مصر: ارتفاع أسعار الإنترنت الأرضي والجوال يثير جدلاً وانتقادات

وسط شكاوى من ضعف الخدمات

زيادة سعر باقات الإنترنت الأرضي في مصر (المصرية للاتصالات)
زيادة سعر باقات الإنترنت الأرضي في مصر (المصرية للاتصالات)
TT

مصر: ارتفاع أسعار الإنترنت الأرضي والجوال يثير جدلاً وانتقادات

زيادة سعر باقات الإنترنت الأرضي في مصر (المصرية للاتصالات)
زيادة سعر باقات الإنترنت الأرضي في مصر (المصرية للاتصالات)

ما إن تداولت وسائل الإعلام المحلية نية الشركة المصرية للاتصالات، التي تدير البنية التحتية لقطاع الاتصالات في مصر، تحريك أسعار خدمات الإنترنت المنزلي، وكذلك كروت (بطاقات) الشحن، حتى تفاعلت «السوشيال ميديا» سريعاً مع ذلك الارتفاع، ما أثار جدلاً وانتقادات، وسط شكاوى من ضعف خدمات الشركات، ومخاوف من ازدياد الأعباء المعيشية.

ورفعت «المصرية للاتصالات» أسعار باقات الإنترنت، لتبدأ من 239.4 جنيه بدلاً من 160 جنيهاً (الدولار يساوي 49.97 جنيه مصري في البنوك) لباقة سوبر 140 غيغابايت الأكثر شعبية، وتصل الأسعار إلى 2006.4 جنيه شهرياً لباقة ماكس 1 تيرا بايت.

كما تتراوح أسعار كروت الشحن الجديدة - غير شاملة ضريبة القيمة المضافة - بين 13 جنيهاً، و38 جنيهاً، بدلاً من 10 جنيهات و29 جنيهاً.

كانت شركات الجوال قد طلبت من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في البلاد زيادة أسعار خدمات الاتصالات، لتخفيف الضغوط المالية التي تعرضت لها أرباحها، بحسب قولها.

بينما أعلن جهاز تنظيم الاتصالات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن موافقته المبدئية لدراسة طلب شركات الجوال بزيادة أسعار خدمات الاتصالات.

الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز «المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الزيادة لجأت إليها الشركات عندما تراجعت قيمة الجنيه المصري وقيمته الشرائية، ومع زيادة نسب التضخم، وبالتالي اضطرت الشركات أن ترفع قيمة الشرائح حتى تواجه مصروفات التشغيل المكلفة، خصوصاً أجور العاملين بها وتكاليف صيانة الشبكات».

كروت شحن الهواتف الجوالة تشهد زيادة مع بداية العام (المصرية للاتصالات)

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر بقطاع الاتصالات قولها إن محاسبة العملاء بالأسعار الجديدة بعد الزيادة ستكون مع بداية العام الجديد. وبحسب المصادر، فإنه من المتاح للمستخدمين تغيير الباقات أو الانتقال إلى باقات أعلى أو أقل حسب احتياجاتهم طبقاً للأسعار الجديدة.

ويرى الخبير الاقتصادي أن «رب الأسرة أصبح مطالباً حالياً بزيادة الميزانية المخصصة للإنترنت الأرضي الذي تعتمد عليه الأسرة بأكملها، وهو ما يمثل عبئاً معيشياً جديداً في ظل التضخم ومستوى الدخول الحالي في مصر».

وارتفع معدل التضخم السنوي في مدن مصر هامشياً إلى 26.5 في المائة في أكتوبر، من 26.4 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بحسب بيانات رسمية.

وتصدرت أسعار باقات الإنترنت الجديدة اهتمام عدد كبير من المواطنين على محركات البحث خلال الساعات الماضية، كما تصدرت هاشتاغات «#الأسعار_الجديدة» و«#شركات_الاتصالات» قائمة «الترند». وذهب كثير من المستخدمين إلى أن الأسعار الجديدة مبالغ فيها، منتقدين زيادة أسعار خدمات الإنترنت بنسبة 31 في المائة وكروت الشحن بنسبة 32 في المائة.

كما تساءل قطاع عريض عن سبب الزيادات، خصوصاً مع الاعتماد على الإنترنت والهاتف في كل أمور الحياة والعمل.

إلى ذلك، تقدمت النائبة إيرين سعيد، عضو مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري)، بطلب إحاطة بشأن «الارتفاع المبالغ فيه في أسعار باقات الإنترنت الأرضي»، لافتة في طلبها إلى أن خدمات الإنترنت أصبحت شأنها شأن المرافق العامة التي يجب على الدولة دعمها مع التحول إلى الرقمنة، متسائلة :«ماذا تفعل الأسر البسيطة في القرى لتوازن بين ضعف مستوى دخل عائلها وتوفير الاحتياجات الأساسية من المأكل والمشرب والملبس والرعاية الصحية والتعليمية وسداد فواتير المرافق العامة لتزداد فوقها فاتورة الإنترنت، التي تمت زيادتها بنسب قد تصل إلى 30 في المائة».

وأضافت النائبة لـ«الشرق الأوسط»: «دول العالم تقدم الإنترنت غير محدود، لكننا في مصر نتراجع للخلف فيما يتعلق بخدمة الإنترنت، التي لم تعد وسيلة رفاهية، بداية من الطلاب في المدارس الحكومية، وحتى أعمالنا اليومية في كل القطاعات»، منتقدة خدمات الإنترنت وسرعتها التي وصفتها بـ«السيئة للغاية»، وكذلك مقدمي الخدمة «الذين يطلبون أموالاً لا تتناسب مع حجم الغيغا بايت المعلنة».

«ضعف الخدمة» كان محل تندر مستخدمي «السوشيال ميديا»، في معرض انتقاداتهم للأسعار الجديدة، لافتين إلى مطالبتهم - قبل عامين - بجعل الإنترنت غير محدود في مصر، نتيجة المشكلات التي يعاني منها المستخدمون.

كما دعا رواد آخرون إلى مقاطعة شركات الاتصالات ليتراجعوا عن قرار الزيادة.

ورغم أن البرلمانية المصرية ترى أن فكرة المقاطعة رد فعل إيجابي، فإنها تقول إن «من الصعب تطبيقها فعلياً، نتيجة توجه الدولة للرقمنة في كل المجالات، وبالتالي لم يعد بمقدرة أحد مقاطعتها أو الاستغناء عنها».

هنا، يعود الخبير الاقتصادي للحديث مشيراً إلى «أهمية توجه المستخدمين إلى ترشيد الاستخدام، وبالتالي عدم سداد مبالغ مالية كبيرة للشركات، ففي ظل بيانات الجهاز القومي للاتصالات، فإن الحد المتوسط لكل فرد استخدام نحو 3 خطوط هاتفية، وهو معدل كبير للغاية يرفع حجم الاستهلاك، وبالتالي من الأفضل خفض عدد الخطوط المستخدمة، لتوفير نفقات الاتصالات والإنترنت».


مقالات ذات صلة

«الناتو» يعزّز انتشاره العسكري في بحر البلطيق بعد تخريب كابلات

أوروبا سفن تابعة لـ«الناتو» تبحر خلال مناورات السواحل الشمالية في بحر البلطيق 18 سبتمبر 2023 (رويترز)

«الناتو» يعزّز انتشاره العسكري في بحر البلطيق بعد تخريب كابلات

قال الأمين العام لحلف الناتو، اليوم (الثلاثاء)، إن «الناتو» سينشر سفناً وطائرات ومسيرات في بحر البلطيق ردا على تخريب عدة كابلات بحرية يشتبه في وقوف روسيا وراءه.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
عالم الاعمال مجموعة «stc» تمكّن المكفوفين من عيش أجواء كرة القدم

مجموعة «stc» تمكّن المكفوفين من عيش أجواء كرة القدم

أعلنت مجموعة «stc»، ممكن التحول الرقمي، وبالتنسيق مع وزارة الرياضة إطلاق مبادرة تهدف إلى تحسين تجربة ذوي الإعاقة البصرية، للاستمتاع بمباريات السوبر الإسباني

أوروبا سفينة حربية إستونية في بحر البلطيق 9 يناير 2025 بوصفها جزءاً من دوريات حلف شمال الأطلسي المكثفة في المنطقة (أ.ب)

«الناتو» يرسل سفينتين إلى بحر البلطيق بعد تضرر كابلات بحرية

أعلنت وزيرة الخارجية الفنلندية، الجمعة، أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيرسل سفينتين لمراقبة البنية التحتية تحت الماء و«الأسطول الشبح» الروسي في بحر البلطيق.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

1.4 تريليون دولار إيرادات تشغيلية للأعمال في السعودية خلال 2023

بلغ إجمالي الإيرادات التشغيلية لقطاع الأعمال في السعودية 5.3 تريليون ريال (1.4 تريليون دولار)، في حين سجلت النفقات التشغيلية 2.2 تريليون ريال (586 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا نانسي فيزر وزيرة الداخلية الألمانية «متداولة»

وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم تمديد الرقابة على الحدود

تعتزم وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تمديد الرقابة على الحدود إلى ما بعد مارس (آذار) 2025.

«الشرق الأوسط» (برلين )

دولارات «اليوتيوبرز» تفجر أزمة في مصر

وزارة الداخلية المصرية (فيسبوك)
وزارة الداخلية المصرية (فيسبوك)
TT

دولارات «اليوتيوبرز» تفجر أزمة في مصر

وزارة الداخلية المصرية (فيسبوك)
وزارة الداخلية المصرية (فيسبوك)

تفجرت، أخيراً، أزمة تعامل «اليوتيوبرز» أو صُناع المحتوى الإلكتروني في مصر بالدولار (الدولار الأميركي يساوي 50.39 جنيه في البنوك المصرية)، عقب إعلان السلطات المصرية إلقاء القبض على صانع محتوى على «يوتيوب» وبحوزته مبلغ من الدولارات.

وكانت وزارة الداخلية المصرية أصدرت بياناً أفصحت فيه عن إجراءات القبض على أحد صناع المحتوى؛ «لتعامله غير المشروع في الاتجار بالنقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفية، حيث ضُبط بحوزته (أكثر من 163 ألف دولار - وهاتف محمول يتضمن رسائل تؤكد نشاطه الآثم)، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، وقررت النيابة العامة إحالته للمحكمة الاقتصادية».

«استقبال صانعي المحتوى بـ(يوتيوب) وغيره من منصات (السوشيال ميديا) أموالاً بالدولار في مصر ظاهرة جديدة علينا، نشأت في السنوات الخمس أو الست الأخيرة فقط»، بحسب وصف محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير «إعلام دوت كوم»، والكاتب المتخصص في «السوشيال ميديا»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت الدولة المصرية تقنين هذا الملف، وأعلنت عن إجراءات عديدة بخصوص ضبط المبالغ المستلمة من عوائد صناعة المحتوى، وحصول الدولة على حقها من ضرائب وخلافه، وبالفعل الكثير من صناع المحتوى سجلوا أنفسهم في الملفات الضريبية التابعة للدولة، وبعضهم لم تناسبه هذه الإجراءات فنقلوا حساباتهم إلى الخارج».

وتعمل «غوغل» باستمرار على تحديث منصة «يوتيوب» التي استحوذت عليها عام 2006 مقابل 1.65 مليار دولار، خصوصاً فيما يتعلق ببرنامج الشركاء الذي يتيح لصناع المحتوى تحقيق الأرباح بطرق متعددة، منها الإعلانات، والاشتراكات، والملصقات الداعمة. ويتم تحديد حصة الإيرادات بناءً على اتفاقيات بين القناة والمنصة، مع استبعاد الضرائب كضريبة المبيعات من حسابات الإيرادات، وفق المتخصص في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا»، معتز نادي.

عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، يرى ضرورة احتواء صناع المحتوى بدلاً من محاربتهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى من الدولة أن تصنع حاضنة كبيرة لصانعي المحتوى (المنضبط والمفيد) في مصر بمختلف أنواعهم على المنصات، وتمنحهم نوعاً من التقنين والثقة ليمارسوا عملهم بشكل أكبر في مصر، ولا يتجهون لدول أخرى؛ لأن ذلك من شأنه دعم الاقتصاد المصري، وتعظيم دور المحتوى المصري على الإنترنت، ما دام أنهم لا يدعون إلى عنف أو انحلال في المجتمع».

وأشار إمام إلى تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تحدث فيها عن «ضرورة إتاحة الفرصة للشباب المبدعين والمبرمجين، وأنهم فرصة جيدة لزيادة الدخل القومي».

وطالب عضو مجلس النواب بالتفريق بين من يتداول عملة أجنبية بحوالات أو غيره من أنواع التجارة بالعملة، ومن يتكسب بالدولار من خلال صناعة المحتوى، مؤكداً أن «صناع المحتوى يجب أن نساعدهم، ولو لديهم جهل ببعض الأمور نوضحها لهم؛ لأن الدولة في النهاية ستستفيد منهم».

وبحسب إمام، فإن «مصر مرت خلال الفترة الأخيرة بأزمة عملة قبل التعويم الأخير للجنيه، ما جعلها تتجه لتشديد العقوبات على التكسب أو المتاجرة بالدولار».

واتخذت مصر إجراءات لـ«تعويم الجنيه» خمس مرات منذ عام 2016 وحتى التعويم الأخير في مارس (آذار) 2024، حيث كان الدولار يساوي نحو 30 جنيهاً، وبعد «تحرير سعر الصرف» تجاوز سعره حالياً الـ50 جنيهاً، ليفقد الجنيه نحو 60 في المائة من قيمته.

وحول طريقة حساب الأرباح على «يوتيوب»، بحسب معتز نادي: «يرصد مقياس RPM الإيرادات من كل 1000 مشاهدة، بينما يعكس CPM ما يدفعه المعلنون لكل 1000 ظهور للإعلانات. على سبيل المثال، في عملية حسابية قد تبدو معقدة، إذا تمت مشاهدة فيديو 5 آلاف مرة، وظهرت الإعلانات 2000 مرة بإجمالي تكلفة 7 دولارات، فإن CPM يساوي 3.50 دولار، وتكلفة التشغيل لكل 1000 مشاهدة تساوي 4.67 دولار.

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور رشاد عبده، أنه «ما دام أن الدولة قررت الانفتاح على العالم، فيجب ألا تضع قيوداً على مكاسب صناع المحتوى الدولارية، خصوصاً إذا كانت تتحصل منهم على نسبة من الضرائب». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التعامل بطريقة فيها تحجيم لصناع المحتوى أو تجريم تعاملهم بالدولار، قد يعطي انطباعاً سيئاً».

عودة إلى نادي الذي أكد أن «غوغل» توضح ضرورة دفع الضرائب على الأرباح، وتدعو للتواصل مع السلطات الضريبية المحلية؛ لأنها ترى تحقيق الأرباح عبر «يوتيوب» يتطلب محتوى مميزاً يشجع على التفاعل، مع الالتزام بالقوانين الضريبية المحلية.

رسم بياني لاستخدامات الإنترنت في مصر بين صناعة المحتوى والبث المباشر وخدمات الاتصالات يعود لعام 2022 (الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بمصر)

ووصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في عام 2022 خلال 24 ساعة على منصات مثل «تيك توك» و«لايكي» وغيرها إلى 18.4 مليون صانع محتوى، بينما وصل عدد المشاهدين إلى 35.8 مليون شخص، فيما وصل عدد صانعي المحتوى على «فيسبوك» و«يوتيوب» في خدمة البث المباشر إلى 18.4 ألف شخص، بزيادة تصل إلى 65 في المائة عن الوقت نفسه في العام السابق، وفق تقرير لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» في مصر.

من جانبه، أعرب رئيس تحرير «إعلام دوت كوم» عن أمنيته أن تتحول أي واقعة يتعرض لها صناع المحتوى الهادف والمنضبط إلى خبرة يستفيد منها الجميع في تفادي الأخطاء التي قد تكون غير مقصودة وتجعلهم يقعون تحت طائلة القانون.

فيما يشير نادي إلى أن «العام الحالي سوف يشهد جدلاً حول قيمة الربح الدولاري لصناع المحتوى؛ لأن (غوغل) حسمت أمرها بتحويل الإيرادات إلى صناع المحتوى بالعملة المحلية، أي بالجنيه المصري وفق قيمة الصرف الموجودة، وذلك بدءاً من مايو (أيار) المقبل».