«فيتو» روسي ضد الدعوة إلى وقف إطلاق النار في السودان

لندن تصف موقف موسكو بأنه «عار»

أرشيفية لجلسة مجلس الأمن الدولي (موقع الأمم المتحدة)
أرشيفية لجلسة مجلس الأمن الدولي (موقع الأمم المتحدة)
TT

«فيتو» روسي ضد الدعوة إلى وقف إطلاق النار في السودان

أرشيفية لجلسة مجلس الأمن الدولي (موقع الأمم المتحدة)
أرشيفية لجلسة مجلس الأمن الدولي (موقع الأمم المتحدة)

استخدمت روسيا حقّ النقض (الفيتو)، اليوم الاثنين، لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان وحماية المدنيين من النزاع الذي يمزّق البلد منذ أبريل (نيسان) 2023.

وأيّد أعضاء المجلس الأربعة عشر الآخرون مشروع القرار الذي أعدته المملكة المتحدة وسيراليون. وندد ممثل بريطانيا باستخدام روسيا الفيتو ضد مشروع القرار، فيما وصفه بأنه «عار».

كان المجلس علّق مؤقتاً جلسته الخاصة بالتصويت على مشروع القرار لإجراء مشاورات بشأنه بين الأعضاء.

وقال موقع الأمم المتحدة الإلكتروني إنه فور بدء اجتماع المجلس للتصويت على مشروع القرار، طلب السفير الفرنسي إجراء مشاورات مغلقة بين الأعضاء لتسوية خلافاتهم حول المسودة لضمان اعتماده.

وأضاف أن رئيسة المجلس، السفيرة البريطانية باربرا وودورد، اقترحت تعليق الاجتماع للتشاور، وذلك بعد عدم إبداء معارضة من الأعضاء.

ويدعو مشروع القرار الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، «إلى وقف الأعمال الحربية فوراً، والانخراط بحسن نية في حوار للاتفاق على خطوات نحو وقف التصعيد في النزاع، بهدف الاتفاق بصورة عاجلة على وقف إطلاق نار في كل أنحاء البلاد».

وتدور حرب منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، نائبه سابقاً. واتُّهم الطرفان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف مدنيين، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام أساليب التجويع في حق ملايين المدنيين.

موقف روسيا

وفي وقت سابق اليوم، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي رأس اجتماع المجلس، إنه «سيضغط من أجل إصدار قرار يضمن حماية المدنيين، وحرية مرور المساعدات». وفي حين قال عدد من الدبلوماسيين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنهم واثقون إلى حد ما من اعتماد النص، إلا أن هناك بعض الشكوك حول موقف روسيا التي تتمتع بحق النقض (الفيتو).

وأشار أحد الدبلوماسيين إلى أنه خلال المفاوضات حول النص، «أدلت روسيا بكثير من التعليقات»، ورأى أن موسكو «منحازة» بشكل واضح إلى معسكر البرهان. ومن دون أن يسمي أي طرف، يدعو مشروع القرار الدول الأعضاء إلى الامتناع عن «التدخل الخارجي الذي يؤجج الصراع»، ويحض على احترام حظر الأسلحة المفروض على دارفور.

ويطالب مشروع القرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش بالنظر في فرض نظام «مراقبة وتحقق» من وقف محتمل لإطلاق النار. وكان غوتيريش قدم توصية بهذا الصدد في تقريره رفعه مؤخراً إلى مجلس الأمن، لكنه أشار إلى أنه «في هذه المرحلة، الظروف غير متوافرة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة بنجاح لحماية المدنيين في السودان».

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

«كارثة إنسانية»

نزح نحو 11.3 مليون شخص جراء الحرب، بينهم 3 ملايين تقريباً إلى خارج السودان، وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون الإنسان التي وصفت الوضع بأنه «كارثة إنسانية». ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وأُعلِنت المجاعة في مخيم زمزم في دارفور.

وشهدت البلاد اندلاع أعمال عنف جديدة في الأسابيع الأخيرة، في حين أن كل طرف «مقتنع بأن بإمكانه الانتصار في ساحة المعركة»، وفق ما قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، قبل أيام. وفي هذا السياق، يدعو مشروع القرار كلا الطرفين إلى «احترام الالتزامات» التي تم التعهد بها في عام 2023 لحماية المدنيين، وعدم استخدام العنف الجنسي «تكتيك حرب»، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية «بسرعة وأمان ودون عوائق».

في مارس (آذار) دعا مجلس الأمن إلى وقف «فوري» لإطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، وهو قرار لم يتم الالتزام به. وفي يوليو (تموز)، طالب المجلس «قوات الدعم السريع» بإنهاء حصار مدينة الفاشر، ووضع حد للقتال حول هذه المدينة الكبرى في إقليم دارفور التي يسكنها مئات آلاف المدنيين، ولم تتم تلبية ذلك.


مقالات ذات صلة

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا مجلس الأمن (أ.ف.ب)

روسيا تستخدم «الفيتو» ضد «النكهة الاستعمارية» للحل في السودان

أحبطت روسيا جهود مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب بوقف فوري للأعمال العدائية في السودان وبدء عملية سياسية انطلاقاً من محادثات جدة معتبرة أن فيه «نكهة استعمارية».

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

أكد رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» السودانية، عمر حمدان، في مؤتمر صحافي أنهم لا يرفضون السلام، لكن هذا يتوقف على مبادرة جادة وبضمانات دولية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
أفريقيا جندي من الجيش السوداني فوق شاحنة عسكرية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن مقتل 150 من «الدعم السريع» في غرب السودان

قالت القوات المسلحة السودانية إن 150 مقاتلاً من قوات الدعم السريع شبه العسكرية قتلوا في معركة بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بغرب السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم )
خاص وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)

خاص وزير الخارجية السوداني لــ«الشرق الأوسط»: حريصون على تحسين علاقتنا مع دول الجوار

تترقب بورتسودان أول زيارة للمبعوث الأميركي، التي تستغرق يوماً واحداً، ويلتقي خلالها عدداً من المسؤولين في «المجلس السيادي» وحاكم دارفور، مني أركو مناوي.

وجدان طلحة (بورتسودان)

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)
رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)
رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)

أكد رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» السودانية، عمر حمدان، في مؤتمر صحافي أنهم لا يرفضون السلام، لكن هذا يتوقف على مبادرة جادة وبضمانات دولية يمارس فيها المجتمع الدولي ضغوطاً على الطرف الآخر في النزاع، وهو الجيش السوداني. وقال حمدان، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الكينية نيروبي، يوم الاثنين، إن هناك فراغاً كبيراً في البلاد، لذلك فإن «كل الخيارات أمامنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا».

وبشأن أحداث شرق ولاية الجزيرة في وسط السودان، قال حمدان إن «الولاية كانت آمنة، لكن المتمرد المنشق من قواتنا، أبو عاقلة كيكل، قام بتسليح عدد من المواطنين، وحدد ساعة صفر لانتفاضة داخل الولاية. وعندما اكتشفنا أمره فر، فأدت المواجهات بين قواتنا مع المدنيين المسلحين (المسُتنفرين) إلى نزوح كبير من المواطنين». وحذر حمدان سكان ولاية الجزيرة وبقية أقاليم السودان من الانجرار وراء عمليات التسليح التي دعا إليها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

بدوره قال المستشار القانوني لقائد «قوات الدعم السريع» محمد المختار: «لا ننكر وقوع انتهاكات في ولاية الجزيرة من أطراف متعددة»، مضيفاً: «لقد ألقينا القبض على أعداد كبيرة، من بينهم أفراد محسوبون على (الدعم السريع)، وجرت محاكمتهم بالسجن». وأكد المختار أن كل المواجهات التي جرت مع قواتهم في منطقة شرق الجزيرة كانت مع مجموعات مسلحة، مشيراً إلى أن المدنيين لم يغادروا بلدة تمبول إلا بعد بدء القصف الجوي الذي شنه طيران الجيش.

وقال المختار إن قرار «مجموعة بورتسودان» (في إشارة إلى الحكومة المؤقتة التي أنشأها البرهان) بتغيير العملة يقسّم البلاد، وهذا «أمر مرفوض وإجراء غير سليم في ظل عدم وجود حكومة في البلاد». وأضاف أن «قوات الدعم السريع» سبق أن أصدرت بياناً منعت فيه التعامل بالعملة الجديدة في مناطقها، ورحبت باستخدام الدولار الأميركي، قائلاً: «يمكننا التداول به في مناطق سيطرتنا».

أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)

وذكر أن الحرب التي اشتعلت في 15 أبريل (نيسان) 2023 كانت من فعل «فلول النظام السابق وحلفائهم داخل الجيش، وقد خلَّفت معاناة إنسانية كارثية، وأدت إلى تشريد 15 مليون سوداني داخلياً وخارجياً، ودمرت البنية التحتية في العاصمة الخرطوم من جسور ومصانع ومنازل المدنيين نتيجة قصف الطيران المتعمد».

واتهم المختار الجيش باستخدام الإغاثة سلاحاً ضد المدنيين، إذ حرم نحو 30 مليون نسمة في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» من وصول المساعدات الإنسانية إليها. وقال إن حصيلة القصف الجوي للطيران الحربي بلغت 2873 قتيلاً و2320 جريحاً، كما دمر 4321 منزلاً في عدد من المناطق في كل من ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة.

وأضاف: «كما رصدنا استخدام الطيران قنابل زنة 250 كيلوغراماً، وهي محرمة دولية، وأدت إلى اختناقات وسط المدنيين نتيجة استخدام الغاز السام». وقال إن قائد الجيش الفريق البرهان يسعى إلى تحويل الصراع إلى حرب أهلية بتسليح المدنيين في شمال السودان والجزيرة؛ ما تَسَبَّبَ في الأحداث التي شهدتها منطقة شرق ولاية الجزيرة، وأكد أن قواتهم أعادت الاستقرار للمنطقة، بعد إخراج القائد المنشق أبو عاقلة كيكل والمقاتلين المدنيين الذين جرى استنفارهم وتسليحهم من قبل الجيش، ولكن بعد تجريدهم من السلاح الذي تلقوه من الجيش. وأضاف المختار أن «قوات الدعم السريع» أرسلت فريقاً طبياً متكاملاً وقوافل صحية وإنسانية، للمساعدة في الأوضاع الصحية للسكان.