ليبيا: معركة «توسيع النفوذ» تفاقم خلافات الدبيبة وقائد ميليشياوي

الأجهزة الأمنية تضع خطة لتأمين الانتخابات المحلية المرتقبة

الدبيبة مجتمعاً بوفد من أعيان الصيعان والحرارات بغرب ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة مجتمعاً بوفد من أعيان الصيعان والحرارات بغرب ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

ليبيا: معركة «توسيع النفوذ» تفاقم خلافات الدبيبة وقائد ميليشياوي

الدبيبة مجتمعاً بوفد من أعيان الصيعان والحرارات بغرب ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة مجتمعاً بوفد من أعيان الصيعان والحرارات بغرب ليبيا (حكومة الوحدة)

خرج خلاف مكتوم بين عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، والقائد الميليشياوي عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنّيوة» إلى العلن، إثر ما وصفته مصادر مقربة منهما برغبة الأخير في «توسيع نفوذه داخل الحكومة»، فضلاً عن رفضه «الخضوع للترتيبات الأمنية» بإخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة.

وفسّرت وسائل إعلام محلية لقاءً عقده الدبيبة مع قيادات تشكيلات مسلحة من مصراتة، منتصف الأسبوع، بتصاعد الأزمة مع «غنّيوة»، العائد من رحلة علاج بالخارج مؤخراً. وأرجعت مصادر ليبية أصل الخلاف إلى رغبة الأخير في تعيين شخصين مقرَّبيْن منه في منصبي وكيلي وزارتي الخارجية والاقتصاد بالحكومة، على غير رغبة الدبيبة.

ومع اندلاع كل خلاف في معركة «توسيع النفوذ الميليشياوي» في طرابلس، يتخوّف كثير من الليبيين من عودة التوترات الأمنية إلى العاصمة، بالنظر إلى القوة التي يمثلها «غنيوة» آمر «جهاز دعم الاستقرار»، الذي تأسّس بموجب قرار حكومي في يناير (كانون الثاني) 2021، ويعدّ من أكثر قادة الميليشيات نفوذاً في طرابلس.

وزير داخلية «الوحدة» اشتكى من رفض بعض الميليشيات اتفاقاً سابقاً بتنفيذ إخلاء مقارّها في طرابلس (أ.ف.ب)

وسبق أن اشتكى وزير الداخلية المُكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي، من رفض بعض الميليشيات -لم يسمّها- اتفاقاً سابقاً بتنفيذ إخلاء مقارّها في طرابلس، وعودتها إلى ثكناتها. وقال في مؤتمر صحافي سابق: «أملك القوة لشنّ معركة، وفتح النار وسط طرابلس؛ (وتخرب على الكل) في حال قرر أحد ذلك»، وذلك في معرض ردّه على «تواصل خروج التشكيلات للشوارع بالأرتال المسلحة، قصد فرض واقع جديد بالقوة للسيطرة على طرابلس».

ولم يُحدد الطرابلسي مَنِ الميليشيات التي رفضت تنفيذ الاتفاق، لكنّ متابعين أشاروا إلى أنه يقصد «غنيوة». ولم تؤكد حكومة الدبيبة أو تنفي وجود خلافات مع «غنيوة».

في غضون ذلك، دخلت منظمة «هيومن رايتس ووتش» على خط أزمة «الحريات الشخصية» في ليبيا، بعد تصريحات الوزير الطرابلسي بفرض تدابير «آداب» واسعة النطاق، تستهدف النساء والفتيات في غرب ليبيا.

«هيومن رايتس ووتش» انتقدت تصريحات الوزير الطرابلسي بفرض تدابير (آداب) تستهدف النساء والفتيات (أ.ف.ب)

وقالت حنان صلاح، الباحثة المختصة في الشؤون الليبية، إن القيود على اللباس والاختلاط والسفر «تُعدّ انتهاكات صارخة لحقوق النساء والفتيات الليبيات». ومع ذلك التزم رئيس الوزراء ومسؤولون حكوميون آخرون الصمت بشكل مريب إزاء هذه المقترحات.

وكان الطرابلسي قد أعلن أنه «لا مكان للحريات الشخصية في ليبيا»، وأنه سيُفعّل «شرطة آداب» لمراقبة الاختلاط بين النساء والرجال، وهدّد «بحبس» الأشخاص غير المرتبطين أو غير المتزوجين الذين يلتقون في الأماكن العامة. كما دعا أيضاً وزير التربية إلى فرض الحجاب على طالبات المدارس، ابتداءً من الصف الرابع. علماً بأنه ليس هناك أي أساس قانوني لفرض «شرطة الآداب» ارتداء غطاء الرأس على النساء والفتيات.

ورأت المنظمة أن «ربط تنقل المرأة بولي أمر ينتهك حق النساء الليبيات بالسفر، ويُشكل خطوة كبيرة إلى الوراء بالنسبة إلى ليبيا، ويضعها في مصاف الدول الأخرى في المنطقة، التي تسمح للرجال بالسيطرة على حركة النساء، وحرمانهن من حقوقهن». وقالت إنه يتعين على الحكومة والمجتمع الدولي «عدم التسامح مع أي تدابير، من شأنها انتهاك الحقوق الأساسية للنساء». داعية السلطات الالتزام بواجبها باحترام حقوق الإنسان والكرامة، وحمايتها للجميع في ليبيا.

الدبيبة على هامش لقائه في طرابلس بأعيان الصيعان والحرارات (حكومة الوحدة)

إلى ذلك، التقى الدبيبة، مساء (الأربعاء)، وفداً من أعيان الصيعان والحرارات، وخصّص اللقاء لمناقشة عدد من قضايا الشأن العام الليبي، إلى جانب متابعة الخدمات المقدمة للبلديات.

وأكد الدبيبة -في كلمته- أهمية «توحيد الجهود الوطنية من قبل الأعيان، والقيادات الاجتماعية والسياسية، والمجالس البلدية، وغيرها؛ بهدف الوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفق قوانين انتخابية عادلة ونزيهة، والاستفتاء على الدستور، الذي سيُنظم إطار العلاقة بين الليبيين».

جانب من أعيان الصيعان والحرارات في اجتماعهم مع الدبيبة بطرابلس (حكومة الوحدة)

وبدأت السلطات الأمنية في بعض المدن الليبية وضع خطة لتأمين الانتخابات البلدية، المقررة السبت المقبل، في 60 بلدية بوصفها مرحلة أولى. وقالت مديرية أمن غدامس إنها عقدت اجتماعاً مع ممثلين عن الدائرة الانتخابية بمكتب غدامس للتنسيق، ووضع خطة أمنية لتأمين الانتخابات البلدية، مشيرة إلى أن الخطة تشمل تأمين البلديات الثلاث، الواقعة ضمن اختصاصها، وهي غدامس، وآوال، وسيناون.

وعبّرت قوى سياسية كثيرة عن أملها في عقد هذه الانتخابات المرتقبة «دون عراقيل»، وعدّ «حراك 17 فبراير (تشرين الثاني) للإصلاح ومقاومة الفساد» هذا الاستحقاق «بارقة أمل نحو تغيير إيجابي وشامل، ويُسهم في توحيد البلاد تحت حكومة جديدة واحدة». ودعا أهالي مصراتة إلى «استلهام العبر من التجارب السابقة، والمشاركة الفاعلة في الانتخابات، لاختيار شخصيات وطنية صادقة، تمثل القيم الديمقراطية التي كانت أساس (ثورة 17 فبراير «شباط»)، معوّلاً على الدور المحوري، الذي تقوم به مفوضية الانتخابات في إدارة العملية الانتخابية، بما يعزز النزاهة والشفافية».

وانتهى الحراك إلى دعوة بعثة الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها، «والعمل على إنهاء الانقسام السياسي، من خلال حوار وطني شامل، يمهد الطريق نحو تشكيل حكومة موحدة، تقود البلاد إلى إجراء الانتخابات على مستوى ليبيا».


مقالات ذات صلة

تعيين مبعوثة أممية جديدة لدى ليبيا بعد شغور طويل

شمال افريقيا الغانيّة هانا سيروا تيتيه المبعوثة الأممية الجديدة لدى ليبيا (الأمم المتحدة)

تعيين مبعوثة أممية جديدة لدى ليبيا بعد شغور طويل

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، الجمعة، تعيين الغانيّة هانا سيروا تيتيه مبعوثة للمنظمة الدولية لدى ليبيا، خلفاً للسنغالي عبد الله باتيلي الذي استقال في أبريل.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا عائشة القذافي (وكالة الأنباء الليبية)

عائشة القذافي تناشد الرئيس اللبناني الإفراج عن شقيقها هانيبال

قالت عائشة معمر القذافي: «أعوِّل على الرئيس اللبناني وحكومة بلده وكل قواها الحية بالدفع باتجاه تطبيق العدالة والاستماع إلى لغة العقل، للإفراج عن أخي».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحداد في أنقرة (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)

ليبيا: سلطات «الوحدة» تحتوي توتراً أمنياً غرب طرابلس

بعد ليلة من الاستنفار الأمني المسلَّح، تمكنت السلطات في غرب ليبيا من احتواء الوضع بمحيط «قرية المغرب العربي»، المعروفة بـ«الريقاتة» بغرب طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المشري وتكالة في لقاء سابق قبل اندلاع الخلاف بينهما (المجلس الأعلى للدولة)

حكم قضائي جديد يرجّح كفة تكالة في نزاعه على «الدولة» الليبي

قضت المحكمة العليا في ليبيا برفض الطعن المقدم من خالد المشري ضد الحكم الصادر عن محكمة استئناف جنوب طرابلس، في إطار نزاعه مع تكالة على رئاسة «الأعلى للدولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة والرئيس المؤقت للمؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان (يمين الصورة) (المؤسسة الوطنية للنفط)

استقالة مسؤول ليبي تطرح تساؤلات بشأن «شبهات فساد» في تعاقدات النفط

يرى رئيس نقابة عمال النفط في ليبيا، سالم الرميح، ضرورة «إعادة النظر في كل معاملات الشركات النفطية في 2023 و2024، وإعادة هيكلتها، وترتيب إداراتها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يستعيد مقر قيادته


الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
TT

الجيش السوداني يستعيد مقر قيادته


الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

في تطور عسكري لافت، أعلن الجيش السوداني، أمس، فك الحصار الذي تفرضه «قوات الدعم السريع» على مقر قيادته العامة في وسط الخرطوم، وإكمال المرحلة الثانية من عملياته، بالتقاء قوات محور مدينة بحري مع القوات المرابطة في القيادة العامة، وذلك بعد فك الحصار أيضاً عن مقر «سلاح الإشارة» في بحري. ويعني التحام قوات الجيش ربط حلقاته في مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وأم درمان والبحري. من جانبها، نفت «قوات الدعم السريع» هذه الأنباء وعدّتها تضليلاً إعلامياً تقوم به جهات مؤيدة للجيش.

ويفصل بين مقر «سلاح الإشارة»، ومقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم، نهر النيل الأزرق، ويربطهما جسر «النيل الأزرق» الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» من جهته الشرقية.