مصريون يتخوفون من «تعويم» جديد للجنيه وتصاعد الغلاء

عقب حديث رئيس الوزراء عن «سعر صرف مرن»

مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصريون يتخوفون من «تعويم» جديد للجنيه وتصاعد الغلاء

مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)

أثارت تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حول «تطبيق سعر صرف مرن للجنيه» مخاوف مصريين من اتجاه الحكومة إلى «تعويم» جديد، مما قد يفاقم أزمة الغلاء في البلاد.

تزامن ذلك مع إجراءات «المراجعة الرابعة» لبرنامج صندوق النقد الدولي مع الحكومة، إلى جانب ارتفاع في قيمة الدولار الأميركي مقابل الجنيه. ورغم استبعاد خبراء «اتخاذ الحكومة قراراً جديداً بتعويم الجنيه»، فإنهم رجَّحوا «حدوث تقلبات محدودة في سعر الصرف وليست قفزات كبيرة خلال الفترة المقبلة».

وسجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً طفيفاً خلال الأيام الماضية في البلاد، وبلغت قيمته لدى البنك المركزي المصري، الخميس، نحو 49.24 جنيه للشراء، مقابل 49.34 جنيه للبيع، بعد أن كان مستقراً في الأسابيع الماضية عند حدود (46 جنيهاً).

وقال مدبولي، مساء الأربعاء، إن «حكومته لن تطبّق تعويماً بمعنى كلمة تعويم»، وأوضح أن «الدولار سيزيد ويهبط وفق مقتضيات السوق»، لافتاً إلى أن «صندوق النقد الدولي أكد أن بلاده نجحت في تطبيق سعر صرف مرن».

حديث رئيس مجلس الوزراء المصري، جاء عقب زيارة مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، القاهرة؛ لإجراء المراجعة الرابعة، التي تتعلق بالقرض المقدم من «الصندوق» لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، التي تتيح لمصر الحصول على شريحة جديدة قيمتها 1.2 مليار دولار.

وسمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار.

صورة لإحدى الصرافات في القاهرة (أ.ف.ب)

ووفق تقدير أستاذة الاقتصاد في جامعة عين شمس المصرية، يمنى الحماقي، فإنه «لا يوجد مبرر لتعويم الجنيه من جديد»، مشيرةً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المؤشرات الاقتصادية تعكس استقراراً في سعر صرف الجنيه، مع وجود بعض التغيرات المحدودة صعوداً وهبوطاً». وأرجعت ذلك إلى «وجود احتياطي (مطمْئن) من العملة الأجنبية في البنوك، جراء ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، مما يسمح بفتح اعتمادات بنكية للمستوردين».

وسجلت تحويلات المصريين في الخارج، ارتفاعاً لمدة خمسة أشهر متتالية، حيث بلغت في يوليو (تموز) الماضي «نحو 3 مليارات دولار»، وفق البنك المركزي المصري.

ورغم عدم وجود دوافع اقتصادية لـ«التعويم»، حسب مراقبين، فإن د. يمنى الحماقي حذَّرت ممن سمّتهم «أصحاب المصالح» في إثارة البلبلة حول سعر الصرف لتحقيق مكاسب، واستغلال الوضع الاقتصادي للمضاربة في سعر الصرف، وشددت على ضرورة «اتخاذ إجراءات رادعة مع مروجي الشائعات بشأن سعر الصرف؛ لمواجهة أي مخاوف للمصريين من غلاء جديد».

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

كما طالبت بحزمة إجراءات حكومية لتحسين الوضع الاقتصادي، تتضمن «هيكلة استراتيجية التصدير، وتشجيع صادرات الصناعات الصغيرة، ودعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والصناعات المتعثرة».

وتحدث رئيس مجلس الوزراء المصري، أخيراً، عن حجم الشائعات والأخبار المغلوطة التي تواجه حكومته، داعياً إلى ضرورة استقاء الأخبار من الدولة، مؤكداً أن كل تلك الشائعات تهدف إلى خلق حالة من الإحباط والمناخ السلبي. ووجّه جميع المسؤولين بالرد على ما يتردد على منصات التواصل الاجتماعي، وشرح الأمور للمواطنين، مؤكداً أن هذا الأمر يدخل في صميم دور الحكومة.

ولاقى ارتفاع «طفيف» في سعر الدولار أمام الجنيه خلال الأيام الماضية، تفاعلاً متصاعداً على منصات التواصل الاجتماعي، الخميس، خصوصاً مع حديث مدبولي بشأن «سعر الصرف المرن». وبينما تساءل مغردون عن أسباب «ارتفاع سعر الدولار» أخيراً، أبدى آخرون مخاوف من موجة غلاء جديدة في البلاد. وأشاروا إلى أنه «بعد كل تعويم ترتفع أسعار السلع وكذا الخدمات، لذا على الحكومة الابتعاد عن فكرة التعويم، وتشديد الرقابة على الأسواق».

في المقابل، قللت حسابات أخرى من صحة ما يجري تداوله بخصوص سعر الدولار، مؤكدةً أن «ارتفاع الدولار كان طفيفاً بعد أن كان مستقراً لفترة طويلة».

وأرجع مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، عبد المنعم السيد، ارتفاع سعر الدولار إلى «زيادة الطلب عليه في البنوك المصرية بسبب كثرة اعتمادات المستوردين في نهاية العام»، مشيراً إلى أن «هذه الزيادة طبيعية مع نهاية كل عام».

السيد يرى أن «الحكومة المصرية تمتلك حصيلة دولارية كافية بسبب عوائد الاستثمارات غير المباشرة، والاستثمارات الأخرى مثل (صفقة رأس الحكمة)، والزيادة في حجم الصادرات المصرية هذا العام»، ولفت إلى أن ذلك «عوض التراجع في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر»، مشيراً إلى «إشادات مؤسسات التصنيف الدولية بسياسات الحكومة المصرية المصرفية، ومنها التصنيف الإيجابي الأخير من مؤسسة (فيتش)».

وقامت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، برفع تصنيف مصر مستوى واحد من «B-» إلى «B»مع نظرة مستقبلية مستقرة.

السيد يرى أيضاً أنه «يجب على الحكومة أن تقوم بطمأنة المصريين باستمرار، خصوصاً بعد ما تردد على (السوشيال ميديا) خلال الساعات الماضية حول تعويم قادم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار».

مدبولي من جانبه، استبعد مساء الأربعاء، «وجود أي تأثيرات جديدة على المصريين»، مشيراً إلى أن «حكومته لن تتخذ أي قرارات تضيف أعباء مالية على المواطنين خلال الفترة المقبلة».


مقالات ذات صلة

«سرسوب الإنترنت»... كيف حول مصريون أعطال الشبكة إلى إبداعات كوميدية

شمال افريقيا عمليات إطفاء نيران حريق «سنترال رمسيس» بوسط القاهرة (أ.ب - أرشيفية)

«سرسوب الإنترنت»... كيف حول مصريون أعطال الشبكة إلى إبداعات كوميدية

حريق «سنترال رمسيس» تسبب في انقطاع كبير لخدمات الهاتف والإنترنت بحسب ما أعلنت السلطات المصرية، وشهدت بعض المحافظات اضطراباً في خدمات الإنترنت.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

مصر تُشكك في اكتمال «سد النهضة»... وإثيوبيا تعتزم تدشينه رسمياً

شككت مصر في الرواية الإثيوبية الخاصة باكتمال مشروع «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه أديس أبابا لتدشين «السد» رسمياً في سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جلسة سابقة لمجلس الشيوخ المصري (المجلس)

أحزاب مصرية تشتكي من «صعوبات» في الدعاية الانتخابية لـ«الشيوخ»

شكت أحزاب مصرية تتنافس في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) من صعوبات مرتبطة بـ«الدعاية الانتخابية».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق كريم محمود عبد العزيز في شخصية «الأمير شمس الدين» بالمسلسل (الشركة المنتجة)

نهاية «مملكة الحرير» تفتح الباب لاستعادة وهج الدراما الخيالية بمصر

دارت أحداث مسلسل «مملكة الحرير» في إطار من الخيال والفانتازيا، وفي زمان ومكان غير محدَّدَيْن، مُنطلقة من حادث اغتيال الملك «نور الدين الثاني» وزوجته.

انتصار دردير (القاهرة)
شمال افريقيا السلطات المصرية أكدت أن الحريق الذي تجدد في «سنترال رمسيس» كان محدوداً وقوات الإطفاء ترابط بجوار المبنى (أ.ب)

هل تتحسب السلطات المصرية لاحتمال اشتعال «سنترال رمسيس» مرة ثالثة؟

أثار تجدد اشتعال النيران في مبنى «سنترال رمسيس» بوسط القاهرة، مساء الخميس، بعد أقل من أربعة أيام على إخماد حريق ضخم به، حالة من الصدمة والجدل.

هشام المياني (القاهرة )

مخاوف من صدام «وشيك» بين قوات الدبيبة و«الردع»

المنفي مجتمعا مع لجنتي «الهدنة» و«الترتيبات الأمنية والعسكرية» في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي مجتمعا مع لجنتي «الهدنة» و«الترتيبات الأمنية والعسكرية» في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

مخاوف من صدام «وشيك» بين قوات الدبيبة و«الردع»

المنفي مجتمعا مع لجنتي «الهدنة» و«الترتيبات الأمنية والعسكرية» في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي مجتمعا مع لجنتي «الهدنة» و«الترتيبات الأمنية والعسكرية» في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

تصاعدت المخاوف الغربية والمحلية في ليبيا من صدام مسلح «وشيك» بين قوات تابعة لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وجهاز «قوة الردع الخاصة» في طرابلس.وأعربت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء به، عن قلقها من «التحشيدات العسكرية» في العاصمة والمناطق المحيطة بها، وقالت إنها تنضمّ إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا، في حثّ «الأطراف كافة على التهدئة العاجلة، وحل النزاعات سلمياً، والالتزام بوقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية المتفق عليها».وانتهت البعثة الأوروبية إلى أن الاتحاد «على أهبة الاستعداد لدعم الجهود الرامية إلى تهدئة التوترات... ونحث الأطراف جميعها على الانخراط في حوار بناء بدعم من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا». كما دعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إلى تحذير «من يرتكب اعتداءات ضد المدنيين بأنه سيكون عرضةً للمحاسبة».