أفرقاء ليبيا يرحبون ببيان «مجلس الأمن» للحوار... ويتمسكون برؤيتهم للحل

المنفي يعدّ «الاستفتاء الشعبي» السبيل لإنهاء الجمود السياسي

الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية بالإنابة في لقاء سابق (مكتب الدبيبة)
الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية بالإنابة في لقاء سابق (مكتب الدبيبة)
TT

أفرقاء ليبيا يرحبون ببيان «مجلس الأمن» للحوار... ويتمسكون برؤيتهم للحل

الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية بالإنابة في لقاء سابق (مكتب الدبيبة)
الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية بالإنابة في لقاء سابق (مكتب الدبيبة)

رحبت الأطراف الليبية ببيان مجلس الأمن الدولي الصادر بشأن العملية السياسية المتعثرة في البلاد منذ قرابة 3 سنوات، لكن ظل كل منها متمسكاً برؤيته لحل الأزمة.

وقرر مجلس الأمن، مساء الخميس، بالإجماع تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ثلاثة أشهر، حتى 31 يناير (كانون الثاني) المقبل، داعياً أفرقاء الأزمة إلى «حل القضايا السياسية الخلافية المتعلقة بالانتخابات بالحوار، وتقديم التنازلات اللازمة للتقدم في المفاوضات بشأن إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة، في أقرب وقت ممكن بجميع الأنحاء».

لقاء سابق يجمع المنفي وخوري في مقر المجلس الرئاسي (المجلس الرئاسي)

وقال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إن بيان مجلس الأمن «مثّل بوضوحه ولغته خريطة طريق مهمة لمرحلة فاصلة في تاريخ ليبيا، حسمت المرجعيات والأولويات»، مضيفاً: «سنعمل على تنفيذه».

وعلى الرغم من ذلك عاد المنفي ليتحدث عن رغبته في إجراء «استفتاء شعبي» على القضايا السياسية الخلافية، وهي النظرة التي يوافقه عليها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. كما استغل المنفي بيان مجلس الأمن للتأكيد على رؤيته، المتعلقة ببعض مؤسسات الدولة، وقال إن «استقلالية وشفافية وحصرية المؤسسة الوطنية للنفط في إدارة المورد الاقتصادي الوحيد للشعب الليبي، تحت رقابة (اللجنة المالية العليا المشتركة)، تمثل خطوة مهمة لمعالجة تضخم الإنفاق العام ودعم الاقتصاد».

ويعتقد سياسيون ليبيون أنه في حال أقدمت سلطات طرابلس من جهتها على تنظيم «الاستفتاء الشعبي»، الذي ترفضه جبهة شرق ليبيا، فإن ذلك سيذهب بالبلاد إلى استفتاء مقابل على «ثروات البلاد وتقسيمها».

صالح مستقبلاً خوري في لقاء سابق (مكتب صالح الإعلامي)

في السياق ذاته، رحب رئيس مجلس النواب بتصويت مجلس الأمن على مشروع قرار تجديد مهمة البعثة الأممية في ليبيا لثلاثة أشهر، حتى 31 يناير 2025، وعدّ هذه الخطوة رسالة تأكيد فحواها «التزام مجلس الأمن بالوقوف إلى جانب الشعب الليبي».

وأكد صالح، في تصريح صحافي، «ضرورة دعم مجلس الأمن للعملية السياسية في ليبيا للذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، تحقيقاً لرغبة الشعب في تقرير مصيره، واختيار ممثليه بإرادتهم الحرة دون قيود».

كما رحب صالح بما سماه «مباركة» مجلس الأمن لمخرجات اللجنة المشتركة (6+6)، المعنية بقوانين الانتخابات العامة. علماً بأن ليبيا فشلت في إجراء الانتخابات العامة التي كانت مقررة نهاية 2021.

وتتكون اللجنة المشتركة من مجلسي النواب و«الدولة»، وسبق أن انتهت من إعداد قوانين الاستحقاق، لكنها لم تلق التوافق المطلوب من أطراف الصراع.

خالد المشري رحب بالتمديد للبعثة الأممية (المجلس)

ووسط انقسام بشأن رئاسة المجلس الأعلى للدولة، رحب رئيسه الحالي، خالد المشري، بالتمديد للبعثة الأممية، لكن دعا مجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة للمساهمة «بشكل جاد» في الدفع بالعملية السياسية المتعثرة في ليبيا.

ورأى المشري أن ذلك لن يتم إلا «بإنهاء المراحل الانتقالية، من خلال الذهاب لانتخابات حرة ونزيهة، تحت إشراف (حكومة موحدة)، ووضع حد لكل ما من شأنه عرقلة مسار الانتخابات في ليبيا»، مشيراً إلى أن مجلسي النواب و«الدولة» قطعا «شوطاً طويلاً» عبر إقرار القوانين الانتخابية وخريطة الطريق المنفذة لها، والصادرة بالتوافق من قبل لجنة (6+6)، الممثلة للمجلسين في يونيو (حزيران) 2023.

في المقابل، تحفظ «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية» على تمديد مجلس الأمن للبعثة الأممية، وقال إن هذا القرار «يعكس عدم وجود رؤية واضحة لدى الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية».

ورأى «الاتحاد» أن هذا التمديد «يؤكد استمرار حالة الترقب وعدم اليقين، ويؤثر سلباً على جهود تحقيق المصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات»، مبرزاً أن ليبيا «شهدت على مدى 13 عاماً تدخلاً دولياً واسعاً، دون أن ترقى النتائج على أرض الواقع إلى مستوى تطلعات الشعب الليبي». وانتهى إلى أن إدارة الأمم المتحدة للملف الليبي «لم تكن على المستوى المأمول؛ حيث ساد التسويف والمماطلة، وتعددت المبادرات، دون تحقيق أي تقدم ملموس على طريق الاستقرار الدائم».

كما دعا «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية» روسيا، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، إلى «عدم الاكتفاء بالاعتراض على القرارات الأممية، بل إلى تقديم مقترحات عملية وبناءة، تساهم في حل الأزمة الليبية... ويجب عليها أن تتجاوز دورها النقدي، وتتحمل مسؤوليتها الدولية في دعم الاستقرار والسلام في ليبيا».

وكان مجلس الأمن قد دعا الأطراف الليبية إلى ضرورة إجراء الانتخابات «على أساس قوانين قابلة للتطبيق، بهدف تشكيل حكومة ليبية موحدة، قادرة على الحكم في جميع أنحاء البلاد»، كما دعاهم، وفق القرار رقم «2755» لسنة 2024، إلى «اتخاذ خطوات لإعادة توحيد المؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية الليبية، وحماية استقلال القضاء».

وكان الدبيبة قد التقى بالعاصمة طرابلس، مساء الخميس، ‏القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني خوري، والمنسق المقيم للأمم المتحدة ‏ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا، إينيس شوما.‏ وجرى مناقشة سبل دعم جهود البعثة الأممية في ليبيا، ‏وتعزيز التعاون في مجال الانتخابات البلدية. وأكد الدبيبة أهمية هذه الانتخابات بوصفها خطوة نحو تحقيق الانتخابات الوطنية ‏المنتظرة.


مقالات ذات صلة

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

«الجنائية الدولية»: 11 ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: 11 ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

الرئيس السوداني السابق عمر البشير مغادراً مكتب المدعي العام لمكافحة الفساد في الخرطوم 16 يونيو (أرشيفية - رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.