السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

منظومة جديدة لمكافحة التهريب... وسداد الرسوم خلال 90 يوماً

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت أنه لا جمارك جديدة ستفرض، لكن ستطرح منظومة جديدة لمواجهة التهريب، الذي كان يصل لنحو 95 في المائة من الواردات ويضر خزينة الدولة.

وأكد مسؤول مصري في تصريحات، الأربعاء، أن المنظومة ستطبق خلال أيام، بهدف مزيد من الحوكمة، وتطويق عمليات تهريب أجهزة الجوالات غير المسبوقة من الخارج، وسط تأكيد مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء سيحمي الاستثمارات الداخلية، ويشجع الصناعة المحلية دون أي تأثير على أسعار الهواتف داخل مصر.

وكشف نائب وزير المالية المصرية، للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، في مقطع مصور الأربعاء، عن أن هناك «إشاعات انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بفرض ضريبة جديدة على الجوّال»، مؤكداً أنه «لا فرض ضريبة إضافية على الجوالات».

هواتف «غوغل بيكسل» الجديدة (غوغل)

كما أوضح المسؤول المصري أن «كل ما في الأمر هو أن هناك حوكمة أكبر للجوالات القادمة من المنافذ الجمركية»، لافتاً إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت للأسف الشديد ظاهرة تهريب الجوالات بطريقة فاقت التوقعات».

«ويتم تهريب 95 في المائة من الجوالات المستوردة، وتدفع فقط 5 في المائة الرسوم الجمركية المقررة منذ زمن»، بحسب الكيلاني، الذي شدد على أن التهريب أضر بالخزينة العامة للدولة، دون تحديد قيمة الخسائر.

وتعد رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك.

ولمواجهة آفة التهريب، قال نائب وزير المالية، إن الوزارة صممت تطبيقاً على الجوالات يسمح للقادمين من الخارج، سواء في المواني أو المطارات، بتسجيل جوالاتهم الشخصية عن طريق التطبيق بمجرد دخولهم إلى البلاد، دون أي جمارك أو رسوم إضافية، على أن يتم إرسال رسالة نصية للجوالات المهربة غير المسجلة على ذلك التطبيق، تنص على المطالبة بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال 90 يوماً، ليتم بعدها وقف تشغيل الجوالات المهربة غير المسددة للرسوم.

مصر لمواجهة تهريب الهواتف المحمولة (آبل)

ويوضح رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أخرى، مبرزاً أن هناك شكاوى قدمت للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، من صناع ومعنيين في السوق المحلية، من إدخال البعض جوالات مستوردة من الخارج، دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم والسوق المحلية. وأكد أن التطبيق «سيواجه ذلك التهريب، وينتظر الإعلان عن موعد دخوله حيز التنفيذ، ولن يؤثر سلباً على السوق»، موضحاً أن تلك الجوالات كانت تدخل بطريقة غير رسمية للبلاد، وكانت تضر السوق.

وكانت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قد كشفت قبل أيام عن أن هناك بلبلة بشأن وقف إدخال الجوالات المستوردة من الخارج، ابتداء من يناير 2025.

وأوضحت أن «هناك مشكلة في الرقابة، ذلك أن دخول الجوالات من السوق الأوربية لمصر بشكل كبير أثر على عملية البيع المحلي في مصر»، لافتة إلى أن الجوالات «سيتم السماح بدخولها لكن سيتم دفع الرسوم المقررة».

وأكدت وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن دخول الجوال المستورد من الخارج بالضريبة «سيجعل تكلفته أغلى من سعره في الداخل، ومن ثمّ سيساهم في تقليل الاستيراد، وتعزيز البيع المحلي، وعدم اللجوء للخارج»، مؤكدة أن التوجهات الرسمية تفيد بدخول جوال واحد كل سنة دون ضريبة، وإن زاد على ذلك فلابد من دفع الرسوم المقررة.

وانتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع، من بينها الجوالات؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) جوالات سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

ويتوقع رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، أن يعزز عمل المنصة الجديدة مواجهة الجوالات المهربة داخل السوق، مرجحاً أنها قد تتلاشى مع مخاوف من عدم عملها داخل مصر، خاصة أنها قد لا تدفع الجمارك المقررة عليها، مشدداً على أن تلك الخطوة «ستشجع الاستثمارات المحلية بشأن تصنيع الجوالات، ولن تؤدي إلى أي ارتفاع جديد في أسعار الجولات داخل البلاد».

هاتف «شاومي 14 ألترا» (إدارة الشركة)

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

«الجامعة العربية» تحذر من «إشعال الفتنة» في سوريا

حذرت جامعة الدول العربية، الخميس، من «إشعال فتنة» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مع عدد من المستثمرين (مجلس الوزراء)

تحويلات المصريين بالخارج تصل إلى أعلى مستوياتها

شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «ارتفاعاً قياسياً» أخيراً، وسط تأكيدات مسؤولين مصريين أن ذلك جاء في ظل «تحرير» سعر صرف الجنيه.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)

مصر تعوّل على القطاع الخاص في تحسين الخدمات بالمطارات

تُعوّل الحكومة المصرية على «القطاع الخاص» لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، سعياً لـ«تحسين جودة الخدمات» الجوية في حركة النقل الجوي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الرئيس المصري مع رئيس هيئة قناة السويس (الرئاسة المصرية)

السيسي يعوّل على مشروعات تطوير «قناة السويس» لمواجهة توترات البحر الأحمر

عوّل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، على تطوير قناة السويس وتحسين الخدمات الملاحية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصر تؤكد دعمها تشاد في مكافحة «الإرهاب والتطرف»

محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)
محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد دعمها تشاد في مكافحة «الإرهاب والتطرف»

محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)
محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)

أكدت مصر حرصها على دعم تشاد في مكافحة «الإرهاب» والتطرف، داعية إلى تبني «مقاربة شاملة» تراعي الأبعاد الفكرية والاجتماعية.

ووصل وزير الخارجية والهجرة المصري، الخميس، إلى العاصمة التشادية نجامينا في مستهل زيارة رسمية، وعقد لقاء مع وزير الشؤون الخارجية والتكامل الأفريقي التشادي، عبد الرحمن غُلام الله، تناول المستجدات الإقليمية وتعزيز العلاقات الثنائية، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف.

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال اللقاء، على «حرص بلاده على تقديم الدعم لتشاد لتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية ذات الصلة بتحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والتطرف»، وأشار إلى «أهمية تبني مقاربة شاملة تراعي الأبعاد التنموية والاجتماعية والأمنية والفكرية».

وفي هذا السياق، ثمن عبد العاطي «الدور المحوري الذي يقوم به الأزهر الشريف في تشاد في مكافحة الفكر المتطرف، وكذلك دور مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام في بناء القدرات في مجالات مكافحة الفكر المتطرف والجريمة المنظمة عابرة الحدود».

وتصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، وأعلنت تشاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مقتل 40 جندياً في هجوم إرهابي على قاعدة عسكرية غرب البلاد، عُد الأعنف خلال العام الجاري.

وتُوصف تشاد بأنها الدولة الأكثر نشاطاً في الحرب على الإرهاب، وسبق أن خاض جيشها المدرب على ملاحقة الإرهابيين عمليات عسكرية عدة في بقية دول الساحل، خصوصاً مالي والنيجر، ومن أشهر العمليات التي قادها الجيش التشادي كانت عام 2013 ضد معاقل «القاعدة» في شمال مالي.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، في إفادته، الخميس، إن اللقاء بين عبد العاطي وغُلام الله، «شهد تبادل الرؤى بشأن عدد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها التطورات في السودان والتي تؤثر بشكل مباشر على كل من مصر وتشاد، حيث تعد مصر وتشاد أكثر الدول استقبالاً للنازحين من السودان».

وفي يوليو (تموز) الماضي، توافقت مصر وتشاد على ضرورة دعم جهود وقف إطلاق النار في السودان الذي يعاني من أزمة إنسانية متفاقمة «تستوجب التدخل العاجل لتخفيفها» بحسب إفادة رسمية للرئاسة المصرية عقب استقبال الرئيس المصري نظيره التشادي في القاهرة.

وتناول الوزيران تطورات الأوضاع في ليبيا، وفي منطقتي الساحل والقرن الأفريقي، فضلاً عن الأمن المائي المصري، حيث أكد عبد العاطي أنه «أمر لا تهاون فيه»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيس، وسط اعتراضات من دولتَي المصب؛ مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات ملء وتشغيل السد، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وقال تميم خلاف إن وزير الخارجية المصري أشاد خلال اللقاء بالروابط التاريخية والثقافية التي تجمع البلدين، مؤكداً أن «زيارته تأتي في إطار الحرص على الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية»، مشيراً في هذا الصدد إلى زيارة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، إلى مصر في يوليو الماضي، واللقاءات المتبادلة بين مسؤولي البلدين «ما يعكس الالتزام المشترك بتعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف بالنسبة للتطورات في الإقليم».

وأكد عبد العاطي، الذي اصطحب معه إلى نجامينا وفداً من ممثلي كبرى الشركات المصرية، على «أهمية الارتقاء بمستوى التبادل التجاري بين البلدين واستكشاف الفرص المتاحة لزيادة الاستثمارات»، بحسب المتحدث الرسمي.

وأشار إلى «أهمية زيادة الدورات التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وتوفير العديد من المنح في التخصصات المختلفة للطلاب التشاديين في الجامعات المصرية، والتوسع في برامج تدريب الدبلوماسيين التشاديين في القاهرة».

وشهدت الزيارة الإعلان عن تسيير قافلة طبية مصرية في مجال طب العيون لدعم القطاع الصحي في تشاد، واتفق الوزيران على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في أقرب وقت، لبحث سبل تعزيز أطر التعاون القائمة ودفع العلاقات الثنائية، وفق إفادة المتحدث الرسمي.