السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

ناشدت المواطنين الإبلاغ عن «الأوكار السرية» للاتجار بالبشر

من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
TT

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار في البشر، قبيل تهريبهم عبر البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا.

وتتكرر في ليبيا عملية اعتقال مهاجرين جرى إعدادهم للهرب عبر سواحل ليبيا، من بينها صبراتة (غرب)، كما يجري الكشف عن «تحرير» العشرات من المهاجرين، الذين كانوا مخطوفين في «مخازن وزنازين سرية» تديرها عصابات للاتجار بالبشر.

عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

غير أن العمليات المتكررة لضبط واعتقال أعداد من المهاجرين غير النظاميين داخل ليبيا، أو توقيفهم وإعادتهم من البحر المتوسط، تطرح أسئلة كثيرة تتعلق بمدى حقيقة الجهود المبذولة للحد من تسرّبهم إلى أوروبا، والأسباب التي تقف وراء استمرار تدفق المهاجرين عبر الحدود الليبية المترامية.

السلطات الأمنية في غرب ليبيا خلال إنقاذ مهاجرين ضلّوا بالصحراء (وزارة الداخلية)

في سياق ذلك، قالت مديرية أمن صبراتة، الثلاثاء، إن «دوريات التحري والقبض» بمديرية الأمن تمكنت من إحباط عملية تهريب لمهاجرين سريين من جنسيات مختلفة «إثر مداهمة الوكر المُعد لتجميعهم قبل الانطلاق بهم إلى شاطئ البحر». وأوضحت المديرية أن القوات ضبطت 90 شخصاً ينتمون إلى دول أفريقية عدة؛ وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم».

وأمام كثرة عمليات التهريب، وازدياد نشاط الاتجار بالبشر، عبَّر مكتب الشؤون الأمنية بمديرية أمن صبراتة عن أمله من المواطنين كافة «التعاون التام، والوقوف مع الجهات الضبطية لمحاربة هذه الظاهرة، من خلال تقديم المعلومة عبر الهاتف، أو الحضور الشخصي إلى قسم البحث الجنائي».

وتعاني ليبيا من التأثيرات السلبية لملف الهجرة غير النظامية، وتعمل مع «المنظمة الدولية للهجرة» بشكل موسع على ترحيل آلاف المهاجرين إلى بلدانهم، وفق برنامج «الهجرة الطوعية». وقد رصدت المنظمة، في وقت سابق ترحيل 80 ألف مهاجر غير نظامي، ينتمون إلى 49 دولة أفريقية وآسيوية، من ليبيا إلى دولهم الأصلية منذ عام 2015، بدعم من البرنامج الأممي.

اعتقال مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

في شأن آخر، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن دورية أمنية تابعة للقاطع الأمني الصحراوي القريات تمكنت من إنقاذ 13 مهاجراً غير نظامي من جنسيات أفريقية مختلفة، مشيرةً إلى أنهم كانوا تائهين في منطقة (الحمادة الحمراء)، بعد أن تقطّعت بهم السبل.

ونوهت الوزارة إلى أنه تم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، ونقلهم إلى مقر القاطع الأمني بالقريات، حيث سيتم إحالتهم إلى جهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وسبق أن عثرت السلطات الليبية غير مرة على جثث لعابري الحدود تقطعت بهم السبل في الصحراء، بعد أن ضلوا طريقهم. ويمثل المهاجرون غير النظاميين العدد الأكبر في هؤلاء الضحايا، نظراً لإقدامهم على الهروب إلى ليبيا عبر الصحراء المترامية.


مقالات ذات صلة

إيطاليا تتعهد باعتماد «حلول مبتكرة» للحد من الهجرة

أوروبا مهاجرون يصلون على متن سفينة تابعة لخفر السواحل الإيطالي بعد إنقاذهم في البحر بالقرب من جزيرة لامبيدوزا الصقلية... إيطاليا 18 سبتمبر 2023 (رويترز)

إيطاليا تتعهد باعتماد «حلول مبتكرة» للحد من الهجرة

تعهدت الحكومة الإيطالية، اليوم (الاثنين)، بالمضي قدما في تنفيذ خطتها المثيرة للجدل لبناء مراكز احتجاز في ألبانيا لطالبي اللجوء.

«الشرق الأوسط» (روما)
شمال افريقيا قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (متداولة)

الجزائر تُشدد إجراءاتها لمحاربة تهريب المهاجرين إلى أوروبا

شهدت عمليات تتبع آثار شبكات تهريب البشر عبر البحر، انطلاقاً من سواحل الجزائر، إطلاق فصيل أمني جديد خلال الأسبوع الماضي، وضعته السلطات السياسية للبلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي جانب من احتفالات السوريين في ألمانيا بعد سقوط نظام الأسد 8 ديسمبر 2024 (رويترز)

دراسة: إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم ستوقع آثارًا سلبية على الاقتصاد الألماني

أظهر تحليلٌ، نُشر اليوم الأربعاء، أن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم يمكن أن يكون لها آثار سلبية على الاقتصاد الألماني

«الشرق الأوسط» (كولونيا)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
العالم العربي لاجئون سوريون ومن جنسيات أفريقية أخرى يقيمون في مصر (مفوضية اللاجئين بالقاهرة)

اشتراطات مصرية جديدة لدخول السوريين

فرضت السلطات المصرية «اشتراطات جديدة» على دخول السوريين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب تأشيرة الدخول.

أحمد إمبابي (القاهرة)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
TT

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)
أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

دأب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، على التلميح إلى غياب «الرقابة والشفافية» عن مشروعات إعادة الإعمار بشرق البلاد، التي يديرها «صندوق» يشرف عليه بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».

وقال الدبيبة أكثر من مرة، إن أجهزة «تبني مشروعات في بعض مدن ليبيا دون أن تمر على الأجهزة الرقابية»، وهو ما عدّه محللون إشارة ضمنية إلى مشروعات إعمار شرق ليبيا. وسبق ذلك تصريح آخر للدبيبة ضمن فعاليات أقيمت في 9 ديسمبر (كانون الأول)، قدر فيه حجم الإنفاق في هذه المشروعات بأكثر من 40 مليار دينار خلال العام الحالي (الدولار يساوي 4.91 دينار).

وفي حين تجنب الدبيبة توجيه اتهامات مباشرة للصندوق والقائمين عليه، آثر الحديث عما «خصص لإحدى الجهات، غير الخاضعة للرقابة، في دفعة واحدة، ما يتجاوز ميزانية التنمية في ليبيا لأكثر من 4 سنوات». ويأتي حديث الدبيبة في أجواء تتصاعد فيها الاتهامات بـ«الفساد» بين جبهتي شرق ليبيا وغربها.

في هذا السياق، عدّ أستاذ القانون بجامعة طرابلس، فرج حمودة، عدم إخضاع «جهاز الإعمار» في شرق ليبيا لأجهزة الرقابة، «تصرفاً خارج نطاق القانون؛ حتى إن صدر عن جهة تشريعية»، متسائلاً عن سبب عدم اللجوء إلى القضاء الدستوري.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.

ويترأس بلقاسم حفتر «صندوق إعمار ليبيا» منذ بداية عام 2024، بتكليف من مجلس النواب الذي مُنح امتيازات واسعة، وفق قانون سنّه البرلمان يستثني كل الإجراءات، والتعاقدات من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة؛ وهما أرفع جهازين رقابيين سياديين في ليبيا.

بلقاسم حفتر يتفقد مشروعات يشرف عليها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

ويتمسك فرج حمودة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن الأجهزة الرقابية تفرض رقابة سابقة ولاحقة على هذه المشروعات، حفاظاً على المال العام، محذراً مما يعتقد أنه «باب مفتوح على مصراعيه لمزيد من التجاوزات المالية، خصوصاً مع الإنفاق عالي التكلفة».

ولا توجد أرقام مفصلة لميزانية إعادة إعمار المنطقة الشرقية، التي ينفذها «الصندوق» بتعاون مع شركات عربية وأجنبية، لكن التكلفة الاستثمارية بلغت نحو 950 مليون دولار خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، وفق آخر أرقام مصرف ليبيا المركزي.

وفي مقابل ما ذهب إليه حمودة، يعتقد المحلل الاقتصادي الليبي، علي الصلح، أن إنشاء صندوق إعمار ليبيا «جاء متماشياً مع متطلبات المرحلة واحتياجات المواطنين، وفي ظل منافسة باتت واضحة، في مقارنة ما يبدو مع مشروعات تنفذها حكومة الدبيبة في العاصمة».

ورغم أن الصلح يقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «إصدار قانون خاص للصندوق واستثناءه من الرقابة أصبحا محل جدل»، إلا أنه «تخلص من قيود ومراجعات قد تكون دون جدوى، وسرّع وتيرة جهود البناء والإعمار، بما لقي ارتياح المواطنين»، وفق اعتقاده.

وذهب الصلح إلى القول إن أهمية «تحديد حجم نفقات المال العام وغرضها يأتيان أولوية قبل الرقابة، دون مساءلة ومحاسبة حقيقيتين»، متسائلاً في المقابل عما رآها «نفقات عامة لحكومة (الوحدة) لا تخضع لمعايير واضحة».

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

ومؤخراً، ذكرت وكالة التحقيق الأميركية «سنتري» أن تكلفة إعادة الإعمار أثقلت كاهل الميزانية العامة، مما تسبب في أزمة لمصرف ليبيا المركزي.

لكن، وعلى نحو أبعد من الحديث عن الأرقام والشفافية، تبدو «المناكفة» تفسيراً مرجحاً لتلميحات الدبيبة، وفق عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، الذي أشار إلى «غياب تام للرقابة والشفافية في ليبيا».

ويبدو أن الهدف من هذه التلميحات، حسب تصريح قزيط لـ«الشرق الأوسط»، هو «حشد خصوم حفتر في غرب البلاد»، متوقعاً «تبخر هذه الاتهامات حال إتمام صفقة توحيد». كما تحدث عما قال إنه «تواصل لم ينقطع بين رئيس حكومة (الوحدة) وقائد الجيش الوطني وصفقات أنجزت بينهما».

ومن بين عدة مدن بشرق ليبيا، كانت مدينة درنة هي الأكثر في تكبد فاتورة الخسائر البشرية والمادية جراء فيضانات سبتمبر 2023، إذ اختفت أحياء بكاملها، ودمرت مدارس وأسواق وبنيات تحتية عامة؛ إلى جانب آلاف الوفيات، ونزوح آلاف آخرين من منازلهم.

لكن درنة شهدت مؤخراً افتتاح عدد من المشروعات، التي يشرف عليها «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، من بينها «جسر وادي الناقة»، ومقرّ مديرية أمن درنة، بالإضافة إلى مسجد الصحابة.