إعادة توقيف برلماني سابق متهم في ملف «التآمر على أمن تونس»

بعد 48 ساعة فقط من صدور قرار الإفراج عنه

البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)
البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)
TT

إعادة توقيف برلماني سابق متهم في ملف «التآمر على أمن تونس»

البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)
البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)

قال حزب «جبهة الخلاص» التونسية المعارضة، التي يتزعمها المحامي والبرلماني السابق أحمد نجيب الشابي، إن فرقة أمنيّة من مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا أوقفت المعارض والنقابي والبرلماني السابق عن حزب «حركة النهضة» أحمد العماري، وذلك بعد تفتيش منزله، وحجز علب أرشيف تهمّ نشاطه البرلماني عن الدورة 2019-2024، مؤكداً أنه لم يتم إطلاق سراحه بعد من داخل مقر جهاز الأمن.

وأضافت «الجبهة» موضحة أن عملية الإيقاف تمت بعد 48 ساعة فقط من الإفراج عنه، بعد سنوات من الإيقاف والتحقيق معه في قضايا لديها علاقة بملفات «التآمر على أمن الدولة».

وأعلنت وسائل إعلام تونسية أن قرار الإفراج عن العماري صدر الثلاثاء الماضي عن الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة. وحسب مصادر حقوقية، فإن المحكمة قررت في مايو (أيار) الماضي إحالة البرلماني العماري، والوزير والبرلماني السابق المهدي بن غربية، على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، وذلك بعد اتهامهما بالتورط في قضية «التآمر»، بناء على تقارير صدرت ضدهما عندما كانا معتقلين في سجن المسعدين في محافظة سوسة الساحلية، على ذمة قضايا أمنية أخرى.

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (متداولة)

ومثل أحمد العماري والمهدي بن غربية أمام هيئة الدائرة الجنائية، وطلب المحامون تأخير القضية. وتقرر في تلك الجلسة الإفراج عن العماري استجابة لطلب المحامين الذين أكدوا «تدهور حالته الصحية». كما تقرر الإبقاء على المهدي بن غربية في حالة إيقاف في القضية نفسها، وعلى ذمة قضايا أخرى مرفوعة ضده، بعضها تهم مشاركته في حكومة يوسف الشاهد (2016 - 2020)، ورئاسته لعدد من المؤسسات الاقتصادية الخاصة.

في سياق قريب، أكد العميد المتقاعد في الحرس الوطني والخبير في قضايا الإرهاب، علي الزرمديتي، ما أوردته وسائل إعلام تونسية عن تعرض رجل أمن ينتمي لوحدة مكافحة الإرهاب في محافظة المنستير (170 كلم جنوب شرقي العاصمة)، أمس الخميس، إلى الطعن بسكين أثناء عملية إيقاف متهم بالانتماء إلى «التكفيريين»، وبعض المجموعات التي يشتبه ضلوعها في الإرهاب.

العميد السابق في الحرس الوطني والخبير في قضايا الإرهاب علي الزرمديتي (متداولة)

وقال الزرمديتي إن الأمر يتعلق، حسب المعطيات الأولية، بـ«عملية إسناد» حاول أن يقوم بها شقيق المتهم نيابة عن شقيقه، الذي كانت قوات الأمن المختصة في الإرهاب تحاول إيقافه للاشتباه في تورطه في جريمة إرهابية، وعندها تدخل شقيقه لمنعها واستخدم آلة حادة، طعن بها رجل الأمن، وقال معللاً تصرفه هذا بأنه أراد التضامن مع شقيقه. وبعد ذلك قامت قوات الأمن بإيقاف المتهم الأول وشقيقه، وإحالتهما على النيابة العامة.

يذكر أن حوادث طعن قوات الأمن تعاقبت خلال الأعوام الماضية في عدة مدن تونسية، خصوصاً أثناء عمليات إيقاف عدد من المشتبه فيهم في قضايا إرهابية، أو بالانتماء إلى «الجماعات التكفيرية»، وإلى جماعات «السلفيين المتشددين».

وسبق لعدد من المحامين والحقوقيين التونسيين أن أدلوا بتصريحات إلى وسائل الإعلام، طالبوا فيها السلطات الأمنية والقضائية بـ«احترام الإجراءات القانونية» عند اعتقال المشتبه فيهم، لتجنب سيناريوهات تدخل أقارب بعض المطلوبين للعدالة أو أصدقائهم في «ردود أفعال عنيفة» بحجة «التضامن العائلي والإسناد».



توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT

توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

جدد توالي الزلازل في إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير أزمة مع دولتي المصب (مصر والسودان).

ورغم أن الزلازل التي شهدتها إثيوبيا أخيراً تبعد عن المنطقة المقام عليها «السد»، فإن خبراء حذروا من «وقوع زلازل شديدة الخطورة قد تطول بنية (السد)»، وقالوا إن «مشروع (السد) مقام على منطقة فوالق أرضية ما يثير القلق باستمرار بشأن سلامته الإنشائية».

وشرعت إثيوبيا في بناء «السد» منذ عام 2011 بداعي إنتاج الكهرباء. وتطالب مصر والسودان بإبرام «اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد تشغيل «السد»، بما يؤمِّن حصتيهما من مياه النيل، لكن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنجح في الوصول إلى ذلك الاتفاق على مدار السنوات الماضية.

وتعرضت إثيوبيا على مدار الأسبوع الماضي لسلسلة من الزلازل، كان من بينها زلزال وقع على مسافة 142 كيلومتراً شرق العاصمة أديس أبابا، السبت، وبلغت شدته 5.8 درجة، وفق «هيئة المسح الجيولوجي الأميركي». وذكرت «الهيئة» أن «إثيوبيا تعرضت لسلسلة من الزلازل أقل قوة تجاوزت 30 زلزالا على مدار الأسبوع الماضي».

ورغم أن غالبية الزلازل التي تشهدها إثيوبيا تقع في منطقة «الأخدود الأفريقي» البعيدة عن «سد النهضة»، وفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، فإن «قوة الزلزال الذي وقع، السبت، أثارت مخاوف بشأن احتمالية امتداد تأثير الهزات الأرضية إلى المنطقة المقام عليها (السد)».

ويرى شراقي أن «إثيوبيا تشهد موجة غير مسبوقة من الزلازل حاليا، والقلق أن يصل النشاط الزلزالي إلى المنطقة المقام عليها (السد) ما يجعله أكثر عرضةً للانهيار»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بنيان السد الإثيوبي، تهدد سلامته الفيضانات والزلازل، وهو ما يزيد المخاوف».

بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)

وسبق أن طالبت القاهرة، الجانب الإثيوبي، بتقديم «دراسات فنية تفصيلية» بشأن «السد»، ومعاملات الأمان المتعلقة بالإنشاءات والتشغيل، وحذر وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، خلال «المنتدى العالمي العاشر للمياه» الذي عُقد بإندونيسيا في مايو (أيار) الماضي، الجانب الإثيوبي، من مخاطر «الاستمرار في بناء (السد) من دون تقديم دراسات فنية تفصيلية حول آثاره البيئية والاقتصادية على دول المصب».

بينما حذر أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار بجامعة تشابمان الأميركية، هشام العسكري، من تأثير الخصائص الجيولوجية للمنطقة المقام عليها مشروع السد الإثيوبي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «(السد) بُنِيَ على منطقة فوالق أرضية، وازدياد نسب تخزين المياه قد يؤدي إلى تشققات وانزلاقات أرضية تسبِّب حدوث زلازل»، مشيراً إلى أن «البحيرات المائية خلف السدود، دائماً ما تولِّد نشاطاً زلزالياً».

ويرى العسكري أن «الربط بين ازدياد نشاط الزلازل في إثيوبيا أخيراً، مع ارتفاع نسبة التخزين في بحيرة (السد)، يستدعي مزيداً من الدراسات العلمية، لقياس أثر الحمل المائي على المنطقة»، ودعا إلى «ضرورة إجراء دراسات جيولوجية وبيئية للمنطقة المحيطة بـ(السد)، وتقييم دوري لسلامته».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في وقت سابق، «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد سيصل إلى 70 مليار متر مكعب بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2024».

وبحسب خبير المياه الدولي، ضياء القوصي، فإن «الحكومة الإثيوبية تجاهلت جميع التحذيرات التي قدمها الخبراء بشأن أمان (السد) وزيادة السعة التخزينية من المياه»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إقامة السد على منطقة فوالق أرضية تزيد من عمليات تسرُّب المياه، وهذا يشكل خطراً على أمان السد إنشائياً، خصوصاً إذا تعرضت المنطقة لنشاط زلزالي».

ورأى تقرير صدر في مايو (أيار) 2013 عن (لجنة الخبراء الدوليين)، المُشَكَّلة من الدول الثلاث لتقييم الجوانب الفنية لمشروع السد الإثيوبي، أن «الدراسات الإثيوبية عن السد غير كافية». وانتقد التقرير الذي جاء حينها بعد تقييم 153 دراسة قدمتها إثيوبيا عن مشروع السد، «غياب دراسات أساسية مثل تأثير انهيار (السد)، وتقييم الآثار البيئية والاجتماعية».

وفي رأي القوصي فإن «أمان السد إنشائياً كان يستدعي عدم زيادة السعة التخزينية للمياه خلفه، وفق دراسات أميركية سابقة».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حاليا تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات الري المصرية.

وجددت مصر والسودان، الشهر الماضي، رفضهما «أي مساس بحقوقهما المائية من نهر النيل»، وأكدا على «مخاطر إنشاء (سد النهضة) من دون أي تشاور مع دولتي المصب»، وأشارا إلى أن تحركات أديس أبابا لفرض سياسة الأمر الواقع «تمثل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي».