تعديل حكومي وشيك في الجزائر بعد المصادقة على قانون الموازنة

المعارضة طالبت بـ«إصلاح بيئة الحكم عوضَ تبديل الأشخاص»

لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)
لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)
TT

تعديل حكومي وشيك في الجزائر بعد المصادقة على قانون الموازنة

لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)
لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)

بإعلان «مجلس الأمة» الجزائري، السبت، موافقته بالأغلبية على قانون المالية لسنة 2025، يتوقّع مراقبون في البلاد أن يكون موعد الإعلان عن التعديل الحكومي المنتظر منذ انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) 2024، أقرب من أي وقت مضى.

الوزير الأول الجزائري نذير عرباوي في نشاط رسمي (رئاسة الحكومة)

وكان الرئيس عبد المجيد تبون، الفائز بولاية ثانية (2024 – 2029)، قد كلّف وزيره الأول، نذير عرباوي، بمواصلة عمله، عندما قدّم له استقالة طاقمه الوزاري في 17 من سبتمبر الماضي، وهو اليوم نفسه الذي أدّى فيه الرئيس القسم الدستوري. وجاء في بيان للرئاسة، حينها، أن تبون «طلب تأجيل الاستقالة من أجل مواصلة العمل في ملفات عاجلة، تتطلب دراية بالوضع من قِبَل وزراء حاليين». كما ذكرت أن الحكومة الحالية «بحاجة إلى مواصلة العمل من أجل إنجاح الدخول المدرسي والجامعي والمهني، إضافة إلى إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، قبل عرضه على البرلمان».

وزير المالية أثناء عرض مشروع قانون الموازنة بمجلس الأمة (البرلمان)

وصادق «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، الأربعاء الماضي، بالأغلبية على مشروع الحكومة، الذي يُحدد التوجهات المالية الكبرى للبلاد للعام المقبل، في حين رفضه نواب الحزب الإسلامي المعارض «حركة مجتمع السلم»، بحجة «افتقار الدراسة التي خصصت له (من طرف الحكومة)، إلى الجدية اللازمة، ومعالجته ميزانية الدولة بأسلوب تقليدي، لا ينسجم مع متطلبات البرامج والأهداف والمؤشرات».

كما انتقد نواب الحزب نفسه «التسريع المخل الذي وقع أثناء دراسة مشروع القانون، والتعجيل الواضح لتمريره في مدة قصيرة جدّاً»، في إشارة، ضمناً، إلى انشغال السلطة بترتيبات التغيير الحكومي المنتظر. وهذا الرأي يشاطره غالبية المراقبين، الذين لاحظوا، وعلى غير العادة، أن مشروع قانون الموازنة 2025 أحيل في اليوم نفسه من الغرفة الأولى على الغرفة الثانية (مجلس الأمة)؛ إذ عرضه وزير المالية لعزيز فايد، وناقشته الكتل البرلمانية الجمعة، وهو يوم عطلة، وجرى التصويت عليه في اليوم التالي.

رئيس كتلة نواب مجتمع السلم الإسلامي (إعلام حزبي)

ولم يكن موقف نواب «مجتمع السلم» من المشروع ليعطل تمريره بيسر، ما دامت الحكومة تحظى بتأييد واسع من طرف نواب الأحزاب -التي ساندت تبون في الانتخابات الرئاسية، والتي تُسيطر على البرلمان بغرفتيه- وهي «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني» و«جبهة المستقبل»، زيادة على كتلة المستقلين.

وتطمح قيادات «أحزاب الموالاة» إلى تسلُّم مناصب في الحكومة الجديدة المرتقبة، بوصفها مكافأة لها على الدعم السياسي القوي، الذي قدّمته لعبد المجيد تبون في «الرئاسية» الماضية، ولعدم اعتراض برلمانييها على مشروع قانون الموازنة.

ويملك كل حزب من الأحزاب الأربعة وزيراً واحداً على الأقل في الحكومة الحالية، التي غاب عنها الطابع الحزبي السياسي، في مقابل اعتماد الرئيس على وزراء مارسوا مهام إدارية في تسيير الشأن العام.

وأكدت مصادر حزبية أن الرئيس لم يتعهد لشركائه في حملة الانتخابات بمنحهم حقائب وزارية نظير مساندته للحصول على ولاية ثانية، على عكس ما يتوقعه مسؤولو الأحزاب المؤيدة له، خصوصاً أنهم يواجهون ضغطاً من طرف كوادرهم، الذين يبحثون عن «جزاء» نظير مشاركتهم في الحملة الانتخابية لمصلحة تبون، ينبغي أن يتجسد برأيهم في مناصب داخل الحكومة، وفي مختلف الأجهزة والهيئات الرسمية.

مصادر رجحت أن تبون يبحث عن توليفة حكومية مغايرة للأطقم الوزارية التي اختارها لتنفيذ تعهداته (الرئاسة)

ورجّحت المصادر نفسها بأن تبون «يبحث عن توليفة حكومية مغايرة للأطقم الوزارية التي اختارها لتنفيذ تعهداته، والتي قطعها في حملة الولاية الأولى»، علماً بأنه أجرى 5 تعديلات حكومية منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2015، وفسّر هذه التغييرات بـ«الحرص على تحقيق استقرار سياسي، وتنفيذ أجندة إصلاحية في مختلف المجالات».

ولما سُئل أحمد صادوق، رئيس الكتلة البرلمانية لـ«مجتمع السلم»، في «المجلس الشعبي الوطني»، عن توقعاته بشأن الحكومة المنتظرة، قال: «لا تعليق لدينا على التعديل الحكومي لأننا غير معنيين به، ما دمنا في المعارضة»، مشدداً على أن «القضية متعلقة أساساً بإصلاح بيئة الحكم، وليس بتغيير الأشخاص».


مقالات ذات صلة

الجزائر: قائد الجيش يشدد على «تعزيز المناعة الأمنية» للبلاد

شمال افريقيا قائد الجيش خلال زيارته مركز الهندسة الميكانيكية العسكرية (وزارة الدفاع)

الجزائر: قائد الجيش يشدد على «تعزيز المناعة الأمنية» للبلاد

شنقريحة يؤكد على «وضع الركائز الأساسية لصناعة عسكرية جزائرية، واعدة ومتكيفة مع متطلبات الدفاع عن الوطن وبأيادٍ جزائرية خالصة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)

هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

في 25 يوليو (تموز) الماضي، أبدت الجزائر سخطاً شديداً عندما أبلغتها باريس، عبر القناة الدبلوماسية، بأنها قررت دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مستقبلاً السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» في يونيو 2022 (الرئاسة)

الجزائر: حزب معارض يستنكر اعتقال قيادييه «في ظروف غامضة»

ندد حزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري المعارض باعتقال قياديين من صفوفه «في ظروف يلفها الغموض».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

بدأ عدد من «الإسلاميين» في الجزائر إضراباً عن الطعام داخل سجنهم بعاصمة البلاد، احتجاجاً على طول مدة إقامتهم في الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية تُبلغ البنوك بإجراء جديد يتعلق بوقف معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر تؤكد مجدداً أهمية وقف التصعيد في المنطقة

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية صربيا في الإمارات  (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية صربيا في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد مجدداً أهمية وقف التصعيد في المنطقة

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية صربيا في الإمارات  (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية صربيا في الإمارات (الخارجية المصرية)

جددت مصر تأكيدها على أهمية وقف التصعيد والتوترات في المنطقة. وجاء التأكيد المصري خلال محادثات أجراها وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، على هامش «منتدى صير بني ياس» الخامس عشر في الإمارات.

وتبادل عبد العاطي الرؤى مع نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية باكستان، إسحاق دار، السبت، حيال تطورات الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، حيث أكد الوزيران «أهمية وقف التصعيد والتوترات في المنطقة، والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان النفاذ غير المشروط للمساعدات الإنسانية دون عوائق». كما ناقش الوزيران عدداً من القضايا محلّ الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة إصلاح النظام المالي العالمي وإصلاح مجلس الأمن واستعادة النظام المتعدد الأطراف.

وتحذر مصر بشكل متكرر من «استدراج المنطقة إلى (حرب إقليمية) تؤدى إلى تداعيات وخيمة على شعوب المنطقة». وتكثّف مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن في المنطقة.

كما تشدد مصر على أهمية مضاعفة الاستجابة الإنسانية الدولية لاحتياجات الفلسطينيين بقطاع غزة بالنظر للكارثة الإنسانية التي يعانى منها نتيجة الانتهاكات الجسيمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي وعرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية.

وأكد عبد العاطي ودار «أهمية استمرار التشاور السياسي والتنسيق الدائم من خلال الآليات المختلفة، وكذا الدفع بالتعاون الاقتصادي بين البلدين إلى آفاق أرحب، لا سيما في مجالات التجارة والاستثمار والسياحة، بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين».

وزير الخارجية والهجرة يلتقي نظيره الباكستاني في الإمارات (الخارجية المصرية)

وفي لقاء آخر، تناول القضايا الإقليمية والدولية، التقى عبد العاطي مع وزيرة خارجية لاتفيا، بابيا بيريز، السبت، في الإمارات. وأشار إلى «اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات مع لاتفيا، والحفاظ على دورية التشاور السياسي بين البلدين لتنسيق المواقف على المستوى الثنائي في مختلف المحافل»، مشيراً إلى «أهمية ترسيخ أسس التعاون بين البلدين ومدها لتشمل آفاقاً أوسع». كما أبدى تطلع مصر لتعزيز التجارة المشتركة بين الجانبين.

وتباحث الوزيران حول آخر التطورات في العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي في ظل علاقات الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين الجانبين.

وتُعزز مصر شراكتها الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي. وأكد وزير الخارجية والهجرة المصري، في أغسطس (آب) الماضي، أن «مصر تهدف من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي إلى تعميق جميع أوجه التعاون بين الجانبين على أساس من الاحترام المتبادل والشراكة الحقيقية».

والاتحاد الأوروبي أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، إذ بلغت صادرات مصر لدول الاتحاد نحو 11.8 مليار دولار عام 2023، بينما بلغت الواردات نحو 19.4 مليار دولار في العام نفسه، وفقاً لبيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء». (الدولار الأميركي يساوي 49.30 جنيه في البنوك المصرية).

كما بلغ حجم استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر نحو 38 مليار يورو، وتستحوذ دول الاتحاد على نحو 30 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرية.

الرئيسان المصري والصربي بحثا المستجدات الدولية والإقليمية في القاهرة يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

وفي لقاء ثالث، السبت، أشاد وزير الخارجية والهجرة المصري خلال محادثات مع وزير خارجية صربيا، ماركو دغوريتش، بالتطور الإيجابي الذي شهدته العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات، منذ الزيارة التاريخية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى صربيا في يوليو (تموز) 2022، وكذلك زيارة الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إلى القاهرة في يوليو 2024، الأمر الذي يجب البناء عليه للاستفادة من الزخم الراهن الذي تشهده علاقات التعاون الثنائي بين البلدين في جميع المجالات والارتقاء بها إلى آفاق أرحب.

وأكد السيسي خلال محادثات مع فوتشيتش في القاهرة، يوليو (تموز) الماضي، على الموقف المصري بـ«حتمية تحقيق وقف إطلاق نار فوري وشامل في أقرب وقت ممكن بقطاع غزة، ورفض مصر القاطع للتهجير بصوره كافة، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وضرورة وقف استهداف المدنيين وعنف المستوطنين».

وفي أبريل (نيسان) الماضي، شدد السيسي، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الصربي، على «ضرورة بذل المساعي كافة نحو تهدئة التوتر الإقليمي».

وأكد بدر عبد العاطي خلال لقاء وزير خارجية صربيا، السبت، على أهمية تعزيز علاقات التعاون الثنائي بين الجانبين في شتى القطاعات، مع التركيز على المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية، ولا سيما فيما يتعلق بالتعاون في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي.