مصر والدنمارك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية

السيسي وميتي شهدا توقيع مذكرات تفاهم في النقل البحري و«مكافحة الإرهاب»

السيسي وميتي وقعا مذكرات تفاهم في مجالات عدة (رويترز)
السيسي وميتي وقعا مذكرات تفاهم في مجالات عدة (رويترز)
TT

مصر والدنمارك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية

السيسي وميتي وقعا مذكرات تفاهم في مجالات عدة (رويترز)
السيسي وميتي وقعا مذكرات تفاهم في مجالات عدة (رويترز)

وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيسة وزراء الدنمارك، ميتي فريدريكسن، السبت، على إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كما شهد السيسي وميتي التوقيع على مذكرات تفاهم في مجالات عدة، عدّها خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «خطوة لتعميق العلاقات وتعزيز التعاون التجاري والثقافي بين البلدين».

وبدأ الرئيس المصري، الجمعة، جولة أوروبية، تشمل الدنمارك والنرويج وآيرلندا، قالت القاهرة إنها تأتي في «إطار تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر والدول الأوروبية».

وأكد السيسي، في كلمته خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة الدنماركية، كوبنهاغن، السبت، أن محادثاته مع رئيسة وزراء الدنمارك، «شهدت تفاهماً مشتركاً للارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية على النحو الذي تبلور في التوقيع على الإعلان المشترك، لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وإطلاق (مجلس الأعمال المصري - الدنماركي) وكذلك التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم».

وأضاف الرئيس المصري أنه «اتفق مع رئيسة وزراء الدنمارك على أهمية تنفيذ محاور الإعلان المشترك الذي سيسهم في دفع كل أطر التعاون بين البلدين في جميع المجالات؛ وعلى رأسها النقل البحري، والطاقة والتحول الأخضر، والصحة والبحث العلمي، والاستثمار والزراعة والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومكافحة (الهجرة غير المشروعة) والإرهاب، ومكافحة الفقر والتصحر».

السيسي خلال لقائه رئيسة وزراء الدنمارك (رويترز)

وأعرب السيسي عن «سعادته البالغة بالوجود في كوبنهاغن، التي تمثل أولى المحطات في جولته إلى دول شمال أوروبا، في أول زيارة من نوعها منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1 يونيو (حزيران) عام 1922».

وأكد السيسي «تقديره لتفهم ودعم الدنمارك للقاهرة للحفاظ على أمنها المائي بما يمثله من أولوية وجودية في ضوء الندرة المائية الشديدة، التي تعاني منها مصر».

وشهد السيسي وميتي توقيع مذكرات تفاهم بشأن التعاون في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وكذلك توسيع مجال التجارة بين البلدين حتى عام 2027، والتعاون في مجال الهجرة وتعزيز قدرات اللجوء، ومكافحة التهريب والاتجار في البشر، والتعاون في مجال التدريب بين الأكاديمية المصرية والدنماركية.

وأشار السيسي، خلال المؤتمر الصحافي، إلى أن «القضايا الإقليمية والدولية، ذات الاهتمام المشترك كانت حاضرة بقوة خلال المباحثات، وعلى رأسها القضية الفلسطينية»، مستعرضاً «الجهود المصرية الحثيثة للوقف الفوري للحرب في قطاع غزة».

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري «أهمية تضافر الجهود لمنع انزلاق المنطقة لمواجهة إقليمية واسعة النطاق، وأهمية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية باعتبارها حجر الزاوية، لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

وبشأن الوضع في لبنان، أكد السيسي «ترحيب القاهرة وكوبنهاغن باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان». ولفت السيسي إلى أن المباحثات مع رئيسة وزراء الدنمارك شهدت استعراض التطورات الأخيرة المرتبطة بالوضع في كل من سوريا والسودان، وأمن البحر الأحمر، والأزمة الأوكرانية، حيث كان هناك «توافق في الرؤى على ضرورة بذل كل الجهود لإيجاد حلول دبلوماسية لكل هذه الأزمات وضرورة احترام سيادة الدول ومؤسساتها وأجهزتها الرسمية، ومكافحة الإرهاب بها».

وعدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، ترفيع العلاقات المصرية مع الدنمارك، «خطوة على طريق توسيع الشراكات الاستراتيجية مع دول عدة تسهم في تعميق وترسيخ العلاقات بين الجانبين». وقال بيومي، الذي قاد مفاوضات مصر مع الاتحاد الأوروبي (اتفاق المشاركة عام 2001)، إن «هذه الخطوة ستسهم في زيادة الصادرات وتعزيز التعاون التجاري بين القاهرة وكوبنهاغن».

زيارة الرئيس المصري للبرلمان الدنماركي (الرئاسة المصرية)

وبلغت قيمة الصادرات المصرية إلى الدنمارك 63 مليون دولار خلال الـ10 أشهر الأولى من عام 2024، مقابل 45 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2023، بينما بلغ حجم الواردات المصرية من الدنمارك 229 مليون دولار خلال الـ10 أشهر الأولى من عام 2024 مقابل 195 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، وفق بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» بمصر (الدولار الأميركي يساوي 49.9 جنيه في البنوك المصرية).

وقال مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور جمال عبد الجواد، إن «ترفيع العلاقات، دليل على ثقة متبادلة بين الحكومتين، ورغبة الدنمارك في استثمار الفرص الموجودة في مصر». وأوضح أن «الدنمارك من الدول المهمة جداً في مجالات البحري والطاقة الجديدة، ولديها واحدة من كبرى شركات الشحن العالمية شركة (ميرسك)». وأضاف أن «الاتفاق بين القاهرة وكوبنهاغن يعكس اتجاهاً مستقبلياً لتعميق العلاقات، والدفع نحو مزيد من الاستثمارات، لا سيما أن الدنمارك قوة اقتصادية وثقافية ومن مصلحة مصر التعاون معها في مجالات عدة».

وربط عبد الجواد بين الإعلان المصري - الدنماركي والشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي بشكل عام، وقال: «هناك تكتل داخل أوروبا مهتم بتطوير العلاقات مع جنوب المتوسط، ومصر تحديداً». وأوضح أن «أوروبا تنظر باهتمام شديد للنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي في مصر وسياسة مكافحة (الهجرة غير المشروعة)، ومن هنا تدفع نحو تعزيز وتعميق العلاقات من أجل الاستقرار والتنمية».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال زيارتها للقاهرة حينها، عن «تقديم حزمة دعم مالي لمصر في مجالات التجارة والاستثمار بقيمة 7.4 مليار يورو تتوزع على مدى السنوات المقبلة».


مقالات ذات صلة

المعونة الأميركية لمصر... نصف قرن لم يخلُ من «حجب واقتطاع»

العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي (الخارجية المصرية)

المعونة الأميركية لمصر... نصف قرن لم يخلُ من «حجب واقتطاع»

تاريخ يقترب من نصف قرن على بدء تدفق المساعدات الأميركية إلى مصر، وسط قرارات بحجب أو اقتطاع، لأسباب «معظمها سياسي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي النائب العام السعودي يلتقي وزير العدل المصري في القاهرة بحضور سفير المملكة لدى مصر (وزارة العدل المصرية)

السعودية ومصر لتعزيز التعاون القضائي وتبادل الخبرات القانونية

بهدف تعزيز سبل التعاون القضائي، وتبادل الخبرات في مجالات القانون والعدالة والتدريب، يزور النائب العام السعودي الشيخ سعود بن عبد الله المعجب القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

أثار قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب إعادة تقييم مشاريع المساعدات الأميركية، حالة من عدم اليقين بشأن التزام واشنطن على المدى الطويل فيما يتعلق بوكالات الإغاثة.

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتصافحان قبل اجتماعهما بمبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن بالولايات المتحدة 10 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

وزير الخارجية المصري يُبلغ نظيره الأميركي برفض العرب خطة ترمب لغزة

شدد وزير الخارجية المصري خلال لقائه مع نظيره الأميركي «على ثوابت الموقف المصري والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه مع السيناتور كريس فان هولن بمجلس الشيوخ الأميركي (الخارجية المصرية)

رسائل القاهرة لواشنطن: دعم العلاقات وتشديد على رفض «التهجير»

دعم الشراكة الاستراتيجية، وتعزيز التعاون، والتشديد على رفض تهجير الفلسطينيين، رسائل حملتها لقاءات وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ترقب إعلان تحالف سياسي جديد في السودان برئاسة حمدوك

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
TT

ترقب إعلان تحالف سياسي جديد في السودان برئاسة حمدوك

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

تقترب قوى سياسية ومدنية مناهضة للحرب في السودان، من إعلان تحالف سياسي مدني، تحت اسم جديد، ليكون بديلاً عن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، إثر وصول الخلافات بين الفصائل إلى طريق مسدود، بشأن تكوين سلطة موازية، للحكومة التي يرأسها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وتعتمد مدينة بورتسودان مقرا لها.

وقبل أشهر نشبت خلافات داخل «تنسيقية تقدم»، وخرجت إلى العلن، بعدما تبنت فصائل مسلحة وقوى سياسية موقفاً واضحاً بتشكيل حكومة في المناطق التي تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع».

ودخلت القوى السياسية الرافضة لفكرة الحكومة الموازية الثلاثاء، في اجتماع لاختيار اسم جديد وهياكل، يشارك فيه، رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك.

واتفق الطرفان يوم الاثنين على أن يعمل كل طرف تحت منصة سياسية وتنظيمية جديدة، باسمين جديدين مختلفين. ووفقا للاتفاق لا يحق لأي طرف الاستحواذ على المسمى السابق المعروف اختصارا بـ«تنسيقية تقدم».

وضم التحالف الجديد الرافض لمشروع الحكومة، حزب الأمة القومي، والتجمع الاتحادي، وحزب المؤتمر السوداني، ولجان المقاومة الشعبية، وشخصيات قومية مستقلة، أبرزها عبد الله حمدوك، الرئيس السابق للهيئة القيادية لتنسيقية «تقدم». وتوقعت مصادر تحدثت لــ«الشرق الأوسط» أن يخرج الاجتماع بوقف العمل باسم «تنسيقية تقدم» وتشكيل تحالف جديد، ورأت أن ذلك يخدم الموقف المبدئي والثابت للقوى السياسية المدنية في رفضها لاستمرار الحرب في البلاد.

توافق على وقف الحرب

وأعلنت الهيئة القيادية لتنسيقية «تقدم» يوم الاثنين، فك الارتباط رسمياً عن المجموعات التي أعلنت عن رغبتها المشاركة في حكومة تضم «قوات الدعم السريع» في كل أنحاء البلاد.

وتوافقت المجموعتان على العمل كل من موقعه لوقف الحرب وتحقيق السلام الشامل الدائم وتأسيس الحكم المدني الديمقراطي المستدام والتصدي لمخططات النظام السابق وحزبه المحلول وواجهاته.

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» خلال أحد الاجتماعات في لندن أكتوبر الماضي (فيسبوك)

وتأسست «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بمشاركة واسعة من قوى سياسية ومدنية ونقابية ومهنية وحركات مسلحة، بالإضافة إلى «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، وكان يُعد التحالف السياسي الأكبر والأكثر تمثيلاً للقوى السودانية الرافضة لاستمرار الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع».

وفي السياق أعلنت أحزاب سياسية وقوى مدنية انتظامها تحت الهياكل المؤقتة للتحالف الجديد، برئاسة عبد الله حمدوك. وأكدت تمسكها بما تم التوافق عليه في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) سابقا بشأن الموقف العام من إيقاف الحرب في البلاد. وقال التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة: «تراضينا على العمل عبر هياكل مؤقتة يترأس قيادتها رئيس الوزراء السابق للبلاد، عبد الله حمدوك، بعد إكمال النقاشات التنظيمية اللازمة». وذكر أن أحزابا سياسية وقوى مدنية ونقابات مهنية مستقلة، بالإضافة إلى شخصيات قومية مستقلة توافقت على هذه المبادئ.

بدوره أعلن الحزب الجمهوري أنه لن يكون طرفاً منتمياً تنظيماً لأي من المجموعتين. وقال في بيان على موقع «فيسبوك»، إن «الحزب ظل يعمل داخل اللجنة السياسية لتقدم لإدارة الخلاف بين مكوناتها حول مقترح إقامة حكومة داخل البلاد موازية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، وبين المجموعة الأخرى التي ترى العمل في مواجهة الشرعية الزائفة لحكومة الأمر الواقع من خلال تكوين كتلة لإيقاف الحرب عن طريق الضغط على طرفيها».

وتضم المجموعة التي تتبنى قيام سلطة في المناطق الواقعة تحت سيطرة «الدعم السريع»، حركة العدل والمساواة، جناح سليمان صندل، تجمع قوى تحرير السودان، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي، بزعامة الهادي إدريس.