ليبيا: حكم قضائي يعمّق الخلاف بين «الرئاسي» و«النواب» بشأن «مفوضية الاستفتاء»

حكومتا الدبيبة وحماد تقتسمان «نجاح» الانتخابات المحلية

صالح وحماد في لقاء سابق ببنغازي (مكتب صالح)
صالح وحماد في لقاء سابق ببنغازي (مكتب صالح)
TT

ليبيا: حكم قضائي يعمّق الخلاف بين «الرئاسي» و«النواب» بشأن «مفوضية الاستفتاء»

صالح وحماد في لقاء سابق ببنغازي (مكتب صالح)
صالح وحماد في لقاء سابق ببنغازي (مكتب صالح)

عمّق حكم قضائي الخلاف بين «المجلس الرئاسي» ومجلس النواب، في ليبيا، حيال مفوضية جديدة للاستفتاء الوطني، فيما تحدثت الحكومتان المتصارعتان على السلطة، عن دور كل منهما في «إنجاح الانتخابات البلدية».

وفي حكم قضائي جديد، قضت الأحد، محكمة استئناف بنغازي في شرق البلاد، بوقف نفاذ قرار «المجلس الرئاسي»، بشأن إنشاء «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني»، وتعيين مجلس إدارة لها... وأعلنت المحكمة قبولها شكلاً للطعن المقدم من حكومة «الاستقرار» الموالية للبرلمان برئاسة أسامة حماد، التي استندت في طعنها إلى ما وصفته «بتجاوز المجلس الرئاسي لصلاحياته».

بدء فرز أصوات المقترعين في الانتخابات البلدية (المفوضية العليا للانتخابات)

بدورها، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، الأحد، بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات، تزامناً مع وصول أولى شحنات صناديق الاقتراع، في إطار ما وصفته بسعيها لإعلان النتائج الأولية للعملية الانتخابية، في أسرع وقت ممكن.

كما نفت صحة بعض النتائج المتداولة، وقالت في بيان إنها «لم تصدر عنها بتاتاً»، وإنها مجرد توقعات قابلة للتغيير، ودعت أصحاب المصلحة من ناخبين ومرشحين إلى عدم الوثوق بأي نتائج، إلا بعد صدورها بقرار رسمي من المفوضية.

وكانت المفوضية، قد أعلنت مساء السبت، على لسان مستشارها، سالم بن تاهية، أن النسبة الأولية للمقترعين، بلغت 74 في المائة مع استمرار عملية الفرز والعد، بانتظار ظهور النتائج النهائية في اليومين المقبلين، بينما قال عضو المفوضية عبد الحكيم الشعاب، إن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 55 في المائة من إجمالي الناخبين المسجلين في منظومة الانتخابات، وعدها «نسبة عالية ومحفزة».

وأبلغ «وكالة الأنباء الليبية»، أن المفوضية ستعلن عن النتائج الأولية للانتخابات «بعد ثلاثة أيام على أقصى تقدير، وبعدها ستنشر قوائم الطعون الانتخابية، وستستمر الطعون 21 يوماً، لتعلن بعدها النتائج النهائية لانتخابات المجالس البلدية».

وأعرب خالد المشري رئيس «مجلس الدولة»، عن أسفه لما وصفه بـ«ضعف المشاركة مقارنة بالانتخابات السابقة»، لكنه تمنى في المقابل، أن تكون هذه الانتخابات «بادرة خير، تمهد الطريق لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية شاملة في كامل التراب الليبي».

وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، مساء السبت، عن انتهاء انتخابات المجالس البلدية في 58 بلدية موزعة على المناطق الشرقية والجنوبية والغربية، مشيرة إلى أنها شملت 29 بلدية بالمنطقة الغربية، و15 بلدية بالمنطقة الشرقية، و14 بلدية بالمنطقة الجنوبية، وجرى التصويت في 352 مركز اقتراع، وبلغ عدد الناخبين المسجلين 186 ألفاً و55 ناخباً.

وقالت في بيان، إن العملية الانتخابية «سارت بسلاسة كاملة، من دون تسجيل أي خروقات أو مشاكل في مراكز الاقتراع، ما يعكس نجاح التدابير التنظيمية والإجراءات المتخذة لضمان نزاهة العملية الانتخابية».

وأشادت بدور عناصر الشرطة في تأمين هذا الاستحقاق الانتخابي، مؤكدة «أن جهودهم كانت عاملاً رئيسياً في توفير بيئة آمنة ومستقرة للناخبين واللجان الانتخابية على حد سواء».

وتحدثت الحكومتان المتنازعتان على السلطة عن «نجاحهما» في عقد وتأمين الانتخابات. وعدّ رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، أن «تأمين ونجاح الانتخابات البلدية بطريقة سلسة وآمنة، دليل آخر ضد من يحاول اختراع مراحل انتقالية جديدة لتكون شرطاً لإجراء الانتخابات».

كما أشاد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بجهود وزارة الداخلية بحكومة «الاستقرار»، وقيادة «الجيش الوطني» في تأمين الانتخابات، وعدّها «دلالة قاطعة على احترام إرادة الشعب الليبي».

وثمّن «الإقبال منقطع النظير من الشعب على العملية الانتخابية، ما يدل على رغبة المواطنين في الاستقرار والأمن والنظام والمشاركة في صنع القرار»، وهنّأ الليبيين على «إيمانهم بالعملية الانتخابية، وتوافدهم على صناديق اقتراع انتخابات المجالس البلدية».

كما أكد صالح، أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية «متزامنة حرة ونزيهة، لأنها تمثل رغبة 2.8 مليون ناخب من الشعب الليبي في تقرير مصيره، واختيار ممثليه بإرادته الحرة دون قيود».

بدوره، عدّ كريستيان بوك، المبعوث الألماني الخاص، أن هذه الانتخابات «تُشكّل علامة فارقة في العملية الديمقراطية في ليبيا، وتشجع الليبيين على الاستفادة من حقهم في التصويت، ودعوة جميع الأطراف المعنية إلى ضمان انتخابات آمنة وحرة».

وقال نيكولا أورلاندو سفير الاتحاد الأوروبي، إنه هنأ مساء السبت، السفير جلال الحاسي من البعثة الليبية لدى الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، بإجراء الانتخابات، وعدّها «محطة مهمة في المسار الديمقراطي للبلاد».

وأعلن انضمام مسؤولين من بعثة الاتحاد الأوروبي، إلى فريق أوروبا في مصراتة «للحصول على رؤية مباشرة، حول تطور المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية، بوصفها محطة مهمة على طريق ليبيا نحو الديمقراطية».

وقال إن «المشاركة في هذه الانتخابات، هي مفتاح الحكم التمثيلي وتقديم الخدمات الفعالة على المستوى المحلي»، وشجع «جميع الناخبين المسجلين على اغتنام الفرصة والإدلاء بأصواتهم».

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي هو أحد الداعمين الرئيسين للانتخابات في ليبيا، مشيداً «بالعمل الممتاز الذي تقوم به مفوضية الانتخابات».

نائب وزير الداخلية التركي مجتمعاً في طرابلس مع قيادات وزارة الداخلية (داخلية حكومة الوحدة الليبية)

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، وصول نائب وزير الداخلية التركي، منير كار، إلى «مطار معيتيقة الدولي»، في زيارة رسمية للمشاركة في الاجتماع الثاني للجنة التعاون الأمني الليبي - التركي.

إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية، عن شهود عيان اندلاع اشتباكات مفاجئة، مساء السبت، بين عناصر من جهاز الأمن الداخلي وقبيلة «أولاد سليمان»، في حي المنشية بمدينة سبها في جنوب البلاد، إثر مداهمة عناصر الأمن لمنزل مواطن، مشيرة إلى «اعتداء القوة على إحدى السيدات مما أدى إلى قيام أولاد سليمان بتدمير سيارتين للقوة».


مقالات ذات صلة

«البلديات الليبية»... بروفة «لترويض» الصراع السياسي

شمال افريقيا بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات بمركز العدّ والإحصاء في مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

«البلديات الليبية»... بروفة «لترويض» الصراع السياسي

ما بين جملة من السلبيات والإيجابيات التي رافقت العملية الانتخابية عكس هذا الاستحقاق النادر شعوراً لدى جل الليبيين بتحقيق «خطوة إلى الأمام» لجهة حلحلة الجمود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا ليبي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في مصراتة (أ.ف.ب)

ليبيا: انطلاق الانتخابات المحلية وسط توتر أمني بين ميليشيات «الوحدة»

أعلنت المفوضية العليا للانتخابات بليبيا، (السبت)، انطلاق عملية الاقتراع في 352 مركزاً انتخابياً، و777 محطة اقتراع في 58 مجلساً بلدياً، تضم نحو 186055 ناخباً.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الصحافي لرئيس المجلس عقيلة صالح)

ما خيارات «النواب الليبي» للتعامل مع إعلان تكالة فوزه بـ«الأعلى للدولة»؟

اتسعت حدة الخلاف على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، بين خالد المشري ومحمد تكالة؛ مما عمّق المخاوف حول تجميد دوره السياسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا بلدية مصراتة التي يتنافس على إدارتها عدد من الناخبين (أ.ف.ب)

ليبيا لكسر «حاجز الانقسام» بخوض الانتخابات المحلية غداً

تتجه أنظار الليبيين إلى 58 بلدية في شرق البلاد وغربها وجنوبها يتوقع أن تجرى بها الانتخابات المحلية، وسط ترقب لكسر حاجز الانقسام السياسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ليبيون من مصراته يتفحصون منشورات تحث على المشاركة بكثافة في الانتخابات (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يدعو الأطراف الليبية لدعم الانتخابات البلدية

حث الاتحاد الأوروبي جميع المرشحين للانتخابات المحلية في ليبيا على «اغتنام الفرصة وخوض الاستحقاق بنزاهة وبما يتفق مع قواعد السلوك التي وضعتها المفوضية الوطنية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تنظيمات مدنية سودانية تعد قصف المدنيين جريمة حرب

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم  (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

تنظيمات مدنية سودانية تعد قصف المدنيين جريمة حرب

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم  (أرشيفية - رويترز)
أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

جدّدت منظمات سياسية ومدنية سودانية مطالبتها بحماية المدنيين، وفرض حظر طيران في كل أنحاء البلاد، بعد أن اتهمت قوات «الدعم السريع» في بيان الأحد، الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، بقصف «شرق النيل» بمدينة الخرطوم بحري، و«سوق ليبيا» الشهيرة في غرب مدينة أم درمان، «ما أدى إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن»، فيما تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي صوراً لجثامين نساء وأطفال محترقة بالكامل.

وقالت قوات «الدعم السريع»، إن الطيران الحربي «شن غارات مسعورة» على سوق ليبيا غرب مدينة أم صبيحة، يوم الأحد، وكان استهدف مساء السبت «سوق 13» بمنطقة الحاج بشرق النيل بمدينة الخرطوم بحري، ما أدى لسقوط 650 شخصاً بين قتيل وجريح.

أرشيفية لدورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تعليق من الجيش السوداني على تلك الاتهامات، وهو عادة لا يعلق على عملياته العسكرية أو أعداد القتلى، ويكتفي موالون غير رسميين له، بالإشارة إلى «أن انتشار (الدعم السريع) بين المدنيين، وفي الأعيان المدنية، هو المسؤول عن موت المدنيين».

وعدّ البيان غارات الجيش على مناطق سيطرة «الدعم السريع»، امتداداً لما سماه «الاستهداف الممنهج لتجمعات المواطنين والأسواق في نيالا، والكومة، وسرف عمرة، والضعين، والجنينة، والجزيرة، وسنار، والخرطوم»، وهو ما أدى لقتل وإصابة الآلاف، وأحدث دماراً واسعاً في المنشآت الحيوية في البلاد.

وقالت غرفة «طوارئ شرق النيل»، التي تضم تنظيمات مجتمعية ظلت تعمل على إغاثة ومساعدة المواطنين أثناء الحرب، إن الغارة الجوية على المنطقة رسمت «مشهداً مأساوياً يدمي القلوب»، وإن «الغارة التي استهدف (سوق 13) أسفرت عن وقوع مئات الضحايا بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء العاملات وأطفالهن، وإن ألسنة النيران المشتعلة حالت دون الحصول على إحصاءات دقيقة عن عدد الضحية، وإن كثيراً من الجثث لا يزال تحت الرماد».

جنديان من الجيش السوداني خلال تنفيذ دورية في الخرطوم (أ.ف.ب)

وأدانت ما سمته «العمل الإجرامي»، وعدته «انتهاكاً لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، واستهتاراً مطلقاً بحياة الأبرياء، وتحدياً لكل قيم العدالة والإنسانية»، وناشدت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية «للضغط على الأطراف المسؤولة، لوقف الجرائم»، وطالبت «بفتح ممرات آمنة لإجلاء الجرحى، وتقديم الإغاثة العاجلة للمتضررين».

بدورها، وصفت «مبادرة دارفور للعدالة والسلام»، قصف منطقة شرق النيل من قبل طيران الجيش السوداني المختطف من الحركة الإسلامية، والمدعوم بطيران إحدى دول الجوار، وسقوط المئات من النساء العاملات وأطفالهن الذين قتلوا وأحرقتهم نيران المسيرات بـ«الجريمة النكراء» في حق الإنسانية.

وأعلنت المبادرة «التضامن الكامل مع ضحايا القصف»، وقالت: «نضم صوتنا لغرفة طوارئ شرق النيل في إدانة هذا العمل الإجرامي، الذي يمثل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية»، واستنكرت ما سمته «صمت العالم تجاه هذه الفظائع» ورأت فيه «تشجيعاً على استمرارها واتساع رقعتها»، وأضافت: «التاريخ لن يرحم من وقف متفرجاً على معاناة شعبنا الأعزل، وندعو جميع الأطراف لتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والتاريخية لحماية المدنيين في شرق النيل ومناطق السودان كافة».

ودأب الطيران الحربي التابع للجيش السوداني على قصف مناطق سيطرة «الدعم السريع»، مستخدماً البراميل المتفجرة والصواريخ والطيران المسير، ويقول إنه يستهدف تلك القوات، فيما ينشط موالون للجيش، من صحافيين ونشطاء في وسائط التواصل، للمطالبة باستهداف ما يسمونه «حواضن الدعم السريع»، أو المجموعات الإثنية التي يتحدر منها غالب قواته.

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

وطالبت منظمات سياسية ومدنية بحماية المدنيين، وفرض حظر طيران في كل أنحاء البلاد، وقال رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي يترأس التكتل السياسي «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، المجتمع الدولي «باتخاذ تدابير لحماية المدنيين، بما في ذلك فرض حظر طيران على كل السودان، ونشر قوات حماية»، وذلك إبان مشاركته اجتماع «مؤسسة مو إبراهيم ومجلس أفريقيا وأوروبا» ببروكسل، بحضور رؤساء أفارقة وأوروبيين سابقين وقادة في الاتحاد الأوروبي.

وكشف تقرير نقلته «رويترز»، أن أكثر من 61 ألفاً قتلوا في ولاية الخرطوم وحدها خلال أول 14 شهراً من الحرب، وأن العدد الفعلي أعلى بكثير مما سجل من قبل.

وقالت الأمم المتحدة إن 11 مليوناً فروا من منازلهم إلى مناطق آمنة داخل البلاد، وإن نحو 2.5 مليون لجأوا لدول الجوار، وإن الحرب تسببت في أكبر أزمة جوع في العالم، وجعلت 25 مليون نسمة - نصف سكان السودان تقريباً - بحاجة للمساعدات الإنسانية.