اتهامات للجيش السوداني بقتل مئات المدنيين في جنوب سنار

عدّهم «متعاونين» وحواضن اجتماعية لـ«قوات الدعم السريع»

جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

اتهامات للجيش السوداني بقتل مئات المدنيين في جنوب سنار

جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت شخصية قبلية سودانية، الخميس، إن الجيش السوداني ارتكب مجازر بشعة جنوب ولاية سنار، وقتل مئات المدنيين وسجن العشرات، تحت ذريعة التعاون مع «قوات الدعم السريع» وأنهم حواضن قبلية في بلدتي الدندر والسوكي، وذلك وسط تكتم شديد وقطع شامل للاتصالات في المنطقة.

وقال ناظر «قبيلة رفاعة»، مالك الحسن أبوروف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش السوداني قتل أكثر من 460، واعتقل نحو 150 آخرين. و(قوات العمل الخاص) و(كتائب الإسلاميين) ارتكبوا مجزرة في حق المجموعات السكانية التي تعدّ حواضن لـ(قوات الدعم السريع)».

أفراد من الجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)

واسترد الجيش السوداني في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بلدَتي الدندر والسوكي بولاية سنار من «قوات الدعم السريع» التي كانت قد سيطرت عليهما في يوليو (تموز) الماضي ثم انسحبت أخيراً من البلدتين «تكتيكياً»، على ما أعلنت.

وأوضح الناظر أبوروف أنه حصل على معلومات من ذوي ضحايا في مدينة سنجة (حاضرة ولاية سنار) التي لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، مفادها بأن «وحدات الجيش والميليشيات الموالية له من (كتائب الإسلاميين) و(القوات المشتركة)، استهدفت المجموعات ذات الجذور الدارفورية، وقتلت العشرات منهم، وعذبت كل من تعايش مع (قوات الدعم)؛ بمن فيهم النساء، ولم تستثن حتى بائعات الشاي اللاتي تعرضن لتعذيب؛ ما أدى لمقتل اثنتين منهن على الأقل».

وأضاف: «استهدفت تلك القوات القبائل ذات الجذور الدارفورية، وقتلت أكثر من 460 في بلدة الدندر وضواحيها... وما حدث في الدندر يعدّ إبادة جماعية».

وناشد الزعيم العشائري المجتمع الدولي «وضع حد للانتهاكات، والضغط من أجل وقف إطلاق النار»، وقال: «من يدفع ثمن هذه الحرب هو المواطن المسكين، لذا على المجتمع الدولي اتخاذ قرارات حاسمة لوقف إطلاق النار، والتفاوض من أجل إنهاء الحرب».

عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

وتداولت الوسائط الإعلامية بكثافة مقاطع فيديو لجثثت عدد من القتلى ملقاة على الأرض، بينما يظهر جنود بأزياء الجيش وهم يهللون ويكبرون ويستعرضون ملابس لـ«قوات الدعم السريع» وهم يهتفون: «دعامة... دعامة»، ومقاطع أخرى لأشخاص يُضربون بالعصي والسياط.

وقالت مجموعة مدنية باسم «تجمع شباب قبيلة الهوسا»، في بيان، إن «الأحداث المؤسفة التي رافقت دخول الجيش مدينة الدندر وبلدات شرق سنار، وخروج (قوات الدعم السريع)، أسفرت عن قتل أكثر 350 شخصاً، معظمهم من أبناء قبيلة الهوسا» وفقاً لإحصائية أولية.

وحمّل بيان قبيلة «الهوسا» الجيش السوداني «المسؤولية الكاملة عن المجازر»، وأدان «تواطؤ (كتائب البراء بن مالك)»، التي تعمل تحت عباءة الجيش، و«كتائب العمل الخاص»، وتابع: «نعبر عن دهشتنا واستنكارنا تجاه هذه التصرفات الطائشة التي تحمل المواطنين الأبرياء تبعات سقوط الدندر في أيدي ميليشيا (الدعم السريع)».

ووجه التجمع الشبابي نداء عاجلاً إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية، والأمم المتحدة، لتكوين «لجنة تحقيق عاجلة من أجل التحقيق في جرائم بلدتَي الدندر والسوكي وقُرى شرق سنار، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى محاكم عادلة تضمن إنصاف الضحايا».

وذكر بيان آخر صادر عن «تنسيقية أبناء الدندر بالخارج» أن «(قوات العمل الخاص)، التابعة للجيش، ارتكبت مجازر بشعة في بلدة الدندر، وقتلت 462 شخصاً، وفق إحصائية أولية؛ بينهم نساء وأطفال».

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وأوضح البيان أن «ما يحدث يُعدّ جريمة ضد الإنسانية، ولا يمكن تجاهل تبعاتها على السلم الاجتماعي»، واستطرد: «ما يُعرف (من يعرفون) بـ(العمل الخاص) يحاولون دفن الحقيقة مع أجساد الضحايا من أهلنا، لكنّ الدماء الطاهرة التي سفكوها في الدندر ستظل شاهدة على جرائمهم وإرهابهم».

وتعهد البيان بعدم السماح بطمس معالم ما سماها «المأساة»، وتوعد بالعمل مع الفاعلين الحقوقيين «من أجل القصاص للشهداء، وحماية من تبقى من الأهل»، وحذر مما سماه «التصعيد الوحشي»، ووصفه بأنه «استراتيجية مدروسة لتفكيك النسيج الاجتماعي في الدندر وإحداث فوضى تسهل تنفيذ تلك الأجندات القمعية».

وقال البيان: «التشكيلات العسكرية التابعة للجيش التي دخلت الدندر نفذت حملات انتقامية ضد المواطنين، تحت دعاوى التعاون مع (الدعم السريع)»، وتابع: «هذه الادعاءات لا تبرر بأي حال من الأحوال الجرائم المرتكبة بحق الأبرياء، بل تكشف عن النيات المبيتة لفرض السيطرة عبر الإرهاب».


مقالات ذات صلة

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي في جباليا بشمال غزة (رويترز)

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

حذرت وكالات الأغذية، التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم مستويات الجوع، خلال الأشهر السبعة المقبلة، في أجزاء كثيرة من العالم، وأكثرها إثارة للقلق غزة والسودان.

«الشرق الأوسط» (روما)
شمال افريقيا موالون للجيش في العاصمة المؤقتة بورتسودان (أ.ف.ب)

12 ميليشيا مسلحة حليفة للجيش متهمة بتهديد استقرار شرق السودان

«بدأ تمرد دارفور بحركتين، وتشظيتا إلى 99 حركة مسلحة، فكيف سيكون الحال في شرق السودان الذي بدأ بأكثر من 8 حركات مسلحة».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا آثار المعارك في أحد شوارع مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

العطا: الأمة السودانية متماسكة في حربها ضد «الدعم السريع»

نزح نحو 119 ألف شخص من أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة خلال الأيام العشرة الماضية، بعد موجة من العنف المسلح.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا نازحون من مناطق شرق ولاية الجزيرة بالسودان يصلون إلى مدينة القضارف أول من أمس (أ.ف.ب)

مقتل 10 أشخاص بهجوم لـ«الدعم السريع» استهدف غرب كردفان في السودان

 أفادت شبكة أطباء السودان بمقتل 10 أشخاص وإصابة آخرين جراء هجوم لـ«قوات الدعم السريع» على منطقة دونكي الحر بولاية غرب كردفان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية - أ.ف.ب)

«رحلة الهروب من الموت»... من حرب في ولاية الجزيرة

روى شهود هربوا من المعارك الدائرة في شرق ولاية الجزيرة لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل «مرعبة ومأساوية» لما شاهدوه من جرائم يندى لها الجبين وانتهاكات لحقوق الإنسان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

استياء في مصر من مزاعم إسرائيلية بتهريب أسلحة عبر الحدود

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للمسيّرة التي قال إنه أسقطها (الجيش الإسرائيلي)
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للمسيّرة التي قال إنه أسقطها (الجيش الإسرائيلي)
TT

استياء في مصر من مزاعم إسرائيلية بتهريب أسلحة عبر الحدود

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للمسيّرة التي قال إنه أسقطها (الجيش الإسرائيلي)
صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للمسيّرة التي قال إنه أسقطها (الجيش الإسرائيلي)

أثار تكرار مزاعم إسرائيلية بشأن تهريب أسلحة إلى الأراضي الفلسطينية عبر الحدود المصرية استياء في القاهرة. وعدّه خبراء ودبلوماسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «تضليل متعمد» يستهدف «تشويه الدور المصري» في الوساطة من أجل إنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكثر من عام.

وزعم الجيش الإسرائيلي، في بيان على منصة «إكس»، الخميس، أنه «أسقط طائرة مسيّرة تهرب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، مشيراً إلى أن «المسيّرة كانت تهرّب بنادق ومسدسات».

وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته «أسقطت الليلة الماضية، طائرة مسيّرة عبرت من الأراضي المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة لواء باران»، مشيراً إلى أنه «تم تسليم الأسلحة التي عثر عليها إلى قوات الأمن».

وبينما نفى الخبير العسكري المصري سمير فرج، صحة المزاعم الإسرائيلية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا كلام عارٍ تماماً عن الصحة، والحدود المصرية مغلقة ولا تسمح بتهريب السلاح براً أو جواً أو بحراً».

وشدد فرج على أن «مصر تدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي بالطرق الدبلوماسية لوقف الحرب، أو بالمساعدات الإغاثية لسكان قطاع غزة، لكن دعمها لن يكون أبداً بمد طرف بالسلاح».

وانخرطت مصر مع قطر والولايات المتحدة في جهود وساطة لتحقيق «تهدئة» في غزة، لم تسفر عن اتفاق رغم الجولات المتعددة منذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. وكانت «الهدنة» الوحيدة التي شهدتها غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بوساطة مصرية - قطرية.

والأسبوع الماضي قدّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مقترحاً جديداً لوقف إطلاق النار في غزة ليومين، مقابل الإفراج عن 4 رهائن إسرائيليين، وبعض الأسرى الفلسطينيين، من أجل تهيئة المجال لوقف كامل للحرب الدامية المستمرة بين إسرائيل وحركة «حماس».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي للمسيّرة والأسلحة التي بداخلها (الجيش الإسرائيلي)

وعبّر عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، عن استيائه من هذه الاتهامات، مؤكداً أن هذه المزاعم «بمثابة استمرار للأكاذيب التي تستهدف توريط مصر»، متسائلاً: «كيف لطائرة محملة بالأسلحة أن تنطلق من مصر إلى إسرائيل؟ وما مصلحة القاهرة في ذلك؟».

وقال بكري لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه أكذوبة جديدة تستهدف إثارة الأزمات والمشاكل مع مصر، وتأتي رداً على مواقف القاهرة الثابتة التي تسعى لإنهاء الحرب، ووقف العدوان الإسرائيلي، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقبلية وعاصمتها القدس».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، مؤكداً أن هذه المزاعم «تأتي في سياق الادعاءات الإسرائيلية المتكررة، بشأن دور مصر في توفير السلاح لقطاع غزة عبر الأنفاق، والتي سبق أن نفتها مصر مراراً».

وقال هريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التضليل الإسرائيلي يستهدف (الشوشرة) على دور مصر في الوساطة لإنهاء الحرب وتحييده، ومحاولة ابتزاز القاهرة التي دائماً ما تنحاز إلى الجانب الفلسطيني». وأضاف: «هذه مزاعم لا أساس لها من الصحة، ولا ينبغي الانسياق خلفها، والقاهرة لا تهتز أو تتأثر بمثل هذه الادعاءات وحملات التضليل».

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أصبحت المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، لا سيما «محور فيلادلفيا»، مثار تجاذبات بين القاهرة وتل أبيب، وسط مزاعم إسرائيلية بتهريب السلاح إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، وهو ما نفته مصر مراراً. وقال رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» ضياء رشوان، في يناير الماضي، إن «مصر عانت كثيراً من الأنفاق خلال المواجهة الشرسة مع المجموعات (الإرهابية) في سيناء عقب الإطاحة بنظام (الإخوان) في يونيو (حزيران) 2013، وحتى 2020».

وأضاف رشوان: «تم عمل منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة، وتدمير أكثر من 1500 نفق، وتقوية الجدار الحدودي مع القطاع الممتد لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أخرى تحتها». وأضاف: «أصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب».