تبون ينتقد «انتقائية أممية» و«تجاوزاً صارخاً للشرعية الدولية»

مؤتمر أفريقي في وهران يبحث «التصدي للإرهاب والتطرف العنيف»

جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)
جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)
TT

تبون ينتقد «انتقائية أممية» و«تجاوزاً صارخاً للشرعية الدولية»

جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)
جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)

انتقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، «انتقائية في تحديد الأولويات من طرف الأمم المتحدة»، مما تسبَّب، وفقاً له، في «تهميش قارتنا الأفريقية ووضعها في ذيل الاهتمامات الدولية».

وكان تبون يخاطب مسؤولين وخبراء أفارقة اجتمعوا بمدينة وهران؛ كبرى مدن غرب الجزائر، عن طريق كلمة مكتوبة قرأها وزير خارجيته أحمد عطاف، هاجم فيها مؤسسات الأمم المتحدة، خصوصاً مجلس الأمن الدولي، بحجة «التلاعب بالمبادئ التي يُفترض أن توحّد البشرية»، مشدداً على أن «لنا في فلسطين الجريحة خير كاشف عن الدوس على الشرعية الدولية، وأحسنَ دليل على عمق الهوة الفاصلة بين المبادئ المعلنة وتطبيقها الفعلي».

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

يشارك في الاجتماع ممثلون عن مجلس السلم للاتحاد الأفريقي، وعن الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن الدولي: سيراليون وموزمبيق والجزائر، كما يشارك في التظاهرة التي تدوم يومين، ممثلون عن الهيئة الأممية، حيث يبحثون التصدي للإرهاب والتطرف العنيف في أفريقيا، «عبر تعزيز القدرات التكاملية للدول الأفريقية للتصدي لهذه التحديات»، وفق ما تضمّنته الورقة الخاصة بالقضايا المدرَجة في الاجتماع.

وأكد دبلوماسيون أفارقة، عشية الاجتماع، أن ملفات مهمة سيجري الخوض فيها، منها الوضع الأمني والسياسي في الساحل، والاعتداءات التي شهدتها تشاد، بين نهاية الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي، على أيدي عناصر «بوكو حرام». كما سيجري التعاطي، وفقاً لهم، مع الصراع الداخلي في مالي بين السلطة العسكرية وتنظيمات الطوارق التي تبحث عن إقامة دولة في شمال البلاد الحدودي مع الجزائر. زيادة على ملف الأزمة الليبية، الحاضر في «مؤتمر وهران للسلم الأفريقي»، منذ نسخته الأولى عام 2013، وهذه المرة الحادية عشرة التي يلتقي فيها خبراء الأمن، في المدينة الجزائرية المُطلة على البحر المتوسط.

ومما جاء في كلمة تبون أن اجتماعات وهران «رسالة للعالم أجمع بأن أفريقيا عازمة، أفريقيا موحدة، أفريقيا قادرة على إسماع صوت واحد، قوي، مدوٍّ ومؤثر على مستوى أعلى سلطة في المنظومة الدولية. وما أحوج هذه المنظومة، اليوم، إلى صوت الحكمة والعدالة والالتزام، وهي تعاني ما تعانيه من شلل شبه تام، يعكس الواقع المتأزم للعلاقات الدولية»، مشيراً إلى «واقع خطير لا يهدد مصير دولة بعينها فحسب، بل يلقي بتبعاته على مستقبل المنظومة الدولية برُمّتها. وإن قارتنا الأفريقية التي عانت تاريخياً من شتى أنواع الاضطهاد والظلم والتهميش، لن تقبل بأن تكون ضحية لهذه الانتقائية الجديدة».

جانب من أشغال مؤتمر سابق للسلم والأمن الأفريقي («الخارجية» الجزائرية)

كما أكد الرئيس الجزائري أن العالم «يعيش اليوم على وقع تحولات عميقة وتوترات متزايدة تدفع بالمنظومة الدولية نحو مفترق طرق حاسم». وأضاف: «كيف لا، ونحن نعايش التداعيات الوخيمة لسياسة الاستقطاب بين القوى الكبرى، التي باتت تُلقي بظلالها العاتمة على استقرار العالم وأمنه، في تجاوز صارخ للشرعية الدولية والقيم التي بني عليـها النظام الدولي».

وتابع أن الجزائر بصفتها عضواً غير دائم بمجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة: «قد كرست السنة الأولى من عهدتها، بالتنسيق مع شقيقتيها موزمبيق وسيراليون، لتمثيل القارة خير تمثيل بهذه الهيئة الأممية الـمركزية، فهي لم تدّخر جهداً في سبيل تقوية تأثير قارتنا على عملية صنع القرارات، خاصة تلك التي تعنيها بشكل مباشر، استناداً إلى مواقفها المشتركة والمبنية على المبادئ والقيم والمُثل التي كرسها الـميثاق التأسيسي للاتحاد الأفريقي»، موضحاً أن بلاده «تتعهد بمواصلة جهودها في هذا الصدد، خلال السنة الثانية من ولايتها بالمجلس نفسه، إلى جانب أشقائها من جهموريتي سيراليون والصومال».


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباب قسنطينة الجزائري تصدر مجموعته بالكونفدرالية (نادي شباب قسنطينة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: قسنطينة الجزائري ينتزع صدارة مجموعته برباعية

حقق فريق شباب قسنطينة الجزائري فوزاً عريضاً على ضيفه أونزي برافوش الأنجولي بنتيجة 4 - صفر في الجولة الرابعة بالمجموعة الأولى لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (قسنطينة)
شمال افريقيا الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
TT

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)

تطفو تحذيرات في مصر بين فترة وأخرى من تداول العملات الرقمية المشفرة «البتكوين»، المجرّمة قانوناً، آخرها لمسؤول بدار الإفتاء المصرية حذر من التعامل بها باعتبارها «تفتقر الشرعية والحماية القانونية التي توفرها البنوك المركزية للعملات الرسمية».

و«البتكوين» عملة إلكترونية مشفرة يتم استبدالها بالعملات الرسمية كالدولار واليورو، ويتم التعامل بها عبر شبكة الإنترنت من خلال محفظة مالية تخص المتعامل بها، وتكون له السيطرة الكاملة عليها عن طريق اسم مستخدم ورقم سرى خاص.

ويبلغ سعر عملة «البتكوين» الواحدة (الاثنين) 101 ألف دولار، ويمكن التداول على أجزاء منها، إذ تضم العملة الواحدة نحو 100 مليون «ساتوشي» (الوحدة الأصغر في البتكوين)، وفق مواقع مالية عالمية.

ولا توجد إحصائية بحجم سوق تداول «البتكوين» في مصر، لكن مؤشرات عدة تعكس وجود هذه السوق، واتساعها، من بينها حملات أمنية أوقفت على مدار السنوات الماضية، عشرات المتهمين بالاتجار بها أو تعدينها، وهي عملية تكنولوجية يتم بموجبها توليد هذه العملات، وتحتاج إلى مصادر ضخمة من الطاقة.

وتمكنت الأجهزة الأمنية المصرية خلال عام 2021 فقط من ضبط 6 تشكيلات ترتبط بالعملات الرقمية، بين تداول ووساطة في التداول وتعدين، موجودة في القاهرة وعدة محافظات أخرى، وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية.

وفي مارس (آذار) من عام 2023، ضبطت القوات الأمنية شبكة نصبت على عشرات من المصريين، عبر تطبيق يدعى «هوج بول»، بعد الاستيلاء على 19 مليون جنيه (بلغ سعر الدولار الرسمي وقتها نحو 31 جنيهاً) بدعوى استثمار أموالهم في العملات الرقمية.

وعقب إسقاط الشبكة أصدر البنك المركزي المصري تحذيره من التداول فيها، قائلاً في بيان إنه «يهيب بالسادة المواطنين عدم الانصياع لمثل هذه الدعوات الاحتيالية والأنشطة المجرمة قانوناً وفقاً لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020».

ويؤكد المحلل المالي المصري هشام حمدي أنه «لا يمكن تتبع حجم هذه السوق غير الشرعية، لكنها موجودة بالفعل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «تجتذب أشخاصاً جدداً في ظل قدرة البعض على تحقيق مكاسب كبيرة وسريعة»، كما أنه «يظل سوقاً دون رقابة مباشرة، فلا أحد يسأل من أين لك هذا؟».

«مراد محروس» (اسم مستعار)، واحد ممن يتداولون في هذه السوق بمصر، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتابع هذه العملات منذ ظهرت لأول مرة، وكان يتم التداول بها في أعمال مشبوهة مثل المخدرات والسلاح، وأنه لم يتجرأ على شرائها سوى في عام 2019، حين تحسنت سمعتها».

وبدأت إحدى بورصات شيكاغو الأميركية التداول لأول مرة بعملة «البتكوين» في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017. وفي عام 2019 اعترفت دولة سلفادور بالعملة المشفرة، كعملة قانونية فيها، إلى جوار الدولار.

وشهدت سوق العملات المشفرة انتعاشة بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب بولاية ثانية، إذ كان قد أعلن نيته خلال ترشحه رعاية تعدينها في الولايات المتحدة وإنشاء مخزون استراتيجي منها.

اشترى «محروس» لأول مرة عملة رقمية شقيقة لـ«البتكوين»، تسمى «إيثر يوم» بـ400 دولار، ويحتفظ بعملاته على أمل أن يقفز سعرها ويحقق ثراءً، وهو من أسرة متوسطة، أربعيني، لديه عائلة مكونة من 4 أفراد.

لا يستطيع «محروس»، الذي يضارب في البورصة أيضاً بمبالغ محدودة، ويحقق أحياناً مكاسب، أن يُقدّر حجم سوق العملات الرقمية في مصر، لكنه يؤكد بحكم تعاملاته أنها ليست محدودة، يقول: «أي وقت تريد أن تبيع أو تشتري ستتمكن من ذلك، وبأي مبلغ»، وذلك عبر عدة مواقع موثوقة بالنسبة له.

ولا يخلو استثمار «محروس» في العملات الرقمية من المخاطرة، سواء بخسارة أمواله «فهي سوق مثل أي سوق ترتفع قيمة العملة فيها وتنخفض»، فضلاً عن مخاطر أمنية تتعلق بتجريم عملية الشراء والبيع، لكنه قال: «ما أقوم بالبيع والشراء فيه مبالغ تافهة، أقل من أن تلفت انتباه أحد».

ويقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط» إن «البتكوين وغيرها تمثل مخاطر على الاقتصاد، إذ يتم شراؤها بالعملة الأجنبية، في حين تعاني مصر بالأساس أزمة في توفرها، كما أنها لا توجد رقابة عليها، ومن ثم يسهل توظيفها في عمليات غسيل أموال وتجارات غير مشروعة».

ويرجع عبده جزءاً من عجز الدولة عن السيطرة على هذه السوق، رغم توالي التحذيرات منها، إلى «فقدان الثقة بين الحكومة والشارع».

* محاذير شرعية

يرجع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، الدكتور علي فخر، تحذيره من التعامل مع «البتكوين»، إلى أنه «لا يمكن وصف شيء بأنه عملة إلا إذا كان صادراً عن بنك مركزي لدولة تعترف بها، حيث يُعطى لها الشرعية والحماية من قبل البنك المركزي، لكن (البتكوين) لم تحصل على هذه الشرعية حتى الآن، ولا تزال تفتقر إلى الحماية القانونية التي توفرها البنوك المركزية للعملات الرسمية».

وزاد في التنفير منها عند رده على سؤال عن شرعيتها، عبر برنامج على «قناة الناس»، الأحد، بالحديث عن مشاكلها قائلاً «إحدى المشكلات هي أنه لا يمكننا تحديد قيمتها بدقة، ولا نعلم كيف نبيعها أو نشتريها. كما أنه لا توجد جهة مسؤولة عن إصدارها أو تحديد قيمتها، مما يثير العديد من التساؤلات حول مشروعيتها».

وسبق وحرّم مفتي مصر الأسبق الدكتور علي جمعة «البتكوين»، وقال في فتوى له نشرت عام 2018 إنه «لا يجوز شرعاً تداول عملة (البتكوين) والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلاً عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول».