الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

في خطوة تصعيدية دلَت على قطيعة تامة في العلاقات

عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تتهم المخابرات الفرنسية بـ«زعزعة استقرارها»

عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)
عنوان صحيفة «المجاهد» حول احتجاج الجزائر على الاستفزازات الفرنسية (الشرق الأوسط)

إذا كان معروفاً بأن العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تمر بأسوأ حالاتها منذ أشهر، فإن اتهامات جديدة صدرت عن الجزائر ضد باريس، تزيدها توتراً وتصعيداً، خصوصاً أنها تزامنت مع «قضية سجن الكاتب بوعلام صنصال» التي ما زالت تثير خلافاً حاداً بين ضفتي المتوسط، استدعي إليها التاريخ و«الحنين إلى الجزائر الفرنسية» ومواقف اليمين المتطرف من الهجرة.

ونشرت صحيفة «المجاهد» الفرنكفونية، أكبر الجرائد الحكومية في البلاد، بموقعها الإلكتروني، ليل السبت - الأحد، خبر استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه، الأسبوع الماضي، «حيث تم توجيه تحذير شديد له، بعد الكشف عن معلومات خطيرة تتعلق بتورط جهاز الأمن الخارجي الفرنسي، في حملة لتجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر، بهدف زعزعة استقرار البلاد».

السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه (حسابه الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي)

ونقلت الصحيفة خبر استدعاء السفير عن «مصادر دبلوماسية موثوق بها»، مشيرة إلى «قضية المدعو عيساوي محمد الأمين»، وهو شاب ثلاثيني أكد في تصريحات بثتها قناة تلفزيونية عمومية، الخميس الماضي، أن مكتب المخابرات الفرنسية بالسفارة «وظفه لنقل معلومات إليه تخص الجهاديين الجزائريين بالعاصمة، الذين عادوا من مناطق الصراع في سوريا، ومعطيات عن شبكات الهجرة السرية بوهران»، بغرب البلاد.

وأكدت صحيفة «المجاهد»، أن مسؤولي وزارة الخارجية الجزائرية «أبلغوا السفير الفرنسي الرفض الصارم للسلطات العليا في البلاد لسلسلة الاستفزازات والأعمال العدائية الفرنسية تجاه الجزائر». كما نقلت عن المصادر نفسها أن السلطات تقول إن «هذه التصرفات لا يمكن أن تمرَّ دون عواقب». وحرصت الصحيفة على تأكيد أن حديث السلطات مع ستيفان روماتيه، بخصوص الموضوع «كان حازماً وقاطعاً».

وتناولت الصحيفة نفسها أحداثاً تؤكد، حسبها، «الاستفزازات الفرنسية تجاه الجزائر»، ومن بينها مصادرة أسلحة وذخيرة بميناء بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، الصيف الماضي، قالت أجهزة الأمن يومها، إنها «جاءت من ميناء مرسيليا» بالجنوب الفرنسي، وبأنها كانت موجهة إلى عناصر تنظيم يطالب بالحكم الذاتي في القبائل الجزائرية (شرق العاصمة). وتتهم الجزائر باريس بـ«إيواء» رأس هذا التنظيم، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، اللاجئ السياسي فرحات مهني، الذي تطالب الجزائر باعتقاله لاتهامه بـ«الإرهاب».

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

ونقلت صحيفتا «الخبر» بالعربية، و«لوسوار دالجيري» بالفرنسية، أيضاً، خبر استدعاء السفير وتأنيبه، وبقية التفاصيل عن المآخذ الجزائرية ضد الفرنسيين.

وضمت «أدلة الإدانة»، وفق ما ذكرت «المجاهد»، قضية اعتقال وسجن الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال»، المتهم بـ«المس بالوحدة الوطنية وبالسلامة الترابية للبلاد»، إثر تصريحات أطلقها في فرنسا، عدَّ فيها أن مناطق واسعة من غرب البلاد، «اقتطعها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجرى اعتقال صنصال بمطار الجزائر العاصمة، يوم 16 من الشهر الماضي، بينما كان عائداً من باريس.

ولفتت الصحيفة نفسها إلى «هجوم إعلامي منسَّق في فرنسا ضد الجزائر»، بعد سجن الروائي السبعيني، مشيرة إلى «تصريحات مهينة تجاه المسؤولين الجزائريين، من طرف شخصيات فرنسية»، أظهرت تعاطفاً مع صنصال، وطالبت بالإفراج عنه، عادَّة إياه «سجين رأي».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وأكدت صحيفة «المجاهد» على لسان «المصادر الدبلوماسية الموثوق بها»، أن الجزائر «لن تبقى متفرجة على هذه الهجمات المتتالية التي تستهدف سيادتها؛ فهي مصممة على الحفاظ على كرامتها، وستتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة محاولات التدخل هذه». ويُفْهم من حدة اللهجة التي تضمنها المقال أن الخطاب نابع من أعلى سلطة في البلاد، ويرجَّح أنها الرئاسة.

وكانت الجزائر سحبت سفيرها من باريس في 30 يوليو (تموز) الماضي، «بشكل فوري» بعد إعلانها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، علماً أن الجزائر تساند «بوليساريو» في مطلبها «تقرير مصير الصحراء عن طريق استفتاء تنظمه الأمم المتحدة»، وترفض بحدة الحل الذي تقترحه الرباط.


مقالات ذات صلة

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

شمال افريقيا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي: «نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكاً حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق لإحياء العلاقات».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من جلسة المباحثات الرسمية التي عقدها الأمير عبد العزيز بن سعود مع الوزير محسن نقوي في الرياض (واس)

مباحثات سعودية - باكستانية لتعزيز مسارات التعاون الأمني

عقد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الاثنين، جلسة مباحثات رسمية مع نظيره الباكستاني محسن نقوي، بحث خلالها الجانبان تعزيز مسارات التعاون الأمني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

تراكم أحداث وصدامات أدى إلى القطيعة بين الجزائر وفرنسا

صحافي جزائري: «لم أرَ قَطّ تصعيداً من هذا النوع. لقد تم قطع جميع الروابط، ولا يبدو لي أن هناك في أي من الجانبين، سبلاً حكيمة للعمل على التهدئة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجزائر تندد بموقف ماكرون في قضية الكاتب صنصال

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
TT

الجزائر تندد بموقف ماكرون في قضية الكاتب صنصال

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)

ندّدت الجزائر، الثلاثاء، بـ«تدخل سافر وغير مقبول» من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قضية الكاتب الموقوف بوعلام صنصال، الذي يحمل جنسية البلدين، غداة اعتباره أن الجزائر «تسيء لسمعتها» برفضها الإفراج عنه، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت «الخارجية»، في بيان نشرته على حسابها الرسمي على منصة «إكس»: «لقد اطلعت الحكومة الجزائرية باستغراب شديد على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، التي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة».

وشددت «الخارجية الجزائرية» على أن «هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة، لما تمثّله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي»، معتبرة أن «ما يقدمه الرئيس الفرنسي زوراً وبهتاناً كقضية متعلقة بحرية التعبير، ليس كذلك من منظور قانون دولة مستقلة وذات سيادة، بل يتعلّق الأمر بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد، ويعد ذلك جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري».

ويثير توقيف بوعلام صنصال توتراً منذ أسابيع بين الجزائر وفرنسا. وقال ماكرون، الاثنين، أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه إن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مضيفاً: «نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال... هذا المناضل من أجل الحرية محتجز بطريقة تعسفية تماماً من قبل المسؤولين الجزائريين». أودع بوعلام صنصال (75 عاماً)، المعروف بانتقاده للسلطات الجزائرية، السجن منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهم تتعلق بتهديد أمن الدولة، ونقل إلى وحدة علاج طبي منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأول مرة عن توقيفه في 29 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واصفاً إيّاه بـ«المحتال المبعوث من فرنسا».

وأوقف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في 16 نوفمبر في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.