الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

تعزيز مكانة قائد الجيش لإنهاء الجدل حول الخلط بين الشؤون المدنية والعسكرية

الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)
الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)
TT

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)
الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته؛ وتمثّل أساساً في عدم تعيين وزراء من شركاء سياسيين له، منحوه دعماً قوياً حتى يحصل على ولاية ثانية في الانتخابات التي أُجريت في 7 سبتمبر (أيلول) 2024.

ترقبت قيادات أحزاب «حركة البناء الوطني» و«جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل»، أن تحصل على نصيب وافر من التغيير الحكومي الذي طال انتظاره، من دون أن يتحقق لها ذلك، بل كانت النتيجة مخالفة لطموح البعض منها، مثل «حركة البناء» التي فقدت وزيراً لها تولى حقيبة التكوين المهني، هو ياسين ميرابي. أما «التجمع الوطني» فقد خفَضت الرئاسة مكانة وزيره للتجارة وترقية الصادرات الطيب زيتوني، بتقسيم القطاع إلى وزارتين: وزارة للتجارة الداخلية، يتولاها هو، فيما وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات مُنحت لمستشار الرئيس لشؤون المال والبنوك، محمد بوخاري.

وزيرة البيئة الجديدة (يسار) مع الوزيرة المقالة (الوزارة)

وفقدت «جبهة المستقبل» وزيرتها لعلاقات الحكومة مع البرلمان، بسمة عزوار، التي تولت المنصب منذ أول حكومة أطلقها تبون مطلع 2020، إذ عيّن بدلاً عنها المحامية كوثر كريكو، التي كانت وزيرة للتضامن في الحكومة المقالة، وهي أيضاً كانت موجودة في أول طاقم حكومي في عهد تبون.

أما الحزب الواحد سابقاً «جبهة التحرير الوطني»، فقد ورث وزارة البيئة، التي أضيف لها «جودة الحياة»، في التغيير الوزاري، وأعطي المنصب لنجيبة جيلالي رئيسة المجلس الشعبي لولاية الجزائر العاصمة، وهي منتخبة في صفوف الحزب.

وحسب كوادر في «جبهة التحرير»، فإن شعوراً بالخيبة يسود الصفوف لعدم حصول الحزب على عدة مناصب، خصوصاً أنه يعد القوة الأولى في البرلمان والمجالس الشعبية الولائية والبلدية، كما أن تبون كان عضواً في «لجنته المركزية» واستقال منها بعد وصوله إلى الحكم نهاية 2019.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

وبينما لم يصدر أي رد فعل من «الجبهة» و«التجمع» و«المستقبل»، على الحدث السياسي الذي شهدته البلاد، الاثنين، أكد عبد القادر بن قرينة رئيس «البناء»، في بيان، أن كوادر الحزب «يبقون داعمين للرئيس وناصحين للحكومة، من خلال كل المواقع التي نحن فيها، ضمن هدفنا في تحمل الأعباء الوطنية، وفي إطار مبدئنا في المشاركة الإصلاحية والمعارضة الإيجابية». وأكد أن الحكومة الجديدة يقع على عاتقها «تجسيد تعهدات الرئيس التي تهدف أساساً إلى إسعاد المواطنين، ودفع وتيرة التنمية وإشاعة الحريات وتحقيق انتصار الجزائر على كل الأصعدة، وأمام كل التحديات الواقعة والمتوقعة، التي تتطلب أكثر من أي وقت مضى كثيراً من الوعي وكثيراً من الانسجام».

رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة (وزارة الدفاع الجزائرية)

وأكثر ما لفت في إعادة تشكيل الحكومة هو تعزيز مكانة قائد الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة (79 سنة)، برفع شأنه إلى وزير منتدب لدى وزير الدفاع، مع احتفاظه برئاسة أركان الجيش. وعملياً، مارس شنقريحة وظيفة وزير الدفاع منذ استخلافه قائد الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، إثر وفاته بأزمة قلبية نهاية 2023.

وخلال كامل فترة الولاية الأولى لتبون (2019 - 2024)، بدا الرئيس و«رئيس الأركان» في تناغم تام، فلا يكاد يخلو أي خطاب لكليهما من الإشادة ببعضهما وبأفضالهما على الدولة والمجتمع. ويحرص تبون في كل أنشطته، بما فيها ذات العلاقة بالشأن العام المدني، على أن يرافقه شنقريحة، ما أثار انتقادات قطاع من المعارضة. وعلى هذا الأساس، فإن دعم قائد الجيش بمنصب سياسي، يجنّب تبون ونظام الحكم عامة، أي جدل مستقبلي بخصوص «تدخل شنقريحة في قضايا بعيدة عن الدفاع».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي يُبقي على وزراء الحقائب السيادية والمقربين من تبون

ذكرت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن رئيس الوزراء محمد النذير العرباوي قدّم، اليوم الاثنين، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)

تعديل حكومي وشيك في الجزائر بعد المصادقة على قانون الموازنة

يتوقع مراقبون أن يكون موعد الإعلان عن التعديل الحكومي المنتظر في الجزائر منذ انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) 2024، أقرب من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

المبعوث الأميركي للخرطوم: هناك حاجة إلى ممرات إنسانية وهدن في السودان

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (رويترز)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (رويترز)
TT

المبعوث الأميركي للخرطوم: هناك حاجة إلى ممرات إنسانية وهدن في السودان

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (رويترز)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (رويترز)

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، لوكالة «رويترز» إن هناك حاجة إلى مزيد من المساعدات في البلاد، فضلاً عن تسريع وصولها من خلال تنفيذ ممرات إنسانية وفترات توقف للقتال، وذلك وفقاً لما جرت مناقشته مع زعماء الحكومة في زيارة يوم الأحد.

وقال بيرييلو في مقابلة عقب الموافقة على القيام برحلات جوية إلى ولاية جنوب كردفان التي تعاني الجوع، وتمديد الجيش السوداني السماح باستخدام معبر أدري الحدودي إلى دارفور: «نحن سعداء بتحقيق بعض التقدم، لكننا في حاجة إلى رؤية المزيد».

ويخوض الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية حرباً منذ 19 شهراً تسببت في انتشار الجوع والمرض في شتى أنحاء البلاد. ويُتهم الجانبان بعرقلة وصول المساعدات؛ إذ يُعتقد أن «قوات الدعم السريع» تقوم بأعمال نهب وأن الجيش يضع عراقيل بيروقراطية.

وقال بيرييلو إن المقترحات التي تشمل ممرات إنسانية وفترات توقف للقتال طُرحت على رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وآخرين خلال رحلة إلى بورتسودان، الاثنين، وحققت تقدماً.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، وافق مجلس السيادة على القيام برحلات جوية إلى كادقلي لتقديم المساعدة لمناطق تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في ولاية جنوب كردفان، حيث يعاني الناس الجوع مع عدم وصول المساعدات، وذلك من خلال اتفاق مع حكومة جنوب السودان.

وقال بيرييلو: «أعتقد أنه إذا تمكنا من رؤية الموقف نفسه إزاء القدرة على الحصول على ممرات إلى مناطق مثل الخرطوم وأم درمان والجزيرة والفاشر وسنار، أعتقد أننا قد نتمكن من توصيل كثير من المساعدات المنقذة للحياة لبعض السودانيين الأكثر بؤساً».

لكن في كلمة له اليوم أبدى البرهان شكوكاً بشأن سرعة التقدم.

وقال: «رؤيتنا واضحة لكل من يريد مساعدتنا، يجب أن تتوقف الحرب أولا ويجب على المتمردين مغادرة المناطق التي احتلوها».

وأضاف أنه «بمجرد عودة الحياة المدنية، يمكن أن تعود الإغاثة وتكون متاحة لجميع السودانيين».

ولم تنجح حتى الآن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للوصول بالجيش و«قوات الدعم السريع» إلى طاولة المفاوضات.

وقال بيرييلو: «نحن مستمرون في التواصل النشط مع قيادة (قوات الدعم السريع) بشأن المفاوضات المتعلقة بوصول المساعدات الإنسانية وتحقيق السلام».