القلوب، ومثلهم حال كبار السن».

ويتابع: «إلى جانب الجوع والبرد القارس، فإن الأمراض والالتهابات الناتجة عن البرد، تزيد من الوفيات بين الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل»، وشدد: «الناس بحاجة ماسة للمسكن والغذاء والدواء».

الأحد الماضي، نفت الحكومة وجود مجاعة في البلاد، ووصفت تقرير «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، الذي صنف 5 مناطق جديدة في دارفور بأنها دخلت مرحلة الجوع، بـ«غير المحايد»، وبأنه يسهم في إطالة أمد الحرب، وذلك بعد أيام من إعلانها تعليق مشاركتها في «المرصد الأممي للجوع»، الذي يراقب مستويات الجوع في العالم.

ومنذ أبريل (نيسان) 2024، تُحاصر «قوات الدعم السريع» مدينة الفاشر، المنطقة الوحيدة التي تبقى من إقليم دارفور تحت سيطرة الجيش، وظل سكانها يواجهون الحصار والقذائف وقصف الطيران الحكومي، وانعدام الغذاء والدواء.

وتدخل مجلس الأمن الدولي، وطلب من «الدعم السريع» فك الحصار عن المدينة، ووقف الحرب لحماية المدنيين، دون جدوى، في حين تتزايد المأساة الإنسانية داخل المدينة، وفي معسكرات النزوح المحيطة بها.

ويضطر «الجوعى» في مخيمات النزوح إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة. وقال رُجال، إن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى هؤلاء النازحين قليلة مقارنة بعددهم، وطالب بزيادة العون الإنساني لهم، وتابع: «بعض الشاحنات التي تدخل الإقليم يتم اعتراضها من (قوات الدعم السريع)، ومجموعات مسلحة أخرى، ويتم الاستيلاء على 60 بالمائة من المواد الإغاثية التي تدخل بعض المناطق».

ويتعرض «معسكر أبو شوك»، المكتظ بالنازحين قرب الفاشر، لقصف كثيف، ما أدى لمقتل المئات، وتزعم «قوات الدعم»، أن القوات الموالية للحكومة «تستخدم النازحين دروعاً بشرية»، في حين يقول الجيش والقوات المشتركة، إن «الدعم السريع» يستهدف المدنيين.

نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور (رويترز)
نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور (رويترز)

وانتقد رُجال ما سمّاه «صمت العالم» عن إدانة القصف، والتركيز على مخيم واحد من مخيمات النازحين هو مخيم زمزم، وتجاهل مخيم أبو شوك، الذي يضم 200 ألف شخص، فرّ بعضهم إلى منطقة طويلة، وقال: «الأوضاع الصحية في أبو شوك أصبحت أكثر حراجة، بعد قصف المركز الصحي الوحيد العامل في المخيم».

والى جانب الجوع والبرد والقصف، فإن رُجال يقول: «إن الأمراض المتوطنة، مثل الملاريا، تفتك بالنازحين، ونتجت عنها وفيات وسط الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل، إضافة إلى الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري؛ حيث لا دواء في مخيمات النزوح».


مقالات ذات صلة

السودان: «الدعم السريع» تصعّد حرب المسيّرات

شمال افريقيا 
حرب المسيرات في السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)

السودان: «الدعم السريع» تصعّد حرب المسيّرات

تجددت هجمات المسيّرات التابعة لـ«قوات الدعم السريع» لليوم الثاني على التوالي، مستهدفةً عدة مواقع عسكرية وبنية تحتية في السودان، من بينها مصفاة الجيلي للبترول.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان (وسط) لدى حضوره افتتاح مبادرة لدعم أسر الضحايا الذين قتلوا وجرحوا في الحرب في بورتسودان 26 أبريل 2025. (أ.ف.ب)

البرهان: واثقون بالنصر... وسنوقف هجمات المسيّرات

طمأن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الشعب السوداني، بشأن المسيّرات التي تطلقها «قوات الدعم السريع» على محطات الكهرباء، وقال: «لن تسمعوا بها قريباً»

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا جندي يُطفئ حريقاً بعد غارة بطائرة دون طيار في مدينة الدامر شمال السودان 25 أبريل (رويترز)

انفجارات قوية تهز قاعدة جوية للجيش السوداني في أم درمان

هزَّت انفجارات ضخمة في ساعة مبكرة من صباح السبت، أكبر قاعدة جوية للجيش السوداني في شمال أم درمان، فيما تصاعدت أعمدة الدخان الكثيف دون الكشف عن تفاصيل الانفجار.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا فارون من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

مسيّرات «الدعم السريع» تستهدف عطبرة للمرة الرابعة

لقي 10 مدنيين سودانيين مصرعهم وأصيب 21، وتعطلت محطة كهرباء مدينة عطبرة، وانقطع التيار الكهربائي عن ولايتَي نهر النيل والبحر الأحمر، جراء هجوم بالمسيرات

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

وزير النقل السوداني: 140 ألف لاجئ عادوا من مصر

كشفت وزارة النقل السودانية عن تدفق أعداد هائلة من اللاجئين السودانيين العائدين من دول الجوار، خاصة من مصر، مشيرة إلى أن 140 ألف عادوا عبر معبري «أرقين، وأشكيت».

وجدان طلحة (بورتسودان)

السودان: «الدعم السريع» تصعّد حرب المسيّرات


حرب المسيرات في السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)
حرب المسيرات في السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)
TT
20

السودان: «الدعم السريع» تصعّد حرب المسيّرات


حرب المسيرات في السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)
حرب المسيرات في السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)

تجددت هجمات المسيّرات التابعة لـ«قوات الدعم السريع» لليوم الثاني على التوالي، مستهدفةً عدة مواقع عسكرية وبنية تحتية في السودان، من بينها مصفاة الجيلي للبترول شمال مدينة بحري، ومحطة كهرباء مدينة بربر شمال البلاد، ومواقع في مدينة عطبرة الشمالية، فيما سُمعت أصوات انفجارات، أمس، في منطقة كرري حيث تُوجد قاعدة «وادي سيدنا» الجوية، كبرى القواعد التابعة للجيش، والأكاديمية العسكرية، ومراكز قيادة رئيسية.

ومنذ استرداد الجيش للعاصمة الخرطوم وطرد «الدعم السريع» منها، يقول سكان إن الحرب تحولت في الأيام الأخيرة إلى حرب مسيّرات، فيما رجّح عسكريون أن تكون «الدعم السريع» قد حصلت مؤخراً على مسيرات «Ch-95» الصينية الحديثة التي تفوق قدرات الجيش في التصدي لها.

وتوعد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، بوضع حد لهجمات المسيّرات التابعة لـ«الدعم السريع» في أعقاب قصفها المكثف على قاعدة «وادي سيدنا».