رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان (رويترز)
أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مراسيم رئاسية مفاجئة، أقال بموجبها 4 وزراء وعيّن بدلاء لهم، أشهرهم وزيرا الخارجية والإعلام، وذلك قبل ساعات من مغادرته إلى العاصمة المصرية القاهرة، تلبية لدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمشاركة في أعمال «المنتدى الحضري العالمي» الذي تنظمه الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وينتظر أن يشارك فيه عدد من رؤساء الدول والحكومات. ويرافق البرهان وكيل وزارة الخارجية حسين الأمين، ومدير المخابرات أحمد إبراهيم مفضل.
والوزراء المقالون، هم وزير الخارجية حسين عوض علي محمد، وعُين بدلاً منه الدبلوماسي المتقاعد علي يوسف أحمد الشريف، ووزير الثقافة والإعلام جراهام عبد القادر، وعُين محله الصحافي خالد الأعيسر، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف أسامة حسن محمد أحمد، وعُين محله عمر بخيت محمد آدم، وعيّن البرهان أيضاً عمر أحمد محمد علي بانفير، وزيراً للتجارة والتموين.
وتأتي هذه التغييرات الوزارية وسط جدل ومطالبات من مناصري الجيش والإسلاميين، بتعيين «حكومة حرب»، بما في ذلك تسمية رئيس وزراء مدني لإدارة الدولة. ومنذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي تزعمه قائد الجيش الفريق البرهان ضد الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، لم يشكّل حكومة ولم يعين رئيساً للوزراء، واكتفى بتسمية موظفين عموميين في الوزارات المعنية بوصفهم وزراء مكلفين بإدارة وزارتهم إلى حين تشكيل حكومة.
وبعد انقلاب أكتوبر، لم يعفِ البرهان وزراء الحركات المسلحة الموقعين على «اتفاقية جوبا للسلام»، وأبرزهم وزير المالية جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، ونائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار.
وبعد اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023، أقال البرهان اثنين من أعضاء مجلس السيادة، بعد أن قررا الوقوف على الحياد في الحرب الدائرة، وهما الطاهر حجر والهادي إدريس، في حين أبقى على مالك عقار الذي تم ترفيعه إلى نائب لرئيس المجلس في محل قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي».
ويتكوّن مجلس السيادة الانتقالي، وفقاً للوثيقة الدستورية الموقعة في 2019 بين الجيش وتحالف «الحرية والتغيير» المدني، من 14 عضواً، بينهم 5 مدنيين يختارهم تحالف «الحرية والتغيير»، و5 عسكريين برئاسة قائد الجيش البرهان، بالإضافة إلى عضو مدني يتم التوافق عليه بين المدنيين والعسكريين. وبعد توقيع «اتفاقية جوبا للسلام»، تمت إضافة ثلاثة أعضاء للمجلس من قادة الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاق، وهي كانت حركات مسلحة نشأت في عهد الرئيس المعزول عمر البشير لمقاومة نظامه الذي يستند إلى الإسلاميين.
وأقال البرهان، بعد الانقلاب مباشرة، الأعضاء المدنيين في مجلس السيادة، الممثلين لتحالف «الحرية والتغيير» الذي قاد الثورة الشعبية التي أسقطت نظام البشير. وظل المجلس مكوناً من الأعضاء العسكريين والأعضاء الممثلين للحركات المسلحة، قبل أن يعيّن البرهان عضوين في المجلس ممثلين لحركات مسلحة بدلاً من الأعضاء المقالين، لتصبح عضوية المجلس من 5 عسكريين و3 ممثلين للحركات.
قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، الثلاثاء، إن هناك حاجة إلى مزيد من المساعدات في البلاد فضلاً عن تسريع وصولها من خلال تنفيذ ممرات إنسانية.
مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5084142-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D9%84%D9%80%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9
مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.
ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.
«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين
بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».
وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».
في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».
الأمم المتحدة قلقة
ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).
ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».
وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».
80 % من المرافق الصحية مغلقة
وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.
من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.
مشروع توطين ألماني
من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.
ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.