مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

توافق بين البلدين في التجارة والاقتصاد... وخلافات عميقة حول الديمقراطية

أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)
أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)
TT

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)
أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

بدأت نائبة وزير الخارجية الأميركي، المكلفة شؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان أوزرا زييا، (الأحد)، زيارة إلى الجزائر، في إطار جولة بمنطقة شمال أفريقيا، تقودها إلى مصر، وتنتهي يوم 21 من الشهر الحالي.

وأكد بيان لوزارة الخارجية الأميركية، أن مساعدة الوزير أنتوني بلينكن، ستبحث في الجزائر «الاستقرار والأمن والازدهار في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل... وستؤكد دعم الولايات المتحدة للحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الدين أو المعتقد، وحرية التعبير، وإدارة الهجرة بشكل آمن ومنظم وإنساني».

كما ستتناول مع المسؤولين الجزائريين، وفق البيان ذاته، «جهود التعاون لمكافحة الاتجار بالبشر، وتعزيز التعاون في مكافحة المخدرات في جميع أنحاء المنطقة».

وأشار البيان، إلى أن مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ستكون مع زييا خلال المحطة الجزائرية في جولتها بالمنطقة، من دون تحديد مدة الزيارة، ولا أسماء ومناصب المسؤولين الجزائريين، الذين ستتم مقابلتهم.

نائبة وزير الخارجية الأميركي للأمن المدني وحقوق الإنسان (متداولة)

ويُتوقَّع أن تتم المحادثات، التي ستجريها المسؤولة الأميركية، مع كوادر وزارة الخارجية الجزائرية، بينما لا يعرف إن كان سيتم استقبالها في رئاسة الجمهورية. كما يرتقب أن تعقد لقاءً مع حقوقيين مستقلين عن الحكومة، وآخرين تابعين لها.

ويشار إلى أن السفارة الأميركية، كانت عبَّرت عن قلقها على حرية الصحافة، بعد إدانة الصحافي إحسان القاضي بالسجن 7 سنوات، منها 5 سنوات نافذة، في مايو (أيار) 2023. ونسب مراقبون هذا الموقف، لنائبة وزير الخارجية لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان. واستعاد الصحافي حريته مطلع هذا الشهر، بموجب عفو رئاسي بمناسبة سبعينية «ثورة الجزائر».

أما عن محطة القاهرة في زيارة أوزرا زييا، فذكر البيان أن المسؤولة الأميركية، «ستؤكد على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة ومصر، بما في ذلك في مجال حقوق الإنسان، وكذلك دعم الولايات المتحدة لاستضافة مصر السخية للاجئين وطالبي اللجوء من النزاعات الإقليمية». وأضاف أنها «ستعمل على تعزيز جهودنا المشتركة لمواجهة الأزمات الإنسانية في غزة والسودان، وستلتقي مجموعة من الشركاء من الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية». وفي تنقلها إلى مصر، ستكون زييا مرفوقة بنائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، كريستوفر لي مون، وفق البيان نفسه.

واجتمعت أوزرا زييا بسفير الجزائر في واشنطن صبري بوقادوم في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «وكان الاجتماع فرصة أخرى لمواصلة الحوار الثنائي، حول قيمنا المشتركة، ومناقشة تعزيز تعاوننا بشأن القضايا المتعلقة بسياسة الهجرة»، حسبما ذكرته السفارة الأميركية في الجزائر، يومها.

وزير خارجية الجزائر مع مساعد وزير الخارجية ديريك شولي (أرشيفية - الخارجية الجزائرية)

وإذا كانت حكومتا البلدين على وفاق تام، في القضايا المتصلة بالأمن ومحاربة الإرهاب في الساحل، وتبادل المعلومات بخصوص الجماعات المتطرفة، وأيضاً في ملفات التجارة والتعاون الطاقوي، فإن خلافات كبيرة نشبت بينهما؛ بسبب استياء الجزائر من تقارير دورية للخارجية الأميركية بشأن ممارسة الحريات والديمقراطية في الجزائر، خصوصاً «التضييق على الصحافة والحريات الدينية».

ومطلع العام الحالي، احتجَّ وزير الخارجية أحمد عطاف على تصريحات لأنتوني بلينكن، تضمَّنت تصنيف الجزائر في لائحة للدول التي تتم مراقبتها في مجال «احترام الحريات الدينية». وبحسب وزير الخارجية الأميركي، «الجزائر ليست في الفئة الأسوأ، ولكنها مدرجة في قائمة المراقبة الخاصة». وكان يشير إلى شكوى مسيحيين، من صعوبات يواجهونها في الجزائر، من أجل فتح فضاءات للعبادة، علماً بأنه تم إغلاق عدد من المقار في البلاد في السنوات الأخيرة، استخدمها مسيحيون لأداء شعائرهم، بحجة عدم حيازتهم تراخيص حكومية تسمح بذلك.

جولة من الحوار العسكري الجزائري - الأميركي (أرشيفية - وزارة الدفاع الجزائرية)

وأكدت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، في بيان، أن عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه حسبها، بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة». ونقل البيان عن عطاف، أن موقف بلينكن من هذه القضية «تجاهل الجهود التي تبذلها الجزائر، لتكريس مبدأ حرية الاعتقاد والممارسة الدينية، وهو ما يكفله دستورها بشكل واضح».

كما تحدَّث عطاف، وفقاً للبيان ذاته، عن «الحوار الذي بدأته الجزائر مع الولايات المتحدة في هذا المجال». وأكد استعداده «لاستقبال السفير الأميركي المكلف الحريات الدينية الدولية؛ من أجل توضيح الحقائق وتعهدات الجزائر بالحفاظ على مبدأ حرية الاعتقاد، وفقاً لالتزاماتها الدولية في هذا المجال».


مقالات ذات صلة

تعديل حكومي وشيك في الجزائر بعد المصادقة على قانون الموازنة

شمال افريقيا لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)

تعديل حكومي وشيك في الجزائر بعد المصادقة على قانون الموازنة

يتوقع مراقبون أن يكون موعد الإعلان عن التعديل الحكومي المنتظر في الجزائر منذ انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) 2024، أقرب من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا قائد الجيش خلال زيارته مركز الهندسة الميكانيكية العسكرية (وزارة الدفاع)

الجزائر: قائد الجيش يشدد على «تعزيز المناعة الأمنية» للبلاد

شنقريحة يؤكد على «وضع الركائز الأساسية لصناعة عسكرية جزائرية، واعدة ومتكيفة مع متطلبات الدفاع عن الوطن وبأيادٍ جزائرية خالصة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)

هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

في 25 يوليو (تموز) الماضي، أبدت الجزائر سخطاً شديداً عندما أبلغتها باريس، عبر القناة الدبلوماسية، بأنها قررت دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مستقبلاً السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» في يونيو 2022 (الرئاسة)

الجزائر: حزب معارض يستنكر اعتقال قيادييه «في ظروف غامضة»

ندد حزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري المعارض باعتقال قياديين من صفوفه «في ظروف يلفها الغموض».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

بدأ عدد من «الإسلاميين» في الجزائر إضراباً عن الطعام داخل سجنهم بعاصمة البلاد، احتجاجاً على طول مدة إقامتهم في الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«البلديات الليبية»... بروفة «لترويض» الصراع السياسي

بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات بمركز العدّ والإحصاء في مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)
بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات بمركز العدّ والإحصاء في مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)
TT

«البلديات الليبية»... بروفة «لترويض» الصراع السياسي

بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات بمركز العدّ والإحصاء في مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)
بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات بمركز العدّ والإحصاء في مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

اجتازت الانتخابات البلدية في ليبيا «عقدة» الانقسام الحكومي نسبياً. وبدت في مرحلتها الأولى، التي ستعلن نتائجها لاحقاً، كأنها بروفة لـ«ترويض» الصراع السياسي، الذي اختفت ملامحه حكومياً، لكنها ظهرت في التحريض الجهوي والقبائلي على التصويت لصالح أسماء بعينها.

جانب من عملية الاقتراع بالانتخابات البلدية التي جرت في ليبيا السبت (المفوضية العليا)

وما بين السلبيات والإيجابيات التي رافقت العملية الانتخابية، عكس هذا الاستحقاق المؤجل، شعوراً لدى جل الليبيين بتحقيق «خطوة إلى الأمام» لجهة حلحلة الجمود السياسي، إذ يرى عبد المنعم الحر الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن مستوى التصويت كان «رائعاً».

وكانت عملية الاقتراع انطلقت (السبت) في 352 مركزاً انتخابياً في 58 مجلساً بلدياً، وتحدثت المفوضية عن نسبة مشاركة بلغت 74 في المائة من عدد الناخبين المسجلين البالغ 186 ألفاً و55 ناخباً، لكنها تراجعت الأحد، وقالت: «هذه النتائج لم تصدر عنها بتاتاً، وهي مجرد توقعات قابلة للتغيير».

وفي ظل انقسام بين حكومتين متنازعتين على السلطة في طرابلس وبنغازي، انتهت الجولة الأولى لهذه الانتخابات، من دون عقبات سياسية أو مشاحنات تُذكر، وهو ما أرجعه متابعون لعقدها «في بلديات صغيرة ليست في حسابات الأطراف المتناحرة».

مجريات العملية الانتخابية رصدتها «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» بليبيا في خمس بلديات، هي: مصراتة، وزلة، وسوق الخميس، والحوامد، ووادي عتبة، وقالت إنها «عملت على متابعة سير العملية الانتخابية من خلال فريقها الوطني، الذي قام بدوره بالعمل على عينة عشوائية في تلك البلديات».

وعددت المنظمة 8 نقاط إيجابية، رافقت العملية الانتخابية، من بينها أن المفوضية العليا للانتخابات «حافظت على درجة من الاستقلالية؛ رغم تعرضها لضغوط من القوى السياسية المحلية والإقليمية»، و«تمكنها من تنظيم هذه الانتخابات رغم الظروف الأمنية والسياسية الصعبة»، بالإضافة إلى «انضباط رجال الأمن بمراكز الاقتراع لتأمين العملية الانتخابية».

ليبي يبحث عن لجنته الانتخابية للاقتراع في الاستحقاق البلدي (المفوضية العليا)

وتوزعت الانتخابات على الأقاليم الثلاثة بواقع 29 بلدية في المنطقة الغربية ليس منها طرابلس، و15 بالمنطقة الشرقية ليس منها بنغازي أو طبرق أو البيضاء، بجانب 14 بلدية في الجنوب ليس منها سبها.

وهنا يرجع الباحث السياسي الليبي أحمد التواتي، عدم إجراء الانتخابات في البلديات الكبرى، إلى ساسة البلاد المتصارعين على الحكم الذين «فرضوا سلطتهم السياسية في استبعاد البلديات الكبرى من السباق في هذه المرحلة».

لذا يقول لـ«الشرق الأوسط» هذه المدن «يكمن فيها الصراع والاستقطاب؛ ولهذا مرّت المرحلة الأولى من دون عراقيل، باستثناء بلدية مصراتة التي شهدت سخونة انتخابية».

ويرى أن الساسة «لعبوا دوراً استباقياً في هذه الانتخابات من قبل أن تبدأ، وبالتالي فإن السياسة لم تظهر في هذه الانتخابات باستثناء بلدية مصراتة»، وبرّر عقدها في البلديات الصغرى لتكون بروفة للمرحلة الثانية.

ومع المؤشرات الأولى لظهور النتائج، هنأ المواطنون قائمة «أبراج حمام السلام» بفوزها في الانتخابات البلدية، في مناطق جنزور، ورشفانة، والزاوية، وصرمان، وصبراتة.

جانب من عملية الاقتراع بالانتخابات البلدية التي جرت في ليبيا السبت (المفوضية العليا)

ولم يغفل تقرير «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» النقاط السلبية في هذا الاستحقاق، التي جاء من بينها «الدور البارز لشيوخ القبائل في توجيه الناخبين من أبناء القبيلة، إلى جانب غياب الإرث الثقافي الانتخابي لدى الليبيين».

وتحدثت المنظمة عما سمته «الاستغلال المؤسف لبعض المرشحين المتنافسين لمواقعهم ونفوذهم في المجالس البلدية المنتهية ولايتها لدعم وضعهم التنافسي، واجتذاب مزيد من الأصوات»، وقالت: «هذا السلوك ينتهك عدالة التنافس، ويمثل ثغرة يجب على المفوضية العليا الانتباه لها؛ ويجب أن تتوجه السلطة التشريعية لمعالجتها دون إبطاء لتفاديها في الانتخابات المقبلة».

كما رصدت المنظمة «غياب دور الرقابة القضائية على العملية الانتخابية»، وقالت إنه كان هناك «تفاوت وتباين بين المترشحين في رأس المال وأدوات الدعاية الانتخابية»، فضلاً عما تعانيه المفوضية الوطنية العليا «من ضعف الموارد المالية والبشرية ما يعيق عملها في بعض الأحيان».

وذهب الأمين العام لـ«المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، إلى أن «القبلية والمناطقية لهما دور كبير وفعّال أكبر من دور التيارات السياسية البارزة في ليبيا».

ومع الاحتفاء بهذه الخطوة شعبياً ورسمياً، وقبل أن تعلن النتيجة، برّر التواتي قلة أعداد المواطنين الذين سجلوا في هذا السباق قبل انطلاقه، بأنهم «كان يستشعرون اليأس من قدرة الانتخابات البلدية على إحداث تغيير».

وانتهى التواتي إلى أن هذه الانتخابات «تظل خطوة إلى الأمام، وإن كانت ستفرز مجالس عرجاء، إلا أن هذا يظل أفضل من الإبقاء على الجسم مشلولاً كما كان حاصلاً».

وكانت المفوضية نشرت القوائم النهائية للمرشحين، واحتوت على 1714 مرشحاً ومرشحة، وانسحب من القوائم الأولية 22 مرشحاً، وتم استبعاد 6 مرشحين بسبب عدم توفر شروط ومتطلبات الترشح في الطلبات التي تقدموا بها.